لا تكتفي دولة الإمارات بما تشكله من ميليشيات مسلحة خارج نطاق القانون في اليمن بل تستخدم كذلك سلاحا لا يقل خطورة متمثلا بالمطلوبين أمنيا ضمن مؤامراتها للنيل من استقرار البلاد ونشر الفوضى فيها.
وطالب محافظ محافظة شبوة في جنوبي اليمن محمد صالح بن عديو حكومة بلاده بالتدخل لدى التحالف لـ”إقناع” الإمارات بتسليم مطلوبين أمنياً يوجدون في معسكر لقواتها بالمحافظة، قال إنه بات “وكراً” لمتهمين بتنفيذ هجمات ضد القوات الحكومية.
جاء ذلك في رسالة وجهها بن عديو إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، مؤرخة السبت 4 يناير/كانون الثاني الجاري، واطلع “العربي الجديد” على نسخة منها، تتمحور حول معسكر “العلم” الذي توجد فيه قوات إماراتية، معتبراً أن المعسكر “لا يقوم بأي عمل يخدم أهداف التحالف الداعم للشرعية بل أصبح وكراً للمطلوبين.
وطلب محافظ شبوة من هادي التخاطب مع قيادة التحالف السعودية لإقناع الإماراتيين بتسليم المطلوبين أمنياً لمحاكمتهم أمام الجهات القضائية في المحافظة.
وقال بن عديو إنه “وفي حال إنكار أبوظبي وجود المطلوبين في معسكر العلم، الذي نثق تماماً بأنهم موجودون فيه، نطالب بتشكيل لجنة مشتركة من التحالف والشرعية، للتفتيش عن المطلوبين داخل المعسكر وتحويلهم إلى القضاء”.
وشدد المسؤول اليمني على أهمية إشراك مسؤولين من حكومة بلاده، للوجود بصورة مستمرة في المعسكر، وقال “إذا كان هذا المعسكر يتبع الإماراتيين لتدريب مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصاليين) على استهداف الجيش والأمن، فنطالبكم بإلزام الإمارات بتفكيك المعسكر”، الذي يقع في منطقة نفطية بين قطاعي 52 وأربعة، ويؤوي “المتمردين على الشرعية”.
وكان محيط المعسكر قد شهد توتراً عسكرياً، خلال الأسابيع الماضية، حيث دفعت القوات الحكومية بتعزيزات إلى محيط المعسكر لمطالبة أبوظبي بتسليم مطلوبين.
ووسعت الإمارات نفوذها في شبوة اليمنية النفطية، خلال السنوات الماضية، إلا أنها تعرضت لهزيمة ميدانية خلال أحداث، أغسطس/آب الماضي، حيث انهارت مختلف معسكرات قوات ما يعرف بـ”النخبة الشبوانية” التابعة لها، وانتهت المواجهات بسيطرة شبه كلية لقوات الشرعية على المحافظة.
وتواصل الإمارات حربا عدوانية على اليمن منذ أكثر من أربعة أعوام في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة إنسانية طاحنة تصفها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ على مستوى العالم.
ويبقى النزوح أزمة إنسانية كبرى يعانيها اليمن وأهله، إلى جانب الأزمات الأخرى. فقد بلغ عدد النازحين في عام 2019 نحو 800 ألف شخص، فيما كان نحو 3.5 ملايين شخص آخرين قد نزحوا حتى نهاية عام 2018. والنسبة الأكبر من بين هؤلاء سُجّلت في محافظة الحديدة حيث كان الصراع محتدماً في العام المنصرم، بالإضافة إلى بعض المناطق الجنوبية حيث اندلعت مواجهات في أغسطس/ آب الماضي.
وعلى الصعيد الصحي، ارتفعت الإصابات بمرض الضنك حتى العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لتتخطّى 130 ألف شخص مع نسبة وفيات تصل إلى 0.5 في المائة، بعدما انتشر في أكثر من نصف مديريات اليمن. وأكثر المحافظات تضرّراً كانت حجة والحديدة وتعز، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
إلى جانب ذلك، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها المنظمات الدولية للحدّ من توسّع رقعة انتشار سوء التغذية في البلاد، فإنّه ما زال يتمدد بطريقة لافتة في مدن كانت حتى وقت قريب خالية منه.
وبحسب بيانات برنامج الأغذية العالمي، فإنّ أكثر من مليونَي طفل يمني يعانون سوء التغذية. كذلك تفيد البيانات نفسها أنّ طفلاً واحداً يقضي كلّ 10 دقائق لأسباب يمكن تجنّبها، بما في ذلك سوء التغذية وأمراض من الممكن الوقاية منها من خلال التحصين.
وتؤكد البيانات أنّ نصف وفيات الأطفال دون الخامسة في اليمن يعود إلى سوء التغذية، مع الإشارة إلى أنّ نصف أطفال اليمن يعانون التقزّم من جرّاء سوء التغذية الذي يؤثّر على نموّ الطفل.
كذلك كان عام 2019 صعباً على النساء الحوامل والمرضعات. وبحسب خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2019 التي وضعها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإنّ إجمالي عدد الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات الذين يحتاجون إلى مكمّلات غذائية طبيّة بلغ 5.97 ملايين حالة بتكلفة تصل إلى 320 مليون دولار أميركي. يُذكر أنّ 80 في المائة من سكان اليمن (24 مليون نسمة) يحتاجون إلى مساعدات إغاثية منقذة للحياة بحسب الأمم المتحدة.
أمّا التعليم في 2019، فهو لم يختلف عن العام الذي سبقه، إذ إنّ ملايين التلاميذ اليمنيين لم يحظوا بفرص تعليمية متكاملة. وقد أكّدت منظمة يونيسف أنّ 3.7 ملايين طفل في التعليم الأساسي والثانوي في حاجة إلى المساعدة لضمان استمرار تلقيهم التعليم في اليمن، لا سيّما أنّ الحكومة لم تستطع صرف رواتب المعلّمين منذ نحو ثلاثة أعوام. وأوضحت “يونيسف” أنّ ثمّة مليون طفل خارج المدارس، بما في ذلك نحو نصف مليون تسرّبوا من الدراسة منذ مارس/ آذار 2015.