الرئيسية - عربي ودولي - خبراء: الانقلاب العسكري في مصر سيفشل ولا بديل عن الشرعية

خبراء: الانقلاب العسكري في مصر سيفشل ولا بديل عن الشرعية

الساعة 03:55 صباحاً

 

تحقيق- أحمد مرسي:



 

 

 قام المصريون في 25 يناير 2011 بثورة أطاحت بالحكم العسكري الذي ظل جاثمًا على الحياة السياسية المصرية طيلة 60 عامًا.. وتطلع المصريون إلى نظام ديمقراطي سليم يحترم فيه أصوات الشعب وتعلي فيه من قيمة الإرادة الشعبية.

 

واختار الشعب برلمانه بإقبال غير مسبوق على المشاركة في التصويت لانتخاب أعضاء مجلس الشعب، وشعر المصريون لأول مرة أن أصواتهم لها قيمة، ولكن لم تمر أشهر قليلة وصدم المصريون بحل مجلس الشعب، ثم تطلعوا إلى اختيار رئيس لهم منهم ويقررون بإرادتهم الحرة من يكون.. واختار الشعب لأول مرة في تاريخه رئيسه وكان الرئيس د. محمد مرسي وخرجت قوى الظلام تعارض الرئيس وتعيقه، إلى أن صدم الشعب وصعق بانقلاب عسكري واضح ضد أول رئيس منتخب في تاريخ البلاد.

 

في هذه السطور نحقق في مخاطر وكوارث ومفاسد الانقلاب العسكري على مصر سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا ونفسيًّا على المواطن المصري.

 

الاحتكام للشارع

 

 يؤكد الدكتور رفيق حبيب الكاتب والمفكر السياسي أن أخطر وأهم ما يمثله الانقلاب العسكري هو أنه جعل من القوات المسلحة طرفًا في صراع سياسي وانتصر لطرف في مواجهة الطرف الآخر، وبالتالي حول الاحتقان والانقسام السياسي الذي كان موجودًا إلى نزاع أهلي حقيقي.

 

ويشير إلى أن الانقلاب العسكري أخرجنا من الاحتكام للدستور والقانون إلى الاحتكام للشارع مع ما يمثله ذلك من احتراب وغياب للمعايير.

 

ويؤكد أن ما جرى من حيث الشكل والمضمون يمثل انقلابًا عسكريًّا صريحًا وواضحًا، لأن البعض كان يعبر عن وجهة نظر سياسية معينة، فليس للقوات المسلحة دخل بهذا.. ويوضح أن الانقلاب أسقط دستورًا مستفتى عليه من الشعب وأسقط رئيسًا منتخبًا انتخابًا حرًا ونزيهًا من الشعب، فهو بذلك يمثل انقلابًا عسكريًّا مكتمل الأركان.

ويشير إلى أن الانقلاب أدخلنا في مرحلة المجهول وحرمنا من السير في أي خريطة طريق معلومة وواضحة، مؤكدًا أن ما يفرضه من خريطة طريق هو خريطة طريق سقوط المجتمع في نزاع، وهو ما سوف يؤثر سلبًا على الأوضاع الأمنية والاقتصادية.

 

ويؤكد أن الانقلاب أعادنا إلى فترة ما قبل سقوط مبارك لأن نظام مبارك هو الذي يحكم اليوم بطريقة ما قبل 11 فبراير 2011 وبطريقة أسوأ، مشيرًا إلى أن الانقلاب يعيد إنتاج التاريخ بالانقلاب على التاريخ.

 

ويشير إلى أن المجهول السياسي الذي يخلقه الانقلاب يؤدي إلى أن عجلة الإنتاج سوف تعود إلى الوراء بشكل أسوأ، لأن الاحتكام للشارع يؤدي إلى نزاع أهلي وهو أخطر من الاحتقان والانقسام السياسي.

 

ويؤكد أن التاريخ وتجارب الشعوب تؤكد أن الثورات تحدث لها انتكاسة، مضيفًا "إذا قلنا إن الثورة المضادة أحرزت نصرًا على ثورة يناير بهذا الانقلاب، فإن الاحتشاد والمقاومة يعيدان الثورة إلى مسارها وتنجح الشعوب في نيل حريتها وانتصار ثورتها حتى في مواجهة الدبابات والجنازير.

