د. أحمد بن دغر
لندن: بدر القحطاني
يقرأ رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عبيد بن دغر هذه الأيام «منطق ابن خلدون لعلي الوردي»، ويقول إنه كتاب يعالج مقولات الفلسفة الاجتماعية لدى ابن خلدون، مقارنة بمن سبقوه من فلاسفة العصور السابقة، وفلاسفة العصور الحديثة والمعاصرة.
كان سؤال الكتب آخر سؤال أجاب عليه رئيس الوزراء في حوار موسع أجرته معه «الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني، حيث لم يترك الدكتور بن دغر أيا من الأسئلة الـ19 من دون إجابة مستفيضة.
وبسؤاله عن إجابته عن الذي يقول إن الشرعية ستفقد مقاعد كثيرة ومناصب في الحكومة إذا ما تم إنجاح أي حل أو تسوية، ولذلك تتهم بأنها ليست حريصة على إنجاز التسوية حتى لا تفقد تلك المزايا والمناصب، قال بن دغر: «ينسحبون، ويسلمون الأسلحة لجهة محايدة، وبعدها بيننا وبينهم صندوق الاقتراع، الشعب هو الحكم بعد ذلك، سنحتكم لنتائج الاقتراع وعلى هذا الأساس نحن نقبل التحدي».
انتقل الحديث من السياسة إلى الاقتصاد ومنه إلى الشؤون المحلية والعسكرية، أورد خلاله رئيس الوزراء اليمني الذي يمارس مهامه منذ أبريل (نيسان) 2016 بأن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث طالب بوقف لإطلاق النار قابله طلب من الحكومة اليمنية أن يكون ذلك بعد تنفيذ الحوثيين الإجراءات الأمنية التي تسبق السياسية، معتبرا أن المبعوث أخطأ وأصاب في بعض أفكاره التي طرحها منذ توليه مهامه في مارس (آذار) الماضي. وفيما يلي نص الحوار
> هل ستقدمون مزيداً من التنازلات مقابل إنجاح المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة؟
- دعني أولاً أوجه الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً لمواقفهم الأخوية الصادقة تجاه شعبنا اليمني في صراعه مع الحوثيين المدعومين إيرانياً، ودعني ثانياً أؤكد وقد ارتفعت بعض الأصوات النشاز وأساء البعض حقه في التعبير. تقديرنا العالي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قائد عاصفة الحزم والعزم، ودعمنا لمواقفه، وتأكيدنا المطلق لكل خطوة يقدم عليها لمصلحة اليمن والمملكة العربية السعودية وتحية تقدير لولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان
ورداً على سؤالكم، نحن ذاهبون للمشاورات مع الحوثيين، وتحت إشراف الأمم المتحدة، وسنسعى للسلام لأنه الأمل الذي ينشده اليمنيون، سنسعى للسلام إذا قبل الحوثيون مرجعياته، الثلاث، المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وفي أساسها القرار 2216. من عليه تقديم التنازلات هو المعتدي على الدولة وعلى الشرعية المنتخبة، من قتل ودمر وعاث فساداً في اليمن.
> هناك من يقول إن الشرعية ستفقد مقاعد كثيرة ومناصب في الحكومة إذا ما تم إنجاح أي حل أو تسوية، ولذلك يتهمون الحكومة بأنها ليست حريصة على إنجاز التسوية حتى لا تفقد تلك المزايا والمناصب. بماذا تردون على ذلك؟
- ينسحبون، ويسلمون الأسلحة لجهة محايدة، وبعدها بيننا وبينهم صندوق الاقتراع، الشعب هو الحكم بعد ذلك، سنحتكم لنتائج الاقتراع على هذا الأساس نحن نقبل التحدي، في الواقع هم يدركون، أي الحوثيين، أنهم الخاسر إذا ما عدنا إلى الشعب، هم يدركون أن خرافة الحق الإلهي سوف تسقط، لقد سقطت خرافة التميز منذ أمد طويل، سقطت لدى أتباع المذهب الزيدي قبل غيرهم من أتباع المذاهب الأخرى في اليمن، لم يعد أهلنا في اليمن يقبلون العبودية في أي صورة كانت، لهذا استخدموا القوة والعنف والسلاح للوصول للسلطة تدعمهم في ذلك إيران. المناصب ليست من طموحنا ولهذا حرصنا على السلام وفق مرجعياته هو حرصنا على اليمن.
