الرئيسية - تقارير - *محارق الحوثيين.. كيف يدفع الانقلابيون آلاف المقاتلين إلى الجحيم؟!*

*محارق الحوثيين.. كيف يدفع الانقلابيون آلاف المقاتلين إلى الجحيم؟!*

الساعة 07:16 مساءً (هنا عدن : خاص )

سيطرت جماعة الحوثي المسلحة على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول2014 وانقلبت على السلطة الشرعية، معلنة الحرب على المجتمع. وكل عام تدفع بالآلاف إلى المقابر بالقِتال في أكثر من 40 جبهة قِتال على طول اليمن. 
في نفس الوقت تقوم الميليشيا الحوثية بتفخيخ المستقبل، بتقسيم اليمنيين طبقياً ومناطقياً، وحتى طائفياً، وبدأت ببث سموم الطائفية في المناهج، والمدارس والمساجد في محاولة للحصول على المقاتلين وبقاء فكر الجماعة في مستقبل البلاد. وهو فكر يقوم ضد الدولة والجمهورية: يهدف إلى فرز المجتمع وتقسيمه لإبقاء الجماعة أكبر مدة ممكنة.
يركز تقرير مركز العاصمة الإعلامي على إحصائيات ومشاهدات عام 2018 في مناطق سيطرة الحوثيين. 
حيث كشفت وحدة الرصد بمركز العاصمة الإعلامي، عن الخسائر البشرية لمليشيات الحوثي الانقلابية خلال 1 يناير/كانون الثاني إلى 30 ديسمبر/كانون الأول 2018، حيث لقي ما يقارب تسعة آلاف وثمانمائة مصرعهم في مختلف جبهات القتال، وذلك بغارات لقوات التحالف العربي ونيران الجيش الوطني بإسناد من المقاومة الشعبية.
وبحسب الإحصائية، فإن عدد القتلى من قيادات ميليشيا الحوثي بلغ أكثر من ألف، على رأسهم رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي صالح الصماد، الذي لقي مصرعه يوم 23 أبريل/نيسان 2018 في غارة جوية لمقاتلات التحالف استهدفته في الحديدة غربي اليمن.
ويعتبر الصماد المطلوب الثاني؛ خلف زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي؛ في القائمة السوداء التي أعلن عنها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وتضم 40 شخصا من قيادات ومسؤولي مليشيا الانقلاب.

مقتل المطلوبين
وبحسب الاحصائية، فإن خمسة أسماء على الأقل من بين قائمة الأربعين التي أعلنها التحالف العربي نهاية 2017، قد لقيت مصرعها بالفعل، فضلا عن إصابة آخرين منهم.
وتفرض ميليشيا تعتيماً عن عدد قتلاها في الحرب، لكن راصدوا مركز العاصمة الإعلامي تمكنوا من جمع هذه الأرقام عبر الأحياء والقرى ومقربين من أسر القتلى.
وعدا مقتل "الصماد" بغارة جوية في الحديدة يبرز بين القتلى اسم سفر الصوفي المطلوب رقم 15، وأحمد دغسان المطلوب رقم (22)، ومبارك المشن الزايدي المطلوب رقم (33)، وعلي ناصر قرشة المطلوب رقم (40)، كأبرز الأسماء التي تم القضاء عليها، فيما لا تزال الشكوك تحوم حول قيادات أخرى.



بيانات القتلى من القادة
بيانات مركز العاصمة الإعلامي تشير إلى أن (1003) من قيادات الحوثيين لقوا حتفهم في جبهات القِتال، خلال فترة التقرير عام 2018، فيما البقية هم من العناصر الجندية أو بمرتبة أقل من قيادي. وجاءت في صدارة القتلى بواقع (503) قيادي عقائدي وسلالي، وبنسبة 51% من اجمالي قتلى القيادات الحوثية.
وحلت في المرتبة الثانية القيادات العسكرية من وحدات تابعة للأمن المركزي والحرس الجمهوري، كانت قد انضمت للقتال في صفوف الحوثيين أبان تحالف صالح والحوثي، ولم يخرجوا من جبهات القِتال رغم قَتل الحوثيين للرئيس الراحل علي عبدالله صالح. وذلك بواقع (276) قيادي ميداني وعسكري وبنسبة 27%. وتأتي القيادات الميدانية من المشرفين ومسؤولي الحشد والتجنيد في المرتبة الثالثة بواقع (224) مشرف وبنسبة 24%.
وكان شهر سبتمبر/أيلول2018 في معارك الساحل الغربي الأكثر استنزافاً لقيادات المليشيات، حيث يحل في المرتبة الأولى من حيث عدد القتلى من القيادات الحوثية بواقع (145) قيادي حوثي بارز بينهم (78) قيادي عقائدي وسلالي و(67) قيادي ميداني ومشرفين، يليه شهر يونيو/حزيران2018 بواقع (125) قيادي حوثي ثم نوفمبر/تشرين الثاني الذي شهد مصرع (124) قيادي، ثم بقية الأشهر بأعداد متفاوتة.
وفي خارطة اشتعال المعارك في جبهات عديدة خلال العام المنصرم 2018م، فإن جبهة الحديدة تحتل صدارة الجبهات في استنزاف وحصد أرواح قيادات الحوثي الميدانية تليها نهم (شرق صنعاء) ثم صعدة (معقل الحوثيين) وصرواح (جنوب مأرب) والبيضاء وتعز وحجة والضالع.

