الرئيسية - تقارير - المرأة اليمنية بعد الثورة: الربيع لم يأتِ بعد

المرأة اليمنية بعد الثورة: الربيع لم يأتِ بعد

الساعة 01:11 مساءً



�لال ما يسمى "بالربيع العربي" ظهرت المرأة اليمنية بقوة على وسائل الإعلام، قياديةً وجزءاً أساسياً من الثورة اليمنية التي بدأت في 2011. وتبلور تسليط الضوء على دور المرأة اليمنيّة بحصول توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام. لكن ما لبث أن خفت تأثير الأصوات النسوية، ولم تعد القوى الحزبية تعطي للنساء الدور القيادي الذي كان موجوداً أثناء الحراك، وعادت القوى التقليدية نفسها لتتحكّم في الوضع السياسي، وأصبح صوت النساء شبه معدوم أمام صوت الرصاص والقوى القبلية والنزاع الطائفي القائم.

في مؤتمر الحوار الوطني المكلّف حلّ القضايا الأساسية بين الأطراف المتنازعة في اليمن، بالإضافة إلى صياغة الدستور، ظهر صوت النساء مرة أخرى، حيث يخضن ثورة من نوع آخر، من أجل الحصول على نصوص دستورية تحافظ على حقوق المرأة.

السفيرة أمة العليم السوسوة، الأمين العام المساعد في الأمم المتحدة سابقاً، وأحد أعضاء مؤتمر الحوار الوطني، قالت لـNOW إنّ "دور المرأة أثناء الثورة كان قيادياً واستثنائياً، وأظهر قدرة النساء على التنظيم وتحقيق الأهداف، لكن ما لبثت الأحزاب التي دفعت بنسائها لمصلحة معيّنة، أن قامت بإهمال هؤلاء النساء. وكان واضحاً أن أهداف تلك الأحزاب كانت إسقاط النظام فقط، لا الإيمان بالتغيير الحقيقي، ولا بحق المرأة كإنسان كامل الأهلية في الحصول على المواطنة المتساوية، لذلك كان من الطبيعي أن تعود القوى التقليدية".

ترى السوسوة أن "على النساء أن لا ينسين تلك اللحظة الاستثنائية، لأنّها أرسلت رسالة بأن النساء عندما يعملن كقوة اجتماعية يشاركن مشاركة فاعلة"، معتبرة أن "الحوار الوطني يمثل فرصة ليس فقط للمرأة، وإنما للمواطنين جميعاً، خصوصاً وأن المرأة أصبحت أكثر وعياً بحقوقها وسيكون من الصعب جداً الرجوع لما قبل مؤتمر الحوار".

أروى عثمان، رئيسة لجنة الحقوق والحريات في مؤتمر الحوار الوطني، قالت من جهتها لـNOW، إن "مؤتمر الحوار أظهر النساء اللواتي لم يسلَّط عليهن الضوء أثناء الثورة بسبب تحيز الإعلام لفصيل معيّن، ولكن ما فاجأنا هي الأصوات النسائية التابعه للأحزاب المتشددة الموجودة في مؤتمر الحوار، اللواتي يقفن، وبقوة، ضد الحقوق الخاصة بهن. فقد عارضن قانوناً يمنع ضرب المرأة من قبل زوجها ويجرّم العنف على المرأة بشكل عام، وقلن إنّ هذا مخالف للشريعة، بالإضافة إلى معارضتهن قوانين تحديد السن الأدنى للزواج وتحديد سن الطفولة. لكننا استطعنا، بتضافر الجهود، أن نمرر هذه القوانين، التي لو وضعت في الدستور الجديد، وحصلنا على حكومة قادرة على التنفيذ، لأصبحنا في مصاف الدول المتقدمة".

وزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور، رأت أن "الحوار الوطني هو نتاج الثورة، وكون النساء يمثلن 30 في المئة من أعضاء الحوار، فهذا بحدّ ذاته مؤشر إيجابي للمستقبل"، وأضافت في حديثها لـNOW: "الأصوات التي تقف ضد حقوق المرأة لا تمثل الأغلبية، وعلى النساء المشاركات في الأحزاب أن يقمن بحراك داخل أحزابهن للحصول على مناصب قيادية تستطيع منها ان تقوم بدور قوي داعم للمرأة".

على الرغم من هذه الآراء التي تبدو متفائلة، إلا أن هناك من يشكّك في جدوى مؤتمر الحوار الوطني، خصوصاً وأن الوضع الراهن من حروب طائفية بين فصائل مشاركة في الحوار، يُظهر أن مؤتمر الحوار لم يحقق فعلياً الهدف الذي يصبو له.

رضية المتوكل، ناشطه حقوقية كانت من ضمن أعضاء اللجنة الفنية المختصة بإعداد مؤتمر الحوار الوطني وتحضيره، قبل أن تقدّم استقالتها. أصرّت المتوكل في حديث لموقعنا على أن "هناك تسطيحاً للقضايا، سواء أكانت السياسية، أم الحقوقية المتعلّقة بالمرأة. كون المرأة موجودة بنسبة معينة في مؤتمر الحوار الوطني، وهذا ليس انتصاراً للمرأة".

وقالت المتوكل: "أنا أعتبر أن من يقيس نجاح حقوق المرأة بنسبة وجود النساء في الحوار، إنّما يُهين كل الجهود التي قامت بها الحركات النسوية الموجودة من قبل الثورة، فموضوع الكوتا النسائية كان من ضمن الحقوق التي كان يطالب بها الحراك النسوي منذ زمن، والحديث عن المطالبة بالكوتا وكأنه من ضمن نتائج الثورة، هو تزييف للحقائق".

ورأت المتوكل أن "قياس مدى جدية الحكومة في إعطاء المرأة حقوقها، يظهر في قرارات التعيين التي يقوم بها رئيس الحكومة وليس في مؤتمر الحوار"، وأضافت: "المرأة غائبة عن قرارات التعيين الرئاسية، لو كان هناك تغيير حقيقي في أداء الدولة تجاه المرأة، لكان من الممكن القول إن هناك مؤشرات إيجابية. فمثلاً، لم تفكر الدولة بتخصيص ميزانية لتنفيذ قانون موجود يخص حق المرأة بالولادة المجانية".

وسألت  المتوكل: "هل موضوع الكوتا سيؤثر إيجاباً على وضع المرأة الموجودة في الريف؟ حتى الانتهاكات التي تحدث بحق المرأة جراء الحروب يتم التعامل معها بلامبالاة، ولا يوجد أي اهتمام حقيقي بأمن المرأة، إلا اذا اعتبرنا أن "حقوق النساء" انحصرت في شخصيات نسوية معينة".

المتوكل ليست متفائلة، وترى أن وضع المرأة يعبّر عن وضع اليمن بشكل عام. وبحسب رأيها، "لا يوجد مؤشر يبشر بمستقبل أفضل، فالمجتمع المدني ضعيف في اليمن، وينعكس هذا على القطاعات النسوية والحقوقية والصحفية، ويتزامن مع وجود حكومة فاشلة، بالتالي التغيير لم يقترب وإنما أراه يبتعد".