> هل انتهت أعمال اللجنة التي تترأسونها بتوجيه رئيس الجمهورية حول التعاطي مع الأفكار الأممية؟ أم أنكم ستقودون وفد الحكومة إلى المشاورات أو المحادثات المقبلة؟
- نعم، وقد سلمنا المهمة بعد إنجاز رؤيتنا للخروج من هذه الأزمة إلى وفدٍ رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية. الأستاذ خالد اليماني، وهو وفد يمثل معظم القوى السياسية التي تؤيد الشرعية، وكنا قبل ذلك قد بسطنا رؤيتنا للمبعوث الأممي وقدمناها مكتوبة، وهي رؤية تحترم الإرادة الوطنية، والمصالح العليا للشعب، وتلتزم أمن المنطقة وأمن دولها وشعوبها.
> ما أبرز النقاط التي لفتت انتباهكم في الأفكار الشاملة التي قدمها المبعوث الأممي، وهل ناقشتم ذلك معه في الاجتماعات الأخيرة؟
- المبعوث الدولي حاول تقديم أفكار، رأى فيها قواسم مشتركة فيما تقدم به من موضوعات، أصاب في بعضها وأخطأ في بعضها الآخر، نحن نقدر جهده المتواصل في البحث عن حلول، لكن عملية السلام في اليمن مسألة معقدة والوصول إليها يبدأ بتمثل المرجعيات وينتهي بها. كان يريد حلاً جزئياً في الحديدة، وقد أخبرناه أن الحلول الجزئية إن لم ترتبط وتؤسس لحلول دائمة وشاملة وعادلة للأزمة لن يكتب لها النجاح، وكان يريد وقفاً لإطلاق النار، وقد أخبرناه أننا لا نستطيع قبول ذلك ما لم يقبل الحوثيون إجراءات عسكرية وأمنية تسبق الحلول السياسية. أخبرناه أن هناك حاجة مثلاً لإجراءات لبناء الثقة كأن يطلق سراح المعتقلين، كل المعتقلين، لكن الحوثيين رفضوا.
> هل ستقبل الحكومة اليمنية أي مبادرة لهدنة ثامنة تترافق مع إجراءات بناء الثقة؟
- لقد منحنا الحوثيين فرصاً كثيرة، وهدناً كثيرة، كانوا دائماً يطلبون الهدنة وعندما كانوا يحصلون عليها، كانوا يستخدمونها لتعزيز مواقعهم في الجبهات، وفي الحصول على الأسلحة والذخائر. هذه العصابات العنصرية السلالية المتمردة لا تفهم غير القوة، هؤلاء يصعب الوثوق بهم، لا ذمة ولا أخلاق لهم. السلطة والتحكم في رقاب العباد وأرزاقهم هي دينهم، وهي نهجهم وأساس أخلاقهم.
> ماذا تعني لكم المرجعيات الثلاث للحل؟
- تعني الحل العادل والشامل والدائم، وتعني السلام القائم على احترام إرادة الشعب اليمني، وتعني السلام في المنطقة، كما تعني احترام المواثيق والقوانين الدولية والمعاهدات التي تحترم حق الشعوب في اختيار طريقها في الحكم. وأخيراً تعني المستقبل، المستقبل الذي يفصل في قضية جوهرية هي اختيار شكل ومضمون الدولة المتوافق عليها من قبل الأغلبية من المواطنين. وأعني هنا الدولة الاتحادية. المرجعيات هي القواعد الحاكمة لكل سلوك وموقف ينحاز للشعب اليمني، وفِي الأخير هي الإرادة الوطنية الجامعة.