جثث مجهولة ومقابر سرية جماعية
ويُتهم الحوثيون بأنهم لا يهتمون بالقتلى الذين يسقطون في صفوفهم، وأنهم لا يأبهون بانتشال جثث مقاتليهم الذين يُتركون في العراء، وقد يتعرض بعضها للتحلل أو نهش الكلاب الضالة.
ولوقت طويل تظل جثث قتلى مليشيا جماعة الحوثي ملقاة في الشعاب والجبال، إلى أن تلتفت إليها لجان المقاومة ورجال القبائل فيقومون بدفنها.
واتضح ان غالبية الجثث لقتلى عناصر الحوثيين والتي تسلم لأهلهم هي جثث وهمية وليست جثث أبناءها القتلى، كما تكتظ ثلاجات المستشفيات الحكومية والخاصة في العاصمة صنعاء لجثث الميليشيا أغلبها لقتلى مجهولي الهوية.
وباتت الجثث تسبب ضغطا كبيرا على ثلاجات المستشفيات، ما يدفع الميليشيا الى التخلص منها بكل الطرق غير المشروعة وغير الإنسانية.
وفي مارس/أذار 2018 أخرجت الميليشيا من مستشفى الكويت الجامعي بصنعاء ما يقارب من 50 جثة من ثلاجة المستشفى وجميعها لمجهولي الهوية، وبعضها لم يتبقى منهم سوى بعض الأشلاء وتم وضعها في مقطورة "حاوية" سيارة دينة والذهاب بها إلى خارج المستشفى.
وهو ما يوحي الى ان المليشيا تقوم بدفن قتلاها في قبور جماعية لتخفيف الضغط على ثلاجات المستشفيات بالعاصمة صنعاء وفي بقية المحافظات التي ما زالت تحت سيطرتها.

مهمشون وكبار سن بالإكراه
واتضح من خلال الرصد، استغلال مليشيات الحوثي فئة المهمشين، حيث عملت على تجنيدهم للقتال في صفوفها بالإكراه، وثبت مقتل عدد من المهمشين أثناء القتال في صفوف المليشيات.
كما أنها لم تستثنِ كبار السن حيث تم رصد قتلى من كبار السن في صفوفها.
وينتمي الأكثرية من قتلى الميليشيا إلى المناطق النائية المحرومة من التعليم والخدمات والتي تعاني الفقر، خاصة المحافظات الواقعة شمال الشمال (صعدة، عمران، ذمار، حجة، المحويت).

القتلى الأطفال
وبيَنت إحصائية مركز العاصمة الاعلامي، مقتل ما يقارب 3 آلاف طفل من ضحايا التجنيد والاستقطاب المستمر، دون سن الثامن عشر، وتجاوز عدد القتلى من المستويات العادية 4500 عنصر في مختلف جبهات القتال.
وواصلت مليشيات الحوثي الانقلابية خلال العام 2018م تجنيد آلاف الأطفال وبوتيرة عالية ومستمرة، واستحدثت خطط استراتيجية مختلفة لعملية التجنيد.
تركزت حملات التجنيد على خطة من عدة مراحل غالباً ما تبدأ بزيارات المدارس وتدشين فعاليات وبرامج طائفية وأنشطة ورحلات يتلقى من خلالها الأطفال محاضرات تحريضية ودروس طائفية تدعوهم للانضمام في صفوف المليشيات.
ويتم لاحقاً التنسيق بين المشرفين الحوثيين والإدارات المدرسية الموالية للمليشيات لتفريغ الطلاب (في الصفوف الأساسية جميع الطلاب أقل من 11 عاماً) لما يسمى بالدورات الثقافية وهي دورات طائفية تعقد في أماكن مغلقة ومعزولة لعشرة ايام متواصلة، من شأنها خلق قاعدة للاستيلاء الروحي على عقول الاطفال وتعبئتهم طائفياً بالأفكار التي تعتنقها مليشيات الحوثي.
لاحقاً يتم تكليف المشرفين في الأحياء بالنسبة للمدن ومشرفي القرى بالنسبة للأرياف بإعداد كشوفات بالأطفال الذين جرى اخضاعهم للدورات الطائفية، وبدورهم يقوم المشرفون بتجميعهم وإرسالهم الى معسكرات تدريبية على مجموعات ليتم إخضاعهم لدروة عسكرية ومن ثم ارسالهم الى جبهات القتال التابعة للمليشيات.
وكانت الوكالة الأمريكية أسوشيتد برس قد كشفت عن تجنيد الحوثيين 18 ألف طفل في صفوفهم منذ بداية الحرب في اليمن، بحسب اعتراف قيادي حوثي.
وأوضحت في تحقيق استقصائي نشرته نهاية العام المنصرم 2018، إن هذا الرقم أعلى من أي رقم تم الإبلاغ عنه سابقاً، حيث تمكنت الأمم المتحدة من التحقق من أكثر من ألفين وسبعمائة طفل تم تجنيدهم للقتال من قبل جميع أطراف النزاع، وكانت غالبيتهم العظمى من الحوثيين.

