تشهد محافظة عدن في منذ ثلاثة أشهر الماضية عملية "اغتيالات" مختلفة طالت عدد من الشخصيات المدنية والأمنية، إلى جانب حالة الفوضى أمنية التي تجسدت من خلال المداهمات والاعتقالات وحالات الخطف مجهولة الفاعل.
ووثقت إحصائية خاصة لـ "الخبر بوست" فقد سجّل الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر 2019، 6 حالات اغتيالات، فيما بلغت عدد الاغتيالات في شهر سبتمبر وأغسطس 2019 المنصرمين 59 حالة قتل، إلى جانب 52 حالة إصابة، الأمر الذي أثار غضب سكان المحافظة، الذين بدورهم وجهوا أصابع الاتهام إلى قوات المجلس الانتقالي، المسيطرة على المحافظة منذ انقلاب العاشر من أغسطس الماضي.
وكان شهر أغسطس هو الأكثر دموية، حيث بلغت ضحايا المواجهات المسلحة بين قوات الحكومة الشرعية من جهة وبين قوات المجلس الانتقالي 17 حالة قتل، بينهم امرأة وطفلين، إلى جانب 25 حالة إصابة، وبينت عملية الرصد الميداني معظم الضحايا المدنيين سقطوا في مديريتي كريتر ودار سعد.
وبلغت حصيلة ضحايا الهجوم الصاروخي الذي تبنته جماعة الحوثي في الشهر نفسه على معسكر "الجلاء" في مديرية البريقة 17 حالة قتل، و18 حالة إصابة، بينما أودت العملية الإرهابية التي تبناها "تنظيم داعش" على مركز شرطة في مديرية الشيخ عثمان 13 حالة قتل،و 17 حالة إصابة، بينهم ثلاثة مدنيين.
فوضى أمنية
ورصد "الخبر بوست" عدد من الحالات التي تعرّضت للقتل والاغتيال بطرق مختلفة مطلع أكتوبر الجاري، أغلبهم مدنيين، في حين لم تباشر سلطة الأمر الواقع التابعة للانتقالي القيام بأي خطوات عملية لحماية المواطنين.
ومع تفشي حالات القتل من خلال مباشرة الاغتيالات في وضح النهار، في شوارع عدن المكتظة، وجوار الفنادق، وفي السواحل، بدأ الخوف يسيطر على شريحة واسعة من سكان المدينة، وأصبحت هذه الجرائم حديث الساعة في العاصمة عدن.
ضحايا بالعشرات
تمثلت أولى حالات القتل في عدن من خلال قتل الشاب محمد مهدي يسلم (23 عاما) من محافظة أبين، توفي بعد تعرضه للتعذيب في أحد السجون التابعة للواء الخامس الذي يقوده صالح السيد، وظلت الجثة 12 يوم في مستشفى "ابن خلدون" بمحافظة لحج قبل أن يتم إبلاغ أسرته.
كما عثر في اليوم نفسه على جثة مجهولة الهوية في صحراء منطقة صلاح الدين غرب عدن، متحللة غير واضحة الملامح عليها آثار الإعدام، ونقلت الجثة إلى ثلاجة حفظ الموتى في مستشفى الصداقة بالشيخ عثمان.
وتعرض مدير مطاعم الحمراء "عادل دعدع العولقي" في التاسع من أكتوبر 2019، الى عملية اغتيال أمام مرأى المارة في مدينة خور مكسر خلف محطه "الذيباني" وعلى بعد 20 متر من دورية أمنية، وبالقرب من معسكر "بدر" التي تسيطر عليه قوات الانتقالي. وقد أثارت الحادثة الكثير من التساؤلات عن المنفذ، وفي اليوم نفسه عثر على سائق شاحنة يدعى محمد عبده ثائر من أبناء مدينة أرحب بصنعاء؛ مقتولاً بطلق ناري، في منطقة أبو حربة التابعة لمديرية البريقة.