> هناك انتقادات في وسائل التواصل الاجتماعي (وإن كان يتخللها حملات إعلامية) حول التوظيف والمجاملات داخل الحكومة الشرعية. فماذا كانت ردة فعلكم وماذا فعلت إزاء ما اكتشفتم أنه صحيح، وهل تتحققون من تلك الاتهامات التي تنشر باستمرار؟
- نحن شعب مارس الديمقراطية وضمن حق التعبير والرأي في العقود الماضية لكل أبنائه، وهذه قيم تسمح بالنقد، نقد أعمال الحكومة، وقرارات القيادة، وكثيراً ما أخذنا في الاعتبار الملاحظات النقدية التي كانت تصلنا عبر وسائل إعلامية كثيرة، لكن الديمقراطية وحق التعبير لا يستخدم دائماً في محله، لذلك رفضنا بعض الأطروحات النقدية، لم ندعِ يوماً الكمال، ولم نقل إن أعمالنا خالية من الخطأ، لكننا نعرف أن بعض الانتقادات تنضوي تحت حالة المكايدة السياسية، والصراع الحزبي المصاحب للحياة الديمقراطية، وفيما يتعلق بالتوظيفات في الخارج، نحن ندرس الوضع كله برمته، بعد أن غدا سبباً للخلافات الحزبية المستمرة، ودراستنا للوضع ستصحح في النهاية هذه الأخطاء.
علينا أن ندرك بأننا لا نستطيع ترك القوى السياسية، ورجال الفكر والإعلام الذين فروا من وجه الحوثيين دون اهتمام، دون مصدر دخل. وهذه الحكومة والكل يعرف ذلك. في الواقع لم تؤسس لجديد فيما يتعلق بصرف مرتبات في الخارج، نحن وجدنا أمامنا لائحة عُمِل بها خلال سنة ونصف، ولم نتجاوزها من حيث ما كان مخصصاً لمستويات الوظيفة العامة.
ومع ذلك هناك أصوات نقدية كثيرة بعضها موضوعي يطلب التصحيح، وحتى الخفض، وهو محق، وبعضها يبالغ فيطلب إلغاء اللائحة وسلم المرتبات كلية في الخارج، والسؤال هو كيف سيعيش زملاؤهم في الخارج إن لم يجدوا ما يكفي احتياجاتهم وأسرهم للعيش بكرامة، ولتعليم الأبناء وللعلاج. خاصة وعدن لم تفتح ذراعيها للجميع، لم ترحب بالجميع، مع ذلك أنا أرى أن الأيام القادمة ربما فرضت على هذه الحكومة أو الحكومة القادمة مراجعة هذه الفوارق في المرتبات. والالتزام بهيكل مرتبات واحد. المسألة مسألة وقت، فسلم المرتبات هذا سيسقط بمجرد تحقيق السلام، وسنعود جميعاً لسلم مرتبات واحد.
> كيف تقيمون وضع المناطق المحررة في الفترة الأخيرة. وهل هي برأيكم أفضل من السنوات الماضية؟
- أستطيع أن أقيم الفترة التي تولت هذه الحكومة أمر البلاد فيها جئنا بعد تشكيل الحكومة في أبريل (نيسان) 2016، وكانت العاصمة دون كهرباء والماء يكاد ينقطع عن معظم أحيائها، والقمامة تملأ الشوارع، والمستشفيات شبه خاوية وبعضها خالٍ تماماً من الأدوية، والأطباء والممرضون في البيوت ما عدا المستشفيات الخاصة. فأعدنا بعض النجاح، وإن لم نصل إلى كل ما كنا نطمح إليه، وجئنا عدن، والكوليرا تقضي على حياة بعض الناس وحاربناها، حتى غدت من الماضي.
وتشكلت الحكومة و«القاعدة» تسيطر على محافظات بأسرها كمحافظة أبين، وأجزاء من حضرموت، وشبوة، وكانت الفوضى عارمة، حررنا أبين من القاعدة، وطاردناهم في المحافظات الأخرى، وفرضنا الأمن... في كل مديرية ومركز.
