"أنا أتبع محمد.. أنا لست شارلي".. بهذا صدحت صحيفة الشروق الجزائرية فخصصت عددا كاملا لنصرة النبي الكريم والتهكم على ازدواجية الغرب وتناقض قيمه، مما لاقى قبولا واسعا في أوساط القراء والعلماء والمفكرين والثوريين
ياسين بودهان-الجزائر
خصصت صحيفة الشروق الجزائرية عدد الأربعاء لنصرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ردا على الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة له التي نشرتها صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية.
وتوشح صدر الصحيفة بعنوان بارز جاء فيه "كلنا محمد.. لا للإساءة للأنبياء.. لا للإرهاب"، مشفوعا برسم كاريكاتيري لشخص يتظاهر ضد الإرهاب، رافعا لافتة كتب عليها بالفرنسية "أنا شارلي"، وهذا الوضع يكون حينما يتعلق الأمر بالغرب.
لكن حينما يتعلق الأمر بالعرب فالصورة عبارة عن جندي يقود دبابة تقف فوق أشلاء ضحايا غزة ومالي والعراق وسوريا، ويرفع لافتة مكتوبا عليها "أنا دبابة"، في إشارة إلى الازدواجية التي يتعامل بها الغرب تجاه قضايا حقوق الإنسان بمختلف أبعادها.
وتضمن العدد وجهات نظر سياسيين ودعاة وثوريين ومثقفين وقانونيين وإعلاميين ورياضيين ضد إساءات "شارلي ايبدو" وسبل التصدي لها.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد رشيد ولد بوسيافة نائب رئيس تحرير صحيفة الشروق أن المبادرة جاءت بعدما بدأت الصحيفة الفرنسية تستثمر في الاعتداء الذي وقع عليها مؤخرا، وأصدرت ثلاثة ملايين نسخة في عدد الأربعاء تتضمن رسما متخيَّلا كاريكاتيريا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مع أنها "لا تمثل شيئا في السوق وكانت على حافة الإفلاس".
بوسيافة: مستعدون للتنسيق مع الإعلام العربي لمواجهة الاستفزازات (الجزيرة نت) |
أمر خطير
وكان يمكن التغاضي عن الأمر -حسب بوسيافة- لو توقف عند حدود ما تنشره الصحيفة، لكن أن "تتبنى الدولة الفرنسية كلها الخط الافتتاحي للمجلة وتساندها في ذلك بعض الدول والأنظمة العربية من خلال رفع شعار أنا شارلي، فذلك أمر خطير ينبغي التصدي له".
ويقول إن إدارة تحرير الشروق قررت طرح هذا العدد بحكم ارتباطها بقرائها، مشددا على أن الأمر ليس ردا على الصحيفة الفرنسية فقط، وإنما على كل من حمل شعار "أنا شارلي".
وأكد بوسيافة أن الإساءة لكل الأديان أمر مرفوض، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام العربية أيضا لديها الوسائل لرد الصاع صاعين.
وفي تقديره، فإن الجزائريين أولى الناس بالرد لأن اسم بلدهم وظف كثيرا خلال هذه الأحداث، سواء بالحديث عن أصول منفذي الاعتداء على الصحيفة الفرنسية أو الضحايا أو حتى الجالية العربية المقيمة في فرنسا.
وأعلن بوسيافة استعداد "الشروق" للتنسيق مع كل وسائل الإعلام العربية للرد على الاستفزازات العنصرية التي تطال المسلمين سواء في فرنسا أو غيرها.
وقد لاقت هذه المبادرة ترحيبا واسعا من طرف رواد شبكات التواصل الاجتماعي الذين شاركوا صورة الصفحة الرئيسية للجريدة عبر صفحاتهم الخاصة في الفيسبوك، كما لاقت ترحيبا من طرف القراء.
وتمنى سالم -وهو بائع صحف- أن تشمل المبادرة جميع الصحف العربية ولا تقتصر على الجزائرية فقط.
التصدي للتحدي
من جهته اعتبر رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد الرزاق قسوم أن المبادرة هي من "أضعف الإيمان"، وأضاف للجزيرة نت أنه يجب على الأمة الإسلامية جميعها أن تتجند لرد التحدي بالتصدي.
وتابع "هم يقابلون الإحسان بالإساءة، فبعد أن نددنا -شعوبا وأنظمة- بالاعتداء على الصحيفة عادوا إلى ضلالهم القديم وأساؤوا لنبينا ولمقدساتنا مجددا".
ودعا قسوم كل وسائل الإعلام والأحزاب والشخصيات والمثقفين إلى التوحد خلف نصرة الرسول عليه الصلاة والسلام وجميع الأنبياء.
من جانبه علق الإعلامي مروان الوناس على المبادرة بقوله إن "الرسم مقابل الرسم والصورة مقابل الصورة والفكرة مقابل الفكرة، وليست الفكرة مقابل الرصاص أو الصورة مقابل القتل".
واعتبر أن ما قامت به "الشروق" لفتة أصيلة وخطوة حضارية تستحق التعميم والتكرار وبلغات العالم الأخرى خاصة الفرنسية والإنجليزية، قائلا إن بإمكان العرب الدفاع عن قيمهم ومقدساتهم بالتي هي أحسن.
ودعا الوناس بقية الصحف الجزائرية -وخاصة الناطقة بالفرنسية- إلى التصدي للإساءة إلى الإسلام بتقديم صورته الناصعة.
وفي تقديره، فإن مثل هذه الهجمات يمكن أن "تستغل لفائدة المسلمين شريطة الابتعاد عن الغلو والعنف والإرهاب الذي "يسيء إلى النبي والدين والقيم الإسلامية".
ودعا الوناس وسائل الإعلام العربية ورأس المال العربي -خاصة في الغرب- لتحويل حملات الإساءة المتكررة إلى فرصة سانحة لإيصال صورة الإسلام السمحة عبر طبع الملايين من الصحف.
وطالب بشراء مساحات إعلانية في القنوات والمجلات ومختلف المواقع الإلكترونية للتعريف بالنبي الكريم وتقديم الصورة الحقيقية للإسلام.