دعت كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر، اليوم الجمعة، إلى تشكيل حكومة كفاءات تسهم في معالجة التوترات الاجتماعية الراهنة في البلاد وتجاوز تداعيات الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها الجزائر.
وقال رئيس حركة "مجتمع السلم" (حمس/ الإخوان المسلمون في الجزائر)، عبد الرزاق مقري، خلال مؤتمر سياسي، إن الحل السياسي المتبقي أمام السلطة هو تشكيل حكومة كفاءات تعمل وفق رؤية اقتصادية بالتوافق لمعالجة التوترات الاجتماعية في البلاد. وأعلن مقري عن إطلاق مشاورات سياسية جديدة، تهدف الى طرح هذه الرؤية السياسية.
وقال: "سننطلق في سلسلة جديدة من المشاورات باسم الحركة مع كل الأطراف، بهدف الوصول إلى إطلاق خطوات جادة في الانتقال الديمقراطي، وانتخابات حرة ونزيهة تسيّرها لجنة وطنية مستقلة".
وأكد مقري أن هذه الانتخابات تنتهي إلى "تشكيل حكومة كفاءات تعمل بالتوافق السياسي، ووفق رؤية اقتصادية متوافقة، تسهم في معالجة المشكلات الاجتماعية".
وأكد رئيس "حمس" أن الحركة لن تشارك في أي حكومة ما لم تكن من مخرجات انتخابات نزيهة، وقال إنه "لا رجعة للحكومة بأي حال من الأحوال وبأي صفة من الصفات ومهما كانت التآمرات والضغوطات إلا أن تكون انتخابات حرة ونزيهة".
وأكد مقري تمسك "حمس" بخيار المعارضة الذي تتبناه الحركة منذ يونيو/ حزيران 2012، وقال: "اختيارنا نهج المعارضة هو سلوك وطني، اختاره مناضلونا في المؤتمر بعد أن بان لهم أن النهج السابق استنفد أغراضه". وأشار إلى أن مغادرة الحكومة لا صلة لها بحسابات الربيع العربي. وكانت الحركة تشارك في الحكومة منذ عام 1994، لكنها أعلنت في يونيو 2012، عدم المشاركة في الحكومة التي شكلها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر مايو/ أيار من العام نفسه.
"
مقري: المعارضة السياسية في الجزائر نجحت في تطبيع علاقاتها وتجاوز صراعاتها الأيديولوجية
"
ورأى مقري أن المعارضة السياسية في الجزائر نجحت في تطبيع علاقاتها وتجاوز صراعاتها الأيديولوجية، والتوجه إلى التفكير والتخطيط المشترك، ووضع ترتيبات للمرحلة المقبلة، موضحاً "أننا نعمل مع المعارضة، فإذا ما لاحت فرصة التوافق مع النظام، نكون جاهزين، وإن استبدّ النظام السياسي برأيه وحمّل البلاد مزيداً من الوقت المهدور، والموارد الضائعة فأوصلنا إلى ما لا تحمد عقباه، نكون جميعاً جاهزين".
وطرح مقري محاذير حادة وسيناريوهات مخيفة بسبب حالة الفراغ المؤسساتي، وقال: "أسوأ ما حدث في عهد الرئيس بوتفليقة هو كسر المؤسسات، ولو وقعنا في أزمة كبيرة، سيتجه جميعنا بلا شك للاستنجاد بالمؤسسة العسكرية وحدها من دون غيرها، مع ما في ذلك من مخاطر حينما يُعطى الأمر لغير أهل الاختصاص، وتصوروا لو لم يقدر الجيش على ضبط الأمور". وكان مقري يشير إلى حالات سابقة تدخلت فيها المؤسسة العسكرية في الشان السياسي، كما حدث في يناير/ كانون الثاني 1992، عندما بدأت بوادر انزلاق البلاد إلى دوامة العنف، ما حدا بالجيش الى التدخل لوقف المسار الانتخابي، وهذا التدخل أدى في الوقت نفسه الى انزلاق البلاد الى دوامة العنف التي خلّفت مقتل ما بين 120 ألفاً إلى 200 ألف قتيل، بحسب أرقام متضاربة.
ويتهم "إخوان الجزائر" بوتفليقة بـ"الاستبداد السياسي"، ويعتقدون أن ما آلت إليه البلاد من أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية هو "نتيجة حتمية للاستبداد والفساد في الجزائر"