جئنا وسكان المناطق المحررة دون مرتبات مدنية وعسكرية، ووفرنا المرتبات للمدنيين والعسكريين، نحن نصرف مرتبات الآن لمائة ألف من المدنيين، وأكثر من أربعمائة ألف من العسكريين، وهذه أرقام تقريبية، تشمل هذه الأرقام كل من كانوا في جيش الجنوب سابقا وداخليته وأمنه والمتقاعدين، والمقاومة التي بلغ عدد المنتسبين إليها خمسون ألف جندي وضابط، مضافاً إليهم ألوية الجيش الوطني التي تنضوي في سبع مناطق عسكرية، وجبهات قتال كثيرة.
وأنجزنا مشروعات عملاقة لم تعرفها اليمن في عهد استقرارها، في الاتصالات في عدن والكهرباء في حضرموت، وشققنا وأصلحنا طرقات كادت أن تدمر، وأنجزنا مشروعات في معظم المحافظات بنسب متفاوتة من حيث حجمها وتكلفتها. على هذا الأساس الوضع الآن أفضل مما كان عليه عندما تشكلت هذه الحكومة.
كما أعدنا إعمار مؤسسات الدولة التي ما كان في الإمكان العمل من دونها، في القضاء، والنيابة، واستعدنا مؤسسات أمنية وشرطية كانت في علم الغيب بعد سقوط الدولة.
لا شك أننا ندين للمملكة بالجميل للمساعدة التي كنا نتلقاها ولازلنا نتلقاها، على مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية والمعنوية. لكن فضل المملكة يتعدى ذاك إلى ما هو أهم وهو قيادة المملكة لعاصفة الحزم وقيادة التحالف العربي ضد الحوثيين وإيران في اليمن، هذه وحدها مساعدة استراتيجية أخوية كبيرة لا تقدر بثمن. كما ندين بالجميل للأشقاء في الإمارات ودول الخليج الأخرى كذلك.
> لاحظنا حديثا، كثيراً من التصريحات الصادرة من وزراء ومسؤولين في الشرعية تنتقد أداء المنظمات الإغاثية الدولية. فكيف تقيم أداء المنظمات، وما هي ملاحظاتكم في الحكومة حولها.
- نعم كثيراً ما وجهنا الشكوى لمسؤولي الأمم المتحدة حول مكاتبهم العاملة في اليمن، كان هناك تمييز في المعاملة، فبينما أسست كل منظمات الأمم المتحدة مكاتب لها في صنعاء، ترددت في أن تنشئ لها مكاتب في عدن العاصمة، ومع غياب هذه المنظمات عن المناطق المحررة غابت خدمات الأمم المتحدة الإغاثية والإنسانية، أو كانت في مستوى أدنى، بعض مسؤولي هذه المنظمات أبدوا انحيازاً للمعتدين الحوثيين. لكن معظم هذه المنظمات غيرت منذ بداية العام الماضي من خططها، ووجدت في المناطق المحررة وإن كانت بنِسَب مختلفة وبأحجام ومهام أقل أو أكثر وقامت بأعمال إنسانية جليلة، وجهودها وأعمالها تتحسن شيئاً فشيئاً.
نحن لا نطلب من هذه المنظمات سوى العدالة، العدالة في توزيع المساعدات، ولا نطلب غير المرونة ذاتها التي تُمارس بها عملها في المناطق الخاضعة للحوثيين ولا نطلب منهم غير كلمة الحق والحيادية.
> هل تم التحرك لتحفيز الوكالات الإغاثية لتحسين أدائها في مختلف المحافظات اليمنية؟
- باختصار نعم، تعاوننا مع من طلبوا خدمات الحكومة، وتعاوننا في تحقيق أمن موظفي الأمم المتحدة، بل اعتبرنا أمنهم مسؤولية قصوى، ولهذا لم يتعرض أي منهم لأي أذى، وقد سجعهم ذلك على العمل والتواجد في عدن وبقية المحافظات المحررة. تحركوا بحرية وقد وفرنا من جانبنا كل ما كانوا يحتاجونه.
