الرئيسية - تقارير - تحقيق: الإمارات تكرس احتلالها لجزيرة سقطري اليمنية

تحقيق: الإمارات تكرس احتلالها لجزيرة سقطري اليمنية

الساعة 10:44 مساءً (هنا عدن : متابعات )

تصعد دولة الإمارات بمساندة من أذرعها العسكرية مؤامراتها لتكريس احتلالها لجزيرة سقطري اليمنية الذي تعاني منذ سنوات سيطرة أبو ظبي عليها لنهب ثرواتها ومقدراتها.

فقد أثار إرسال الإمارات لباخرة عملاقة إلى سقطرى، على متنها آليات ومعدات عسكرية، مؤخراً، ثم إعلان تمرد إحدى الكتائب العسكرية وإعلان قائدها الولاء للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، موجة سخط شعبي واحتجاجات في الجزيرة الواقعة جنوب شرق اليمن، وذلك لمطالبة الحكومة والتحالف بإيقاف العبث الذي تمارسه الدولة الخليجية.



وحذر مسئولون يمنيون من التجريف المتواصل لثروات ومقدرات الجزيرة اليمنية التي تعيش على وقع صراع ساخن، رغم بعدها بمسافة شاسعة عن المناطق التي تدور فيها الحرب بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في اليمن منذ خمسة أعوام.

ونهاية العام الماضي نددت الحكومة اليمنية الشرعية بمؤامرات دولة الإمارات المستهدفة لجزيرة سقطري وذلك بعد دفع أبو ظبي بأكثر من 100 جندي انفصالي على الجزيرة ما يعمق خلافا بين الحلفاء اسما في حرب اليمن.

والجزيرة جزء من اليمن لكنها أقرب إلى الساحل الأفريقي منها إلى الأراضي اليمنية، وهي مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) لمواقع التراث الطبيعي العالمي وتخضع لحماية المنظمة بسبب نباتاتها وحيواناتها المميزة.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي تشكو فيها حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، من تحركات القوات الإماراتية على سقطرى.

وامتد غضب اليمنيين إلى مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أطلق ناشطون على موقع تويتر حملة واسعة لكشف ممارسات الإمارات في سقطرى، والمطالبة بطردها والتصعيد الدولي لمحاكمتها على ما اقترفته في الجزيرة التي أصبحت مهددة بالخروج من قائمة التراث العالمي بسبب هذه الممارسات.

وتحت وسم “#الإمارات_تنهب_سقطرى” غرد ناشطون يمنيون، متهمين المسؤول الإماراتي الموجود في الجزيرة حمد المزروعي، بالإشراف على أكبر عملية سرقة لثروات الجزيرة الخلابة والغنية بالموارد الطبيعية والأشجار النادرة والأسماك، وآخرها اصطياد وسرقة سمك الشروخ اليمني السقطري الشهير، أرقى وأغلى أنواع الأسماك في العالم.

وطالب السكرتير الصحافي السابق للرئيس اليمني مختار الرحبي، برفع الأصوات للمطالبة بطرد المزروعي الذي دخل الجزيرة تحت غطاء العمل الإنساني، لكنه يعمل ضمن خلية أمنية للسيطرة على محافظة سقطرى ونهب ثرواتها وشراء ولاء القيادات العسكرية والاجتماعية، حسب الرحبي.

بينما قال سكان من سقطرى إن القوات العسكرية الموالية للإمارات أغلقت منذ أيام شواطئ الجزيرة أمام الصيادين اليمنيين من أبناء الجزيرة ومنعتهم من ممارسة عملهم المعتاد في صيد السمك، لإتاحة الفرصة أمام صيادين جُلبوا من الإمارات لنهب الأسماك المتنوعة التي تتميز بها الجزيرة، وخصوصاً سمك “الشروخ” الذي يعد شهر فبراير/ آذار موسم اصطياده.

