الرئيسية - تقارير - سياسيون : استكمال تنفيذ النقاط العشرين سيكون له أثر فاعل لتعزيز الوحدة اليمنية

سياسيون : استكمال تنفيذ النقاط العشرين سيكون له أثر فاعل لتعزيز الوحدة اليمنية

الساعة 02:41 صباحاً



span class="content">تحتفل بلادنا اليوم بالذكرى الثالثة والعشرين لتحقيق الوحدة اليمنية المباركة في ظل أجواء يسودها التوتر بعد تصاعد الاحتجاجات المنادية بفك الارتباط، وذلك بسبب تراكم الإشكاليات والأزمات التي تعرض لها اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص لاسيما محافظتي عدن ولحج واللتين شهدتا نهباً منظماً للأراضي وللمؤسسات العامة، إضافة إلى التهميش والإقصاء الذي مورس بحق العديد من أبناء الجنوب، خاصة للكوادر المؤهلة و المتخصصة في مختلف المجالات ، وزادت حدة الاحتقانات بعد الثورة الشبابية التي شهدها الوطن في فبراير 2011 م والتي أفضت إلى إزاحة رأس النظام وانتخاب قيادة جديدة في فبراير من العام الماضي وفقاً للمبادرة الخليجية المدعومة بقرارات أممية والتي أنقذت اليمن من شبح الحرب الأهلية..
كما يأتي الاحتفال هذه الأيام وقد دخل اليمنيون في حوار وطني شامل لمعالجة كافة القضايا التي يعاني منها اليمن في الشمال والجنوب والشرق والغرب ولتطبيب الجراح الغائرة لاسيما في الجنوب وصعدة الناتجة عن الحروب السابقة.
«الجمهورية» وهي تحتفل بهذه الذكرى الغائرة تستطلع آراء العديد من السياسيين حول أبرز التحديات التي تواجه الوحدة اليمنية وكيف يمكن معالجتها ..
ماضون في الطريق الصحيح
البداية كانت مع السفير عبدالوهاب طواف الذي قال:
 في الواقع هناك الكثير من العوائق والصعوبات والإشكالات التي تواجه أمن واستقرار اليمن وتطوره وهذا هو ما يجري في بلادنا، فمهما تعقدت مشاكلنا فلن تصل إلى تهديد وجود الوحدة، فهي مستمرة وراسخة، إلا أن هناك فرقاً بين وحدة مستقرة ووحدة هشة.. وهناك قضايا يجب المضي قدماً بحلها ومواجهتها، مثل رفع المظالم التي وقعت في المحافظات الجنوبية من حيث نهب الأراضي وصرفها بدون وجه حق، وتسريح العاملين، وتسوية ملف المبعدين عن أعمالهم وتعويضهم وحل ملف الأراضي والمنازل المؤممة قبل الوحدة، والأهم هو إيجاد حلول للبطالة المستشرية في أوساط الشباب، وهذه المعوقات وضرورة حلها ليست في الجنوب فحسب، فأينما وجد الظلم، سيخرج المظلومون مطالبين بالانفصال، مثل تهامة وكثير من المناطق، فبحل ملفات المظالم، لن يبقى للمتاجرين بهموم ومعاناة الناس أي مبرر للدفع بالناس إلى الشوارع لطلب الانفصال وتهديد حياة وممتلكات المواطنين من المحافظات الشمالية، كما أن المرتزقة لن يجدوا مبرراً لجني الأموال من الخارج مقابل تشظي اليمن..كما أن تقوية مؤسسات الدولة في اليمن له أثر طيب في حفظ الأمن وإيجاد مؤسسات عدلية للتقاضي بين الناس بالعدل، وبدون تدخلات حزبية أو شخصية، سيسهم إلى حد كبير في الاستقرار بين الناس..المطلوب اليوم رفع الظلم ودعم الاقتصاد ودعم التعليم وإيجاد الأمن والعدل والمساواة، وهذه النقاط هي الضمانة لعدم تشظي وضعف اليمن،وأنا على ثقة أننا ماضون في الطريق الصحيح،بغض النظر عن سرعة المضي في الطريق الصحيح، ونجحنا إلى الآن في وقف عربة الفساد والنهب المنظم، وصار لازماً نقف في وجه الفساد والنهب غير المنظم بفعل عصابات وعملاء إيران ومن لا يريد لليمن الاستقرار.
