تطورت الأحداث بشكل سريع في اليمن منذ اندلاع الثورة اليمنية والإطاحة بالرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، فقد انقلب الحوثيون علي الرئيس عبد ربه منصور هادي وسيطروا علي مفاصل الدولة، وأصبحت صنعاء منذ ذلك الحين مقسمة بين جبهتين، الجبهة الأولي ممثلة في المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، والجبهة الثانية ممثلة في القوات الموالية للرئيس منصور، وعدد من الدول الخليجية وعلي رأسها المملكة العربية السعودية ودول عربية وإقليمية إعلنت التدخل عسكرياً للقضاء علي الحوثيين.
وزادت حدة الاشتباكات في الفترة الأخيرة بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة اليمنية المدعومة بالتحالف العربي، أسفرت عن تعزيز القوات الحكومية سيطرتها على عدن، بعد أن استعادت القصر الرئاسي وأعادت فتح مطار ثاني مدن اليمن، لتسجل أول انتصار في مواجهة المتمردين منذ بدء الحرب، فضلا عن التقدم نحو تحرير مدن أخرى مثل زنجبار وصعدة وتعز وأب.
ورغم الانجاز الذي حققته القوات الموالية للحكومة اليمنية واستعادة السيطرة علي مطار عدن الذي كان تحت سيطرة المتمردين الحوثيين، هناك العديد من التساؤلات تطرح بشأن مدي قدرة التحالف العربي علي القضاء علي المتمردين، وتداعيات التدخل المصري برياً في اليمن.
التحالف العربي والحوثيين
شاركت دول التحالف العربي بأكثر من 100 طائرة مقاتلة و150 ألف مقاتل ووحدات بحرية لمواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، كما استهدفت عملية عاصفة الحزم عده مواقع تابعة للمتمردين، كمخازن ومقرات بصعدة، ومنزل عبد الملك الحوثي بصعدة، ومنزل علي عبد الله صالح بصنعاء وغيرها.
ولاشك أن قوة الحوثيين في اليمن ليست بالامر الهين خاصةً في ظل الدعم الإيراني للمتمرديين، وعدم إمكانية حشد تحالف دولي للتدخل فى اليمن في ظل فشل التحالف في محاربة تنظيم داعش، والتقارب الأمريكي الإيراني في الفترة الأخيرة بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني والذي يقضي برفع العقوبات عن طهران مقابل تعليقها تخصيب اليورانيوم بنسبة الـ 20% لمدة 6 أشهر.
فأصبحت دول التحالف العربي وعلي رأسهم مصر والسعودية بمفردهم في مواجهة الحوثيين وإيران القوة الداعمة لهم، ولا يتوقع في الوقت الراهن وجود اي دعم دولي أو تدخل دولي في اليمن، ليس من أجل الاتفاق النووي الإيراني فحسب ولكن لأن داعش أصبحت تحظي باهتمام بالغ من قبل المجتمع دولي عن أي تنظيم أو جماعة أخري علاوة علي اعتقاد الولايات المتحدة أن طهران الحليف المناسب والأقوي في حربها ضد تنظيم داعش، لذلك ستحسم المنافسة القادمة بين العرب وإيران علي اليمن.
فإيران تريد تكملة الحلقة الشيعية حولها بدءً من سوريا ولبنان والعراق ونهايةً باليمن، والعرب يريدون احباط مخطط طهران ومنع تمدد النفوذ الشيعي في المنطقة حفاظاً على آمن المنطقة.
مصر واليمن
وفى ظل التطورات الأخيرة على الساحة ومنها الانتصارات التى حققتها المقاومة اليمنية ضد الحوثيين ، وما تردد عن خطة أمريكية روسية للإبقاء على الرئيس السورى بشار الأسد كخيار أفضل فى ظل تنامى قوى متشددة بسوريا ، وبعد الاتفاق النووى مع ايران وما يحدث داخل تركيا ، برز الدور المصرى خلال الأيام القليلة الماضية ، حيث أعلنت مصر بشكل صريح عن مشاركة قوات مصرية فى تدريب وتأهيل الجيش اليمنى التابع للرئيس الشرعى عبد ربه منصور هادى ، وهو تحرك جيد فى توقيت ممتاز ، كما أشارت تقارير غربية إلى أن مصر هى القوة الأقليمية القادرة على التصدى للمد الشيعى فى اليمن.
ودارت العديد من التكهنات والشكوك في الفترة الأخيرة بشأن تدخل مصر برياً في اليمن لمحاربة الحوثيين، خاصةً بعدما أعلنت وزارة الدفاع اليمنية أن هناك جنودًا مصريين ضمن قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية ضد المتمردين الحوثيين، وهو مانفه مسؤل رفيع المستوي في الجيش المصري، مؤكداً أن مصر لن تتدخل برياً في اليمن بل هي تحارب جنباً إلي جنب مع القوات السعودية جوياً.
ورغم اختلاف الوضع الراهن عن حقبة عبد الناصر وما سببه التدخل المصري في اليمن في العديد من السلبيات التي أثرت على مصر بشكل كبيراً وانهكت الجيش المصري ما أسفر عن هزيمة 1967، فالوضع الحالي يتميز بتأييد عربي واسع للتدخل في اليمن فمصر ليست الدولة الوحيدة المشاركة في حرب اليمن بل هناك العديد من الدول العربية بجوارها، وهذا علي عكس ما حدث عام 1962 فكان التدخل المصري في اليمن مرفوضاً من عدة دول عربية.