لهذا السبب لم تقاتل قبيلة حاشد!
2016/04/03
الساعة 03:38 صباحاً
(هنا عدن -متابعات)
نشر في :
خاص التقرير
حاورت صحيفة التقرير الكاتب والباحث اليمني نبيل البكيري، عن دور قبيلة حاشد في صنعاء وعمران، وبعض التساؤلات حول الشأن اليمني في الذكرى الأولى لانطلاق العمليات العسكرية ضد الانقلاب على الشرعية.
في البداية، ماذا تحقق حتى الآن من الأهداف السياسية والعسكرية من الحملة بعد عام من انطلاقها؟
حول ما الذي تحقق بعد عام من عاصفة الحزم، باعتقادي تحقق الكثير عسكريا وسياسيا، فبعد عام كامل من الحرب، استعاد التحالف والمقاومة الشعبية والجيش الوطني الكثير من المناطق وفي مقدمتها مدينة عدن التي أعلنت قبيل الحرب كعاصمة مؤقتة لليمن، واستعيدت محافظتي مأرب والجوف، وأجزاء من محافظة تعز التي لا تزال مدينتها محاصرة بعد فك جزئي للحصار من قبل المقاومة الشعبية منتصف مارس الماضي.
لكن التقييم الموضوعي لما تحقق عسكرياً حتى الآن، لا يتوازى ذلك مع حجم الإمكانيات الكبيرة التي لدى التحالف والتي استطاع بها أن يشل قدرات الانقلابين خلال الأشهر الأولى للحرب، وخاصة ما تعلق بالقوات الجوية وتحييدها تماماً في المعركة، طيران أو صواريخ باليستية، عدا عن أن هذه الإنجازات الكبيرة عسكريا لم تكن وقفا لاستراتيجية عسكرية واضحة المعالم لذا لم تحقق أهدافها كاملة وفي وقت زمني قياسي وبأقل التكاليف عدا عن أنها لم تحل الإشكال القائم فيما يتعلق بالفراغ الأمني الكبير الذي حصل في المناطق المحررة، وهذا يعود بدرجة رئيسية إلى غياب الرؤية الاستراتيجية وتشوشها لدى التحالف.
سياسيا، باعتقادي أيضاً كان هناك نجاح كبير للتحالف من خلال استصدار القرار الدولي الشهير 2216 وهذا الذي على ضوئه تحدد موقف الأطراف الدولية والإقليمية من الانقلاب، الذي بقى محاصر سياسياً ودبلوماسيا إلى حد كبير ولم يلقى أي اعتراف به حتى الآن، لكن تبقى الإشكالية الكبيرة والخطيرة فيما يتعلق بغياب رؤية التحالف حيال المشهد السياسي الداخلي في اليمن حيث لم يسعى التحالف إلى إيجاد شريك فاعل له في المشهد السياسي الداخلي وبقى يتعامل بحذر وارتباك مع شركاءه في المعركة وعدم ثقه كافية تنبع من حرص الجميع على المصير المشترك للطرفين في هذا المعركة الوجودية لتي سيتحدد عليها ليس فقط مصير اليمن وإنما مصير كل ممالك الخليج والمنطقة العربية برمتها، فهي لحظة فارقة تتطلب اشتغال استراتيجي داخلي كبير في صياغة جبهة داخلية موحدة تضم كل معارضي المشروع الإيراني لمواجهة تحديات المنطقة الكبيرة والوجودية.
حزب الإصلاح، أستاذ نبيل، أين هو في معادلة الحرب الدائرة على الأرض، وما هي الجوانب التي برزت فيها نقاط قوة الحزب، وكذلك ما هي الجوانب التي أخفق فيها؟
بالنسبة لحزب الإصلاح، وموقعه في معادلة اللحظة السياسية اليمنية الراهنة، فاعتقد أن حزب الإصلاح من أهم وأكبر الأحزاب اليمنية، و يتمتع بحضور جماهيري كبير في كل قطاعات المجتمع اليمني وخاصة الطبقة الوسطى المتعلمة، كأساتذة وأطباء ومهندسين وطلاب وغيرهم، موقعه الآن لا شك أنه أصيب بحالة من الارتباك بعد سقوط العاصمة وتسلمها من قبل مليشيات الحوثي وصالح.
ولا شك أن وضع كهذا أفقدت الإصلاح القدرة في التعاطي مع وضع الحرب وتعقيداته باستثناء قرار تأييد عاصفة الحزم، أما على مستوى الحرب والتعاطي معه، فقد كان لكل منطقة قرارها الخاص، حسب الخطر الذي يحيط بها، ففي مناطق الموجهات اضطر الإصلاحيون كأفراد أن يكونوا ضمن صفوف المقاومة كأفراد أو كقادة، وفي بعض المناطق اضطروا للرضوخ وخاصة حينما رأوا أن المواجهة في المناطقة الأخرى كانت بمثابة خدعة كبيرة، تركوا فيها الشباب دون دعم أو إسناد من أحد لا التحالف أو الحكومة الشرعية أو غيرها وإنما بإمكانياتهم الشخصية والمتواضعة أمام قوة جيش منظم وعالي التسليح، كما حصل في تعز والبيضاء تحديداً.
