اختفت الكثير من المظاهر التي كانت تتميز بها صنعاء وغيرها من المدن اليمنية المحتلة من قبل مليشيا الحوثي، كما تلاشت الفعاليات الثقافية النوعية التي كانت ترافق قدوم الشهر المبارك مثل مهرجان الإنشاد اليمني وبرامج حفظ القران، والبرامج الرمضانية الميدانية.
ويعتبر مهرجان الإنشاد بمثابة بصمة خاصة من بصمات مدينة صنعاء، ليحل مكانها أنين الناس وشكواهم التي لا تنقطع نتيجة التدهور المستمر في الوضع الاقتصادي وما يرافقه من غلاء فاحش في الأسعار، إضافة إلى المعاناة الأساسية التي رافقتهم من الأعوام السابقة والمتمثلة في انقطاع التيار الكهربائي بصورة كلية وانعدام الغاز المنزلي الذي يستخدم في الطبخ.
بدأ رمضان منذ السنوات الأخيرة يزداد سوءاً، مما جعل الكثير يفترون عن الاستعداد لليالي الرمضانية بعد سيطرة المليشيات الحوثية على صنعاء في 2014م، بل جعلتهم يفقدون فرحتهم وسعادتهم بسبب الممارسات المفروضة عليهم، واختفت الأسواق الشعبية وقل الباعة وكثر المتسولون والمعوزون فيها.
عادات وتقاليد اختفت
يعتبر شهر رمضان بالنسبة لليمنيين شهر متنفس وراحة وصلاة وقيام وقراءة للقران، فهم يستعدون لرمضان من خلال توفير حاجياته الأساسية، وتعمل النسوة باليمن على إعداد طعام الإفطار بنكهات مختلفة وأكلات متواضعة وعديدة.
صالح مسعد من حراز يتحدث لـ "الصحوة نت "بقوله: "مع سيطرة الجماعة الحوثية لم يتبق لليمنيين شيء ليفرحوا به، لقد صار قوت يومهم هو الأهم من بين كل شيء، ناهيك عن الارتفاع المهول للأسعار وضياع الكثير من الأسر وتشتتها بسبب ظلم الحوثيين وتقيدهم بالواقع المأساوي الذي يعيشونه".
"شيماء محب " ربة بيت تضيف لـ"الصحوة نت: "لم تعد الفرحة ترتسم على وجوه الاطفال فلم يعد يستطيع الكبار شراء شيء، مظاهر الحياة اختفت والأمر صار مقصورا على الميسورين من الحال بعدما كان رمضان للجميع، لقد صار رمضان هذه السنة للهوامير والمشرفين ومن لف حولهم وصدق كذبهم".
في الريف اليمني كان لرمضان مذاقه الخاص، روحانية اختفت مع مرور سنوات حكم المليشيا، فلم يعد الناس يبيضون منازلهم بمادتي الجص والنورة، وهي الأشياء الرخيصة اللتين تستخرجان من مناطق معينة في الجبال اليمنية وتصنع محلياً بطرق تقليدية.
وخلال حديث المواطن "معين القدس" عن عادات وتقاليد رمضان التي اختفت أجاب من ناحية واحدة فقط:"عندك شيء واحد وأنت قيس البقية عليه، صلاة التراويح والقيام أصدر قرار بمنع تشغيل مكبرات الصوت، يعني رمضان والجو الروحاني كله إنتهى، وغير هذا معك تجهيزات رمضان يعني معظم ما يميز رمضان اختفى."
غياب الزيارات والتكافل
من ناحيته يقول المهندس عبد الله من محافظه تعز عن وضعه وهو يعمل طول وقته في ورشة سيارات: "زمان كنا في رمضان ولا نشتغل ولا نتعب أرواحنا، رمضان هذا نسافر فيه البلاد عند عيالنا وأسرنا، نجلس نشقي طول السنة ونجمع لنا مبلغ ونروح، رمضان هذا واللي قبله ولا قدرت أتحرك لا بيدي نقود، كله تعب في تعب وإرهاق نفسي، حتى أنني والله أفكر أزور أسرتي ولا قدرت." وامتلأت عيونه بالدموع..
وهكذا يتحدث اليمنيون حول هذا الأمر، "جلال القرماني" رجل فقير يسكن في أحد أحياء صنعاء يشكوا من صعوبة الحياة وضغطها عليه، يبلغ من العمر 40 عامًا ولديه خمسة أطفال يقول : "كان رمضان هذا يزورونا فيه أهل الخير ويمنحونا قليل من الأشياء فوق اللي معنا وربك يعين، رمضان اللي قبل هذا ورمضان هذا ولا أحد زارنا حتى جيراننا اللي وضعهم مستقر والله ما وصل عندنا واحد".
ويتحدث أحد العاملين بالأجر اليومي للآن لم يستطع توفير مصاريف لشراء حاجيات رمضان لأسرته، رغم أنه يعمل بشكل يومي وبصورة متقنة..
ويضيف: "كان رمضان بالنسبة لي ولأسرتي بمثابة عيد نمارس فيه طقوسًا مختلفة ونحوله إلى شهر نلبي فيه احتياجاتنا كاملة، لكن الآن لم يعد رمضان لي سوى كابوس لم أستطع فيه حتى توفير الأشياء الأساسية للأسرة".