> كيف ترون المشكلات التي ترافق محافظة تعز المحاصرة. وهل هناك تحرك لحسم الاشتباكات الداخلية والتركيز على توحيد الصفوف ضد الميليشيات؟
- تعز محافظة قاومت الانقلاب، ورفضت الخنوع والخضوع للباطل أو القبول بالأكاذيب والخرافات، ولهذا دفعت ثمناً غالياً لتحافظ على نفسها بعيداً عن العصابات الحوثية، صمدت في وجه الانقلاب، وقدمت في سبيل حريتها وما زالت الكثير من أبنائها، تعز تشبه في صمودها مدينة ستالينجراد التي صمدت في وجه النازيين، تعز سوف تجترح معجزة في الصمود والتضحية في الأيام القادمة، ومرحلة النصر الكبير على الحوثيين ستبدأ من تعز.
وفيما يخص الاشتباكات بين فصائلها العسكرية الآن التي لا مبرر لها، حاولنا قدر المستطاع وقفها، وتجنيب أهلها ويلات الاحتراب الداخلي بين أبنائها، وأعتقد أن التعزيين، القادة منهم والشباب سوف ينتصرون في النهاية على خلافاتهم. هناك عبرة من كل حدث، وهي عندما تتوقف الجبهات عن التقدم نحو العدو، يتحول الجمود إلى خلافات بين القوى والمكونات. وصراع داخلي ليس له ما يبرره وهذا ما حدث ويحدث الآن في تعز. يجب على جميع القوى احترام السلطات المحلية، فهي الممثلة للسلطة الشرعية، للرئيس وللحكومة، وعدم الالتزام للمحافظ والتمرد على أوامره يخلق الأسباب للخلاف والصراع. وفي النهاية على الجميع إبداء الحرص الشديد على حياة المواطنين وممتلكاتهم.
> كيف تصفون أداء الحكومة الشرعية في مختلف المناطق المحررة. وما أبرز التحديات التي تواجهها؟
- في إجاباتي السابقة ما يكفي للرد على الجزء الأول من هذا السؤال، لكنني هنا سأشير إلى جزئية التحديات. في الواقع كل ما يجري في اليمن هو شكل من أشكال التحديات التي تواجه الشعوب، نحن شعب تمكنت منه عصابات متمردة مجرمة، هذا وحده تحدٍ كبير، وقد تمكنا من مواجهة هذا التحدي كشعب وسلطة ولنا سيطرة على نحو 80 في المائة من الأرض، وهذه المساحة الكبيرة تحتاج إلى إرادة وقوة وقدرة للسيطرة عليها. سنصل إلى هدفنا المشترك في التحالف العربي ولن يثنينا عن هزيمة هذه العنصرية السلالية لدى الحوثيين، وهذه النزعة التسلطية لدى الإيرانيين.
أبرز التحديات في المحافظات المحررة هو الوضع الأمني، نحن في الوقت الذي نواجه فيه الحوثيين نخوض حرباً ضد القاعدة و«داعش»، والعصابات الإجرامية التي تمارس أعمال النهب والسطو وقطع الطرق. المسألة الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة هي أولوية، ثم توفير الخدمات والمرتبات. وقد نجحنا قياساً بما لدينا من إمكانيات محدودة، ورغم المعارضة الشديدة، والتحريض الممول مالياً وعسكرياً وفي ظل غياب استراتيجيات توجه عملنا المشترك.
هناك صراع في المحافظات المحررة بين من يريدون استعادة الدولة، بنظمها وقوانينها وسلطتها وهيبتها. ومن يعملون خلاف ذلك لمصالح خاصة، وهذا وحدة تحدٍ كبير، لكننا نعول كثيراً على وعي المواطنين، وعلى الأصوات العاقلة، وعلى الأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية.
