ذمار - خاص الزيدية في ذمار قديمة جدا، وتاريخ المذهب الزيدي فيها مقارب لما كانت عليه صنعاء بحكم القرب الزماني والاجتماعي، فذمار غالبا كانت تابعة لصنعاء، متى دخل الأئمة صنعاء استولوا على ذمار، ومتى خرجوا منها خرجوا من ذمار، وكانت ذمار مركز إشعاع علمي للمذهب الزيدي ومركز ثقل سياسي وديني وعسكري، يظهر ذلك كونها كانت عاصمة الدولة الزيدية ومنطلق قوتها في عهد أكثر من إمام، فالإمام المتوكل على الله إسماعيل حكم اليمن كلها موحدة من مقره بضوران آنس، ولا زالت آثاره بها، والإمام المهدي محمد بن أحمد بن الحسن بن القاسم حكم من قرية المواهب بعنس قرب ذمار، وقتل الإمام أبو الفتح الديلمي بذمار في معاركه مع الصليحيين، وهو الذي قدم من بلاد الجيل والديلم بإيران فحكم اليمن في القرن الخامس، وقبره بعنس قرية خربة أفيق، وفيها قبور بعض الأئمة المشهورين مثل يحيى بن حمزة المتوفى سنة (747 هـ) ، وقبره بجوار مسجده المسمى باسمه بوسط مدينة ذمار، والمطهر بن محمد بن سليمان المتوفى بذمار 879هـ وقبره جوار مسجده المسمى باسمه وسط مدينة ذمار، وبالقرب منه مشهد الحسين بن الإمام القاسم بن محمد المتوفى سنة 1050هـ وعليه مسجد الآن، وفي ذمار مدرسة الإمام المتوكل يحيى شرف الدين ( القرن العاشر الهجري ) والمسماة بالمدرسة الشمسية، وحولها منازل عديدة لإقامة طلبة العلم وهي الآن مسجد فقط، ولا تزال قائمة إلى اليوم، وكانت مصدر إشعاع علمي زيدي وخدمت المذهب الزيدي في اليمن أيما خدمة، يظهر ذلك من كون أغلب المقررين للمذهب الزيدي من علماء ذمار، وقد كان المذهب الزيدي هو المسيطر والحاكم على محافظة ذمار بكل مديرياتها حتى مديريات وصابين وعتمة التي كانت تدين بالمذهب الشافعي وحتى اليوم، وبقيت جذوة المذهب بذمار حتى بعد ثورة 26 سبتمبر 62م وأصاب علماء السنة فيها عنت وعذاب شديد اضطر بسببه كثير منهم إلى الاعتزال أو الهجرة من ذمار، حتى منّ الله على ذمار واليمن أجمع بالمعاهد العلمية التي تأسست في اليمن بالسبعينات وساهمت في نشر السنة بهدوء ودون ضجيج أو مواجهات وكان لذمار من خيرها نصيب، فصارت ذمار بعد ذلك في غالبها محافظة تدين بالسنة، ولم يبق للمذهب الزيدي وجود يذكر إلا في كبار السنّ الذين لم يعرفوا غيره وقد مات معظمهم، وفي بعض الأسر الهاشمية كوجود اسمي وبتقليد فقط دون علم، واختفى المذهب الزيدي من ذمار تقريبا عدا ثلاث أو أربع قرى بالحداء وعنس، وبضع قرى بمغرب عنس، وأما المدينة مركز المحافظة فصارت سنة في مجملها بحيث صارت المساجد الزيدية لا تتعدى نسبتها فيها 2% ويقتصر الوجود الزيدي على توجه الإمام وبعض المصلين فقط وأما أغلب روادها فسنة، ولم يعد الوجود الزيدي بزخم معقول إلا في مديرية واحدة فقط وهي مديرية آنس، إلا أن السنة فيها كانت حاضرة بقوة أيضا حتى صارت مكافئة له، ولو استمر الحال مع انتشار دور القرآن فيها وجهود الدعاة لما مضت 10 سنوات حتى يكون الوجود السني فيها هو الغالب، ولكن قدر الله بظهور نبتة الحوثي فاختلفت الأمور، ويكفي أن تعرف قوة الوجود السني بالمحافظة بعد انتشار السنة أن الزيدية ممثلة بحزب الحق واتحاد القوى الشعبية لم تستطع الحصول على مقعد برلماني واحد في المحافظة كلها في الدورات الانتخابية المتعاقبة. وأما بعد الفتنة الحوثية فقد استيقظت أجساد كانت قد خمدت، وعظام كانت قد رمت، وبدأ الحضور الزيدي يطل بقرنه إلا أنه في جانبه السياسي والعسكري أكثر، بحيث أن أغلب المتحوثين إنما يتبعون الحوثي كردة فعل سياسية بغض النظر عن الجانب المذهبي، وانضمت جموع المؤتمر الشعبي لهم إما بتوجيه قيادي أو بدافع الطمع المادي، وأما السنة فلا زالت بذمار هي الأوفر حظا حتى الآن، يظهر ذلك في الصعوبات التي يجدها الحوثيون أنفسهم في غرس أفكارهم في أتباعهم ومستوى الصدود الذي يلاقونه منهم بفعل تغلغل السنة بأعماقهم، ولكن يخشى إذا استقر الوضع للحوثي أن يبدأ بإحياء الجانب العقدي والمذهبي ويعيد أمجاده التي خسرها عبر عقود من التعليم والتوعية.