الحمد لله..
الصلاة والسلام عليك يا سيدى يا رسول الله..
الصلاة والسلام عليك يا رحمة الله المهداة..
الصلاة والسلام عليك يا من ارتقيت ذروة الخُلق العظيم..
ولد الهُدى فالكائنات ضياءُ
وفمُ الزمان تبسم وثناءُ
(همزية شوقى)
أقبلت أيام مولدك الشريف ولياليه..
والقلوب متشوِّفة إلى البلسم المحمدى ليُطبب جروحها..
والأرواح متشوِّقة للمحبوب الأسمى ليمسح بتِحْنانه آلامها..
وأعين السرائر التى أضناها الجوى متلهفة إلى مرور طيف المحبوب..
ومُر طيفك الميمون فى غفلة العدا
يمرُّ بطَرْفٍ زاد فيك بكاؤهُ
(العارف الحبشى)
أقبلت أيام مولدك الشريف ولياليه..
والنفوس ذاوية مما يعصف بها.. قد أَرهقت وأُرهقت..
أَرهقت ذوات أصحابها فى معترك الطمع والرغبة وما يترشح عنهما من مماحكات البغضاء والنزاع والكراهية والغضب..
وأرهقها طول أمد الحرمان من الطمأنينة والسكينة والسلام التى لم تحصل عليها فى مسعاها..
نعم أحبتى..
فنفوسنا لا تحظى بهذه المعانى من خلال الاسترسال فى متابعة الأطماع والرغبات..
والنفس كالطفل إن تهمله شب على
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطمِ
(بردة البوصيرى)
ونفوسنا لا تحظى بهذه المعانى بمنحة توهب من البشر.. بل بتحنن من الحنّان.. ورحمة من الرحمن.. تتلقاها بأيدى الصدق فى الطلب.. والإخلاص فى الرَغَب.
أقبلت أيام مولدك الشريف ولياليه..
لنتعلم من آياته دروس الصفاء والارتقاء..
فتستشعر أرواحنا أن مولدك الشريف شهد آية انطفاء نار المجوس..
لتشهد فى ذكراه انطفاء نار الحقد المشتعلة فى النفوس..
وتستشعر أرواحنا أن مولدك الشريف شهد آية سقوط الأصنام الحجرية المثبتة بالرصاص المذاب حتى ضاق بها صحن الكعبة..
لتشهد فى ذكراه سقوط أصنام أنانيتنا المثبتة برصاص تعالينا الموهوم حتى ضاقت بها ساحات قلوبنا الرحبة..
وتستشعر أرواحنا أن مولدك الشريف شهد آية اهتزاز عروش الملوك الظالمين..
لتشهد فى ذكراه اهتزاز عروش «الأنا»، التى لا تتوقف عن تبرير ظلمنا لما يحيط بنا فى كل حين..
وتستشعر أرواحنا أن مولدك الشريف شهد بروزك من بطن أمك ساجداً ورافعاً طَرْفك إلى السماء.. لتشهد قلوبنا سر السجود تواضعاً وانكساراً لعظمة الحق.. مرتفعة بصائرنا فى آمالها إلى سماء إيثاره تعالى على النفس والخلق..
أقبلت أيام مولدك الشريف ولياليه..
لتُعيد وهج الحنين إلى مسراك الذى بارك الله حوله.. فتنهض الهمم لتلبية نداء الأقصى.. وتتذكر القلوب إخوة فى القدس نسيهم إخوانهم.. فتركوهم يعانون حصاراً وتشريداً وفاقة.. وهم مرابطون ثابتون ثبات الرواسى..
أقبلت أيام مولدك الشريف ولياليه..
وأرض الشام التى شاهدت أُمك السيدة آمنة ليلة مولدك قصور بُصراها.. هى الآن تُسقَى كل يوم من دماء أهليها.. لتجدد ذكراه الرجاء فى أن تُنبت فرجاً يداوى سرورُه جراحَ المحن.. فتُثمر رشداً تأوى إليه الناس إذا هاجت الفتن.. مصداقاً لقولك: «إذا هاجت الفتن فعليكم بالشام».
أقبلت أيام مولدك الشريف ولياليه..
ويَمَن الإيمان والحكمة والفقه يئنُّ شماله من تصارع الطامحين إلى السلطة.. ويصرخ جنوبه من تراكم الظلم على أهله.. لتحيا فيهم أسرار البشارة: «أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا».. وتذكِّر عرب الجزيرة بوصيتك فى أهل اليمن: «إذا مرّوا بكم يسوقون نساءهم.. يحملون أبناءهم على عواتقهم.. فإنهم منى وأنا منهم»..
أقبلت أيام مولدك الشريف ولياليه..
ليغسل ثجّاج الرحمة آلام أمهاتٍ فى مصر انخلعت قلوبهن جزعا ونزفت دما من فقد أبنائهن.. وجوانحهن تضطرب كاضطراب جناحى أنثى الطائر التى انتُزع منها فرخها فلما نظرتَ إليها أشفق قلبك الرحيم عليها. فقلتَ نفسى لك الفداء: «من فجع هذه بولدها؟! ردوا ولدها إليها».
نعم، أقبلت أيام مولدك الشريف لتتلو على أهلها المتنافرين الجزعين سكينة قوله تعالى: «ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ».. وتذكّر من نسى بوصيتك لمن يتولى حكمها: «فاستوصوا بأهلها خيرا».
أقبلت أيام مولدك الشريف ولياليه..
لتُذكّر أُمّتك فى العراق وليبيا والسودان ومالى وبورما وأفغانستان وفى كل مكان، حقائق قولك: «الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى.. ارحموا من فى الأرض يرحمكم من السماء».
أقبلت أيام مولدك الشريف ولياليه..
لتجدد عهود المحبة.. وتوقظ الشوق إلى الأحبة..
فتحنّ إلى لقياك.. وتشتاق إلى رؤياك..
من لى؟ وهل لى أن أراكم سادتى؟
فضلا وإلا من أكون؟ ومن أنا؟
إنى لأرثى من بُلى ببعادكم
مثلى وأغبط من إليكم قد دنا
(الإمام الحداد)
وتبعث مع نسائم السَحر رسائل الوجد وتباريح الغرام..
وا نسيم السحر هل لك خبر
عن عُريب بوادى المنحنى؟
فارقونى ولم أقضِ وطرا
من لقاهم ولا نلت المُنى
(العيدروس العدنى)
الصلاة والسلام عليك يا سيد المرسلين..
الصلاة والسلام عليك يا خاتم النبيين..
الصلاة والسلام عليك يا من أرسلك الله رحمة للعالمين