تنتصب أمام قوى الثورة الشبابية السلمية مسؤوليات كبيرة لإخراج البلاد إلى بر الأمان لأنها مسؤولة أخلاقيا ووطنيا على هذه اللحظة التاريخية التي صنعها الشعب وتلقفتها القوى السياسية وتعاطت معها من أجل التغيير وإعادة رسم شكل جديد للدولة اليمنية يبرهن عن الحالة الثورية التي تعيشها البلاد ابتداء من الحراك السلمي في الجنوب ومرورا بثورة الشباب وصولا إلى مؤتمر الحوار الوطني.
-لقد رمى الشباب بالكرة في مرمى الأحزاب أو القوى السياسية الثورية ليضعها أمام مسؤولياتها في الانتقال باليمن من عهد اللادولة إلى عهد الدولة، وهي كما يبدو تصدت لهذه المرحلة بكل ثقلها الأمر الذي يجعل كل مواقفها محسوبة عليها ومسؤولة عنها أمام الشعب الذي يراقب العملية الحوارية والانتقالية في اليمن بحرص شديد باعتبارها المخرج الآمن من كل الأزمات التي تمر بها البلاد.
-إن إعلان وثيقة الحلول والضمانات للقضية الجنوبية وشكل الدولة الاتحادية ما هي إلا مقدمة في سفر طويل من العمل الذي يفترض أن يرافق هذا الحدث بحيث لا تبقى الوثيقة مجرد حبر على ورق أو تتحول إلى مجرد ورقة للمساومات والابتزاز السياسي بين مختلف القوى السياسية، إذ يقع على قيادة الدولة ممثلة برئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي والقوى الموقعة على الوثيقة الانتقال بها من دائرة الجدل السياسي إلى دائرة الفعل الوطني لفتح أبواب الأمل أمام الناس ومحاصرة المشكلات والبدء في البناء.
- إن إراقة الدماء هي الوسيلة الوحيدة المعبرة الآن عن الواقع الصراعي الذي نعيشه، وما يحدث في الجنوب من قتل يؤثر بكل تأكيد على مخرجات الحوار ومستقبل العمل الوطني، لقد كان قتل الشيخ بن حبريش مقدمة لهبة شعبية سقط خلالها العشرات بين قتيل وجريح من المواطنين وأفراد الأمن والجيش وما كادت الهبة لتنهي إلا وجاءت حادثة الضالع التي راح ضحيتها عدد من الأبرياء بين قتيل وجريح الأمر الذي يؤجج مشاعر الناس ويراكم الغضب ويضيق الدائرة أمام مستقبل أي عمل وطني تكون القاعدة الشعبية حاضنة أساسية له، وهو ما يلقي بمسؤوليات كبيرة أمام القيادة السياسية وقوى الثورة لامتصاص ردود الأفعال ومحاولة تحسين وظيفة الدولة في المناطق الملتهبة لاسيما في الجنوب لخلق بيئة قابلة ومتفاعلة مع مخرجات الحوار ومشروع الدولة الاتحادية القادمة فضلا عن ما سيسبق ذلك من حلول للعشرين النقطة زايد الأحد عشر نقطة وغيرها من المهيئات والمقدمات الضرورية لإعادة ترميم جدار الثقة.
- اليمن اليوم أمام مرحلة فارقة وهي في الوقت الذي تتجه صوب الدولة تتفاقم المشكلات شمالا وجنوبا من حرب في الشمال إلى حراك وهبة شعبية في الجنوب وبينهما شعب يتطلع إلى الخلاص والشعور بالأمن والاستقرار وهو ما يجعلنا نقول أن هناك قوى تقف اليوم ضد مشروع الدولة في اليمن داخلية وخارجية التقت مصالحها على قطع الطريق أمام أية حلول وطنية ومنطقية من خلال توتير الأوضاع وافتعال الأزمات وخلق بؤر الصراع وهو ما يضاعف المسؤولية أمام القيادة السياسية وقوى الثورة الشعبية التي عليها أن توحد مواقفها اليوم كي تبرهن أنها فعلا في خندق واحد مع الشعب وتعمل من أجل تطلعاته وآماله.