تمييز عنصري بين قتلاها
وحولت مليشيا الحوثي مراسيم دفن قتلى المليشيات الحوثية إلى مصدر أخر للاحتقانات والاستياء الشعبي، خصوصا في العاصمة صنعاء، وتعممت سلوكيات وممارسات التمييز الطبقي والتفضيل العنصري من الأحياء إلى الأموات.
وباتت مراسم ومواكب قتلى السلالة -التي تملك نفس نسب الحوثيين- وجنازاتهم كرنفالات صاخبة تطوف شوارع وأحياء العاصمة أمام أعين أسر فقدت أيضا أبناءها في جبهات الحوثيين ولكنها إما لا تعرف شيئا عن جثثهم أو أنهم دفنوا ببساطة وإهمال شديدين وكأنهم مجرد وقود للاحتراق في مرجل السلاليين.
وتجتهد المليشيات في تزيين وتسوير المقابر الخاصة بقتلاها، وتعشيبها وزراعة الازهار والورود فيها لتبدوا أكثر جاذبية، فيما تخصصها لدفن قتلاها المنتسبين للأسر الهاشمية "القناديل" دون غيرهم.


مقابر جديدة
ودرج الحوثيون على التكتم عن أعداد قتلاهم، في محاولة لرفع الروح المعنوية لدى أنصارهم، بيد أن المقابر التي يتم تشييدها بحضور عدد من مسؤولي الجماعة بصورة مستمرة، تكشف بجلاء الحجم المهول لأرقام قتلى الجماعة.
وأفتحت الجماعة مقابر جديدة في العاصمة صنعاء، في أحياء "الجراف" و"المطار الجديد" و"شارع خولان" وامتلأت خلال العام.
وحولت الميليشيا مدرجات محافظة صعدة شمال البلاد الأكثر خصوبة والتي كانت مخصصة لزارعة البن والرمان، إلى مقابر جماعية لقتلى الجماعة، حيث تعمد إلى تعشيب وزخرفة تلك المقابر في محاولة لإظهار الاهتمام بقتلاها الذين يسقطون في مختلف الجبهات، بغية استقطاب واستدراج مقاتلين جدد.
كما انشأت عشرات المقابر في كل المدن والأرياف اليمنية خلال الأربع السنوات الأخيرة.

