الرئيسية - تقارير - ما الذي حدث في "نقطة العلم".. وكيف تحولت السعودية من حليف إلى "متآمر" في نظر أنصار الانتقالي؟

ما الذي حدث في "نقطة العلم".. وكيف تحولت السعودية من حليف إلى "متآمر" في نظر أنصار الانتقالي؟

الساعة 01:21 صباحاً (هنا عدن : متابعات )

 

 المصدر أونلاين 



مساء الجمعة احتشد العشرات من نشطاء ومناصري المجلس الإنتقالي المدعوم إماراتياً أمام مقر قوات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن وهتفوا بلغة واضحة "يا سعودي يا كذاب.. أنت داعم للإرهاب".

ورغم أنها ليست المرة الأولى لتحرك أذرع الإمارات في اليمن ضد السعودية، إلا أنه لم يسبق أن كان التحرك بهذا الوضوح والمباشرة في المدينة التي ظلت الإمارات تتحكم فيها وتمول وتشرف على إنشاء تشكيلات مسلحة تدين لها بالولاء.

ورغم أن أنصار الإنتقالي يهتفون في كل فعالية بالشكر لـ"إمارات الخير" ويمنحون السعودية هامشاً في الشكر، إلا أن الموقف تغير مؤخراً وصارت السعودية محط سخط واضح تجلى في حملة منظمة قادها نشطاء وإعلاميو الإنتقالي على صفحات التواصل الاجتماعي. 

تصاعدت النبرة الجديدة منذ مساء الـثامن من شهر فبراير الحالي حيث أعاقت قوات الحزام الأمني الموالية للإمارات جهود لجنة عسكرية سعودية لتنفيد خطة إعادة نشر القوات حسب ما نص عليه الشق العسكري من اتفاق الرياض، وأًصرت قوات الإنتقالي على منع وحدات عسكرية تابعة للحكومة الشرعية من دخول العاصمة المؤقتة عدن وفي اليوم التالي تغير خطاب أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي تجاه المملكة العربية السعودية.

هذه الأخيرة التي رافقت قوات تابعة لها قوات تابعة للحكومة الشرعية في طريقهما إلى نقطة العلم البوابة الشرقية الواقعة على بعد 12 كيلو متر من عدن، باتت الآن تتهم من قبل نشطاء وصحفيين موالين للمجلس الانتقالي بالتخطيط لإسقاط عدن بيد القوات الحكومية.


حادثة نقطة العلم.. ما الذي حدث بالضبط؟

استمع "المصدر أونلاين" من مصدرين عسكري ومحلي إلى تفاصيل ما حدث ليلة الثامن من شهر فبراير الجاري حيث ذهب ثلاثة من أبرز قادة الحزام الأمني مع ضباط سعوديين إلى نقطة العلم للإشراف على مرور قوات الدفاع الساحلي التابعة للحكومة في الـثامن من فبراير الماضي وبحسب المصدر فان قائد القوات السعودية طلب حضور هؤلاء القادة بصفتهم ممثلين عن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي.

يقول المصدر إن "هدار الشوحطي، وناصر الجوهري، وكمال الحالمي" وهم قيادات محلية في القوات التابعة للمجلس الإنتقالي، تلقوا بلاغاً من قائد القوات السعودية العميد مجاهد العتيبي بالتحرك صوب نقطة العلم.

وعندما وصل القادة الثلاثة أخبرهم القائد السعودي أن قوة تابعة للحكومة ستمر بعدن في طريقها إلى لحج بحسب اتفاق لإعادة نشر وتنظيم القوات التابعة للحكومة الشرعية، لكن "ناجي اليهري" وهو قائد نقطة العلم أمر أفراده بالتأهب وبدأت أطقم عسكرية بالانتشار حول النقطة من الجهات الأربع في حين أغلق المدخل الرئيسي للحاجز الأمني بحواجز حديدية وإسمنتية.

وبدأت جولة من المفاوضات بين القادة العسكريين السعوديين وقادة المجلس الانتقالي الجنوبي في محيط الحاجز الأمني.

"ناجي اليهري" رفض السماح لقوات الدفاع الساحلي بالدخول إلى عدن، حسب المصدر، وأبلغ العميد مجاهد العتيبي بالموقف الرسمي للمجلس الانتقالي الذي يشترط سحب قوات يقودها العقيد في الحماية الرئاسية حسن بن معيلي مقابل السماح بدخول القوات التابعة للحكومة.
وأشار المصدر إلى أن "الحالمي والشوحطي والجوهري" لعبوا دور محاولة إقناع "اليهري" بالسماح بدخول القوات التابعة للحكومة مقابل مراجعة الشرط الذي وضعه المجلس الانتقالي لاحقًا فيما يخص انسحاب القوات التي يقودها حسن بن معيلي.

وحسب الروايات التي استمع لها "المصدر أونلاين" فإن احد الضباط السعوديين لوح حينها بامكانية تنفيذ ضربة جوية على القوات التابعة للمجلس الإنتقالي الجنوبي، التي تواصل رفض تنفيذ اتفاق الرياض الذي وقعته قيادة المجلس مع الحكومة الشرعية في العاصمة السعودية الرياض وبالتزامن كانت طائرة تابعة للتحالف تحلق فوق أجواء نقطة العلم.