تغيير شكل النظام
أما الأخ خالد إبراهيم الوزير، وزير النقل السابق فتحدث عن أبرز التحديات التي تواجه الوحدة اليمنية من وجهة نظره وكيفية معالجتها قائلاً:
 عند الإشارة إلى القضية الجنوبية لابد من القول:إن أهم التحديات هي إمكانية إجراء تشخيص واقعي متجرد لأسباب القضية الجنوبية ومدى إمكانية تهدئة الشارع في جنوب الوطن وكيف تتم ؟ وكيف يمكن فضح من يريد دماء للاستفادة الشخصية أو لصالح دول مستغلاً مشاعر الناس.. حتى يمكن مخاطبة العقل خاصة أن الكثير من عناصر الحراك هم أبناء جيل الوحدة الذين لم يلمسوا أهميتها ولم يذوقوا مرارة ماقبل الوحدة، كما لم يعمل معظم من لمس وعاش الفترتين على نشر الوعي بذلك،إما لأنه شارك في أعمال سيئة أو لأنه يريد ممارسة دور جديد في الوقت الحاضر، لذلك نجد أن أهم خطر وتحد تواجهه وحدة الوطن اليمني أرضاً وإنساناً يتمثل في عدم حل مشاكل المواطنين في جنوب وشرق البلاد واستمرار استفحالها وعدم قيام الكثير من المخضرمين من تلك المناطق بشرح وتوضيح الحقائق للشباب فنجدهم يسيرون مع التيار ويتوجسون خيفة من طرح الآراء بشجاعة، متناسين أن لاأحد يهدم بيته بيده وأن الكبار في البيت الواحد عليهم معالجة العديد من الأمور لامسايرة التيار الذي قد يهدم.
أما معالجة تلك التحديات فقد تم البدء بِها فعلاً من خلال تشكيل فريق عمل القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني وكذا تشكيل اللجان التنفيذية لمعالجة أوضاع المقصيين ومشاكل الأراضي،كما أن استكمال تنفيذ معظم النقاط العشرين سيكون له أثر فاعل إضافة إلى أن تغيير شكل الدولة ونظامها من خلال ماسيتم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار سوف يكون بإذن الله هو الحل الشامل للحفاظ على وحدة الوطن ويجب أن لاننسى دور المخضرمين من المناطق الجنوبية والشرقية الذين يقع عليهم دور أساسي هام إلى جانب الإعلام لتوضيح أهمية الولاء للوطن لا للأشخاص وتقديسهم، وأنا هنا أتحدث عن الوطن الواحد وعن الإنسان اليمني الذي تاريخه واحد ومستقبله واعد ، ونسأل الله تعالى أن تصل بلادنا إلى بر الأمان وهذه هي غاية الشعب.
الدولة المدنية
الدكتور عبدالسلام الكبسي قال:
إن التعثر في الإعلان عن الدولة المدنية أبرز عاصفة ستواجه جدار الوحدة الوطنية ,ومن الممكن أن تدفع قوى إلى التفكير في اتخاذ مسار آخر , فقد طال ليل دمون , والأجدر بقوى الحوار اليوم أن يقدموا مصلحة الوطن على أنفسهم وعلى قوى ودول خارجية لا ترغب في صلاح اليمنيين , وتوجههم نحو الدولة المدنية بما تعنيه من حرية وعدالة اجتماعية..لقد دفع اليمنيون الثمن غالياً للتخلص من قوى الاستبداد،ولايمكن أن يرجع التاريخ خطوة إلى الوراء , فقد مقت اليمنيون الاستبداد ونفضوه من على ظهورهم،واتخذوا قراراً لايمكن العودة فيه إلى الماضي , في وجود سند دولي غير مشروط, فثمة شعب يتلهف إلى أن يرى الصلحاء من القادة , والأكفاء ,وقد اختار الناس , وسيقولون كلمتهم خصوصاً , وقد اصبح كل شيء واضحاً , بالحقيقة.. إنها فرصة تاريخية ,فليستعد الجميع، نريد دستوراً , ونريد كفاءات , ونريد الأفعال , ونريد رجالات اليمن , من الجيل الجديد ,من أجل الوحدة , والإنسان اليمني أولاً .
