الرئيسية - تقارير - لماذا يتعامل "المجلس الانتقالي" بوحشية ضد أبناء المحافظات الأخرى بعدن؟

لماذا يتعامل "المجلس الانتقالي" بوحشية ضد أبناء المحافظات الأخرى بعدن؟

الساعة 10:42 مساءً (هنا عدن : متابعات )

لماذا يتعامل "المجلس الانتقالي" بوحشية ضد أبناء المحافظات الأخرى بعدن؟

الإصلاح نت - أحمد رامي
 
حالة من التوجس تسود الشارع العدني بعد أيام من هدم وسرقة محلات التاجر الشبواني "سالم باراس" بعدن، بالتزامن مع احتجاز عشرات الشاحنات بنقطة العلم شرقي المحافظة، عقب عمليات استفزازية طالت مواطنين ينحدرون من محافظة شبوة تقوم بها مليشيات الانتقالي وفق فرز مناطقي خطير.



لم تتورع المليشيا عن هدم محلات التاجر وسرقتها وتسويتها بالأرض بـ"شيولات" مستقوية بقوة السلاح الذي تملكه قبل أن تعيد له أملاكه كأرضية خراب، مما حمل معه تخوف التجار من إجراءات مماثلة قد تطال تجاراً ينحدرون من محافظة شبوة وسط تحريض مستمر للمليشيا على المنحدرين من المحافظة ذاتها.

وكان رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد" الصادرة من عدن فتحي بن لزرق قال مُعلقاً على الحادثة التي استهدفت التاجر باراس: "خلال أربعة أعوام قليلة كان 4 مليارات دولار أمريكي مملوكة لرأس مال يمني قد فر هارباً إلى تركيا و14 مليار دولار أخرى توزعت على مدن مصر والأردن كان يمكن لكل هذه الأموال الضخمة أن تحل كل مشاكل عدن دون الحاجة لأحد".

وبسبب هذه السياسات القمعية التي يمارسها "الانتقالي" أضحت عدن خاوية على عروشها من رأس المال وتوقف الأعمال، وبسبب غياب الدولة رحل كثير من المستثمرين عن عدن مما حمل رئيس الحكومة اليمنية السابق أحمد عبيد بن دغر حينها على القول بأنه كانت هناك فرصة سانحة تنتظر عدن لكن هذه الأعمال -يقصد بها تصرفات المليشيا- قد أطاحت بهذا الحلم وأصابته في مقتل.

ومع سيطرة قوات الجيش قبل أربعة أشهر على محافظة شبوة وطرد مليشيا ما تسمى بـ"النخبة الشبوانية" منها، تعتبر مليشيا الحزام الأمني، وهما المواليتان للمجلس الانتقالي، أبناء شبوة بالمتعاطفين مع الشرعية ولجوء المليشيا للتضييق ذرعاً بالشبوانيين تجاراً ودارسين بعدن وحتى من هم أصحاب شاحنات نقل.

إلى ذلك، قطعت مليشيا "الحزام الأمني" بـ"نقطة العلم" شرق عدن الخط الرابط بين محافظتي عدن وأبين، وهو خط دولي، أمام حركة الشاحنات منذ الاثنين 16 ديسمبر الجاري، واحتجزت الشاحنات الخاصة بأبناء شبوة وتمت عملية التوقيف وفق بطاقة الهوية مما يعكس همجية المليشيا، وتسبب توقيف الشاحنات المحملة بالبضائع من وإلى عدن بخسائر على أصحابها كونها تحمل دجاجا ولحوما وأسماكا.

ومارست المليشيا طيلة أربعة أيام (16 - 19 ديسمبر الجاري) بنقطة العلم أعمال التقطع بذريعة أن للمليشيات معتقلين بسجون الشرعية بشبوة، في حين طالت عملية التوقيف جميع الشاحنات المارة بالنقطة من الاثنين إلى الخميس، لكن ثقافة امتهان أبناء شبوة كانت بذريعة أن للمليشيات معتقلون في شبوة وتتخذ المليشيا ذاتها كل ما يمت بصلة لشبوة نداً.