حينها غادرت اللجنة السعودية نقطة العلم باتجاه مقر قوات التحالف في عدن بعد فشل التوصل لاتفاق مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي للسماح بمرور القوات الحكومية، فيما عادت قوات الدفاع الساحلي التابعة للحكومة ترافقها قوات سعودية أدراجها باتجاه مواقع تمركزها في مدينة شقرة الساحلية، حسب ما طلبت منها اللجنة السعودية المكلفة بالإشراف على إعادة انتشار القوات وفق الملحق العسكري لاتفاق الرياض.في حين أبلغ قائد الطائرة التي كانت تحلق فوق اجواء النقطة بالمغادرة لإزالة آثار التوتر على مشارف عدن.

وفي صباح اليوم التالي ذهبت اللجنة السعودية، ترافقها خمس مدرعات، إلى نقطة العلم مجددا للتفاوض مع قادة الحزام الأمني في النقطة لكنهم هؤلاء الأخيرين أصروا على منع دخول أي قوات تابعة للحكومة قبل انسحاب وحدات الحماية الرئاسية التي يقودها بن معيلي.


اتهامات بالخيانة

لكن الوضع في مدينة عدن لم يكن يسير بشكل جيد في اليوم التالي لأن التوتر الذي وقع عند البوابة الشرقية للمدينة الساحلية أعاد تجدد مخاوف السكان المحليين من عودة المواجهات المسلحة.

لكن حملة كبيرة شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" قادها نشطاء وصحفيون موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي استهدفت ثلاثة من أبرز قادة الحزام الأمني.
"ناصر الجوهري، وهدار الشوحطي، وكمال الحالمي" وهم قادة في الحزام الأمني تلقوا سيلاً من الاتهامات من قبل نشطاء وصحفيين بالتخطيط لاسقاط عدن بيد القوات الحكومية بترتيب مع الجانب السعودي.

وقال نشطاء وصحفيون إن القادة الثلاثة باتوا يعملون لصالح السعودية التي أصبحت تعادي الجنوبيين حد وصفهم وبحسب هؤلاء فإن "الشوحطي والجوهري والحالمي" اخترقوا الحزام الأمني لصالح السعودية والحكومة الشرعية التي قالوا أنها تخضع لنفوذ وسيطرة حزب التجمع اليمني للإصلاح.


السعودية من "حليف" إلى "متآمر"

حتى قبل الـثامن من فبراير كانت العلاقة بين أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي والسعودية تسير بشكل جيد مع ان هذه العلاقة تحاط بهدوء حذر.

لكن نجاح المجلس الانتقالي الجنوبي في السيطرة على عدن في أغسطس الماضي بدعم وإسناد إماراتي، ودون تدخل حاسم من الرياض التي تقود التحالف في اليمن أعطى المجلس المدعوم إماراتيا دفعة معنوية نحو تحسين العلاقة مع المملكة السعودية عبر المضي نحو اتفاق الرياض الذي وقعت عليه الحكومة اليمنية والمجلس في الـ5 من نوفمبر الماضي.

كما أن الدور القيادي للسعودية في تحالف عاصفة الحزم ضد الحوثيين كان عامل جذب للكثير من القوى اليمنية للتقرب منها إلى جانب أن الاستراتيجية السعودية في اليمن التي تحاول الاستفادة من كل القوى المضادة للحوثي أعطت الانتقالي الثقة لتقديم نفسه كحليف قوي في محاربة الحوثيين الذين يتلقون دعمًا من إيران.

لكن الأمور تبدلت إلى حد ما وان لم يكن بشكل كامل بعد الـ8 من فبراير إذ أن الكثير من نشطاء وصحفيي المجلس الانتقالي الجنوبي يتهمون الرياض بالتآمر مع الحكومة الشرعية لإسقاط عدن عبر السماح لدخول قوات الدفاع الساحلي التي يقودها العميد زكي عبدالله.

وفي حملة تغريدات ومنشورات على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر اتهم نشطاء وصحفيو المجلس الانتقالي الجنوبي المملكة العربية السعودية بالتخطيط لاسقاط عدن بيد قيادي ارهابي شارك في عمليات ارهابية مع الأفغان العرب في مطلع تسعينيات القرن الماضي، وهي التهمة التي يلقي بها الإنتقالي ويسوقها إعلام الإمارات ضد كل من يقف في مواجهة مشروع تقسيم اليمن، وليس آخرها قصف المقاتلات الإماراتية وحدات من الجيش اليمني على مشارف عدن في سبتمبر الماضي وحينها خرجت الإمارات ببيان رسمي يصف تلك الوحدات بأنها مجاميع إرهابية.

وأشار هؤلاء إلى أنه لا يجب الوثوق بالسعودية التي تتحالف مع الحكومة والقوى الشمالية لإعادة احتلال الجنوب حد وصفهم.

الماكينة الإعلامية للإنتقالي تحركت بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية لتعزيز اتهام السعودية بدعم الإرهاب وأنه لا يمكن ممارسة الصبر والحُلم مع السعودية بينما هي في حقيقة الأمر تخطط لنسف اتفاق الرياض وتتجاهل ملف انسحاب القوات الشمالية من الجنوب.