إعادة بناء ما تم تدميره
أشرف يحيى شنيف، عضو المكتب السياسي بحزب العدالة والبناء رئيس دائرة التخطيط والإحصاء والمعلومات قال:
 إن هناك العديد من التحديات التي تواجه الوحدة اليمنية ولكن كيف يكمن معالجة هذه التحديات؟
سؤال يحتاج لمساحة كبيرة ودراسة معمقة وبحث دقيق ،ولكن أستطيع القول إن الوحدة اليمنية – حالياً - تمر بأسوأ فترة منذ 22 مايو 1990م ،وهناك تحديات عديدة وكبيرة لأسباب تفاقمت مع الزمن وسوء إدارة من الرئيس السابق وحكوماته ،فمنذ حرب صيف 1994م كان الأحرى من الرئيس السابق وحكوماته المتلاحقة البدء في بناء يمن حديث والبدء في صياغة هوية جديدة لليمن الديمقراطي على أساس اقتصادي قوي وحر وإزالة شوائب الحكم الشمولي وفتح صفحة بيضاء جديدة مع الجميع وتعزيز الشفافية والحرية وبسط قوة الدولة العادلة على جميع أراضي الجمهورية اليمنية كونها هي الفترة التي كانت الدولة اليمنية في أشد قوتها العسكرية والأهم من كل ذلك استيعاب الكوادر النزيهة والقوية والكفؤة من أبناء اليمن شمالاً وجنوباً ،شرقاً وغرباً ( دون تمييز ) ...الخ
ولكن ما شاهدناه هو فساد مالي وإداري في المؤسسة العسكرية والمدنية ،والإدارة بعقلية الإلحاق للجنوب ونهبه ، وتسريح أبنائه من القوات المسلحة ،وتعيين المفسدين من أبناء الشمال في مواقع عسكرية ومدنية بالمحافظات الجنوبية لتعميق الشرخ بين الشمال والجنوب ...الخ
فأبرز التحديات التي تواجهها الوحدة اليمنية هي  إصلاح ما دمره الزمن ،وباعتقادي إن الوقت متأخر لذلك لأن الشرخ بين الشمال والجنوب تعمق وأصبح شرخاً كبيراً وخصوصاً من أبناء جنوب اليمن نحو شماله لأسباب لا يحمل وزرها أبناء الشمال بل يحمل وزرها من مثّل الشمال في أرض الجنوب الأمر الذي عكس صورة مشوهة لديهم بأن كل الشماليين فاسدون ومفسدون .
ومعالجة تلك التحديات في واقعنا المعاش صعب لأننا لا نمتلك أية صيغ أو برامج وخطط لتعزيز (الوفاق الوطني الشامل ) بين الشمال والجنوب والشرق والغرب ،بل أهم ما حصل هو (وفاق الأحزاب الموقعة على المبادرة الخليجية ) لتقاسم المناصب العامة وحسب.
وعليه فإنني أرى إيجاد حكومة وفاق وطني تهتم بالوفاق الوطني الشامل (الشمال والجنوب والشرق والغرب) ومن الكفاءات ،يكون همها الأكبر إصلاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي وصياغة خطط استراتيجية في بناء أواصر الإخاء بين أبناء الوطن اليمني الواحد ولسد الهوة بين أبناء الشمال والجنوب شيئاً فشيئاً حتى نرى تقارباً بين الأخوة ،ومن ثم يتم البحث في صياغة الدولة التي يتفق عليها الجميع شمالاً وجنوباً.
سياسة في سياسة
نجيب غلاب، رئيس منتدى الجزيرة العربية مدرس العلوم السياسية بجامعة صنعاء كاتب ومحلل سياسي قال:
 بالنسبة للتحديات من السهولة مواجهتها، لدينا معضلات متشابكة تزداد تعقيدا مع الوقت، والحلول المطروحة لمعالجة هذه المعضلات لا تفكك بل تبني معضلات إضافية. وعادة ما يتم توصيف المشاكل وتفسيرها بطريقة سطحية وبوعي مرتبك مترسن بالصراعات الماضوية وصراعات اللحظة الراهنة وبالطموحات التي يتم نسجها لصالح اللاعبين وخارج سياق المصلحة الوطنية المرتبطة بمصالح الأفراد وحقوقهم!!