وكان شيخ مشايخ سقطرى، عيسى بن ياقوت، قد أعلن في بيان رفض التمرد على الدولة من قبل عناصر في كتيبة حرس الشواطئ وانضمامها إلى مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، والتجريف المتواصل لثروات الجزيرة اليمنية ومقدراتها.

وتسببت الحرب حسب تقارير دولية ومحلية حديثة في فقدان المواطن اليمني ثلثي دخله نتيجة ارتفاع التضخم وانهيار العملة وارتفاع نسبة الفقر إلى ما يقرب من 70% ومعاناة نحو 80% من انعدام الأمن الغذائي.

وفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي عبد الفتاح الحكيمي، أن ما يحدث في سقطرى يندرج ضمن مخطط غامض وُضع قبل بداية الحرب في اليمن التي أطلق عليها “عاصفة الحزم”، يشمل أيضاً المهرة وحضرموت بصفتها مناطق متجاورة ومتداخلة جغرافياً وبحرياً، إذ يهدف هذا المخطط إلى تغيير المعالم الحدودية المعتمدة دولياً بموجب اتفاقية ترسيم الحدود بين اليمن والمملكة في عام 2000 ونزع علاماتها.

ويؤكد الحكيمي أن التوغل يفوق الخيال، ويجري بصمت مريب من رئيس الدولة ورئيس الحكومة والبرلمان الذي يراد لعودته وفق اتفاقية الرياض بين الشرعية والانتقالي أن يكون شاهد زور و(محللاً) للاتفاقيات المشبوهة التي يُضغَط على الشرعية لتنفيذها.

ويأتي الاستيلاء على سقطرى حسب الحكيمي، في إطار مساعي دولتي التحالف السعودية والإمارات لإنشاء مستعمرة اقتصادية نفطية وغازية وسياحية واستثمارية ضخمة تبدأ من مسافة 630 كيلو متراً من الربع الخالي على حدود المملكة وتخترق 320 كيلو متراً من المهرة اليمنية في منطقة “الخراخير” إلى ميناء وساحل نشطون الاستراتيجي، مروراً بسواحل وشواطئ سقطرى إلى بحر العرب حيث تشق منه قناة مياه بحرية خرافية إلى الربع الخالي (المليان) حسب تعبيره.

ويشير إلى أن المشروع الذي أطلق عليه (قناة العرب) ليتحول بعد عاصفة الحزم إلى (قناة سلمان)، كما يبدو، يمثل أبرز أولويات العصف بما بقي لليمن، وليس استعادة ما ذهب من سلطتها ونفوذها بالانقلاب، والإبقاء على شماعة شرعية الحكومة الراهنة والرئيس هادي لتمرير ما يريدون وتحميله نتائج أوزارهم العسكرية في اليمن.

من جانبه، يقول الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، إن كل الأحداث طوال خمس سنوات تشير إلى أن التحالف العربي لم يعمل لمصلحة اليمن والاقتصاد اليمني، بل على العكس عمل على تقويض اليمن من السيطرة على موارده التي كان يمكن أن تتجاوز الخمسين مليار دولار خلال فترة الحرب الدائرة.

وكأن مبدأ “التقية”، حسب العوبلي، هو الحاضر، وهو ما تطبقه دول التحالف عبر إظهار الدعم للقضية اليمنية شكلياً والعمل ضدها على أرض الواقع.

وقدرت الحكومة اليمنية خسارة مختلف قطاعات الاقتصاد بنحو 50 مليار دولار بسبب الحرب، بينما كشفت مسودة خطة أوليات إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي للعامين 2019 – 2020، عن خسائر أخرى بعشرات المليارات من الدولارات ناتجة عن تدمير البنية التحتية للبلاد. ودمّر قصف تحالف السعودية والإمارات الذي كان أغلبه عشوائياً عدداً من المدن اليمنية وأحدث أضراراً بالغة في البنية التحتية، وأدى إلى تدهور حاد بمنظومة الخدمات الأساسية وخاصة المياه والكهرباء والصحة والتعليم، إضافة إلى تشريد نحو ثلاثة ملايين نازح داخل البلاد.