> في الجانب الاقتصادي، ماذا فعلت الحكومة اليمنية لتحافظ على استقرار العملة؟
- يتعرض الريال اليمني لمؤامرة لعب لها طرفان، الحوثيون الذين ضخوا نحو مائتي مليار ريال يمني في الأيام القليلة الماضية، هذه الأموال كانوا قد استولوا عليها من البنك المركزي عندما اجتاحوا صنعاء، وبعضها من فائض نشاط الشركات والبنوك، والضرائب والجبايات التي يجنوها من الناس بقوة السلاح والطرف الآخر هم ممن يضاربون بالعملة في السوق أحيانا لأطراف مشبوهة.
لقد اتخذنا جملة من الإجراءات العامة، كان من نتائجها في اليومين الماضيين تراجع قيمة الدولار من 670 ريالا إلى 580 وهذا يعني تحسناً ملموساً في سعر الريال اليمني، وأعتقد أنه سيتحسن أكثر في الأيام المقبلة. اتخذنا إجراءات مهمة وعبر آليات متعددة كمنع استيراد الكماليات مؤقتاً، وإغلاق شركات الصرافة غير المرخصة، وسنعمل على تحسين وزيادة إنتاج النفط والغاز، وتطوير موارد مهمة كالضرائب والجمارك، وملاحقة التهريب والمهربين. وغيرها من الإجراءات التي تعيد للريال قيمته التي افتقدها في الساعات الماضية.
لكن الإجراء الأكثر تأثيراً على قيمة الريال كان بسبب القرار الحكيم والكريم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين برفد البنك المركزي اليمني بملياري دولار أميركي في الأشهر الماضية.
> ما أبرز الجوانب التي تركز عليها الحكومة في برنامج الإعمار؟ وكيف ترون بداية البرنامج؟
- لدينا أولويات في هذه المرحلة، وهي مرحلة ما زال القتال فيها مستمراً مع الحوثيين، الصحة والتربية والطرقات والكهرباء والماء والنظافة والاتصالات. يساهم أشقاؤنا في المملكة في معظمها إما بالبناء وإما بالإعمار أو بالترميم أو بالصيانة. المملكة تقوم بدعم وإسناد أعمال البناء وإعادة البناء، وهو برنامج ناجح يقوم على رعايته سفير المملكة لدى اليمن د. محمد سعيد آل جابر. وهذه جهود تضاف إلى الجهود الطيبة التي قام بها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية برئاسة الدكتور عبد الله الربيعة.
> ما أبرز المشاريع التي تساعد اليمن في تحسين مداخيله المالية، وماذا فعلتم لتحفيزها؟
- النفط والغاز هما المصدران الرئيسيان للدخل وللموارد، وهما الآن متوقفان بسبب الحرب التي أشعلها الحوثيون ضد الشرعية والدولة، وباستثناء تصدير ثلاثين ألف برميل يومياً من حقول المسيلة بحضرموت، فإن 75 في المائة تقريباً من موارد البلاد معطلة، في عام 2013 بلغت إيرادات الدولة 10 مليارات دولار، بينما هي في العام الماضي أقل من مليار دولار. نلام كثيراً على التقصير والحق في لومنا للذين قدموا لنا المساعدة وكانوا إلى جانب شعبنا.
لقد انهارت الدولة في عام 2014، وانهارت معها جميع المؤسسات الإيرادية، وكانت موازنة الحكومة في العام الأول من الحرب صفر. لقد استعدنا الآن بعض الموارد، ونتوقع إيرادات قد تبلغ تريليون ريال يمني، (ملياري دولار تقريباً) هذا العام وجهنا بصرفها على الرواتب، وبعض النفقات التشغيلية، وبعض مشروعات خدمية في المناطق المحررة، ويستفيد منها أكثر من نصف سكان البلاد. وبعض السكان في المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين. نحن نعمل الآن لتحفيز مصادر الإيرادات بصورة عامة، نفطاً وغازاً وجمارك وضرائب. وإذا تُرك للحكومة إدارة المناطق المحررة دون تدخل وتشجيع على التمرد فإن الوضع سيكون أفضل في الأيام القادمة. ما يجري الآن في المناطق المحررة للأسف الشديد يجري بفعل فاعل.