من جانبها، قالت اللجنة الأمنية بمحافظة شبوة بخصوص قضية أسرى الانتقالي بالمحافظة إنها على أتم الاستعداد لإطلاق سراحهم مقابل أسرى الشرعية بسجون الانتقالي بعدن، وذلك وفق توجيهات الرئيس هادي لمحافظ شبوة.

وفي البيان الموزع على وسائل الإعلام والذي اطلع عليه "الإصلاح نت"، دعت اللجنة الأمنية بشبوة المجلس الانتقالي إلى إطلاق سراح الأسرى التابعين للحكومة منذ انقلاب 6 أغسطس وحتى آخر يوم من المواجهات، مقابل إطلاقها لأسرى الانتقالي بشبوة وإنهاء معاناة الأسرى من الطرفين، لكن الانتقالي رفض الاعتراف بوجود بعض الأسرى لديه.

وبحسب مصدر في الانتقالي، فإن عدد أسرى ما يسمى الحزام الأمني 30 أسيرا، ويرجع تاريخ أسرهم للمواجهات العسكرية التي شهدتها محافظة شبوة بين مليشيات النخبة الشبوانية الموالية للإمارات والجيش الوطني بتاريخ 28 أغسطس الماضي.

ولم يكن التقطع لأبناء شبوة بنقطة "العلم" أولى الاعتداءات على أبناء شبوة بعدن، بل سجل تاريخ 30 أغسطس، بعد يوم واحد من سيطرة الجيش الوطني على محافظة شبوة، إقدام مليشيات الحزام الأمني بعدن على مداهمة السكن الجامعي بـ"مدينة الشعب" غربي المدينة واعتقال خمسة طلاب ينحدرون من محافظة شبوة في تصرف مناطقي ينافي ما تدعو إليه المليشيا من تصالح وتسامح بين أبناء أبين وشبوة.

وتماشياً مع صميم عمل المليشيات، فقد دأب الذراع العسكري لما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" (الحزام الأمني) على امتهان الناس بمحافظة عدن، ليتخطى ذلك محافظة لحج، البوابة الشمالية لعدن، حيث إن آخر هذه التصرفات الهوجاء للمليشيات هناك إقدامها على قتل المواطن "صالح محمد البغلي" في منتصف نوفمبر من العام الجاري، وينحدر القتيل من مديرية طور الباحة التابعة لمحافظة لحج، والتي يقول أبناء الصبيحة إنهم يتعرضون بشكل مستمر لاستفزازات ومعاملة سيئة من قبل مليشيات الحزام الأمني.

وقتل المواطن "البغلي" بنقطة الرباط سيئة الصيت، بينما رفضت المليشيات تسليم القاتل للعدالة، لتشهد مديرية "تبن" حينها مواجهات عنيفة بين قبائل الصبيحة والحزام الأمني الذي استعان بالدبابات والأسلحة الثقيلة في المواجهات.

وشرعنةً لأعمالها المنافية للنظام والقانون، فقد شرعت مليشيا الحزام الأمني بإنشاء قسم شرطة بمنطقة الرباط رغم وجود مركز للشرطة قريب تابع لمديرية تبن، وذلك نكاية بمدير القسم الصبيحي الذي لم ينفذ أجندة صالح السيد وهو قائد الحزام الأمني بالمحافظة، بحسب بيان قبائل الصبيحة بتاريخ 14 نوفمبر الماضي.

لم يكن القتل وحده أسلوب المليشيات التابعة للانتقالي بمحافظة لحج معمولا به فقط، بل كانت مضايقة الناس ومنعهم من المرور أسلوبا طاغيا ومقززا استخدمته المليشيا ضد أبناء محافظة لحج أنفسهم إضافة إلى أبناء المحافظات الشمالية كمحافظة تعز، إضافة إلى نقطة أخرى للمليشيا ذاتها، نقطة الرُجع، مدخل محافظة لحج.

وفي 30 يوليو من العام 2018، داهمت مليشيا الحزام الأمني بمحافظة لحج مخيما لنازحي الحديدة بمنطقة الرباط جنوبي المحافظة، والذي تتخذه "مؤسسة الشوكاني" مكاناً لإيواء المشردين من الحرب في الحديدة قبل أن يصيبوا عددا من أفراد حراسة المخيم بجروح وعاثوا في المخيم الخراب قبل أن ينهبوا المساعدات التي حصلوا عليها من دولة الكويت، بحسب البيان الذي وزعه رئيس مؤسسة الشوكاني الخيرية "علي الضبياني".

