حبيب الشاب الجامعي الحمصي الذي اعتقل قبل ما يزيد عن عام قضى منها ستة أشهر في فرع المخابرات الجوية، وجهت إليه تهم ضرب الحواجز واقتحام المخفر وقتل ضابطين في بابا عمرو، وهي التهم الجاهزة لمعظم المعتقلين، أحيل على أثرها إلى المحكمة الميدانية.
لم تستطع أم حبيب أن تداري خوفها على مصير ابنها، فمنذ أن علمت بتحويله للمحكمة الميدانية وهي لا تنام الليل كما تقول، لكن ما كان يهدئ من قلقها هو زيارتها الأسبوعيه له "كان ينتعش قلبي لما شوفو" هكذا تقول بلهجتها الحمصية، لكنه اليوم في مكانٍ مجهول لا تعلم عنه أي شيء، وتؤكد أم حبيب أن ابنها بريء من كل التهم الموجهة إليه، لكنه مثله مثل أي شاب ثوري متحمس كان حاضراً في معظم المظاهرات.
وقبل اختفائه كانت إدارة السجن أبلغت حبيب أنه سيذهب إلى التحقيق مرةً أخرى، حسب ما علمت الوالدة، إلا أن الناشطون الحقوقيون أكدوا أن هذا غير ممكن إذ لا يمكن إعادته للتحقيق من جديد طالما أنه محال لصالح محكمة.
لا تبدو حالة حبيب هي الوحيدة، مصدر حقوقي فضل عدم الكشف عن اسمه يؤكد لنا تفاصيل جديدة في هذه الحكاية، حيث يقول: "منذ أكثر من خمسة أشهر بدأنا نلحظ كناشطين حقوقيين اختفاء معتقلين من سجن عدرا والذي يضم أكثر من "8000 سجين سياسي" معظمهم من المحالين للمحاكمة لصالح المحكمة الميدانية ومحكمة الإرهاب، هناك ما بين 25 إلى 50 معتقل يتم تغييبهم شهرياً، وأخذهم إلى جهةٍ مجهولة".
إذاً هل يمكن قراءة هذا التغييب من خلال خصوصية قضايا المعتقلين؟، سؤال يجيبنا عليه المصدر الحقوقي بالتأكيد على أن قضاياهم متنوعة لكنها معظمها عادية، ويضيف: "كما هو معلوم التحويل للمحاكم لا ينطلق من طبيعة التهمة أو الجرم إنما بشكل مزاجي وعشوائي، لا أحد يعرف المعيار الذي يتم تحويل المعتقل على أساسه إلى محكمة الإرهاب أو إلى المحكمة الميدانية".
وينوه المصدر الحقوقي إلى أن هناك 150 شخص كانوا في عدرا مودعين لصالح محكمة الإرهاب تم تحويلهم إلى كل من السويداء واللاذقية، واستطاعوا التواصل مع أهلهم، ويبدو أن هذه الحالة لها علاقة بالحاجة إلى أماكن جديدة للاعتقال.
لا يمكن لأي مصدر حقوقي أن يحسم الجدل حول مصير هؤلاء، لا سيما أنه لا سلطة تعلو على السلطة الأمنية، فالحقوقيون لا يستطيعون فعل شيء لأي معتقل سياسي إلا الوقوف معه عند تحويله لقبة القضاء، والمساعدة في زيارته عندما يتم تحويله إلى سجن عدرا، لذلك لا يمكن لأي محامي أن يستفسر عن مصير المغيبين، حسب ما يشير المصدر الحقوقي.
وتكثر الاحتمالات التي تحوم حول هذه الظاهرة التي لا يعرف علمها إلا النظام السوري وجهازه الأمني، وهناك من يذهب إلى حد قراءة الأمر على أنه تصفية لكن لا يوجد أي إثبات إلى الآن على هذا الأمر وإن كانت احتمالاته واردة، وجزء منهم حسب معلومات المصدر الحقوقي يتم إعادتهم إلى الفروع الأمنية، وجزء آخر يتم سوقه إلى سجن صيدنايا "السجن العسكري الأول"، وهناك تنقطع أخبار المعتقلين تماماً.