نادية عبدالملك- يختتم جلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية اليوم السبت جولته الافريقية التي شملت كلا من (مالي, وساحل العاج, وغينيا, والغابون)عقد خلالها اتفاقات شراكة اقتصادية وتحالفات سياسية وامنية تؤكد رغبته في جعل بلاده لاعبا اساسيا في القارة الافريقية.
وقوبلت الجولة الإفريقية بترحيب واسع في الأوساط الشعبية والسياسية المغربية، حيث اشادت عدد من الأحزاب المغربية بهذه الزيارة وما حققته من نجاحات في المجالات الاقتصادية والسياسية وذلك للمغرب وشركائه من الدول الإفريقية التي زارها.
وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وفخامة الرئيس الغابوني السيد علي بانغو أونديمبا، يوم الجمعة07 مارس 2014 ، حفل التوقيع على 24 اتفاقية، من بينها اتفاقيات حكومية، وأخرى تهم الفاعلين الاقتصاديين في القطاع الخاص بالبلدين.
وتأتي هذه الاتفاقيات، التي تشمل قطاعات مختلفة، كالفلاحة والصحة والسكن والتكوين المهني والقطاع المالي والبنكي والتكنولوجيات الحديثة والنقل والسياحة وغيرها، لتعزز الإطار القانوني للتعاون بين البلدين.
وتنضاف هذه الاتفاقيات الهامة، لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية في مجال الأسمدة، التي تم توقيعها يوم الخميس 06 مارس بالقصر الرئاسي بليبروفيل, بحضور قائدي البلدين.
وتروم هذه الشراكة ذات الحمولة الاستراتيجية, التعزيز المستديم للأمن الغذائي بالقارة. وتعكس الإرادة السياسية القوية لقائدي البلدين, كما تندرج في إطار التعاون جنوب جنوب, المتضامن والفعال.
ويعد هذا المشروع بحق, الأول من نوعه على عدة مستويات ومن شأنه التمكين من إبراز ريادة إفريقية حقيقية في مجال تثمين الفلاحة في قارة حوالي 80 في المائة من أراضيها الصالحة للزراعة غير مستغلة .
ويهدف هذا المشروع إلى إنتاج أسمدة فعالة من الفوسفاط والأمونياك ملائمة لخصوصيات مختلف النظم الإيكولوجية للأراضي الإفريقية, ومماثلة للأنظمة الإيكولوجية الموجودة في قارات أخرى , وكذا تثمين , من الآن فصاعدا, المؤهلات الفلاحية لفائدة التنمية البشرية المستديمة .
وستبلغ الطاقة الإجمالية للإنتاج 2 مليون طن من الأسمدة في السنة, ابتداء من سنة 2018, وسيتم تصديرها بالدرجة الأولى إلى الدول الإفريقية .
ويجعل الطلب القوي على أسمدة ملائمة ومتاحة , حجم الاستغلال قد يصل إلى 8 ملايين طن في السنة , كما سيتيح , في المستقبل, إقامة العديد من الوحدات الصناعية المندمجة من هذا القبيل في هذه المنطقة بل وحتى في الشرق الإفريقي.
وبهذه المناسبة, قدم السيد مصطفى التراب الرئيس المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط, عرضا على الشاشة حول هذه الشراكة القائمة على مبدأ اندماج الموارد الطبيعية التي يزخر بها البلدان (الفوسفاط والغاز)وتهم هذه المبادرة إحداث وحدات لإنتاج الأسمدة: في الغابون : وحدة لإنتاج الامونياك (انطلاقا من الغاز الغابوني), الأولى من نوعها بهذه المنطقة والتي ستزود بالدرجة الأولى الأسواق المجاورة, وحدة لإنتاج الأسمدة .. في المغرب: وحدتان لإنتاج الحامض الفوسفوري انطلاقا من الفوسفاط المغربي حيث تم بالفعل تحديد مصدره ألا وهو حوض اولاد عبدون بمنطقة خريبكة , وحدة لإننتاج الأسمدة.
وستساهم هذه المبادرة في إحداث أزيد من 5000 منصب شغل مباشر وغير مباشر في الغابون والمغرب. وستتم مواكبتها منذ البداية بمقاربة إرادية لاستتباق حاجيات التكوين المهني بالنسبة للأشخاص المعنيين .