وما يزيد واقع المعضلات بؤساً التعامل مع الواقع بالتكتيك لا بالاستراتيجيات، والمشكلة أن التكتيك يتحول إلى استراتيجية فيصبح الصراع وتراكماته فعلاً آنياً محوره تحصيل الغنائم ومراكمة القوة لمغالبة الخصوم!!
فالتحدي الأول المفترض التركيز عليه هو المنهج والآليات التي يتم استخدامها في فهم واقع التحديات، ناهيك عن الوعي الذي يحكم الأطراف المختلفة الصانعة للفعل، وعي يبرر التناقضات ولا يبحث عن ما يتجاوزها بل يعمل على تراكمها لأنها طريق الهيمنة، وتعمل القوى المختلفة على إعادة إنتاجها .. وعي لا يريد أن يعترف بالمشكلة كما هي في الواقع وفي احسن الأحوال يقوم بإعادة صياغتها بما يحولها إلى بروباغندا لتزيين القبح وإدانة الآخر، ومع تعاظم التناقضات والخوف وفقدان الثقة يصبح الخطاب المنتج متطرفا باحثا عن عنف لحسم بعض القضايا!!
التحدي الثاني: الهروب من بناء فهم موضوعي للواقع ومحاولة تفسيره وفهمه لبناء حلول واقعية تسهل تفكيك الإشكاليات وبدل من ذلك يتم بناء تحليلات مستندة على واقع تم تصنيعه من خلال الخطاب وصار تكرار الخطاب هو الحاكم لفهم المعضلات وهذا يجعل الحلول تشتغل في فراغ.. لذا ستجد أن الكل غريم الكل في لعبة تدار بتقنيات المغالبة وبناء القوة لقهر الآخر وإلغائه أو تركه في تخبطاته كمدخل لتشويهه وتحويله إلى نقيض يرسخ شرعيتك ووجودك!!
التحدي الثالث: الشعارات الجديدة والمقولات الكبرى التي يتم ترديدها ليست إلا قشرة سطحية أما الوعي الفاعل فهو وعي تقليدي عصبوي لم يفقه بعد قيم الدولة والحرية وحقوق الإنسان!! يديرون الصراع في اتجاهات متعاكسة في قلب التوافق المعلن ويتم تفعيل النزاعات عبر مفاهيم التسامح والتضامن!! مشكلة النخب اليمنية أنها باطنية لا تتحدث عن مصالحها بشكل مباشر وتلعب عبر التضليل بأدوات وآليات مختلفة تزيد من التشتت والغموض ويصبح الاضطراب طريقا خلفيا لتحقيق الطموحات غير المعلنة!!
العقل السياسي الغالب في اليمن أشبه بقنبلة متآمرة لها وجه ملاك!! والمصالح لا يتم فهمها إلا باعتبارها غنائم، والسياسة قد تبدو أنها فن الممكن ولكنها البحث عن القوة لإلغاء الممكن وتدمير التضامن!!
التحدي الرابع: أن الهوية الوطنية يتم تشتيتها والشعارات التي تبنيها القوى أشبه بفقاعات متناثرة في واقع عاصف تحكمه ولاءات متنازعة تبني توافقها على قسمة الموارد كغنائم لصالح نخبة مكررة غير مهتمة بمصالح الناس، لذا ستجد أن الصراع يتمحور حول مواقع القوة التي فيها ربح مباشر لا على مشروع اقتصادي نافع للكل .. يتحدثون عن الدولة وبنائها كبنى ولا يتحدثون عن إشكالية الهوية الوطنية، فقط رغم الحديث عن ثورة إلا أن الإرادة الجمعية اليمنية في حالة من الانهيار، والتناقضات مضبوطة خارجيا لا نتيجة قناعة داخلية، ولولا الضابط الخارجي والخوف من الفناء لوجدت الحرب هي الخلاص. الدولة التي يراد بناؤها لا يتم فهم التراكم الحالي ولا واقع اليمن وتجربته يتم البحث عن ثوب جديد لنفي التجربة بكليتها وكأن اليمن يشتغل في فراغ ولا بنية تحتية له، وفي المحصلة ستجد أن الفكرة المحورية هي إعادة توزيع قوة الدولة والتحكم بالتوزيع بما يخدم مصالح اطراف بعينها ومحاصرة اطراف!!
