لا بد أنك سمعت الكثير من الرسائل المختلفة عن تناول البيض، فمن قائل إنه قنبلة موقوتة من الكوليسترول لا تلبث أن تنفجر في شرايينك، إلى من يعتبره إكسير الصحة الذي يبني الجسم ويعطيه القوة وحتى قد يخفض الوزن بدليل انتشار العديد من الحميات الرائجة المرتكزة على تناول البيض.
ولا بد أن جزءا كبيرا من الجدل القائم يعود إلى أخذ جزئية معينة من المواصفات الغذائية للبيض وتعميمها، فأنصار تناوله يركزون على احتوائه على كمية كبيرة من البروتينات مما يجعله مثاليا للنمو وبناء العضلات واكتساب القوة، أما معارضوه فيركزن على حقيقة احتواء البيضة الواحدة ما يقارب مائتي مليغرام من الكوليسترول لينطلقوا إلى حرب ضروس يشنونها عليه ويلقون فيها البيض على وجوه أنصاره.
وخلال السنوات الماضية ظهر العديد من الحميات والكتب التي شجعت على تناول البيض، وهي عادة كانت حميات منخفضة الكربوهيدرات، إذ تتكون فيها وجبة الفطور من بيضتين مسلوقتين، وكذلك العشاء، وهذا يعني أن متبعيها قد ينتهون بتناول أكثر من عشرين بيضة في الأسبوع.
وهذه الأنظمة وإن كان متبعوها يخسرون بعض الوزن في البداية إلا أنها تشكل "كوارث" على الصعيد الغذائي، خاصة أنها لا تشجع على أنماط غذائية صحية وتهمل الخضار والفواكه، وبالتالي حتى لو انخفض وزن الشخص فإنه عادة ما يسترجعه حال توقفه عن النظام الغذائي.
شعبية لدى الرياضيين
نال البيض شعبية بين مرتادي النوادي الرياضية، وقد لعب التلفزيون دورا في ذلك عبر تصويره الأبطال الرياضيين وهم يكسرون أربع بيضات نيئات في كوب ويشربونها صرفا أو مع العصير. وبغض النظر عن الطعم المزعج لهذه الطريقة في تناول البيض -أنت تعلم تماما ما أعني- فإنها قد تعرض الشخص لمخاطر المرض والإصابة بالتسمم الغذائي الناجم عن عدم طهو البيض.
ونتيجة لاحتواء البيض على كمية مرتفعة من البروتينات فقد يؤدي تناوله لوضع حمل كبير على الكلى، ومع أن صغار السن قد لا يواجهون مشكلة فإن الكبار يجدر بهم أخذ هذ النقطة في عين الاعتبار.
ووفق التوصيات الغذائية يجب ألا يتجاوز مأخوذ الشخص من الكوليسترول يوميا مقدار 300 مليغرام، أما من يعانون من ارتفاع في مستويات الدهنيات في الدم والمعرضون بشكل أكبر لمخاطر أمراض القلب والشرايين فقد يوصون بألا يتجاوز مأخوذهم من الكوليسترول يوميا مائتي مليغرام، أي ما تحتويه منه بيضة واحدة.
وتنبع هذه التوصيات من حقيقة أخرى وهي أن معظم الأغذية الغنية بالكوليسترول تحتوي على كمية كبيرة من الدهون المشبعة أيضا التي ترتبط بمخاطر أمراض القلب، ولذك فإن خفض مأخوذ الكوليسترول يخفض عادة المأخوذ من هذه الدهون أيضا. ولكن البيض استثناء غذائي لهذه القاعدة، فبالرغم من احتواء البيضة الواحدة على مائتي مليغرام من الكوليسترول فإنها تحتوي غراما واحدا فقط من الدهون المشبعة.
نظام غذائي متوازن
وتقول مؤسسة القلب الوطنية في أستراليا إن الشخص بإمكانه تناول حتى ست بيضات أسبوعيا، شرط أن يكون ذلك ضمن نظام غذائي متوازن ومضبوط، ويعني هذا أن يتم تقليل الأغذية الأخرى التي تحتوي على الكوليسترول والدهون مثل اللحوم والزبدة والحلويات، والاعتماد على منتجات الحبوب الكاملة والبقوليات ومنتجات الحليب خالية الدسم.
ومع ذلك فإن طبيبك قد يوصيك بخفض مأخوذك الأسبوعي إلى أربع بيضات أو أقل اعتمادا على وضعك الصحي ومخاطرك المرضية، والتي من أهمها معاناتك من ارتفاع الدهون في الدم أو أمراض القلب أو السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل الكلى.
وبالرغم من هذه المعطيات فربما يتاح لك -وفقا لإرشادات الطبيب- الاستمتاع بالبيض بين حين وآخر، ولكن احرص على مراعاة الآتي:
لا تضف الملح إلى البيض واستعض عنه بالبهارات كالفلفل الأسود، أما بهارات البيض التجارية الموجود في الأسواق فليست مناسبة لأنها قد تحتوي على الملح والصوديوم.
احرص على طهو البيض تماما حتى يجف، ولا تأكل البيض النيئ أو تشربه.
عند قلي البيض استعمل رذاذ الطهو غير اللاصق ولا تستعمل زيت النخيل أو الزبدة أو السمن.
زيت الزيتون خيار جيد لقلي البيض ولكن احرص على عدم حرقه لأن درجة احتراقه منخفضة. كما لا تبالغ في كمية الزيت وإلا تحول اسمه من بيض مقلي إلى البيض "السباح" في الزيت الذي عليك إنقاذه من الغرق.