تواصل دولة الإمارات حياكة مؤامراتها بغرض فرض نفوذها وسيطرتها على جزيرة أرخبيل سقطري الاستراتيجية في اليمن ضمن حربها الإجرامية على البلاد المستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام.
وعمدت الإمارات في الساعات الأخيرة إلى القيام بتحركات ميدانية للتصعيد في جزيرة أرخبيل سقطرى ضمن مسلسل طويل من محاولات بسط نفوذها فيها.
واستهدفت التحركات الإماراتية التصعيد المتعمد ضد السلطة المحلية في الجزيرة عبر تحريك مليشيات مدعومة من أبوظبي للانتشار في الشوارع، وإقامة اعتصام أمام بوابة مقر السلطة المحلية في المحافظة، للمطالبة بالإطاحة بالمحافظ رمزي محروس.
وشمل التصعيد الإماراتي نشر أطقم مسلحة أستقدمها الإماراتيون منذ أشهر لدعم ما يعرف بـ”الحزام الأمني”، وهي القوة التي تعتبرها الحكومة اليمنية والسلطة المحلية عناصر مسلحة خارجة عن القانون.
وجاء التصعيد بعد أيام من قرار اتخذه محافظ سقطرى للحدّ من التحركات الإماراتية المعادية في الجزيرة، وتمثل بمطالبة الزائرين الأجانب بالحصول على تأشيرة “فيزا” للوصول إليها. وعلى أثر القرار، منعت قوات الجيش والأمن اليمنية في الجزيرة طائرة إماراتية من إنزال ركابها بسبب عدم اتباعها الإجراءات القانونية لدخول الجزيرة، الأكبر في اليمن.
وشكلت سقطرى محطة بارزة في الأزمة بين الحكومة اليمنية والإمارات، مع الإصرار الذي تبديه الأخيرة لفرض نفوذها في الجزيرة، على الرغم مما تواجهه من رفض محلي وموقف حكومي يعتبر أنشطتها في الجزيرة تعدياً على السيادة اليمنية، وتهديداً لأمن واستقرار الجزيرة المدرجة على قائمة التراث العالمي.
في غضون ذلك، أمهل محافظ جزيرة سقطرى اليمنية رمزي محروس، مساء اليوم الأربعاء، عناصر “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم من الإمارات “ساعات” لرفع اعتصامهم، حسبما ذكرت وكالة “الأناضول”.
ووفقاً للمصادر، شاركت في التصعيد أطقم عسكرية أرسلتها الإمارات إلى سقطرى منذ أشهر، غير أنها تحاول “إثارة الفوضى”، وفق تعبير المصدر، بأيدي محليين موالين لها.
وسبق أن احتجت الحكومة اليمنية، أكثر من مرة، على الممارسات الإماراتية في سقطرى، واعتبرتها تهديداً للجهود السعودية المبذولة للتهدئة في الجنوب اليمني.
ومن شأن أي تجاهل للمخاطر التي تهدد سقطرى نتيجة التحركات الإماراتية، أن يلقي بظلاله على اتفاق مقرر توقيعه في العاصمة السعودية الرياض للحل السياسي في اليمن، حتى في مرحلة التنفيذ، التي ستبقى مفتوحة على مختلف الاحتمالات.
واتفاق الرياض، الذي جرى التوصل إلى صيغته شبه النهائية منذ أسبوع، جرى التفاهم على أن يوقع بفعالية رسمية خلال الساعات المقبلة بعدما تأجل ذلك لموعدين متتاليين، يومي الأحد والثلاثاء الماضيين، لأسباب مرتبطة بالملاحظات النهائية المقدمة بشأن صيغة الاتفاق، بالإضافة إلى الترتيبات الفنية الخاصة بمراسم التوقيع.
ومن المقرر أن يجري التوقيع بحضور الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وأبرز مسؤولي الحكومة اليمنية، بالإضافة إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وعددٍ من القيادات السعودية، فضلاً عن الحضور الدبلوماسي الذي يشمل سفراء الدول المعتمدين لدى اليمن، بما في ذلك سفراء الدول الخمس الكبرى، ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث.
وخلال الأيام القليلة الماضية، دفعت السعودية بمزيد من قواتها إلى عدن، بما في ذلك آليات ثقيلة وصلت على متن سفينة إلى ميناء الحاويات، بعدما أعلنت رسمياً عن تسلمها قيادة التحالف بالمدينة من الإماراتيين.
ويقول مسؤولو الحكومة اليمنية إن تعزيزات الجانب السعودي تأتي في إطار الضمانات المطلوبة لتنفيذ الاتفاق، إذ ستتولى الإشراف على عملية التنفيذ، بما في ذلك البنود الأمنية الخاصة بإخراج المعسكرات من عدن وجعل الانتشار فيها محصوراً بقوات الأمن المحلية ولواء من الحماية الرئاسية، بالإضافة إلى قوة خاصة بحراسة قيادات “الانتقالي”.
وتتباين التقييمات والآراء اليمنية تجاه الاتفاق وإجراءات تسليم الإماراتيين عدن إلى السعوديين، إذ أبدت الحكومة موقفاً إيجابياً واضحاً تجاه صيغته الأخيرة، المُسربة منذ أسبوع واعتبرتها ترجمة للموقف السعودي المعلن بدعم “الشرعية”. في المقابل، يرى المتحفظون أن ما يجري يعطي مشروعية لما يصفونه بـ”التمرد في عدن”، وبأنه استبدال لوصاية إماراتية بسعودية. ويجمع كلا الرأيين، المؤيد والمتحفظ، على أن مرحلة التنفيذ هي الاختبار الحاسم لمختلف الإجراءات.
من جهتها أعلنت الإمارات أمس الأربعاء، عودة قواتها العاملة في محافظة عدن جنوبي اليمن، بعد تسليمها للقوات السعودية واليمنية حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، قبل ساعات من الموعد المرتقب للتوقيع على اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والانفصاليين برعاية السعودية.
وقال بيان نشرته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، إنّ “القوات العاملة في عدن عادت إلى أرض الوطن بعد تحرير (المدينة) وتأمينها وتسليمها للقوات السعودية”.
وأضاف البيان أنّ الإمارات ستواصل حربها على “التنظيمات الإرهابية” في المحافظات اليمنية الجنوبية الأخرى.
وأول أمس الثلاثاء، وصلت إلى مدينة عدن دفعة جديدة من القوات السعودية، بالترافق مع ترتيبات تسلُّم قيادة التحالف في المدينة من الإمارات، وفي ظل ترقب في الأوساط اليمنية لفعالية توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والانفصاليين.
وجاء وصول قوة سعودية إلى عدن بعد يومين من إعلان الرياض رسمياً تسلمها قيادة التحالف في المدينة من الإمارات في إطار عملية “إعادة تموضع”، بعد أن كانت الكلمة الأولى في عدن للإمارات منذ سنوات.
وتحول الوجود الإماراتي في عدن إلى أزمة للحكومة اليمنية منذ سنوات، ووصل الخلاف إلى أشده في أغسطس/ آب الماضي، عندما قام الانفصاليون الموالون لأبوظبي بانقلاب متكامل الأركان انتهى بالسيطرة على المدينة.