بعد انقلاب مليشيا الحوثي الانقلابية على الدولة نهاية 2014, بكامل مؤسساتها ومواردها العامة، لجأت للسيطرة على القطاع الخاص، وشرعت في مضايقة الشركات الخاصة، وأنشأت أسواق سوداء في مختلف القطاعات في النفط والاتصالات والكهرباء والأدوية، والعقارات وغيرها.
القطاع الصحي وسوق الأدوية لم يكن بمنأى عن أعين المليشيا وجشعها، بل وضعت عينها ومنذ البداية عليه، وأنشأت شركات خاصة تنافس الشركات المحلية من جهة وتضايقها من جهة أخرى، للتخلص منها وإجبارها على مغادرة البلاد، ولتحقيق ذلك اختلقت مسميات جديدة كمبرر لنهب القطاع الخاص وخصخصة العام.
لوبي جديد
بعد عجز مليشيا الحوثي الانقلابية عن السيطرة على قطاع الأدوية، لجأت لإنشاء ما يعرف بـ"الهيئة العليا للأدوية" كمظلة تتحكم بسوق الأدوية بعيداً عن وزارة الصحة الخاضعة لسيطرتها.
وبحسب مصدر مسئول بوزارة الصحة الخاضعة لسيطرة المليشيا، فإن الهيئة الجديدة يعمل فيها لوبي كبير، يقوم بمنح التراخيص للشركات الدوائية الموالية للمليشيا، كما تقوم بمضايقة الشركات الأخرى عبر الإتاوات والابتزاز والتعسفات الأخرى.
ويضيف المصدر في تصريح لـ"العاصمة أونلاين"، "يقوم الحوثيون وعبر الهيئة المشكلة بإعطاء الوكالات المستوردة لموالين لهم، بما يجعلهم يظهرون كلوبي متحكم بالسوق الدوائي، يفتعلون أزمات ويخلقون مبررات لرفع الأسعار وانشاء الأسواق السوداء.
شرعنة النهب
ولتسهيل عملها في السيطرة على السوق الدوائي، قامت مليشيا الحوثي بسن تشريعات جديدة عبر يما يسمى بمجلس النواب الخاضع لسيطرتها، تقضي بإعادة هيكلة سوق الأدوية، وذلك من خلال فرض قوانين تسهل عليهم دعم تجار موالين لإحلالهم كبديل عن التجار المناوئين.
وفي هذا الصدد، قامت مليشيا الحوثي الانقلابية بهيكلة المجلس الطبي الأعلى، وتعيين موالين حتى تتمكن من السيطرة أكثر على السوق الإيرادي وإحكام قبضتهم عليه, ومن خلاله تمنح تراخيص لمن تريد وتمنعها عمن تريد.
كما تم هيكلة الاتحاد العام للمستشفيات الخاصة بصنعاء، وكثير من المحافظات، بما يجعل من هذه المؤسسات المدنية واجهة لهم ومنفذة لأجنداتهم.
مضايقات
ولإكمال هدفها في السيطرة على القطاع الصحي، عمدت المليشيات الى التضييق على القطاع الخاص من مستشفيات ومراكز صحية والعمل على إنشاء بدائل موالية لها.
كما ضغطت المليشيات على المنظمات المانحة بإعادة افتتاح شركات الأدوية، وبمبالغ خيالية وإلزام الشركات والمستشفيات بشراء منتجاتها، كواحدة من أهم وسائل الدعم الغير المباشر التي تقدمه الأمم المتحدة للحوثيين.
حيث تم مؤخرًا إعادة فتح "شركة يدكو" بصنعاء، و"شركة شفاكو" باسم دعم اليمن، وهي دعم خاص للحوثيين، وبشكل غير مباشر، وذلك كون هذه المنتجات تباع بأسعار خيالية لا تهدف لدعم الاقتصاد الوطني بقدر ما تهدف لزيادة ثراء الحوثي، ودعم مقاتليه.
غسيل أموال
أصبحت الأدوية المقدمة من المنظمات واحدة من عمليات غسيل الأموال التي تستخدمها الأمم المتحدة لدعم الحوثيين، حيث تقدم المنظمات الدولية أطنان من الأدوية لليمن بشكل متواصل بينما يقوم الحوثيون بإخفائها وبيعها في الأسواق السوداء للأدوية.
مواطنون يؤكدون لـ"العاصمة أونلاين" أنهم يضطرون لشراء بعض الأدوية باهظة الثمن ويدفعون مبالغ طائلة، مقابل الحصول عليها وأصبحت بعض الأدوية الضرورية تباع في الأسواق السوداء، بالرغم من أنها تقدم مجاناً من منظمات دولية.
ويضيفون" مثلاً : لقاح داء الكلب، تقدمه المنظمات الدولية مجاناً ويتم إخفاؤه، ويضطر الناس لشرائه بمبلغ يصل إلى 15 الف ريال، فيما هو يصرف مجاناً من الأمم المتحدة.
مشيرين إلى أن أدوية الأمراض المزمنة والخطيرة مثل الصرع والسكري كثيراً منها يتم إخفاؤها، من قبل المليشيا ويؤكدون أن المليشيا تقدمها لجرحاها، فيما تقوم ببيع البعض الآخر كسوق سوداء تدر عليهم أموال طائلة.
تنسيق إيراني
التدخل الإيراني في قطاع الأدوية، ظهر جلياً للعيان في الآونة الأخيرة انتشرت شركات دوائية إيرانية بشكل مخيف في العاصمة صنعاء, حيث أصبحت تكتسح سوق الأدوية وبسرعة عجيبة.
في واحدة من عمليات الدعم الإيراني الذي تقدمه لأذرعها في اليمن "مليشيا الحوثي الانقلابية"، إضافة للدعم المالي الغير مباشر، سواء عبر النفط، أو الأدوية، حيث يتم دعمهم باستيراد أدوية ومستلزمات طبية، يستفيدوا من عوائدها لشن حربهم على اليمنيين.
وبحسب أحد الصيادلة في صنعاء، فإن عدد الأصناف الدوائية الجديدة التي دخلت اليمن منذ بداية الحرب تجاوزت 60 صنفاً، معظمها إيرانية الصنع.
استغلال الوباء
استغل الحوثيين انتشار بعض الأوبئة في صنعاء كالكوليرا، للترويج لمنتجات حديثة دخلت السوق، وإجبار المستشفيات والمراكز الصحية والمنظمات لشرائها، كوسيلة من وسائل الربح غير المشروع، وغسيل الأموال، حيث تصب في مصلحة الهدف الحوثي بسوق الأدوية، كما تستهدف من خلالها غطاء لاستقبال الدعم المقدم من الخارج.
وتسعى الميليشيات لإنشاء "مدينة طبية" في محيط صنعاء، لتكون عبارة عن مجمع لصناعة الأدوية تابعة لهم، لتستكمل خطتها وتحكم السيطرة على القطاع الصحي والسوق الدوائي بشكل نهائي وحتى يبقى المرضى تحت رحمة أدويتهم.