بذات الأسلوب قتل مواطن يدعى "رؤوف خالد" وإصيب آخر يدعى "هشام صالح" بجانب محل بيع نبتة "التنمبل" في مديرية الشيخ عثمان، بعد قيام مجهولين بإطلاق النار عليه من مسدس، ولاذا بالفرار.
وفي الثاني عشر من أكتوبر 2019، عثر مواطنون على جثة العقيد فضل محسن الشبحي رئيس الدائرة الفنية في اللواء الثالث دعم وإسناد، مقتولًا في حي الصولبان الواقع شرقي مدينة خورمكسر في العاصمة المؤقتة عدن، وعليه آثار طلقات رصاص في الرأس وهو مضرج بالدماء.
مخاوف
هشام باعوضه، مدير مدرسه 30نوفمبر بمديرية الشيخ عثمان، الذي تعرض لاعتداءات يقول لـ "الخبر بوست": بعد منتصف الليل داهمت قوة أمنية تابع للانتقالي؛ منزلي ومنازل جيراني وحطموا الأبواب وداهموا المنازل بقوة السلاح، بذريعة البحث عن مطلوبين في منازلنا.
يضيف: قاموا باعتقال بعض الشباب وكبار السن، من ضمنهم أحمد سعيد عبده لاعب نادي الوحدة سابقًا، وأصيبت فتاة في العملية بطلق ناري من قبل القوات المداهمة.
وفي تسجيل مرئي لمرأة "مسنة" من عدن تتحدث من على سرير بمستشفى الجمهورية بخور مكسر، قائلة: إن قوة أمنية اقتحمت منزلها وأطلقت النار عليها وعلى ابنتها.
تداعيات الفوضى
تعاقبت أحداث الاغتيال والفوضى الأمنية التي حدثت في عدن خلال الـ 75 يوماً الماضية والتي تسببت بحدوث 65 حالة قتل، و52 حالة إصابة، تسبب فيها المجلس الانتقالي، حيث خلف انقلابه على الحكومة الشرعية في عدن مطلع أغسطس الماضي، 17 حالة قتل وُجهت فيها اتهامات الى قوات المجلس الانتقالي.
وخلال الشهرين الماضيين، لوحظ تزايد حالات الاغتيال في عدن، بين الفصائل المسلحة الجنوبية، وشهدت مديرية الشيخ عثمان ازديادًا ملحوظًا في معدلات الاغتيالات المحلية بمعدل 11 عملية اغتيال لتعكس صورة عن غياب الضبط الأمني؛ حيث جاءت "الشيخ عثمان" في المرتبة الأولى من بين أكثر المناطق استهدافًا، تلتها مديرية البريقة والمنصورة بـ 4 حالات اغتيال، لتأتي بعدها مديرية المعلا وخور مكسر بواقع 4 حالات، ثم مديرية دار سعد بواقع حالة واحدة.
ولم تتوفر أية معلومات عن أسباب عمليات الاغتيال خلال الشهرين الماضيين، وكان الاستهداف المباشر بالنار؛ أكثر الطرق المستخدمة في عملية الاغتيال، فيما تشهد المدينة زيادة في عوامل التدهور الأمني وغياب مؤشرات الاستقرار، الأمر الذي سينعكس سلباً على الواقع المعيش للناس.
يشار إلى أن أغلب المستهدفين في عمليات الاغتيال بعدن، منتمون إلى مقاومة عدن التي تصدت لاجتياح جماعة الحوثي في 2015، إلى جانب مدنيين من أبناء المدينة. وقد تركزت حالات الاغتيال قبل عملية الانقلاب على شخصيات سياسية ودينية.
ويتزايد التدهور الأمني في محافظة عدن بعد سيطرة قوات الانتقالي على زمام الأمور في المدينة في أغسطس الماضي، إلى جانب تدهور الخدمات الأساسية في المدينة وانعدام حالة الآمان الضامن لحياة المدنيين.