وقال الضبياني لوسائل الإعلام حينها إن مداهمة المخيم الذي يأوي 350 اسرة من النازحين، أي بواقع ألفي نسمة تقريباً، تعرض لمداهمة وإطلاق نار بدواعٍ مناطقية كون النازحين ينحدرون من محافظة الحديدة الشمالية، وسبق لقائد الحزام الأمني بلحج صالح السيد والذي يشغل مدير أمن المحافظة حينها أن هدد رئيس مؤسسة الشوكاني عقب اقتحام المخيم نكاية باستقبالهم لأناس شماليين، بحسب فحوى التهديد.

وتعرض أبناء محافظة الحديدة بعدن لأعمال عنف متواصلة جراء التحريض عليهم من قبل مليشيا الحزام الأمني، ففي 23 يوليو 2018 راح سبعة من نازحي الحديدة بين قتيل وجريح جراء إلقاء مسلحين مجهولين عليهم قنبلة يدوية بحي القاهرة بمديرية الشيخ عثمان، في حين يعيش أبناء الحديدة أوضاعاً سيئة بعدن إلى جانب حاجتهم للمساعدات وتحريض المليشيا عليهم بالتزامن مع احتياجهم للأمان الذي غاب عنهم بالحديدة.

مثلهم أبناء محافظة تعز الذين تعرضوا لأعمال تنكيل واعتقال بمحافظات عدن ولحج والضالع، وتلك المحافظات تسيطر عليها مليشيات الانتقالي.

من جانبها، وثقت منظمة "سام" عددا من الانتهاكات التي يتعرض لها أبناء المحافظات الشمالية على أيدي مليشيات الحزام الأمني والمجلس الانتقالي.

وفي التقرير الذي حمل عنوان "بيت العنكبوت"، والذي نُشر منتصف الشهر الجاري، رصدت المنظمة ترحيل ألفيْ مدني بطريقة قسرية من مدينة عدن بينهم نساء وأطفال، بينما تعرض أكثر من 700 مدني منهم للعنف الجسدي واللفظي، وأغلقت مليشيات الانتقالي -بحسب التقرير- 13 مطعماً بعدن و90 محلا تجاريا.

وبحسب رصد المنظمة العاملة بمجال حقوق الإنسان، فقد أحرقت 70 "بسطة" للباعة المتجولين، وبلغ الذين تعرضوا للتصفيات والإعدامات 9 قتلى بينهم 7 تُتهم مليشيات المجلس الانتقالي بتصفيتهم، إضافة إلى اغتيال 11 ما بين عسكري ومدني، ومقتل 11 مدنيا وجرح 37 آخرين بسبب الهجمات العشوائية التي نفذتها مليشيات المجلس الانتقالي، كما نال الصحفيون نصيباً من هذه الانتهاكات.

ورصدت المنظمة 29 انتهاكاً بحق صحفيين ونشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان ومؤسسات إعلامية، توزعت بين الاعتقالات والتهديد بالتصفية الجسدية والملاحقة والتضييق والاقتحامات ومنع من العمل ارتكبها الانتقالي، في حين تعرض 58 ضحية للاعتقال و4 مختفين قسرياً في عدن، وسجل اعتقال 55 من قبل المجلس الانتقالي ونهب 14 مؤسسة عامة والاستيلاء ونهب 131 ممتلكاً خاصاً.

وما بين القتل والمطاردة والتضييق والاعتقال والاقتحامات، ترزح المليشيات على الديمومة في انتهاج هذه الانتهاكات التي دأبت عليها خلال السنوات القليلة الماضية لتكشر عن أنيابها ووجهها الحقيقي -بحسب مراقبين- وذلك بعد انقلاب 10 أغسطس واستيلائها على مدينة عدن بقوة السلاح، ليجد المعارضون لسياستها أنفسهم مجبرون على مغادرة عدن، حتى أبناء عدن أنفسهم، ناهيك عن أبناء المحافظات الجنوبية والشمالية على حدٍ سواء، خاصة مع تزايد واستمرار الاقتحامات والمداهمات للمنازل.