�تابعات: عبد الرحمن الجلبين تحدث فضيلة الشيخ عبدالله بن غالب الحميري عضو هيئة علماء اليمن، نائب رئيس حزب السلم والتنمية مساء الخميس في برنامج مع علماء اليمن الذي يقدمه الزميل خالد عليان، عن التعاون على البر والتقوى، وقال: إن البر اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه، ويدخل في البر كل أصناف الإحسان، ومعناه السعة والطاعة والفضل، وهو كل ما يصل إلى الناس من خير وإحسان، وهذه دعوة للبشرية للتعاون في مصلحة الدنيا والدين، وهو ما تقام به العمران وما يحصل به الوئام والتآخي بين البشر جميعا، والأصل بين البشر ليس التعارض والقتال وإنما التعارف والتراحم، والأخوة التي جعلها الله لبني الإنسان، ولولا التعاون بين الناس لما تقدمت البلدان وارتقت الحضارات. وأشار إلى أن من قواعد الشريعة أن الفعل مقدم على الترك، والتقوى تعني الكف عن المعاصي والتقوى أيضا فعل المأمور وترك المحظور والصبر على الأمر المقدور، وذُكِرت مع البر فيما يتعلق في الخير والإحسان وفعله للأمة، والبر هو فيما يتعلق به سعادة الدنيا، والتقوى تتعلق بها سعادة الآخرة، وكلاهما متلازمان ولا يتم العمل للآخرة إلا بعمل الإحسان والبر في الدنيا، ولا يتأتى عمل البر والإحسان إلا إذا كان هناك عمل للآخرة، وهناك ارتباط بالعمل في الدنيا مع تعلق النية للعمل للآخرة وهو العمل لله وابتغاء مرضاته. وأضاف: أن الله تعالى أمر بالإحسان لعموم خلقه، والله تعالى قال {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، ثم استثنى من هذا الخسران أربعة: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، فعمل الصالحات هنا لا يقتصر على أركان الاسلام كالصيام والصلاة والزكاة فقط، وإنما يشمل الإحسان والعفو ونصرة المظلوم وإرساء قواعد الفضيلة ومحاربة الرذيلة .. إلخ، وغاية الكمال أن يكون الإنسان كاملاً في نفسه ساعيا لتكميل غيره. وأكد أن البر والإحسان لا يقتصر على من يتوافق في المعتقد، بل يصل إلى من يخالف في المعتقد، ما لم يكن في حالة حرب، ولهذا لم ينهَ الله عن الإحسان إلى الآباء حتى وإن كانوا غير مسلمين ولا عن غيرهم من الجار وعابر السبيل، وكل أعمال الخير تشمل المؤمن والكافر وعموم الناس وحتى الحيوانات، والشريعة دعت إلى منظومة الحقوق والحريات التي لا يستقيم العدل والبر والقسط الا بها، وهذه من لب وأساسيات الشريعة. والرسول صلى عليه وسلم يقول: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" [البخاري (5665)، ومسلم (2586)]... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربةً، فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم. ومن حق المسلم على المسلم أن ينصره ولا يخذله ولا يسلمه لعدوه، وهذه من أصول الولاء، وأصول الولاء يتعلق به النصرة والنصيحة والمحبة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا " ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ نُصْرَتُهُ مَظْلُومًا ، فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا ؟ ، قَالَ : " تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ ، فَذَلِكَ نُصْرَتُكَ إِيَّاهُ ". وتابع القول: نصرة المظلوم حتى يسترد حقه، ونصرة الظالم بردعه إلى أن يكف عن ظلمه، والنصرة تكون بالمال والنفس، وتكون بالقول وهو تبني قضايا المسلمين، والنصر بالقلم أن تكتب عن هذه القضايا وتوضيحها والدفاع عن الحق ونصرته، ويجب أن تسال الأقلام في نصرة الحق ونصرة المستضعفين في الأرض، والإعلامي لا يقل دوره عن دور المقاتل ولا دور العالم والخطيب ولا عن دور الباذل والمنفق والكل مطالب بهذا. وفي الحديث جاهدوا المشركين بألسنتكم، وأيضا يستطيع أن يقف المسلم مع إخوانه بالدعاء وهو من سهام الغيب، ويستطيع أن يبلغ به، وألا يبلغ بغيره، وأن يكون مع إخوانه في السراء والضراء وفي الشدة والرخاء، أما أن يكون المسلم شارد البال لا يلتفت إلى إخوانه، فهذه أنانية حرمها الإسلام، وهي من صفات الجاهلية، ولو كانت خصال الجنة محصورة بالقوة لما دخل الجنة سوى الأقوياء، ولو كانت محصورة بالمال لما دخلها غير الأغنياء. وتحدث عن ما قامت به المملكة من نصرة إخوانهم في اليمن وما ينوون به من نصرة إخوانهم في سوريا أو رفع راية المستضعفين أينما وجدوا، وهذا من لب وصميم الآية التي تقول ((وتعاونوا على البر والتقوى)) وكل ما أمر به الله ورسوله هو من البر والتقوى وكل ما نهى الله عنه هو من التقوى ولا يوجد في الإسلام شيء اسمه "دول عدم الانحياز" أو شيء اسمه "عدم التدخل في شأن الغير"، وإذا استغاثت امرأة أو رجل يجب أن ينصروه، ولهذا ما قام به أشقاؤنا هو من التعاون على البر، والحوثيون لم يسلم منهم إخوانهم اليمنون أبناء جلدتهم، ورأينا الغزو الصفوي الذي كاد يلتهم اليمن ويحولها الى مشروع شيعي معادي للمنطقة كلها، والحوثيون أتّون حرب، ورسالة موت بعثوا بها، وما قام به إخواننا السعوديون هو من النصرة والتعاون على البر والتقوى. وأضاف أن كل ما يتناقض مع قواعد الاسلام العامة التي تدعو إلى الإخاء والتسامح والمحبة والوئام تدخل في عموم الإثم، والرسول يقول: لا تنازعوا ولا تباغضوا ولا تدابروا...والجمود على الأقوال والأفعال التي لم يشرعها الله، وإنما قول لفكر وليست مشروعة في الدين والدعوة اليها والجمود عليها وقسر الناس عليها هو دعوة إلى الإثم وتأثيم الناس، وفعل هذه الأفعال المخالفة هو دفع الناس إلى التأثيم، والاسلام نهى عن فعل فعل مشروع لكن من شأنه أن يحمل الغير على الضيق والحرج، ولا يجوز إرغام الناس على التطويل في الصلاة، فما بالكم بإرغامهم على المنكر والقتال واستباحة أموال الناس ودفعهم الى الكُره. وأشار إلى أن معنى العدوان هو التعدي على الغير، حتى العدوان على النفس يعتبر عدوانا، وإن لم يكن تعديا على الغير، وهو محرم، والتعدي على الأبناء وهم جزء من الأسرة ولك حق التعليم والإنفاق عليهم، ولكن لا يجوز لك التعدي عليهم، وكذلك في المال أيضا لا ينبغي أن تستخدمه أو تتعدى عليه في الإسراف أو غيره، ويشمل التعدي على الغير إما في دمه أو ماله أو عرضه أو حتى ظن السوء بالمؤمن يعتبر تعديا وعدوانا، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وهؤلاء لم يسلم المسلمون من لسانهم وأيديهم، حتى وإن ظهروا تحت لافتات الجهاد والدعوة ونصرة الأمة. وفي ختام حديثه تحدث عن الحوثيين، وقال: إنها فئة ليس للإسلام والقرآن معنى في حياتها، وهي من الفئات الباغية، وفي التوصيف القانوني هي عصابات متمردة، وفي التوصيف الشرعي عصابات باغية مستطيلة معتدية عدوانية لا تقيم للشرع وزنا، ولا تحكمه في نفسها ولا تحتكم إليه في أفعالها، ولهذا هؤلاء يجب على المسلمين ودولهم وأنظمتهم وحكوماتهم أن يقفوا في وجوههم، وإن لم يفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، وهم يدخلون في دائرة الصائلين المعتدين المجرمين المحاربين البغاة الذين لهم أحكام معروفة في الإسلام.