لكن يبقى شباب الإصلاح كأفراد وليسوا كتنظيم هم العمود الفقري للمقاومة باعتبار أنهم المستهدفون الرئيسيون من قبل قوى الانقلاب التي ترى فيهم عائق كبير أمام مشروعها الطائفي، و بتالي تتخذهم هدفاً رئيسياً لها إما بالقتل أو التصفية أو السجون أو تدمير مساجدهم ومنازلهم و عقاراتهم، وهو ما اضطرهم أن يكونوا في مقدمة صفوف المقاومة.
جوانب قوة الحزب، أنه لا زال متماسك تنظيمياً وأنه رغم الضربة الكبيرة التي منى بها بفعل الخيانة التي تعرض لها، وبموجبها سقطت اليمن كلها، في يد أدوات المشروع الإيراني، التي أوهمت الأخوة في الخليج أنها فقط ستقضي على الإصلاح وبعدها ستعود أدراجها إلى صعدة، لكن من عامل ضعف الإصلاح أيضاً أنه، لم يستطع حتى اللحظة أن يفتح نقاش وتفاهمات مباشرة مع بعض الأطراف في التحالف العربي والتي ما زالت مدفوعة باستراتيجية الثورة المضادة فيما يتعلق بالإسلاميين وموقفهم من ثورات الربيع العربي، باعتقادي الإصلاح كحزب والخليجيين كنظم سياسية يجب أن يفتحوا مجالا للنقاش المتبادل وتبديد المخاوف التي يتغذى منها ويتمدد المشروع الإيراني في المنطقة من العراق إلى سوريا واليوم في اليمن والحبل على الجرار إذا استمرى التعاطي مع هذه القضايا المصيرية بشيء من الاسترخاء والمناكفات السياسية غير محسوبة العواقب.
بعد اقتراب دائرة القوات البرية التابعة للشرعية، الكل يتساءل أستاذ نبيل عن دور قبيلة حاشد في صنعاء وعمران، ونود من حضرتكم تقديم تصور كامل وشامل عن العوامل التي حالت دون المشاركة المسلحة المباشرة من قبل قبيلة حاشد؟
بالنسبة لقبيلة حاشد وموقعها من الخارطة القتالية في اليمن، أعتقد أنه في ضوء ما جرى في اليمن بعد ثورة 11 فبراير وبعد الانقلاب ا لذي تم فنحن بحاجة لإعادة تقييم دور القبيلة ككل وليس فقط قبيلة حاشد، فلم تعد القبيلة تلك الكتلة التنظيمية من المقاتلين الذين يأتمرون بأمر الشيخ، وحده، فقد طرأت تحولات كبيرة على نسق التفكير القبلي، وأصبحت القبائل أكثر برجماتيةً في الحرب من غيرها .
باختصار حاشد كغيرها من القبائل اليمنية التي تقاتل من أجل مصالحها وأفرادها ومشايخها بدرجة رئيسية، ولم يعد لأي قبيلة وحدتها القبيلة لأفرادها فقد أنقسمت القبيلة بين الإنقلاب و بين الشرعية، وبين الثورة والثورة المضادة، و بتالي لم يعد للتركيبة القبيلة وفق نسقها القديم أي معنى اليوم، أو تأثير، فقد تبدلت الولاءات و تحولت، ورأينا كيف تركت حاشد أبنها اللواء حميد القشيبي لقمة سائغة للمليشيات الطائفية، وهو الذي كان يقاتل تحت لواء الجيش والمؤسسة العسكرية وليس تحت اسم قبيلة حاشد التي كان يتوهم الناس أنها أكثر قوة مما رأوا وشاهدوا.
يتضح للجميع أن المجتمع الدولي يتجه نحو تكريس المحاصصة الطائفية في اليمن وفرض التقسيم الطائفي على المجتمع اليمني الذي لم يعرف الطائفية في السابق، ما تأثير ذلك على المشهد السياسي في الداخل وعلى النسيج الاجتماعي اليمني؟
باعتقادي أي توجه نحو طأفنة المشهد السياسي اليمني وطأفنة اليمن على نموذج طائف لبنان، فاعتقد أن هذا سيكون بمثابة بداية النهاية للمنطقة العربية كلها،ـ وخاصة المنطقة الخليجية التي تمتاز بنوع مذهبي طائفي كبير، ومضطرب بحملات صراعية ساخنة، تتأثر وتؤثر بالمشهد العربي من حولها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
أخطر ما في مسألة تمكين الأقليات على حساب إيجاد نظام سياسي تعددي ديمقراطي، أن هذا يؤدي إلى تفكيك المنطقة طائفياً تحت ستار حقوق الأقليات التي لا تحترم حقوق الأكثرية، هذا النموذج الذي تنبه له جيدا عراب المرحلة الثانية من سأيكس بيكو وهو المستشرق البريطاني برنار لويس، في حديث عن فيسيفسا الخارطة الدينية و المذهبية للشرق الأوسط، والتي يمكن التعاطي معها وفقاً لهذا المزاج، وهو الشروع الذي ربما اليوم يتم طبخه على نار هادئة، وخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني .
هل ما زال اليمن مهددا بالانفصال بين الشمال والجنوب؟
ثنائية الوحدة أو الإنفصال، ثنائية عبثية في وضع كهذا تمر به اليمن والمنطقة العربية كلها من تمزيق ممنهج ، بمعنى أخر، باعتقادي في ضوء التطورات الكبيرة التي حدثت في اليمن، وخاصة فيما يتعلق بالنظر إلى التطورات على الأرض، والمتمثلة بالمستويات القيادية العليا للدولة في اليمن، والتي تنتمي جلها منذ ثورة 2011م، إلى المناطق الجنوبية، من رئيس الجمهورية ونائبه رئيس الوزراء، و معظم القادة الكبار بالدولة، و ما أفرزته أيضاً الحرب الأخيرة من واقع سياسي مختلف، كل هذا يقود إلى وضع سؤال جوهري أمام الجميع، ويتمثل هذا السؤال بهل لا يزال ثمة شيء أسمه قضية جنوبية؟
الجواب، بالتأكيد سيكون بوضوح أنه بعد ثورة فبراير وبعد الحرب الأخيرة فإن القضية الجنوبية تكاد تكون في حكم المنتهى، بالنظر إلى المتغيرات الكبيرة على خارطة المشهد السياسي اليمني، من حيث إن من يقود الدولة اليوم كلهم نخبة جنوبية، يصعب على أحد أن يزايد على جنوبيتهم جميعا.
لكن مع هذا لا تزال بعض المخاوف اليمن تتعاظم بالنظر إلى حجم الاختراقات التي أحدثها المشروع الإيراني طوال السنوات الماضية في صفوف جماعات ما سميت بالحراك الجنوبي وخاصة الجماعات الإنفصالية، والتي تم استقطابها وتدريبها وتمويلها إيرانياً وخاصة فصيل السيد علي سالم البيض وعلي ناصر محمد ومن يدين لهم بالولاء وخاصة فصيل الضالع الأكثر تطرفاً في فصائل الحراك الجنوبي.
والأخطر من هذا كله، أن بعض أطراف التحالف العربي قد يكون لها أهداف تتعارض مع فكرة حدة اليمن من عدمه، وهي الأطراف التي تسعى إلى حد كبير للعب على هذا المنحى الأكثر خطراً ليس على وحدة اليمن واستقلالها كما تؤكد كل الوثائق والتصريحات الدولية في هذه المرحلة وإنما سيترتب عليها تغيير دراماتيكي كبير قد يشمل منطقة الخليج كلها وما اليمن على النموذج الاختباري الأول.
هل ما زال اليمن مهددا من قبل القاعدة، وهل صحيح أن الشافعية اليمينة العريقة ذابت في السلفية بعد انقلاب مليشيا الحوثي؟
مسألة القاعدة في اليمن، من المسائل التي أثير حولها الكثير من الجدل الإعلامي أكبر من حجمها، وتندرج هذه الظاهرة في خانة الملفات الأكثر سخونة إعلامياً على مدى أزيد من عشر سنوات، من الحديث عن الإرهاب وحربه ومكافحته، فيما الأمر لا يعد كونه حرباً إعلامياً كونية من قبل أطراف تستخدم جماعات العنف واحدة من أدواتها وأوراقها التي من خلالها تعيد تموضعها وانتشارها بين فترة وأخرى.
القاعدة باختصار ملف سياسي تنموي في اليمن بامتياز وليس ملف أمني عسكري، لكن بعض الأطراف المعنية بهذا الملف تحبذ أن يستمر التعاطي معه كملف أمني يسهل استخدامه في الزمان والمكان المناسبين من قبل هذا القوى التي تستخدم فزاعة الإرهاب أحد أهم قفازاتها للتدخل والتواجد في هذا المنطقة الحيوية من العالم.
العلاقة بين السلفية والشافعية صحيح ليست سيئة لكنها ليست جيدة في ذات الوقت، بالنظر إلى حالة التشدد السلفي أمام الاعتدال الشافعي، لكن باعتقادي في هذا المرحلة فالجميع في خنق واحد ولا يمكن الفصل بينهما، بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي تمر بها المنطقة العربية في هذه المرحلة وهو ما يتطلب جهوداً مشتركة للعمل وردم الفجوات ورص الصفوف.
والحديث عن أن السلفية تمددت على حساب الشافعية فهذا ليس صحيحاً فكل جمهوره ومتابعه ومريده، لكن تبقى المشكلة في تحويل هذه الجماعات إلى جماعات منغلقة أيدلوجياً، وبتالي تسهيل ضرب بعضها ببعض، وهذا ما لم يحدث في اليمن على الإطلاق أي الموجهة الشافعية السلفية.