تقول مريم: طلبت منّي جارتي ان اصحب والديها معي إلى تركية بعد أن رحل جميع أبناءهم من حلب وسكنوا تركيا والمسنين أصرّوا على البقاء ببيتهم ولكن مع اشتداد قصف الاحياء بالبراميل، كان لزاماً خروجهم ومهمتي كانت إيصالهم، ولكن للأسف لم يكن لديهما جوازات سفر..
خرجنا في السادسة صباحاً باتجاه بوابة باب السلامة الحدودية واتفقنا مع مهرّب تركي
الذي قبض بالمقابل منّا مبلغا من المال لقاء ادخالنا الحدود. عددنا كان 13 سوري من بيننا شاب برجل واحدة والجد ابو حسان وزوجته، شرح لنا المُهرّب كيف علينا التحرّك ولكن مع كل محاولة تسلل كنّا نركض فيها باتجاه معيّن.
كان رصاص البوليس التركي بالمرصاد وبعد انتظار 6 ساعات وبمحاولات حثيثة وصعبة
وجدي ابو حسان التسعيني لاقى ما لاقى من العذاب ونحن نسحبه يمنة ويسْرى واخيرا
كان لزاما علينا النزول بالحفرة لنقطع إلى الجانب التركي،بالنسبة لي الامر اسهل من وضع
الشاب الذي برجل واحدة والجد المُسن، لم يكن لدينا وقتا للتفكير فالرصاصات قد لا تُخطأ هذه المرّة. ساعدْنا بعضنا بالنزول إلى الحفرة بصعوبة ومن ثم الخروج ..
تقول السيدة ام حسان: الشاب ذو الرجل الواحدة يحتاج لمن يساعده، لكنه كان يحاول مساعدة زوجي ابو حسان ويمسك بيده مع البقية. وتضيف ام حسان:"عمري الي راح بكفة ويوم مبارح بكفّة...الله يذل يلي ذلنا، بعد ما كنّا اسياد ببلادنا صرنا مثل الحرامية نفوت على بلاد الغير..انذلينا والله يا بنتي".. تمسح أم حسان دموعها.
والجد ابو حسان لا يقوى على الكلام فقط ينظر إلينا ويتحسّر على حالهم ويقول (حسبي الله عليهن)تبتسم مريم بسخرية وتقول حالة الذل والإمتهان لكرامة الإنسان هي عندما يترك الإنسان وطنه غصبا عنه هاربا إلى بلاد قد يكون فيها هدفا لرصاصة اخطأتنا هذه المرّة ولكن قد لا تُخطأ غيرنا)
تتابع مريم: "13 ساعة قهر، 13 ساعة ذل، 13 ساعة عذاب، هذا هو حال اللاجئ السوري العابر لبلاد غير بلاده بشكل غير نظامي هاربا من موت ليلقى ربما موتا اصعب