التحدي الخامس: التسييس، فكل ما ننتجه سياسة في سياسة ولن تجد من يتحدث عن ثقافة واقتصاد وعن المجتمع وواقع المجتمع وحاجاته ومتطلباته صار الفعل السياسي هو كل شيء، لذا ستجد أن المناضل هو صورة المشهد كله والمناضل لا عمل له إلا النضال وصار النضال السياسي طريقا لتحصيل الغنائم، في البلاد الرابح هو المناضل وباقي المجتمع خاسر!! المجتمع يشتغل لإشباع المناضلين والخارج يدعم المناضلين والمساعدات تنتهي إلى جيوب المناضلين، والمناضلون يسيطرون على الثقافة وعلى الاقتصاد، لذا صار طموح الشباب أن يصبحوا مناضلين فهو مدخل الرزق والربح والارتهان .. النضال السياسي هو الوجه الآخر للفساد الذي يأكل كل تحول وتغيير إيجابي في بلادنا.
مع ملاحظة أن التسييس لكل شيء ينتجه وعي متخلف لا يفقه السياسة لذا ستجد ان السياسة تنتج فوضى لا انتظاماً.. تنتج تناقضات تبحث عن حرب لا تناقضات تبحث عن تضامن وتوافق، سياسة لا تفقه المساومة ولا التفاوض، سياسة تبحث عن غنيمة لا عن آليات لتوزيع الموارد بالقانون والقيم الحديثة التي تبني مجتمعاً حراً!!
عدم تطبيق القانون
الأخ ياسر ثامر، باحث ومحلل سياسي:
 أبرز التحديات التي تواجه الوحدة اليمنية اليوم تتجسد بالتصدعات الاجتماعية والجغرافية والطبقية والمذهبية التي شهدتها اليمن مؤخرا، وهي النتائج التي أفرزتها ووسعتها حالة الانقسام السياسي والاحتقان الشعبي من جهة، وحالة الفراغ المؤسسي وغياب الدولة من جهة أخرى، وبسبب ذلك ارتفعت المطالب الانفصالية، مقابل بعض الرؤى الفدرالية، واستطاع تنظيم القاعدة ترتيب أوراقه من جديد وإعادة انتشاره، مقابل قوة أمنية وعسكرية متواضعة في مستوى التنظيم والإمكانيات، كما تمكنت الحركة الحوثية من السيطرة على مناطق أكبر والاتساع المذهبي، مقابل وجود صراع أيديولوجي واحيانا ميداني بينها وبين تيارات دينية أخرى.
خطورة تلك الحركات والتيارات السياسية والأيديولوجية لا تكمن في وجودها، ولا في مطالبها، ولكن في الكيفية التي تريد من خلالها ترسيخ وجودها، وفي الوسائل التي تريد من خلالها الوصول إلى مطالبها، فالاعتماد على الوسائل المدنية والديمقراطية والسلمية طريق لا غبار عليه لتحقيق أهدافها المنشودة، لكن الاعتماد على قوة السلاح، والعنف والتطرف، والإقصاء، وقمع حرية التعبير والمعتقد طريق محفوف بالمخاطر.
تزداد خطورة ما سبق عندما ندرك بأن ذلك التشرذم، والتوتر والصراع الداخلي، يمثل انعكاسا لرغبات ومصالح وأجندات اطراف وقوى خارجية، إقليمية أو دولية، وهو ما يجعلها تتحكم بالعوامل المؤثرة في استقرار اليمن سياسيا وأمنيا، والحفاظ على الوحدة، وكل ذلك بالطبع لا يمثل كل التحديات بقدر ما يشكل أكبر التحديات التي تهدد الوحدة الوطنية قبل الوحدة السياسية والجغرافية.
