آآ
كتب– علي الحازمي:
من البداية لنتفق أن المملكة ليست بحاجة لشهادة أحد في قيامها بما تتشرف به كل عام من خدمة ضيوف الرحمن، فلطالما أكدت على لسان قيادتها وهي قلب شعبها أنها إنما تقوم بذلك أداء لواجبها ورغبة في نيل رضا الله عز وجل.
هذا الأمر أكده أيضًا اليوم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- في حفل الاستقبال السنوي بـ"منى" حيث قال: "لقد شرف الله هذه البلاد وأهلها بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزوار، فسخرت كافة إمكاناتها البشرية والمادية لتمكين ضيوف الرحمن والتيسير عليهم في أداء حجهم، ونحن عازمون -بإذن الله- على المضي في تحقيق أعلى مستوى من الخدمات للحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة في تطوير مستمر ووفق منظومة متكاملة تهدف إلى المزيد من التيسير في أداء الحج وسلامة قاصدي بيت الله الحرام ومسجد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، مواصلين بأعمالنا الجهودَ العظيمة التي بذلها ملوك هذه البلاد المباركة منذ عهد مؤسسها جلالة الملك عبدالعزيز".
هذه حقيقة واقعة؛ فالمملكة تستخدم الأفعال والأرقام وليس الأقوال للرد على كل تشكيك يقف وراءه مُندسّ حول الخدمات المتطورة عامًا بعد عام لخدمة ضيوف الله.
لقد نجحت المملكة في إبعاد الحج عن كل تسييس وأن يكون كما أراد الله عز وجل أحد أركان الإسلام، حيث قامت بدورها في أكبر تجمع بشري سنوي على وجه الأرض وملتقى للسلام العالمي وأصبحت مثالًا في إدارة الحشود في ريادة وليست تجربة غير مسبوقة.
إن الإنصاف يقتضي القول: إن خلية العمل الهائلة والمدهشة التي تعمل في منظومة الحج بتكامل عجيب لا يمكن أن يجمعها نظام، ولا أن توحدها منافع ومكاسب، بقدر ما هو شيء أعمق بكثير، إنها رغبة مخلصة نقية وسامية تجاه شرف عظيم أكرمهم به رب العزة والجلال فمازالوا كل عام يسألونه أن يوفقهم ليرعوه حق رعايته باذلين الغالي والنفيس.
في حج هذا العام 1438هـ/ 2017م تحديداً؛ قفزت الجهود لما هو أكبر، واستنفرت العزائم إلى أقصى ما تستطيع. ويمكن للخيال أن يُطلق ليستوعب لوحة هائلة يعمل فيها أكثر من ربع مليون أو لنقل 300 ألف من أبناء هذا الوطن ما بين مدني وعسكري؛ منهم قرابة 52 ألفًا فقط يمثلون 22 جهة حكومية ويعملون على مدار 24 ساعة في خط إنتاج نهايته توفير أقصى رعاية وإكرام لضيوف الرحمن.
ولمن نسي أو لا يعلم: فالمملكة تبدأ الاستعداد لموسم الحج الجديد من نهاية الذي سبقه، كما أنها تمتلك في رؤيتها الوطنية الرائدة التي يقودها ولي العهد نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ ثلاثة أهداف رئيسة لبرنامج "خدمة ضيوف الرحمن؛ أولها فتح الآفاق لاستضافة المزيد من المعتمرين وتسهيل الوصول إلى الحرمين الشريفين، وثانيها تقديم خدمات ذات جودة عالية للحجاج والمعتمرين، وثالثها إثراء التجربة الدينية والثقافية للحجاج والمعتمرين".
إن دعاء وابتسامات الرضا على شفاه الحجاج هو أكبر وسام تتوج به المملكة؛ ذلك أن تلك الخدمات اليومية للحجاج تبهر في أدق تفاصيلها؛ فالسعودية لم تكتف بذلك فقد قدمت في حج هذا العام نماذج أكثر على حكمتها وريادتها.