أساليب التجنيد
استخدمت ميليشيا الحوثي مختلف أنواع الأساليب والوسائل لاستقطاب الشباب والأطفال للانضمام إلى صفوفها والزج بهم في محارق الموت بحربها العبثية.
وعمدت مليشيا الحوثي إلى نهب ومصادرة رواتب الموظفين في القطاعين المدني والعسكري لأكثر من عامين في انتهاج سياسة تجويع اليمنيين في ظل الحرب التي افتعلتها منذ انقلابها على السلطة في 21 سبتمبر 2014 والتي تسببت في اتساع رقعة الفقر وزيادة نسبة البطالة وانعدام فرص العمل وانعدام الدخل من أجل لجوء المواطنين إليها في نهاية المطاف والالتحاق في صفوفها لتوفير قوت يومهم ولقمة العيش لأسرهم كحد أدنى.
كما تقدم عناصر المليشيا الحوثية على التغرير ببعض السجناء وتدريسهم ملازم زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي وشقيقه الأكبر الصريع حسين الحوثي مؤسس الجماعة وإقناعهم بالالتحاق في صفوفها والتحرك إلى الجبهات لإسناد مقاتليها.
ولجأت مليشيا الحوثي إلى الفبركات الإعلامية وادعاء انتصارات لمقاتليها على قناة "المسيرة" والقنوات الفضائية المختطفة الخاضعة تحت سيطرتها لإخفاء هزائمها ورفع معنويات عناصرها على وقع الانهيارات السريعة والمتواصلة في صفوفها في المعارك بمختلف الجبهات وبشكل خاص جبهة الساحل الغربي.
وروجت المليشيات الحوثية عبر وسائل الإعلام الرسمية والخاصة التابعة لها عن حدوث "اغتصابات لنساء يمنيات" في المناطق المحررة بهدف التغرير على أبناء القبائل للانضمام في صفوفها والتحرك لرفد جبهاتها المنهارة.
وكثف مشرفو وقيادات المليشيا عقد اللقاءات القبلية وما يسمى "النفير العام" و "النكف" بشكل شبه يومي في مختلف المديريات بالمحافظات التي تسيطر عليها المليشيا الحوثية، والتي تهدف من خلالها الاستمرار في رفد الجبهات بالمجندين والعناصر الجدد الملتحقين في صفوفها تحت شعارات "الدفاع عن الأرض والعرض" و"تحرير الوطن من الغزاة والمرتزقة المعتدين".
كما أصدرت المليشيات الحوثية مؤخراً توجيهات بفرض دروسها الطائفية على كل موظفي الدولة كل يوم أربعاء من كل أسبوع وهددت المتخلفين عن الحضور باتخاذ ما أسمته "الإجراءات القانونية" بحقهم.
كما حول الحوثيون منابر الجوامع إلى منصات لبث سمومهم وأفكارهم المتطرفة والتحريض وحث المواطنين على الانضمام إلى صفوفهم والتحرك إلى الجبهات للقتال إلى جانبهم.
ومنذ انتهاء العام الدراسي 2017 / 2018 للطلاب وبدء الإجازة السنوية دشنت المليشيا الحوثية عبر ما يسمى بـ "الجناح التربوي" التابع لها المراكز الصيفية بصنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها وحولتها من مراكز تنميه النشء والشباب إلى مقرات لبث الكراهية والتحريض وغسيل الأدمغة وتغيير الثقافة الوطنية.
واستقبلت المراكز الصيفية الخاضعة لإدارة وسيطرة الحوثيين الكثير من الشباب والأطفال وسط مخاوف الآباء من تغرير القائمين على أبنائهم والتعبئة المغلوطة بالأفكار الطائفية والعقائدية المستوردة من إيران.
وثمة وسائل أخرى عديدة يستخدمها الحوثيون في استقطاب الشباب وخريجي الثانوية، بعضها خطيرة، وغير معهودة في المجتمع اليمني، كاستخدام الفتيات في محاولة كسب الطلاب الشباب والعمل على تعبئتهم تعبئة عنصرية ومذهبية.
يقول "صلاح أ."، خريج ثانوية عامة، مدرسة هائل- مديرية معين بالعاصمة صنعاء، ذهبت للتسجيل في أحد المعاهد القريبة لدراسة اللغة الإنجليزية، وبعد ثلاثة أيام جاءت اليّ فتاة وأنا في القاعة وقالت بأن أخوها كان يدرس معي في المدرسة وأخبرها عني بأنني طالب خلوق، وطلبت مني رقمي لان أخوها طلب منها ذلك، أعطيتها الرقم، فوجدت نفسي مضافاً في مجموعة "موالون أنصار الله وآل البيت (ع)"، ولما غادرت المجموعة إذا بالرسائل والاتصالات تتوالى وتسأل عن سبب مغادرتي، حتى اضطررت إلى تغيير رقمي.. (...)
أما "غمدان ب." خريج من إحدى المدارس بالصافية، فيحكي تجربته هو الأخر في هذا المضمار، قائلا: تعرفت عليّ بالصدفة فتاة في المعهد (تدريس انجليزي)، وقالت بأنها طالبة في مدرسة خديجة بنت خويلد، وظلينا على تواصل لمدة أسبوعين بشكل طبيعي، بعدها انتقلت معي إلى مرحلة أخرى من التعامل، حيث دعتني إلى حضور حفل إحدى المبادرات، ولما حضرت على أساس أنه الحفل، تفاجأت بأنها كانت عبارة عن محاضرة للمشرف أبو جبريل في قاعة أحد المباني الحكومية.
لكن الطالب (ع.م)، يؤكد أن الحوثيون يلجؤون احيانا إلى استخدام بعض الفتيات لأقناع الشباب بالالتحاق بهم، غير أن معظمهن لسن من أصول هاشمية، لأن الهاشميات -حسب ما يقول- غير مسموح لهن ذلك، إلا بالنادر، وربما للضرورة فقط.