> هل ستقتحم القوات اليمنية مدينة الحديدة إذا فشلت المشاورات؟ وهل حددتم وقتا لذلك؟
- ما أستطيع قوله الآن بعيد عن القرار العسكري هو أن قرارنا الوطني المدعوم عربياً بالتحالف العربي بقيادة المملكة، ودولياً بقرارات مجلس الأمن هو في تحرير كل مناطق اليمن من سلطة الحوثيين، ومن النفوذ الإيراني في اليمن. هذه استراتيجيتنا، ونحن نمضي في تنفيذها ولا نلوي على شيء. وبالقدر الذي نمضي فيه نحو السلام، نقول للحوثيين لن تجنوا من أعمالكم الإجرامية واعتداءكم على شعبنا سوى الهزيمة في الحديدة وفِي كل اليمن.
> هناك من يسأل عن جبهات نهم وصرواح... ولماذا لم يتم الانتهاء منها حتى اللحظة؟
- لا يمنعنا من اقتحام صرواح في مأرب سوى احتفاظ الحوثيين بالمدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ كدروع بشرية يحتمون بها، نحن سلطة شرعية منتخبة من الشعب، وحرصنا على أهلنا يجعلنا نؤجل بعض المعارك الصغيرة التي لا تقدم ولا تؤخر في خطة التحرير الشاملة.
> هل تؤمنون بأن الحل العسكري أكثر نجاعة في ظل التشاؤم الملم بالمشاورات السياسية؟
- نحن نسعى لحل سياسي للأزمة في اليمن عماده المرجعيات الثلاث، وهدفه الاستقرار والأمن لنا وللأشقاء جميعاً، هذه حرب فرضت علينا، سببها واضح وهو اعتداء الحوثيين على الدولة وعلى الشرعية وعلى الشعب اليمني الذي فوض هذه الشرعية، ومنحها شرعيتها، لقد دمَّر الحوثيون بلادنا وإمكانياتنا، وقتلوا الآلاف من أبناء شعبنا. هذه حرب الضرورة ليس فقط بالنسبة لنا ولكنها لأشقائنا في المملكة ودول الخليج العربي، والدول العربية قاطبة، لقد استشعر العرب جميعاً خطورة الموقف في اليمن، والتدخل الإيراني السافر في بلدنا وهذا هو السر وراء التحالف العربي وراء الصحوة العربية بقيادة المملكة وبمساهمة فعالة من الأشقاء في الإمارات العربية المتحدة وباقي دول الخليج والسودان ومصر وغيرها من البلدان العربية.
> ماذا يعني لكم المواطن اليمني في مناطق سيطرة الميليشيات؟ وهل تتواصل وتتلقون اتصالات ورسائل من المواطنين هناك؟ وما أبرز موقف أو رسالة أو اتصال كان له وقع على قلبكم؟
- اليمني أينما وجد هو اليمني بالنسبة لي ولغيري من قادة الشرعية ورجالها، نحن نعيش مأساة أهلنا في المناطق المحررة، ونعيش أوجاعهم، لقد بلغت حالتهم من السوء كما لم تكن في أي يوم من الأيام، لقد تسبب الحوثيون لهم بركام هائل من الأذى والجوع والمرض والدماء والدمار، لديهم هوس وجنون السلطة والتسلط على رقاب أهلنا في المناطق التي يحتلونها، ولكننا نقول لهم لقد خسر أجدادكم مرات ومرات معاركهم مع اليمنيين، وستخسرون هذه المعركة، الحوثيون الفرس جسم غريب في اليمن، وستلفظه اليمن والمنطقة عاجلاً أم آجلاً لغرابته وشذوذه.
أما عن تواصلنا مع أهلنا مستمر ولَم ينقطع وعبر كثير من الوسائل نحن نرسل المرتبات للآلاف من القضاة، والمعلمين، ونرسل المساعدات للآلاف من المعتقلين في سجون الحوثيين، للأسف يمارس الانقلابيون القمع تجاه الناس هناك.