ثبات المبادئ في حرص السعودية على السلام، ولَمّ الشمل، ومواصلة الحرب على الإرهاب.. ذلك ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية في كلمته التي ألقاها في حفل الاستقبال السنوي بمشعر منى قبل أمس. وأضاف بأن السعودية ستبقى حريصة على لَمّ الشمل الإسلامي، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم أجمع، مشددًا على موقفها الثابت من محاربة الإرهاب والتطرف، واجتثاثه بأشكاله وصوره كافة، والتمسك برسالة الإسلام السمحة.
الحج.. الفخر والشرف
في كل عام مع موسم الحج تفتح السعودية بشكل استثنائي ذراعيها للعالم، وتعلن بكل فخر تشرفها بخدمة ضيوف الرحمن. وهو واجبها تمامًا كما يقول قائدها - حفظه الله -: "إن الله شرف السعودية بخدمة الحرمين الشريفين، ورعاية قاصديهما، والسهر على أمنهم وسلامتهم وراحتهم. وقد أعطت هذا الأمر كل العناية والاهتمام منذ أن أسس أركانها الملك عبد العزيز - رحمه الله -، ومن بعده ملوك هذه البلاد - رحمهم الله جميعًا -. وسنواصل ذلك - بإذن الله - لإيماننا العميق بأن خدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والزوار، والقيام على شؤونهم، وتيسير أدائهم مناسكهم، واجب علينا، وشرف عظيم لنا، نفخر ونعتز به".
حقائق متفردة
ولأن ذلك بالضبط ما يجسده السعوديون على الأرض فالحديث عن ذلك يطول، سواء عمن يعملون في الحج بشكل رسمي ضمن الجهات الحكومية والخدمية، أو تلك المعنية بحفظ الأمن وصولاً للفرق المتطوعة.. وهي بالأرقام تتخطى مئات الآلاف، وتسطر أروع القصص الإنسانية في تقديم كل الخدمات الممكنة لضيوف بيت الله الحرام. وعلى سبيل المثال فقد بلغ عدد القوى العاملة هذا العام 2018م التي قدمت الخدمة لحجاج بيت الله الحرام من عسكريين ومدنيين أكثر من 250 ألف فرد.
ورشة عمل دائمة
وفي الوقت ذاته تحرص السعودية على التطوير المستمر لكل المرافق في المشاعر المقدسة، وتقديم كل التسهيلات، مع الحزم الكامل تجاه كل من يحاول الإساءة وتشويه المشهد المقدس لمؤدي الركن الخامس من أركان الإسلام.
التخطيط والتطوير لا يتوقفان طوال العام؛ فالسعودية في ورشة عمل دائمة لخدمة ضيوف الرحمن. وكما قال الأمير خالد الفيصل، أمير مكة المكرمة رئيس اللجنة المركزية للحج: "السعودية تسعى لتحقيق مسار الرؤية السعودية فيما يخص خدمات الحج والعمرة للوصول لخدمة خمسة ملايين حاج بحلول 2030م".
لقد أعلنت السعودية مئات المشاريع التطويرية المستمرة في المشاعر المقدسة، ومن ذلك مشروع كامل لتطوير المشاعر المقدسة، يتوقع بدء تنفيذه قبل موسم الحج المقبل.
بلغة الأرقام
ووفقًا للهيئة العامة للإحصاء، فقد استقبلت السعودية هذا العام (2.371.675) حاجًّا، منهم (1.758.722) حاجًّا من خارج السعودية، فيما بلغ عدد حجاج الداخل (612.953) حاجًّا. وفيما يخص أعداد القوى العاملة للجهات التي قدمت خدماتها لضيوف الرحمن هذا الموسم من القطاعات كافة فقد بلغ إجمالي عدد القوى العاملة المشاركة في خدمة الحجاج أكثر من 287.300 شخص، يمثلون الجهات الأمنية والحكومية والخاصة المشاركة في تقديم أكثر من 215 خدمة رئيسية وفرعية. وبلغ إجمالي عدد القوى العاملة التي تقدم خدمات الإشراف والمتابعة من 6 جهات 7.310 مشرفين ومشرفات. هذا فيما بلغ إجمالي القوى العاملة التي تقدم الخدمات العامة 192.254 موظفًا وموظفة من 19 جهة، وبلغ إجمالي عدد القوى العاملة في الخدمات الصحية والطبية 32.579 موظفًا وموظفة من 3 جهات. أما القوى العامة التي تقدم خدمات النقل والبريد والخدمات اللوجستية (الشحن، والبريد، والإمداد) فقد بلغت 47.765 موظفًا وموظفة من 7 جهات، فيما بلغت أعداد القوى العاملة في خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات 7.411 موظفًا وموظفة من 4 جهات.
جهود لا محدودة
حج هذا العام شهد أيضًا مشاركة أكثر من 32 ألف طبيب وممارس صحي، وبلغت الطاقة السريرية 5 آلاف سرير، وتم تجهيز 25 مستشفى داخل مكة والمشاعر، و135 مركزًا صحيًّا، و106 فرق طبية ميدانية.
كما نقل قطار المشاعر هذا الموسم 360 ألف حاج، فيما تم نقل مليون و800 حاج عبر 18 ألف حافلة مجهزة. وبلغت قدرة الأحمال الكهربائية 17.791 ميجاواط، في حين تم ضخ 40 مليون متر مكعب من المياه في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة.
السعي للمزيد
لا حدود للطموح.. يقول الأمير خالد الفيصل: "مع كل هذا النجاح الذي حققناه ما زلنا نسعى إلى المزيد. إجراءات دخول الحجاج للسعودية تمت في مطارات بلادهم. والسعودية لا تفرض على الدول الفئة العمرية لحجاجها. نحن ننسق مع مزيد من الدول لتطبيق مشروع تسهيل دخول الحجاج".
ابتكار وتطوير
جهود السعودية كورشة عمل دائمة لابتكار كل ما يخدم ضيوف الرحمن لا يمكن حصره في مقال أو تقرير.. وربما من الإنصاف الاستشهاد في هذا الصدد بتنظيم السعودية النسخة الأولى من (هاكاثون الحج) في مدينة جدة، الذي كسر الرقم القياسي كأكبر هاكاثون في العالم، بمشاركين من 100 دولة، وبتنظيم مباشر من (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز). والهدف مواصلة جهود المملكة العربية السعودية في خدمة ضيوف الرحمن، واغتنام المواهب التقنية الشابة التي تبرز ضمنها مشاركة المرأة في استكشاف وتطوير تقنيات موسم الحج؛ إذ شملت المنافسة في (هاكاثون الحج) المجالات المحيطة بموسم الحج وخدماته وتحدياته.
يُذكر أن الحكومة السعودية سبق أن أطلقت هيئة ملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة بصلاحيات لا محدودة؛ إذ تعمل على تطويرات شاملة وضخمة للغاية.
القيادة حاضرة
أما حديث الصور فهو لغة أخرى، لا يمكن تحويرها. السعودية التي تعتبر ابتسامة الرضا من كل حاج جزءًا من التقييم الحقيقي لما تقدمه ترى أيضًا أن رسالة التشريف هذه تستحق العمل بلا توقف.. وهذا بتوفيق الله، ثم ما تقوم به أجهزتها، وعلى رأسها ملكها وولي عهده الأمين اللذان يحرصان دومًا على أن يكونا في قلب المشاعر المقدسة؛ ليتابعا عن قرب السهر على راحة الحجاج، وتقديم أفضل الخدمات لهم.