�حسب للشعب اليمني بأنه لم يستسلم لمخططات إيران في بلدهم, ربما خدع البعض منهم بالشعارات التي رفعتها مليشيا الحوثيين منذ انقلابها على الدولة في العام 2014م إلا أن الرفض يتسع يوماً بعد آخر لأفكارها المستوردة من حوزات "الملالي" في قم والنجف.
وأيد الشارع اليمني انتفاضة العراقيين على جلاديهم في حين بدت مواقف الحوثيين متقاربة مع النظام الإيراني الذي يرى أن بغداد ستتحرر من قبضته, وأن هذا الخروج ليس فقط من أجل إسقاط النظام الحاكم, إنما من أجل رسم مستقبل جديد لأرض الرافدين, وهو ما ستتبعه دول أخرى أطلق عليها من قبل "الهلال الشيعي" التي سيطرت عليها طهران عبر أذرعها الطائفية كلبنان واليمن على حد سواء.
الخروج العراقي حمل رسائل عدة منها أن الشعب هو الورقة الرابحة, وأن المشاريع المفروضة عليه, لها زمن انتهاء, وأن أدوات البطش وأساليب الفساد لن تجدي معه نفعاً, وهي الرسائل التي تصب في خانة الشعوب الأخرى ومنها اليمن, التي ظهر الحوثي فيها متطرفاً, مؤدياً دور الأبوية التي ثار عليها اليمنيون عبر صراعهم الطويل مع الإمامة المستبدة.
وتشير الدلائل أن مشروع الحوثي فشل قبل أن يستحكم في اليمن, فتجريفه للهوية يلاقي مقاومة كبيرة حتى في المحافظات التي ما زال مسيطراً عليها, إضافة إلى أن أساليب التجويع والتركيع, سيقاومها اليمنيون بكل ما يمتلكوا من وسائل ومنها المدنية, وإن حاول الحوثيون قمعها إلا أن الشعب إذا خرج لن يستطيع أحد ردعه بعدها.
الاحتفالات الأخيرة بأعياد الثورة اليمنية (26 سبتمبر و14 أكتوبر) أظهرت تفاعلاً شعبياً كبيراً, يقابله فشل حوثي في تهميشها وتقزيمها من الذاكرة اليمنية, على حساب أعيادها الطائفية, وهو ما يؤكد أن مشروع الحوثيين شارف على الانتهاء.
ويتداول ناشطون صوراً ومقاطع مصورة لمواطنين يفتتحون أعراسهم وحفلات الزواج بالنشيد الوطني, كتعبير شعبي وبطريقة عفوية رافضة لتجريف الحوثيين للهوية الوطنية وهو ما يمكن قراءته بأن هذه الظاهرة مقدمة لثورة عارمة على كل مظاهر الاستبداد الحوثية.
عن ذلك يقول الصحفي علي عزي بأن ظاهرة افتتاح الأعراس في الصالات بالنشيد الوطني والسلام الجمهوري في مناطق سيطرة الحوثيين، "هو رفض بطريقة دبلوماسية لدعوات الإمامة والعودة لعصور الكهنوت والظلام وإعلان ذكي للتمسك بقيم الجمهورية والثورة، ورفض لأحفاد الإمامة"
وتؤكد تغريدات الإعلاميين والناشطين اليمنيين بأن ثورة المدن العراقية ستصبح قريباً في العاصمة "صنعاء" منهم (محمد دبوان المياحي) الذي يرى بأن اختراق إيران للعراق فشل, كما فشلت تجربة 16 سنة من الحكم الطائفي.
وقال المياحي في سلسلة تغريدات له في وسائل التواصل الاجتماعي "تويتر " "بأن الشعب العراقي المرهق الجريح ينتفض ضد الهويات الصغيرة ويهتف باسم الأمة الجامعة, اليوم في العراق وغدًا في صنعاء يا عبدالملك" في إشارة إلى زعيم مليشيا الحوثيين في اليمن عبدالملك الحوثي.
وأضاف محمد المياحي بأنه "إذا كان هناك من أحد يجب عليه أن يتأمل أحداث العراق ويراجع حساباته فهو الحوثي, عليه أن يستوعب أن الشعارات الطائفية لا تبني دولة وأن الرغبة بتزييف هويات الشعوب وطمس قوميتها حلم مستحيل".
الناشط محمد المقبلي يرى بأن الانتفاضة الثورية للشعب العراقي خلقت واقعاً مهماً, وافصحت عن ميلاد جديد للعراق, إضافة إلى أنه رقم صعب, مؤكداً بأن "سنوات الاحتلال و الحرب والتجريف والدم والطائفية لم تقتل روح الحرية والهوية الوطنية للعراق العظيم".
وتشهد العراق منذ الثلاثاء الماضي مظاهرات عارمة بدأت في العاصمة بغداد لتمتد إلى محافظات أخرى اكتست بالصبغة الحمراء, جراء العنف الذي مارسته قوى الأمن للنظام المدعوم إيرانياً على المتظاهرين متسببين بمقتل العشرات وإصابة الآلاف.