سبرنيتشا إفريقية" هو ما تشهده جمهورية إفريقيا الوسطى، عقب التصفية الإثنية وجرائم الحرب التي يتعرض لها المسلمون في هذا البلد، ويوجد تخوُّف من تحول المنطقة إلى بؤرة جديدة لحركات مسلحة جهادية تستغل الدفاع عن المسلمين لإرساء مفهوم الجهاد هناك.
وهذا تشبيه للحال الذي شهدته مدينة سبرنيتشا فى البوسنة من مجازر على أيدي الصرب.
ويجري اتهام فرنسا، بحسب موقع "رأي اليوم"، في التسبب في هذه الوضعية الكارثية التي يحذر منها الجميع، دون اتخاذ إجراءات عملية لوقفها.
وانتقل وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، على عجل الثلاثاء الماضي إلى بانغي، عاصمة إفريقيا الوسطى، لتفقد الوضع الميداني، بعدما حذرت الأمم المتحدة والجمعيات الحقوقية والدول المجاورة، وحتى الكنائس، من تعرض المسلمين إلى تصفية إثنية خطيرة.
وحّذر البرتغالي، أنتونيو غوتيريث، الذي يشغل منصب المفوض الأعلى لوكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، في تصريحات للصحافة الفرنسية، من مغبة تدهور الأوضاع الأمنية في جمهورية إفريقيا الوسطى، التي تشهد تصفية إثنية ضد المسلمين، من طرف مليشيات مسيحية تنتمي إلى تنظيم "أنتي بالاكا"، وهي اختصارا للمعادين لمسلمي إفريقيا الجنوبية.
وتقوم مليشيات مجموعة "أنتي بلاكا" المعادية للمسلمين، بتعقب هؤلاء في مدن شمال البلاد، وخاصة في العاصمة بانغي، حيث يدفعونهم الى النزوح نحو تشاد ومناطق أخرى. ويقول مقاتلو أنتي بلاكا إنهم "ينتقمون مما فعله المسلمون عندما كانوا في السلطة حتى نهاية نوفمبر الماضي"!!؟.
ويتهم المسلمون في هذا البلد الإفريقي القوات الفرنسية بمسؤوليتها عن هذه الجرائم، لأنها قامت بتجريد المسلمين من كل الأسلحة خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عندما تدخلت في هذا البلد، وفرضت على مسلحي حركة "سليكا" المسلمة مغادرة العاصمة. وفي المقابل لم توفر نهائيا الأمن للمسلمين الذين بقوا. وكان المسلمون قد تظاهروا خلال الأسابيع الأخيرة منددين بسياسة فرنسا هذه، وحذروا من جرائم ضدهم.
وتبقى كل معطيات الواقع في هذا البلد الإفريقي تشير إلى الأسوأ. وفي هذا الصدد، بدأت بانغي تتحول إلى ما يشبه الـ"سبرنيتشا" بسبب ملاحقة مليشيات مسيحية للمسلمين، وهذه التصفية الإثنية سيتوسع نطاقها تدريجيا لتمس مجموع البلاد، وكأنها منطقة بلقان جديدة. وتعتبر الأمم المتحدة الوضع في جمهورية إفريقيا الوسطى مأساويا، وجعلته في مستوى سوريا حالياً.
وبدورها حذّرت سفيرة واشنطن في مجلس الأمم المتحدة سامنتا بوير، منذ أسابيع، من خطر التصفية العرقية في البلاد. وسيترتب عن استمرار الحرب الإثنية احتمال توافد أفارقة مسلمين من دول الجوار، ومنها تشاد والسودان للقتال إلى جانب المسلمين.
وبدأت أصوات سياسية تتهم فرنسا بالتواطؤ، وقد تتحمل مسؤولية تاريخية كبرى. وكتبت جريدة "لوموند"، الأربعاء، في افتتاحيتها بعنوان "فرنسا في مأزق جمهورية إفريقيا الوسطى" متسائلة: هل الموقف الفرنسي الضعيف والمتخاذل سيجعل فرنسا وجنودها يشار إليهم بتهمة التواطؤ؟