غرونوبل (فرنسا) - غادر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (77 عاما) مستشفى غرونوبل في شرق فرنسا السبت والذي نقل اليه الخميس، كما قالت الشرطة.
ولاحظ شهود عيان سيارة اسعاف تواكبها عدة سيارات تغادر المستشفى بعد الظهر ثم اكدت الشرطة ان الرئيس الجزائري كان ضمن الموكب موضحة انه كان متجها الى مطار غرونوبل.
واقلعت طائرة الرئاسة الجزائرية نحو الساعة 14.45 (13.45 تغ).
وكان بوتفليقة الذي اعيد انتخابه لولاية رئاسية رابعة في نيسان/ابريل ويثير وضعه الصحي اشاعات متكررة ويعاني حالة ضعف منذ اصابته بجلطة في 2013، وصل الخميس الى غرونوبل وسط اجواء من التكتم.
ولا تزال اسباب ايداعه المستشفى تحت حراسة امنية مشددة مجهولة، حيث لزمت الجزائر الصمت وكذلك المستشفى.
وكان مصدر قريب من الرئاسة الجزائرية قال في وقت سابق إن من المتوقع أن يعود بوتفليقة إلى الجزائر السبت بعد أن أجرى فحوصا طبية في مستشفى فرنسي.
وكانت الشرطة الفرنسية ومصادر في الحكومة الفرنسية أعلنت الجمعة أن بوتفليقة الذي أصيب بجلطة العام 2013 موجود في مستشفى بمدينة غرونوبل في فرنسا.
ووصل بوتفليقة الذي يعاني من حالة ضعف صحي الخميس الى غرونوبل وسط أجواء من التكتم.
وذكرت صحيفة "لو دوفيني ليبيري" اليومية المحلية الجمعة ان بوتفليقة ادخل الى قسم القلب والشرايين في عيادة المبير الخاصة، حيث تم تخصيص طابق كامل له لدواع امنية.
ويعمل في المستشفى بروفسور اخصائي في القلب كان يعمل في مستشفى فال دو غراس العسكري في باريس حيث عولج بوتفليقة لمدة ثلاثة اشهر العام 2013 اثر اصابته بالجلطة. وكان اقام في 2005 لمدة ثلاثة اسابيع في هذا المستشفى حيث اجريت له عملية نزيف معوي.
ومنذ بداية ولايته الرابعة في نيسان/ابريل، لم يظهر الرئيس بوتفليقة الا نادرا للعموم ومستخدما كرسيا متحركا وهو ما غذى شائعات بشان وضعه الصحي الحقيقي.
وفي الاول من تشرين الثاني/نوفمبر، بث التلفزيون الرسمي لقطات للرئيس الجزائري في ظهور نادر وهو يضع اكليلا من الزهور في "مربع الشهداء" حيث دفن كل الرؤساء السابقين لمناسبة الذكرى الستين لحرب الاستقلال عن فرنسا و"ثورة اول نوفمبر" كما تسمى في الجزائر.
وظهر بوتفليقة على كرسي متحرك وهو يستعرض تشكيلة من الحرس الجمهوري أدت له التحية الشرفية، ويرفع يديه الاثنتين ليترحم على ضحايا الحرب ثم قبل العلم وحيا المسؤولين الكبار في الدولة.
واذا كان ظهوره للناس نادرا فان ظهوره على الشاشة اكثر ندرة.
ويظهر في التلفزيون وهو يستقبل ضيوفه من القادة او الوزراء والسفراء واعضاء الحكومة الجزائرية، في اقامة زيرالدا غرب العاصمة التي يبدو انها تحولت الى مكتب له.
وكان آخر ضيوفه رافايل راميريز وزير الخارجية الفنزويلي الذي استقبله الاربعاء.
واستقبل الاثنين وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ووزير الاقتصاد الفرنسي ايمانويل ماكرون اللذين قدما الى الجزائر لتدشين مصنع لشركة "رينو" الفرنسية لصنع السيارات.