كما ستتم مواكبة هذه الشراكة, بتبادل الخبرات في مجال التكوين الأكاديمي, وترسيخ تقاسم التكنولوجيا والمهارات والبحث والتنمية بين البلدين, وخصوصا عبر جامعة محمد السادس للبوليتكنيك ومدرسة التدبير الصناعي التابعة لها.
وسيتم تدعيم هذا المشروع, بعدد من التدابير والإجراءات السوسيو-اقتصادية المواكبة , من خلال تنشيط نسيج المقاولات الصغرى والمتوسطة والصناعات الصغيرة والمتوسطة, وإحداث منظومة إيكولوجية للمناولة حول المشروع, على غرار مركب الجرف الأصفر.
ويتضمن المشروع, منذ تصوره, إدماج بعد الحفاظ على البيئة, بشكل قوي, (الطاقات المتجددة, وأحدث المعايير البيئية).
ومن أجل إطلاق هذه الشراكة, فإن بروتوكول الاتفاق, لمدة تسعة أشهر, الذي تم توقيعه بين الطرفين المغربي والغابوني, سيمكن الجانبين من مباشرة الدراسات الضرورية لبدء إنجاز المشروع.
كما تفضل أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس بعد أداء صلاة الجمعة ليوم 07 مارس 2014 بمسجد الحسن الثاني بليبروفيل، بإهداء الجهات الغابونية المكلفة بتدبير الشؤون الدينية، 10 آلاف نسخة من المصحف الشريف، في طبعته الصادرة عن مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، قصد توزيعها على مختلف مساجد جمهورية الغابون. وتأتي هذه المجموعة من المصاحف، كدفعة أولى في إطار تنفيذ التعليمات الملكية السامية، والقاضية بأن تقوم هذه المؤسسة بتزويد مساجد بلدان المنطقة بكل ما تحتاجه من مصاحف برواية ورش عن نافع، التي هي من الاختيارات المشتركة بين المغرب وهذه البلدان.
وتنفيذا للأمر المولوي السامي لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله ، قامت وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية بتهيئة وتجهيز مسجد الحسن الثاني بمدينة ليبروفيل بغلاف مالي بلغ ثمانية ملايين درهم. وشملت الأشغال، الصيانة والصباغة والتجهيز بمعدات تكييف الهواء والتجهيز بمعدات متطورة في مجال الصوت وإعادة التفريش بالزرابي التقليدية المغربية.
وأشار بيان مشترك صدر في ختام زيارة العمل والأخوة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، إلى جمهورية الغابون أن البلدين أعربا "عن تشبثهما بالحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في دولة قابلة للحياة وذات سيادة، ضمن حدود 1967، تكون عاصمتها القدس الشريف، طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".
واعتبر قائدا البلدين أن استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، منذ يوليوز 2013، يمثل خطوة حاسمة على درب السلام في الشرق الأوسط.
وبهذه المناسبة، تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس بتقديم نتائج وتوصيات الاجتماع الأخير للجنة القدس الذي انعقد في المغرب، تحت الرئاسة الفعلية لجلالته، لفخامة علي بانغو أونديمبا.
وبخصوص الأزمة السورية أعرب القائدان عن أسفهما للوضع المتردي في سورية، ودعوا إلى الوقف الفوري للعنف .. و بخصوص قضية الصحراء المغربية، "حرص فخامة الرئيس علي بونغو أنديمبا على تجديد دعم الجمهورية الغابونية ، القوي والدائم ، لمغربية الصحراء وللوحدة الترابية للمملكة المغربية".
وأكد الرئيس الغابوني أيضا أن التسوية السلمية والدائمة لهذا النزاع الإقليمي لا يمكن أن تتم إلا على أساس المبادرة المغربية الرامية إلى منح جهة الصحراء حكما ذاتيا موسعا في إطار السيادة والوحدة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة المغربية
ومن جهة أخرى، جدد فخامة الرئيس علي بونغو أنديمبا التأكيد على الأهمية البالغة التي يوليها لعودة المملكة المغربية إلى حظيرة المنظمة الإفريقية، وعبر عن التزامه بالعمل في هذا الاتجاه وذلك في إطار السيادة والوحدة الوطنية والترابية للمملكة.