تلك التحديات لا يمكن أن نتجاوزها بالحديث عن الوصفات النظرية المثالية على غرار شعارات استكمال بناء الدولة الديموقراطية الحديثة، والشراكة الوطنية، والتبادل السلمي للسلطة، والحكم المحلي واسع الصلاحيات، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمواطنة المتساوية ، وتغيير النظام الرئاسي بالبرلماني.... إلخ. صحيح أنها أهداف محققة في بعض البلدان، لكن الأهم كيف يمكننا تحقيقها في اليمن؟ مؤتمر الحوار الوطني أيضاً لا اعتقد أن بإمكانه تحقيقها، المؤتمر قد ينجح في تقريب وجهات النظر والخروج بنصوص ووثائق نظرية تتعلق بكل ما سبق، لكن كيف نترجمها على الواقع؟ اليمن خلال العقود الماضية استطاعت تدريجيا بناء نظام واضح المعالم، ولدينا دستور جيد، وقوانين متميزة، ومؤسسات شبه متكاملة, لكن المشكلة منذ نصف قرن كانت تكمن في عدم تطبيق وتفعيل تلك القوانين والنصوص، وعدم سيادة القانون على مراكز القوة والنفوذ.
وعموماً أعتقد أن هناك ركيزة أساسية تترتب عليها ركيزتين هامتين، هذه الثلاث الركائز تدريجية لا تسبق إحداها الأخرى، ويمكن من خلالها تحقيق تلك الغايات وتحويلها إلى حقائق ملموسة تمكننا من ترسيخ الوحدة والحفاظ عليها وتجاوز التحديات التي تهددها، وتتمثل تلك الركائز بالآتي:
أولاً : الركيزة الأساسية تتمثل في توافر الإرادة السياسية القوية والصادقة لدى رئيس الجمهورية تحديدا، بما يجعل مصلحة الوطن مقدمة على مصالح القوى التي استنزفت الوطن طيلة العقود الماضية، دون أي اعتبار للتوازنات التي تعيق تحقيق العدالة، وبما يجعل سيادة القانون، والمواطنة المتساوية... وكل ما سبق أمراً ممكنا، وهذا لن يتحقق بدون إرادة سياسية صادقة ورئيس جمهورية قوي، ينظر للشمال والجنوب والشرق والغرب بذات العين، لكن كيف يكون رئيس الجمهورية قوياً؟ وكيف يمتلك إرادة سياسية لا تقهر؟ هذا موضوع آخر له ما له وعليه ما عليه.
ثانياً: توفر الإرادة السياسية القوية سينبني عليه سيادة القانون وإقامة العدل، وبتعاون المجتمع الدولي في بداية الأمر، يمكن أن نحقق الأمن والاستقرار كركيزة ثانية تقوم على تلك المقومات، وذلك من خلال السيادة التي ستفرضها الدولة على المكان والسكان، وتجفيف منابع الدعم المادي واللوجستي للجماعات والتيارات التي لن تجد من يغذيها بالمال أو السلاح المحمول عبر السفن من هنا أو هناك، وبالتالي إخمادها، ونزع سلاحها، وإلزامها بالعمل الديموقراطي و السلمي، دون أي شكل من أشكال الاستقواء على الدولة، الأمر الذي سيحوز على اش لرضا وتعزيز شرعية النظام الحاكم لدى المواطن، سواء كان في الشمال أو الجنوب.
ثالثاً: استتباب الأمن والاستقرار بفعل الإرادة السياسية، سيضمن تحقيق الركيزة الثالثة المتمثلة في تجاوز المعضلة الاقتصادية، وتنمية الاقتصاد الوطني من خلال مكافحة الفساد، وجذب الاستثمار، والاستغلال الأمثل للموارد وتنميتها، والقيام بالعديد من الإصلاحات على النظام الاقتصادي، بما يدعم العملة الوطنية أمام الأجنبية، ويقلص قاعدة الفقر، ويوفر فرص العمل، ويحقق العدالة في توزيع الثروة دون تمايز طبقي أو استئثار مناطقي، أو قبلي، أو اسري، وكذا تحسين مستوى الخدمات كالكهرباء، والنفط، والتعليم، والصحة، وهو ما سيؤثر أيضاً وبشكل متبادل على تعزيز الركيزة السابقة المتمثلة بالأمن والاستقرار.