فعلى سبيل المثال: هي لا ترى فيما قدمته لأشقائها حجاج قطر سوى جزء من واجبها وتأكيدها على مبادئها في الفصل التام بين رؤية القيادات في المواقف السياسية وبين حق المسلم في تأدية مناسك دينه، ومن هنا كان للحجاج من قطر نفس التعامل كبقية ضيوف الرحمن.
كما أنه ليس بالجديد أن المملكة تتقدم أكثر وأكثر ليس فقط في تقديم أعلى الخدمات؛ بل أيضاً التوسع في استضافة ضيوف الرحمن، وهو شرف وتقليد سامٍ نهجه خادم الحرمين الشريفين وتبعته في ذلك عدة جهات أخرى ذات علاقة، فشمل هذا العام أسر شهداء من فلسطين ومصر والسودان، هذا بخلاف ما ينفذ فيه البرنامج داخليًّا؛ حيث حظي الآلاف برعاية كريمة وتم اختيارهم وفق ظروف إنسانية وأحوال مجتمعية في إطار تقدير لهم قبل كل شيء.
المشاهدات مستمرة.. ففي هذا العام لا يمكن إنكار الحضور الإيجابي للإعلام لإبراز رسالة المملكة الإنسانية ومنهجها الرائد للتعايش والوسطية، ويمكن أن نشير هنا إلى ولادة "مركز التواصل الدولي" إحدى مبادرات وزارة الثقافة والإعلام، والذي قال عنه وزير الثقافة والإعلام "عواد العواد": إن الهدف هو إيصال رسالة المملكة الحقيقية وأنها بلد محبة وخير".
كما تجب الإشارة لهاشتاق #السعودية_ترحب_بالعالم الذي حمل من الدلالات ما يغني عن التوسع في الحديث عن ذلك، هذا بالإضافة لجهود موازية رائعة مثل حملة "الحج عبادة وسلوك حضاري" في موسمها العاشر. وحملة "الحج رسالة سلام" والحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن. وغيرها الكثير في هذا الصدد.
لقد أجبنا كثيرًا وبالأفعال؛ فهل استوعب الظلاميون كيف تُقبل أكثر من 70 قناة من مختلف العالم على طلب التصريح لتغطية موسم حج هذا العام؟!.. وكيف احتضنتهم المملكة من خلال وزارة الإعلام وجهزت أماكن استضافتها؟ وماذا يعني أن تُصدر "الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع" قرابة 900 تصريح للوفود الإعلامية المشاركة في تغطية موسم الحج؟!. هي أرقام تؤكد من جديد أن المملكة ليس لديها ما تخفيه، بل ما تفخر به. وأنه ما كانت تبحث يوماً لتبرز جهودها الهائلة حول ذلك فهو احتساب وأداء واجب.
لقد اعتادت المملكة أن "تُكبّر رأسها" كما يقال باللهجة الدارجة عن تغاضي منظمات عالمية تدعي الحياد فتصمت عن جهود غير مسبوقة تقوم بها المملكة على كافة المسارات.. فهي كمثال عندما تروج لغياب المرأة السعودية فهاهي تغض الطرف عن كون ابنة الوطن تقوم بأدوار رائدة في تقديم خدمات للحجيج. وهي كما صرح وكيل وزارة الحج والعمرة لشؤون الحج د. حسين الشريف أن المرأة السعودية شريك حقيقي في برامج التنمية التي تنتظم بالمملكة، خاصة في قطاع الطوافة؛ إذ إنها تعمل بفاعلية في خدمة ضيوف الرحمن.
إن الدور الإعلامي في مثل هذه المناسبات بلا شك في غاية الأهمية فيما يخص أمانة الكلمة؛ ونقاء الصورة؛ وهو واجب حقيقي للمهنة. ومن هنا حرصت سبق -كبقية شقيقاتها- على إرسال بعثة هي الأكبر في تاريخ مشاركاتها سعياً لتحقيق الدور المأمول للإعلام في هذه المناسبات الهامة.
حقّ للمملكة بقيادة رشيدة أن تواصل إبهار العالم في القيام بدورها الريادي؛ وتأكيداً على قيادتها الإسلامية. مؤكدة على أن الحقائق على الأرض هي المعيار الوحيد في مواجهة كل رسائل التشكيك؛ والأفكار الظلامية.
آآ