الرئيسية - تقارير - علماء وأكاديميون: - التكافل الاجتماعي حق وواجب ومسؤولية جماعية وفردية ينبغي الاضطلاع بها

علماء وأكاديميون: - التكافل الاجتماعي حق وواجب ومسؤولية جماعية وفردية ينبغي الاضطلاع بها

الساعة 07:31 مساءً (هنا عدن -خاص)
التكافل الاجتماعي مسؤولية مجتمعية - د. نبيل النشمي: لا تستقيم الحياة في ظل وجود طبقة فقراء محتاجين وطبقة أغنياء متخمين مالم يكن هناك تكافل اجتماعي. - د. أنور الشرعبي: التكافل الاجتماعي تفرضه حقوق أخوة الدين وتشريعاته ما بين فرض ونافلة. - د. أحمد القاضي: وصل الحال ببعض الناس إلى ترقب ما يرمى في القمامة من أكل ليسدوا رمقهم. التكافل الاجتماعي من القيم الاجتماعية الاسلامية العظيمة التي حث عليها الدين الاسلامي الحنيف لما لها من فضائل جليلة على الفرد والمجتمع. واليوم في ظل الحرب والأزمات المتتابعة وتردي الأوضاع المعيشية للناس وارتفاع موجة الغلاء وانعدام الخدمات وانعدام الدخل المادي... نتحدث عن هذه القيمة الأخلاقية من جوانب أخلاقية واجتماعية وإسلامية. ولماذا حض الإسلام على التكافل الاجتماعي ؟ وما مدى الحاجة إليه اليوم في ظل هذه الأوضاع والظروف ؟ وكيف يمكن تجسيده بين الناس؟ وما دور الأفراد والجمعيات الخيرية في ذلك . استطلاع / قائد الحسام التكافل مسؤولية فردية وجماعية: بداية تحدث الدكتور/ نبيل النشمي - جامعة إب - حيث أوضح أن هناك مسؤولية جماعية في التكافل الاجتماعي، والقرآن الكريم بين أهمية المسؤولية الجماعية في التكافل الاجتماعي في بناء الدولة الإسلامية إذ إن شعور أفراد الأمة الإسلامية بمسئوليتهم جميعاً عن تصرفات الأفراد، وأن كل واحد منهم حامل لتبعات أخيه, ومحمول على أخيه، فيسأل عن نفسه ويسأل عن غيره. وهذا قانون من قوانين الاجتماع الراقي ومن المقومات التي توفر الحياة السعيدة الكريمة للأمة وتوفر لها المناخ الملائم لأداء دورها في الحياة. وفصل في حديثه حيث قال إن القران الكريم أشار إلى شعبتي التكافل الاجتماعي ودعا إلى القيام بهما. وهما: الجانب الأدبي والجانب المادي في التكافل. أما الجانب الأدبي في التكافل فتبرز تكافل المسلمين وتعاونهم على إحقاق الخير وتأييده ونصرته وكسر شوكة الباطل واجتثاث جذوره والقضاء عليه وهو دعامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. وأما الجانب المادي في التكافل، فهو مد يد المعونة في حاجة المحتاج وإغاثة الملهوف وتفريج كربة المكروب وتأمين الخائف وإطعام الجائع، وهذا على مستوى الفرد في الجماعة الإسلامية. مبينا أن القرآن الكريم حث على هذا التعاون المادي واستنهض الهمم فيه، يقول جل جلاله: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ...}. وعلى نطاق الدولة فمسؤولياتها كفالة المجتمع الإسلامي بأسره وتوفير الحاجيات الأساسية من مطعم وملبس ومأكل، وقد جاء ذلك صريحا في سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسنّة خلفائه الراشدين. وعلى الرغم من أن الإنفاق والعطاء معلم بارز في الشخصية المسلمة؛ لأنه يتكرر كثيرًا في القرآن الكريم كله وهو يدعو إلى الإنفاق، ويجعله جزءًا من المتطلبات التي لا تنفك عن المسلم، ويجعل الزكاة -وهي العطاء الواجب- ركنًا من أركان الإسلام، فلا إسلام إلا به. على الرغم من هذا كله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمرن الأمة المسلمة باختبارات عديدة لتعميق هذه القيمة العالية، قيمة الإنفاق والعطاء دون مقابل عاجل حيث جعلها إقراضًا لله يوفيه لصاحبه يوم القيامة. وكان حينما تأتيه أموال الغنائم ينفق يمينًا وشمالا، إنفاق من لا يخشى الفقر، ويرى المسلمون منه هذا السلوك. وكان يعطى للناس، يتألف به قلوبهم، فيجذبهم إلى الإسلام من خلال عطائه، حتى إن أحدهم يكون مبغضًا للإسلام ولرسول الله صلى الله عليه وسلم- قبل العطاء، فما أن يجد السخاء يجري بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تنتفخ كوة من قلبه على الإيمان، فيقبل إقبالا صادقًا ويحسن إسلامه. وأضاف قائلا: لا تستقيم الحياة الاجتماعية مع وجود طبقة من الفقراء والمحتاجين، في الوقت الذي يصاب فيه بعض الأغنياء من التخمة من كثرة الثروة والمال. وقد عالج الإسلام ظاهرة الفقر بأسلوب فريد متجدد وهو أسلوب الزكاة مشيرا إلى دور الجمعيات الخيرية. التكافل على كل قادر وفق قدرته بدوره أشار د. أنور الشرعبي - عضو هيئة علماء اليمن إلى ما قرره الإسلام أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض في كل وقت وحين، ومن هنا كان التكافل بينهم أمر تفرضه حقوق أخوة الدين والدم فكانت تشريعاته في هذا الباب ما بين فرض ونافلة مؤكدة لها أجر عظيم من الله تعالى، قال تعالى {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}. وفي ذات الوقت بين الرسول صلى الله عليه وسلم مسؤولية المجتمع عن كل فرد محتاج فيه فقال : « ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه ». وأضاف د. الشرعبي هنا يتأكد هذا الأمر في وقت الحاجة والفاقة وهو مؤكد على كل قادر بحسب قدرته ابتداء من النية الصالحة والكلمة الطيبة والحث على الإنفاق وبذل الجهد والوقت والمال في مساعدة الآخرين والسعي في حوائج الناس وحتى الإيثار على النفس، وكما هو دور الفرد فهو في حق المؤسسات الخيرية والمنظمات الإنسانية أكثر إلزاما، حيث يكون أثرها أكثر وقعا، وفي ذات الوقت أوصيهم بأن يكون العمل منظما ومنسقا بينهم لتأدية الدور الإنساني المطلوب بالشكل الأفضل، والذي يليق بأمة سيظل فيها الخير إلى قيام الساعة. على الموسرين أن ينظروا بعين العطف إلى المسحوقين: الشيخ د. أحمد القاضي عضو هيئة علماء اليمن – بين أن التكافل الاجتماعي هو مشاركة أفراد المجتمع في المحافظة على المصالح العامة والخاصة، وخاصة الذين ليس باستطاعتهم أن يحققوا حاجاتهم الخاصة، وذلك بإيصال المنافع إليهم ودفع الأضرار عنهـم. وأشار الدكتور أحمد القاضي إلى أن التكافل الاجتماعي في الإسلام ليس معنياً به المسلمون المنتمون إلى الأمة المسلمة فقط بل يشمل كل بني الإنسان على اختلاف مللهم واعتقاداتهم داخل ذلك المجتمع، وبين د. القاضي أن التكافل الاجتماعي في الإسلام يعد غاية أساسية تتسع دائرته حتى تشمل جميع البشر مؤمنهم وكافرهم، ومن أعظم التكافل الاجتماعي التكافل داخل الجماعة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً»، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم حال أفراد المجتمع في تماسكهم وتكافلهم بصورة تمثيلية رائعة حيث قال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . ونظرا لما تمر به بلادنا من أزمة اقتصادية خانقة، فقد دعا د. القاضي الموسرين ومن لديهم مال الله الذي اؤتمنوا عليه أن ينظروا بعين العطف والرحمة إلى المسحوقين الذين يلتحفون السماء ويفترشون الأرض، بل وصل بعض الناس إلى ترقب ما يرمى في القمامة ليسدوا به رمقهم، فيأتي التكافل الاجتماعي في كفالة الفقراء والمساكين، والمهجرين من مناطقهم، الذين كانوا يوما ما من المنفقين والمتصدقين واليوم من المستحقين والمعوزين، فتذكر نعمة الله على الفرد توجب النظر في حال من ابتلوا. وعليه المبادرة وتقديم ما يستطيع لإخوانه الذين فقدوا البيت والمتاع والأمن وأصبحوا مشردين لا يلوون على شيء. فالمسلمون متآلفون متعاونون, يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم . نخلص إلى ضرورة تجسيد روح التكافل الاجتماعي الذي حض عليه الاسلام في الكتاب والسنة وأفرد نصوصا متعددة في ذلك بل منظومة متكاملة لمعالجة الفقر والحاجة لا سيما في مثل هذه الظروف التي ألجأت بعض الناس كما يقول الدكتور أحمد القاضي وهو واقع مشاهد إلى ترقب ما يرمى في القمامة وسد الرمق به وإلى تشجيع العمل الخيري الاجتماعي ودعم الجمعيات الخيرية التي أثبتت نجاحا في الميدان.