الترفع عن الصغائر
العقيد محمد حزام، نائب مدير عام العلاقات العامة بوزارة الداخلية أبرز التحديات التي تواجه الوحدة اليمنيةهي:
قد لا أجانب الحقيقة إذا قلت بإن أبرز التحديات تكمن في وجود قوى خارجية تريد تحقيق مصالحها في المنطقة بشكل عام واليمن بشكل خاص ، ولن يمكنها ذلك في اليمن إلا من خلال تفتيت وحدته وإيجاد الصراعات بين أبنائه (حروب بالوكالة)بالإضافة إلى عدم إعطاء الحكومة الحالية أي فرصة للنجاح وتحقيق حلم الشباب الذين خرجوا إلى الساحات وقدموا أرواحهم ودماءهم من أجل التغيير نحو الأفضل، وعدم تمكينها من استغلال الإمكانيات الذاتية من غاز ونفط وسياحة وأسماك وغيرها من الثروات لمواجهة الاحتياجات الداخلية والتي قد تكفي إذا ما وجدت إدارة صحيحة وإرادة قوية لمحاربة الفساد، وجعل الحكومة ترضخ لشروط المانحين .
فاليمن يتحكم بأهم مضيق للتجارة العالمية، و حباه الله بالكثير من الثروات الطبيعية في البر والبحر ولديه حضارة وتاريخ عريق تهفو إليه الأفئدة من شتى بقاع العالم ولعل هذا ما جعل لعاب المستعمرين يسيل لالتهامه مند زمن بعيد، ولكن الثروة البشرية القادرة على البناء والعطاء والإبداع والمتميزة بالشجاعة والقتال المستميت على العرض والأرض حالت دون تحقيق تلك الأطماع القديمة والحديثة ،وأصبح على الطامعين الجدد إعداد سيناريوهات جديدة تحول دون توحد أبناء اليمن ودون وجود حكومة قوية حتى لا يصبح اليمن بموقعه الجغرافي الهام وبمقدراته المادية والبشرية رقما صعبا في الخارطة العالمية ويحول دون تحقيق أطماع المستعمرين الجدد بالتهام ثرواته بعد تمزيق وحدته ونشر العداوات بين أبنائه، عن طريق إيجاد من ينوب عنها بل ويقاتل من أجل تحقيق أطماعها وينادي بالانفصال والفدرالية وإثارة النعرات المذهبية والطائفية والمناطقية وغيرها من مسميات التشظي والتمزيق.
وبالمقابل هناك قوى داخلية تريد تحقيق مصالحها الخاصة والبقاء في واجهة المشهد السياسي بشكل دائم للحفاظ على المكانة الاجتماعية التي توارثتها أو تريد توريثها وهذه الفئة لها خططها الخاصة بها لتحقيق ما تريد ولها مريدوها أيضا.
ويضيف حزام قائلا :
 ولكي نواجه مثل هده التحديات يجب علينا كيمنيين أن نفهم من نحن، وما يراد بنا ويحاك ضدنا وإلى أين يريدوننا أن نتجه؟
لا نريد أن نصبح مثل أفغانستان التي كانت ضحية طموح المستعمرين القدماء والجدد وأطماعهم في الاستيلاء على حقول الكوكايين التي تشكل أكثر من 90 %من مصدر المخدرات في العالم ،بالإضافة إلى امتلاكها لثروات طبيعية هائلة كشفت عنها إحدى الشركات الأمريكية ،ولذلك حاولت بريطانيا احتلالها عندما كانت محتلة للهند، ثم دخلتها روسيا وأخرجت ، وها هي أمريكا تتواجد هناك رغم تحول رفات بن لادن إلى تراب والذي كان ذريعة احتجت به أمام العالم لدخول أفغانستان.
ولا نريد أن نصبح كالعراق الشقيق الذي تكالبت عليه القوى الاستعمارية، لأنه استغل مقدراته ووظفها في البناء والتنمية والصناعات المختلفة وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير ،فتم تدميره وتمزيق شمله وزرع الأحقاد الطائفية والمناطقية بين أبنائه للاستيلاء على ثرواته ، وكذلك الحال مع الشقيقة سوريا التي كنا ومازلنا نتذوق منتجاتها الزراعية ونرتدي من منتجاتها ونشتري من صناعاتها، لأنها اكتفت ذاتيا وتمكنت من تحقيق الكثير ،فتم زرع الفتنة الطائفية بين أبنائها فتحولت إلى أطلال على يد أبنائها حكاماً ومحكومين خدمة لأصحاب المصالح والأطماع الاستعمارية.