وأمام تدهور وضعه الصحي، تضغط المعارضة الجزائرية من أجل تفعيل المادة 88 من الدستور الحالي وإعلان شغور منصب الرئيس بفعل المرض والعجز، وذلك حتى يكون ممكنا إعلان انتخابات رئاسية جديدة. لكن الدوائر المقربة من الرئيس الجزائري ترفض ذلك رفضا مطلقا.
ويقول مراقبون إن الحزب الحاكم الحالي والموالون له يرفضون مثل هذه الخطوة لأنها قد تفقدهم حظوظهم في انتخاب رئيس جديد يحافظ على مصالحهم باعتبار انهم يفتقدون لمعوض لبوتفليقة يمكن أن يجد نوعا من الإجماع على شخصه كما يروج لذلك دائما، في حال تنظيم انتخابات جديدة لأن "الرجال المحترمين" القادرين على قيادة البلاد ار اغلبهم اليوم في المعارضة ولم يبق في جبه التحرير الوطني أو في الأحزاب المقربة منها شخصا يعتد به لتقلّد مسؤولية الرئاسة.
ويضيف هؤلاء المراقبون أن الذين خططوا للدفع ببوتفليقة إلى الانتخابات الرئاسية الماضية كانوا يعلمون منذ البداية انه لن يكمل مهمته الرئاسية للسنوات الخمس المقبلة لذلك ارادوا ان يحافظوا عبره على نفوذهم ـ مع علمهم المسبق بفوزه الانتخابي ـ إلى أن تمر مرحلة تأمين السلطة بسلاسة ويكون من الهين على الآلة الانتخابية التي تستخدم فيها أجهزة الدولة لفائدة المرشح "المحظوظ" والمرضي عنه من البطانة الحاكمة ومن الجنرالات النافذين أن تؤمن الفوز المستحق للمرشح "المطلوب على القياس".
وشهدت الجزائر في المدة التي اعقبت مرض بوتفليقة إلى حد العجز تدافعا سياسيا حادا ومواجهة مفتوحة بين السلطة والمعارضة في ظل ضغط متواصل من قبل تكتل قوي لأحزاب معارضة، ضمّ للمرة الأولى كل التيارات الإسلامية والوطنية والديمقراطية التي وجدت نفسها في مواجهة سلطة لا تريد أن تستمع لأي طرف سياسي، وتعمل على صياغة مسودة دستور على المقاس جار الإعداد للكشف عنها على ان تعرض إما للاستفتاء الشعبي أو للمصادقة في البرلمان.
ويشاع منذ فترة ان رئيس الوزراء الحال عبدالمالك سلال هو رجل المرحلة المقبلة في الجزائر لأنه "الرجل الذي نال رضا بوتفليقة وجماعته لخلافته".
وقد يكون بإمكان سلال رئيسا جديدا مرتقبا بعد التقدم لانتخابات سابقة لأوانها مضمونة نتائجها، إذا غادر بوتفليقة قصر المرادية وهي مغادرة أصبحت مرجحة بقوة كما تقول مصادر عليمة، وبحرص شديد من بوتفليقة نفسه، هذا اذا لم يحدث طارئ قاهر يعجل برحيله خارج نطاق التقديرات والخيارات والتوقيتات المناسبة لهذا الرحيل وفقا لنفس المصادر.
ويمكن لسلال أن يؤمن ديمومة الطبقة الحاكمة وصاحبة المصلحة الكبرى في الحفاظ على الوضع السياسي في البلاد كما هو وبعيدا عن أمنيات السياسيين المعارضين الراغبين في تغيير نظام حكم نخره الفساد الى مستوى لا يصدق.
وكان بوتفليقة -الذي شارك في حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي حتى استقلال البلاد عام 1962- والبالغ من العمر 77 عاما قد أصيب بجلطة دماغية في أوائل عام 2013 عولج على إثرها في مستشفى فرنسي.
وعاد بعدها إلى فرنسا عدة مرات لإجراء فحوص.
وانتخب بوتفليقة من جديد هذا العام لرئاسة الجزائر بعد عشر سنوات ونصف في السلطة وعزز مرضه التكهنات بشأن الانتقال السياسي في الجزائر وهي مورد مهم للطاقة إلى أوروبا وشريكة في الحملة الأميركية على الاسلاميين المتشددين.