غضب شعبي في السودان من أطماع الإمارات بموانئ البلاد
يتصاعد الغضب الشعبي في السودان من مخاطر أطماع دولة الإمارات بالسيطرة على موانئ البلاد ضمن مؤامراتها لكسب النفوذ والتوسع المشبوهين.
وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم يوم أمس تظاهرة حاشدة ضد أطماع الإمارات في موانئ البلاد وتنديد بما اسموها ” اللجنة الأمنية الكيزانية” في ولاية البحر الأحمر.
وكان حزب (المؤتمر الشعبي) في السودان حذر قبل أيام من رهن واحتكار موانئ البلاد لدولة الإمارات عبر مفاوضات سرية لحل الأزمة الاقتصادية.
وقال إدريس سليمان الأمين السياسي للحزب الذي أسسه الراحل حسن الترابي إن على الحكومة الانتقالية أن تدير الملف الاقتصادي بكل شفافية، هناك مفاوضات سرية مع دولة خليجية (لم يسمها) لديها أطماع في موانئ البحر الأحمر لاحتكار ورهن موانئ سودانية مقابل حل الأزمة الاقتصادية.
وأضاف “سنقف ضد هذه الصفقة التي يريدون (عبرها) بيع موانئ السودان بدراهم معدودة، لاستغلال حاجة السودان الاقتصادية، الهدف هو ألا تعمل سوى موانئ هذه الدولة الخليجية في الملاحة البحرية التي تمر عبر البحر الأحمر”.
وأشار إلى أن المؤتمر الشعبي، يتوقع أن تصل عائدات الموانئ السودانية بعد تطويرها إلى 10 مليارات دولار سنويا، ما يساهم في حل الضائقة المعيشية.
وتطمع الإمارات في المزيد من التوسع في نفوذها عبر السيطرة على الموانئ وتركز في ذلك على موانئ السودان مستغلة ما تعانيه البلاد من اضطرابات وأزمة اقتصادية شديدة.
ويشار إلى أن الإمارات توجد عبر قواعد أو وكلاء لها أو من خلال عقود إيجار في عدّد من الدول المطلّة على البحر الأحمر، من بينها اليمن وإثيوبيا والصومال وإريتريا.
وقبل ستة أشهر قالت دراسة دولية إن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر أبرز مصادر تهديد استقرار وأمن منطقة القرن الأفريقي ضمن مؤامراتها التخريبية للسيطرة على الموانئ الاستراتيجية وخدمة خططها للنفوذ والتوسع.
وناقش تقرير للمركز العربي في واشنطن مستقبل صراع النفوذ بين دول المنطقة على القرن الأفريقي وسواحل البحر الاحمر، مشيراً إلى أن البحر الأحمر كان وسيظل أحد أهم الممرات البحرية التي تربط بين الشرق والغرب.
وتحيك دولة الإمارات مؤامرات متعددة في منطقة القرن الإفريقي طمعا في كسب النفوذ المشبوه ونهب ثروات ومقدرات الدول.
منذ عام 2008 ظلت شركة موانئ دبي العالمية تدير جيبوتي التي أنهت في فبراير/شباط من العام الجاري عقدها من جانب واحد مع أبوظبي وأممت حصتها البالغة 33%. وهذا التصعيد في العلاقة بين الطرفين جاء عقب معركة قضائية شرسة دامت ست سنوات.
في الوقت الراهن، تسعى موانئ دبي العالمية للحصول على تعويضات عن أصولها المفقودة من دولة جيبوتي. وإلى أن يُفصل في هذه القضية في محكمة بلندن، ستواجه حكومة جيبوتي صعوبة في بيع أسهم متحفظ عليها بشكل قانوني.
مع ذلك، فمن المحتمل أن تدخل إثيوبيا في المشهد وتحصل على حصة أقلية في “محطة حاويات دوراليه”، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار مقترح آبي أحمد المفاجئ، الذي طرح فيه فكرة امتلاك كل من إثيوبيا وجيبوتي حصصا في موانئ وهيئات الاتصال السلكية واللاسلكية في البلدين.
وبالطبع يمكن أن يحدث هذا ضمن صفقة تدخل فيها قروض صينية، وإذا تم ذلك فستنال شركة ميرتشن الصينية نصيبا أكبر من أسهم هيئة الموانئ والمناطق الحرة الجيبوتية.
ورغم أن هذا الخلاف الأخير قد أدى إلى تراجع شراكة دولة الإمارات الطويلة مع جيبوتي، فإن شركة موانئ دبي استطاعت في الوقت نفسه تدارك الأمر، حيث قامت بتوسيع نطاق وجودها في الموانئ المجاورة بالدول الأخرى.
ففي مايو/أيار 2016، وقعت الشركة صفقة لمدة 30 عاما بقيمة 440 مليون دولار من أجل تطوير ميناء بربرة في “أرض الصومال/صومالي لاند”، الإقليم الذي أعلن عن استقلاله الذاتي عن الصومال.
غير أن شركة موانئ دبي عادت وخفضت سقف استثماراتها وأعلنت في مارس/آذار 2018 بأن إثيوبيا ستحصل على نسبة 19% من المشروع إلى جانب حصتها التي تبلغ 51% وحصة حكومة أرض الصومال التي تبلغ 30%.
في ذات الوقت، تستثمر الشركة نفسها في مشروع بناء طريق سريع يربط ميناء بربرة بالحدود الإثيوبية. وبموجب ذلك، أتاح الاتفاق لدولة الإمارات -التي باتت تلعب دورا مركزيا متزايدا في الحرب الدائرة في اليمن- فرصة تطوير قاعدة بحرية قريبة من ميناء بربرة.
وتعتبر صفقة موانئ دبي أول اتفاق دولي كبير تعقده حكومة “أرض الصومال/صومالي لاند”، منذ أن أصبحت تتمتع بالاستقلال الذاتي. وقد أثار الاتفاق غضب الحكومة الفدرالية في الصومال، خصوصا وأنها لا تعترف بسيادة حكومة “أرض الصومال/صومالي لاند” على ميناء بربرة.
في المقابل، أدى هذا الاتفاق إلى نشوب خلاف سياسي بين الصومال والإمارات، نتج عنه سحب أبوظبي إمداداتها ومستشاريها العسكريين وإغلاق مستشفى كانت تموله في مقديشو. علاوة على ذلك، تسبب الخلاف بين البلدين في زيادة حدة الاتهامات التي تزعم بأن الحكومة الصومالية تُستغل من قِبل قطر وتركيا، لا سيما بعد رواج التقارير التي تزعم بأن قطر ساهمت في تمويل حملة الرئيس محمد “فرماجو” الانتخابية. أما الاتهام الموجه إلى تركيا فجاء على خلفية أنها الشريك الاقتصادي الأساسي للحكومة الصومالية الراهنة.