لذا علينا أن نعلم بأن التشخيص الجيد للمشكلات، والترفع عن الصغائر، والتسامي فوق الجراح التي حصلت في الماضي سيكون هو الحل الأمثل للخروج مما نحن فيه وما يراد لنا أن نصبح عليه ،فالكل قد تضرر بدون استثناء أبناء الجنوب والشمال ،ولو قام المنادون بالقضية الجنوبية بزيارة للمحافظات الشمالية والشرقية والغربية لمعرفة أحوال أهلها وكيف يعيشون في ظل انعدام للخدمات والبنى التحتية لحمدوا الله على النعمة التي يعيشون في كنفها، ولهذا نقول إن الحوار هو الحل الأمثل لمناقشة كافة المشكلات والهموم ووضع الحلول المناسبة لها خدمة لليمن وأبنائه ومستقبلهم المنشود ،ولنقطع الطريق على من يريدون الدفع بنا إلى تنفيذ سيناريوهات التمزق والاقتتال من خلال ممارساتهم الإجرامية في ترصد وقتل أبناء الشمال وحرق محلاتهم التجارية في بعض المحافظات ،وتفجير أنابيب النفط والغاز وأبراج الكهرباء وغيرها من الأعمال الإجرامية الممولة ، وهي سمات تتنافى مع سمات أبطال ثورتي سبتمبر وأكتوبر الذين قاتلوا الاستعمار والإمامة معاً في خندق واحد حتى تحقق النصر المبين، وإذا كان الأوربيون يسعون للتوحد رغم اختلاف لغاتهم وما دار بينهم من حروب ذهب ضحيتها الملايين ،لكنهم تساموا فوق على جراحاتهم من أجل تحقيق مصالحهم فأصبح لديهم بطاقة شخصية واحدة وجواز واحد و........إلخ أفلا يجدر بنا نحن أن ننسى الماضي الذي لا يقارن بما حدث بين الدول الأوربية لنحافظ على اليمن ووحدته ونبني المستقبل الواعد بالخير إن شاء الله؟ نأمل ذلك ..
تنصل الأطراف السياسية
الأستاذ لطفي فؤاد نعمان السكرتير الصحفي لرئيس مجلس الشورى قال:
إن التحديات التي تهدد حياة اليمنيين باعتبار “الوحدة حياة اليمنيين” تتمثل في عدم الاستثمار اليمني للحرص الإقليمي والدولي على استمرار الوحدة حياةً لليمنيين”، وتنصل الأطراف السياسية من مسئوليتها عما نشب ونشأ من القضايا والمهددات للوحدة، وشيوع الرد السلبي قولاً وفعلاً إزاء دعوة فك الارتباط كحل للقضية الجنوبية اليمنية، وقبول الوصفات غير مدركة الأبعاد دون تمحيص أو دفاع واعي.
أما الحل فيتمثل في: حُسن استثمار الحرص الإقليمي والدولي لحل مشاكل التنمية، والإقرار بالمسئولية العامة إزاء تلك القضايا اليمنية واستمرار الحوار الوطني على أساس يحفظ الوحدة ويعزز “الارتباط الوطني” من خلال الحرص على العدالة في حل المظلوميات والمسائل الحقوقية، مع إثراء الوعي إزاء المقادير المقدمة لإنجاز “الطبخة اليمنية (غير الجاهزة بعد!)”.. وبدون استمرار الحوار وشجاعة الإقرار بالمسئولية، وحسن استثمار الحرص العام على الوحدة والوعي اليقظ والثري، يواتي اليمنيون للانفصال فرصة تاريخية كتلك التي واتت لإعادة الوحدة اليمنية قبل 23 سنة.. يوم أدركوا أن يمناً واحداً في مصلحة الجميع ويحرص عليه الجميع، خير من “يمنات” ليس فيها مصلحة لأحد ولن يحرص عليها أحد!