علي المقبلي من جدة
"كان دقيقا محبا للانضباط وكثيرا ما كان يحث من حوله عليه"، هذه الكلمات هي البداية في حديث محمد بن دقاس الموظف السابق للاتصالات الخاصة بقصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حكى من خلالها مواقف إنسانية معبرة عاصرها مع الملك سلمان طوال الـ 14 عاما التي قضاها برفقته داخل البلاد وخارجها، كمسؤول عن الاتصالات الهاتفية والبرقيات العاجلة.
يقول بن دقاس عندما كان حاكما للرياض كان يباشر معاملات المواطنين بنفسه، وذات مرة كنا خارج البلاد طلب الاتصال على مسؤول في الإمارة للاستفسار عن معاملة مواطن، وعندما طلبنا ذلك المسؤول وجدناه قد غادر فقال لي: باقي نصف ساعة على انتهاء وقت العمل أخبروه أن يعود للمكتب وينهي معاملة المواطن.
ويضيف ابن دقاس: كان الملك سلمان في رحلة إلى أمريكا، وكنت مسؤول المكالمات في ذلك اليوم، وطلب مني في الصباح معرفة المتصلين وإبلاغه، وأكد علي أن أعيد الاتصال بهم وأن أخبرهم بفارق التوقيت وقال لي نصا: "أنت بشر ومن حقك أن تنام".
ويشير إلى أن الملك سلمان إذا أعطى موعدا لأحد فإنه يلتزم به ولا يحول بين الملك وذلك الموعد أي شيء حتى في الحالات الطارئة وذلك نادرا ما يحدث. وتابع ابن دقاس: أنه أثناء حرب الخليج كان هناك خط ساخن للملك يتابع الأحداث، وكان الراحل الملك فهد دائم الاتصال به، وأتذكر في ذلك الوقت وكنت في الفترة المسائية انطلقت صفارات الإنذار وسقطت صواريخ سكود على الرياض صعد في وقتها إلى سطح الإمارة لمعرفة اتجاه الصاروخ وكان يتم إبلاغه بخطورة صعوده ويرد عليهم بأن الأمر بيد الله.
ويضيف، أن هناك موظفا للبريد في القصر حدث لعائلته حادث مروري فقد فيه زوجته وثلاثة من أبنائه وكان راتبه ضعيفا فأمر بزيادة راتبه واشترى له منزلا وزوّجه وقال له: "اعتبرني أنا والدك". ويتابع ابن دقاس، أكثر ما يغضب الملك سلمان الخطأ في حق المواطنين، وكان يوجد مستشار في الإمارة معروف عنه عدم اهتمامه بمعاملة المواطنين بالشكل المطلوب، بحث عنه الساعة الثامنة صباحا في مكتبه ولم يجده فغضب وعنفه لتقصيره في إنجاز معاملة المواطن وتأخيره عن عمله.
ويضيف، أنه من الأمور التي عايشتها مع الملك سلمان أنه عندما يعود من خارج المملكة في ساعات متأخرة من الليل يلزم نفسه عند الساعة السابعة والنصف الذهاب إلى الإمارة، وكان لديه جلستان الجلسة الأولى الساعة الثامنة صباحا والثانية بعد صلاة الظهر للمواطنين، وعلى المستوى الشخصي له عديد من المواقف معي ومع من عمل معه ومنها أصبت في إحدى الرحلات بوعكة صحية في لندن وأجريت لي عملية قسطرة وكان يوميا يتابع مع الأطباء حتى غادرت المستشفى، فهو ذو قلب رحيم محب لمن حوله