 

فقدان الشرعية

 

أكد الخبير الإستراتيجي اللواء عبد الحميد عمران أن أخطر ما يمكن أن يترتب على انقلاب عسكري هو فقدان الشرعية وغياب المعايير الأساسية والقواعد المستقرة للحياة السياسية وأن يكون الحكم عسكريًّا ويصير الناس محكومين بالعسكريين.

 

 

وأوضح أن مما يترتب على الانقلاب العسكري هو أن تسير الأمور بدون النظر إلى إرادة الناس ولا مطالبهم ولا طموحاتهم وأن تكون الإرادة المتغلبة والنافذة هي إرادة المجموعة العسكرية التي تتحكم في أمور البلاد.

ويضيف: تهجر إرادة الشعوب وتصير آراء الناس وطموحاتهم لا قيمة لها، ويشير إلى أن هذه الآثار السيئة قد تمتد إلى سنوات طويلة إذا لم يتم تدارك الأمر سريعًا ويتم تقويم الانقلاب العسكري في أيامه الأولى التي يكون فيها أكثر عرضة للتغيير والتعديل.

 

ويؤكد أن هذه الآثار السيئة ليست لها علاقة بالشكل الذي يقع به الانقلاب ولكن بجوهره وحقيقته، وهي أن تكون السلطة مركزة في يد مجموعة من العسكريين وأن تكون لهم الكلمة الأولى والفاصلة في الأمور وأن هذا هو المعيار للانقلاب العسكري.

 

ويشير إلى أنه من الممكن أن تكون للانقلاب آثار اقتصادية سيئة تبعًا لعلاقات الدول الخارجية مع ممثلي الانقلاب، وما إذا كان الانقلاب يحافظ على مصالح هذه الدول أم لا.. ضاربًا المثل بالكيان الصهيوني وعلاقته بنظام مبارك؛ حيث كان الكيان الصهيوني مرحبًا بالاستثمار في مصر أيام مبارك لأن مبارك كان حريصًا على مصالح الكيان الصهيوني.

 

ويوضح أن بعض الآثار النفسية والاجتماعية تقع على المواطنين؛ حيث يجنح كثير منهم إلى الهجرة لأنه لا يجد طموحه ولا حريته ولا صدى لمطالبه وآرائه وتصبح الأمور العامة لا تعني المواطن في شيء وبالتالي يضعف الانتماء لدي المواطن تجاه وطنه.

 

ضد إرادة الشعوب

 

فيما يعلق د. محمد الجوادي المؤرخ السياسي على الانقلاب قائلاً: هذه الأمور لم تعد في حاجة إلى توضيح ومخاطر الانقلاب العسكري معلومة لكل شعوب الأرض وأصبحت من المعلوم من الأمور السياسية والعامة بالضرورة وتعد من البديهيات.

 

ويوضح أننا لن نعيد اختراع العجلة، فنحن نرفض الانقلاب، لأنه ضد إرادة الشعوب وطالما ارتضينا الاحتكام إلى الديمقراطية وإرادة الشعب فلا يجوز بعدها أن نقول إن الحكم للعسكر ولا للقضاء ولا للإدارة والبيروقراطية ولا بد أن تحكم إرادة الشعوب.

 

ويؤكد إيمانه أن النصر صبر ساعة وأن الاحتشاد في الميادين واستمرار التظاهر سوف يؤدي إلى دحر الانقلاب العسكري والتغلب عليه.. ويرى أن الأمر يشبه الانقلاب الذي وقع على هوجو شافيز الذي أعاده الشعب مرة أخرى.. فالشعب سوف يعيد الرئيس مرسي مرة أخرى.

 

ويشدد على أن الديمقراطية من أساس المنهج الإسلامي وهي عنصر أصيل في الهيكل الإسلامي للحكم وإن كانت وسائلها وآلياتها تنفذها الشعوب كما ترى وكما يستجد من أساليب العصر.

 

خيانة عظمى

 

ويؤكد مجدي حسين رئيس حزب العمل الجديد، أن الانقلاب العسكري يمثل كارثة جوهرية واستيلاء على شرعية وخيانة عظمى؛ حيث إن هذا الانقلاب جاء نقضًا وإهدارًا لإرادة شعبية حرة بإجماع الداخل والخارج في كل ما جرى من انتخابات واستفتاءات.

