شكلت عملية إطلاق النار في قاعدة عسكرية بولاية فلوريدا، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة سبعة آخرين، صدمة في الولايات المتحدة وإحراجا كبيرا للمملكة العربية السعودية بعد الإعلان عن أن المشتبه بتنفيذها هو عنصر في قواتها الجوية كان في زيارة تدريبية للقاعدة.
وقد سارع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى شجب واستنكار الهجوم الذي وصفه بأنه جريمة شنعاء.
وأشارت وسائل إعلام أمريكية إلى أن المشتبه به هو محمد سعيد الشمراني، وهو طالب متدرب من سلاح الجو السعودي، وقد أطلق النار على زملائه قبل مقتله في موقع القاعدة البحرية في بنساكولا التي تضم أكثر من 16 ألف عسكري و7400 مدني.
فمن هو الشمراني وماذا كان يفعل في القاعدة الأمريكية وما الدوافع المحتملة وراء إطلاق النار؟
نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصدر عسكري أمريكي قوله إن الشمراني يحمل رتبة ملازم ثانٍ في الجيش السعودي، وانخرط ببرنامج التدريب على الطيران بقاعدة بنساكولا البحرية والجوية في فلوريدا منذ عام 2017، وكان من المفترض أن ينهي تدريبه في يناير/كانون الثاني 2020.
وما زالت التحقيقات حول ملابسات الهجوم قائمة، ولم يتوصل فريق التحقيق إلى كيفية إدخال الشمراني مسدسا معه إلى القاعدة التي يُمنع فيها حمل السلاح.
وليس هناك الكثير من المعلومات عن الشمراني، أو ما يلتفت النظر في سيرته قبل وقوع حادث إطلاق النار سوى سيرته العادية كعسكري في الجيش السعودي.
بيد أن موقع "SITE Intelligence Group" المختص في متابعة أنشطة الحركات المتطرفة في الإنترنت ووسائل الإعلام، نشر معلومات عنه إلى جانب صورة بطاقة دخوله إلى القاعدة، تشير إلى وجود ميول متطرفة لديه.
وأورد الموقع أن الشمراني نشر، قبيل تنفيذ الهجوم ومقتله، بيانا قصيرا على "تويتر" قال فيه: "أنا ضد الشر، وأمريكا عموما تحولت إلى دولة شر".
ونشر الموقع بياناً نسب إلى الشمراني يقول فيه: "أنا لست ضدكم لأنكم أمريكيون، ولا أكرهكم بسبب حرياتكم، بل لأنكم تدعمون وتمولون وترتكبون جرائم ليس فقط ضد المسلمين بل ضد الإنسانية، أنا ضد الشر، وأمريكا عموما تحولت إلى دولة شر".
ويرى الموقع أن الشمراني ربما نفذ تلك العملية بدوافع إرهابية لأنه اقتبس تصريحات لزعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، ولا يستبعد أن يتنبى "تنظيم الدولة الإسلامية" الحادث.
وأشارت مصادر إلى أن أغلب منشورات الشمراني على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، كانت دينية.
ولم يتسن لنا التأكد من ذلك ومن البيان المنسوب إلى الشمراني لتعطيل حسابه على تويتر بعد الحادث.
متدرب سعودي يقتل ثلاثة في إطلاق نار قاعدة للبحرية الأمريكية بولاية فلوريدا
هل أهملت الولايات المتحدة مكافحة تطرف جماعات "تفوق البيض"؟
ومن المعروف أن وزارة الدفاع الأمريكية تتحقق من خلفيات المتدربين وأيديولوجياتهم وسلوكهم الاجتماعي وإن كانت لهم ميولات متطرفة أو صلة بالإرهاب، فكيف إذاً نفذ الشمراني عمليته؟
ثمة عدة روايات تواصل الجهات المعنية النظر فيها في سياق التحقيقات المستمرة في الحادث.
وقال قائد شرطة مقاطعة إسكامبيا، ديفيد مورغان، إن المشتبه به كان يحمل سلاحا شبه أوتوماتيكي، بينما قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه اشترى مسدس غلوك (9 ملم) من السوق المحلية وأدخل معه أكثر من أربعة مخازن عتاد معه.
وأطلق منفذ الهجوم النار في الساعة السادسة والنصف صباحاً، وهي ساعة الذروة التي يقصد فيها نحو 10 آلاف عامل القاعدة كل يوم.
وقيل إن مطلق النار لم يكن يستهدف أشخاصا محددين، بل كان مباغتاً وعشوائياً في إطلاق النار، وإن أحد الأشخاص سارع إلى إغلاق بوابات المنافذ، مما مكّن آخرين من الفرار.
وقال جيف بيرغوش، مدير المرافق في القاعدة الذي وصل إلى المكان بعد الحادث بقليل، إن الكثيرين علقوا داخل سياراتهم بعد إغلاق القاعدة، وإن المكان كان مكتظاً بسيارات العاملين العالقين داخل القاعدة فضلا عن سيارات الشرطة والإسعاف.
وقالت "نيويورك تايمز" نقلا عن مصدر لم تذكر اسمه، إنه تم احتجاز ستة سعوديين في أعقاب إطلاق النار، ثلاثة منهم كانوا يصورون الهجوم بأكمله.
وبعد إعلان الهجوم وتسمية المشتبه به، اتصل الملك سلمان بن عبد العزيز هاتفيا بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وقدم تعازيه لأهالي الضحايا مؤكداً أن "مرتكب هذه الجريمة لا يمثل السعوديين الذين يكنون كل الاحترام والتقدير للأمريكيين".
وبحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أكد بن عبد العزيز وقوف المملكة إلى جانب الولايات المتحدة وأصدر توجيهاته للأجهزة الأمنية السعودية للتعاون مع الجهات الأمريكية المعنية لكشف ملابسات الحادث.
وقال عم محمد الشمراني، سعد بن حنتم الشمراني لصحيفة "عكاظ" السعودية، "إن ما قام به الشمراني لا يمثل عائلتهم المعروفة بولائها للوطن، وإن الخبر نزل عليهم كالصاعقة لأن جميع أفراد العائلة ينبذون التطرف ومخلصون للملكة".
وقال ديفيد إيستبورن المتحدث باسم البنتاغون، إن التدريب الذي كان يتلقاه الشمراني تموله السعودية، وإن هناك 852 من السعوديين الذين لا يزالون يتلقون التدريبات في الولايات المتحدة في إطار برنامج التعاون الأمني بوزارة الدفاع.
-------------------------