 

ويشير إلى أنه استيلاء على إرادة الشعب وليس له اسم آخر سوى أنه خيانة عظمى وفق القوانين الوضعية وهو أمر لا يجوز وحرام من الناحية الشرعية.

 

ويوضح أنه في ظل الانقلاب العسكري ليس هناك أي ضمان لحريات شخصية أو عامة وليس هناك أمان لأي مواطن وسنجد مزيدًا من التقييد على الحريات، كما نرى من إطلاق البلطجية في الشوارع من جديد وتصبح البلطجة وجهة نظر.

 

ويشير إلى أننا لا يمكن أن نشهد أي إنجاز اقتصادي في ظل حكم العسكر ويوضح أن الانقلاب العسكري انحياز إلى فئة تمثل أقلية معارضة لتحقيق مصالح فئوية للمؤسسة العسكرية ومصالح مشتركة مع المعارضة التي تريد أن تصل إلى السلطة فوق الدبابات والمدرعات.

 

ويوضح أن الاتحاد الإفريقي جمد عضوية مصر وما يمكن أن يؤثر هذا التجميد على مشكلة سد النهضة بإثيوبيا ويشير إلى أن أي مستثمر لن يأتي لاستثمار أمواله في بلد مضطرب يحكمه العسكر وحتى الرأسمالية الوطنية لن تكون آمنة في وضع غير مستقر.

 

ويؤكد أن أي انقلاب لا بد أن يواجه بردود فعل غاضبة وتستمر حتى إسقاط هذا النظام، مما يشكل تدهورًا في النظام الأمني وما يستتبعه من تدهور اقتصادي، مشددًا على أن من يسمى رئيسًا في ظل انقلاب عسكري هو محدود الصلاحيات.

 

اللعبة الأمريكية المستمرة

 

ويقول طلعت رميح الكاتب السياسي إن الانقلاب العسكري لا يؤسس لديمقراطية فكل تجارب العالم تقول إن مصدر المشروعية المستندة إلى القوة العسكرية لا يمكن أن تبني مصدر شرعية كما هي على أساس صندوق الانتخابات.

 

ويوضح أن الانقلابات العسكرية تأتي دومًا خارج سياق التطور السياسي الطبيعي للمجتمعات لتفرض حكم معين وتوجه محدد لا يأتي من خلال إرادة الشعب وإنما من خلال إرادة من قاموا به.

 

ويشير إلى أن الانقلابات العسكرية هي اللعبة الأمريكية التقليدية خلال مرحلة الحرب الباردة، موضحًا أنه في المرحلة الأخيرة في ظل صحوة الشعوب لا يحدث الانقلاب العسكري عبر تدخل مباشر صريح وإنما يأتي وفق خطة تضليل وخداع للرأي العام.

 

ويؤكد أنه في كل أشكال الانقلابات العسكرية من يؤتي به إلى الحكم لا ينفذ إلا رغبات وآراء من أتوا به إلى الحكم.

 

خيانة للوطن والشعب

 

ويشير اسمة صدقي رئيس اتحاد "محامين بلا حدود" إلى أن الانقلاب يعد أكبر خيانة للوطن وللشعب المصري، لأنه انقلاب على شرعية رئيس منتخب جاء عبر انتخابات حرة ونزيهة شهد بها العالم أجمع، ويوضح أنه لن يكون هناك استقرار للدولة المصرية بعد الانقلاب.

 

ويؤكد أنه لا مصداقية لأي نظام أو رئيس أو أي منصب يأتي بعد الانقلاب على الرئيس المنتخب، موضحًا أن دول العالم لا تتعامل إلا مع نظام شرعي منتخب كما قالت رئيسة البرازيل عندما قالت إنها لم تتعامل إلا مع رئيس شرعي ونظام شرعي واحد هو نظام الرئيس مرسي.

 

ويشدد على أن التناحر سيسود حياة المصريين السياسية والاجتماعية.. فأصحاب المصالح مع نظام مبارك يدافعون عن الانقلاب لأنه يحقق مصالحهم ويعيدهم ليمارسوا فسادهم، ويؤكد أن الشعب المصري لن يعترف بأي انتخابات رئاسية تجرى بعد الانقلاب.