اتفاق الرياض بين النجاح والإخفاق
عادل الشجاع
ترعى المملكة العربية السعودية المصالحة بين الشرعية والانتقالي ، لكن هل تستطيع المملكة إصلاح ما أفسدته الإمارات ؟ حتى الآن أخفقت كل جولات المفاوضات بين الطرفين . ولعل رؤية المملكة الأخيرة تكون هي الأقرب إلى الحل ، بالرغم من بعض المثالب المتمثلة باحتفاظ الانتقالي بالسلاح وعدم اندماجه في الشرعية . في هذه الحالة سيكون الاتفاق فيما لو تم أشبه بصفقة سياسية وليس اتفاقا سياسيا ، يقوم على شراكة وتطوير مؤسسة الشرعية لتصبح مؤهلة لإعادة بناء وتحقيق المشروع الوطني اليمني ومرتكزاته .
يبدي المراقبون تخوفهم من عدم نجاح الاتفاق بسبب عدم إشراك القوى السياسية الأخرى وممثلي المجتمع المدني والمرأة والشباب ، إضافة إلى تأثير العامل الإماراتي المعطل لأي اتفاق مع الشرعية ، فالخلاف الإماراتي مع الشرعية كان له تأثير في تعميق الانقسام ، إضافة إلى تعزيز قوة الانتقالي .
قد لا تستطيع المملكة تحقيق أي اختراق باتجاه إنهاء الانقسام مالم تحاول التغلب على مسببات الانقسام ومعالجتها . تكمن المشكلة الرئيسية في الانقسام بتبعية الانتقالي المطلق للإمارات وعدائه للشرعية . بدون اعتراف الانتقالي بالشرعية ، فإنه لن يكون شريكا حقيقيا في تحقيق البرنامج السياسي وأهدافه الوطنية .
بالإضافة إلى ماسبق ، هناك أسباب داخلية تعيق هذا الاتفاق ، فالشرعية تعمل تحت راية الجمهورية اليمنية والانتقالي يرفع شعار الانفصال . هذا النهج أدى إلى إعاقة مجابهة المشروع الانقلابي الحوثي . لا يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل يتجاوزه إلى أن الانتقالي يحتكر القضية الجنوبية ، مما يجعله يبحث شكلا من أشكال السلطة وليس بناء مشروع وطني وبرنامج سياسي تجمع عليه كل مكونات الحقل السياسي اليمني .
وفوق هذا وذاك هناك غياب للإطار اليمني الجامع لكل مكونات الحقل السياسي ، مما يجعله ضعيفا أمام الأسباب الخارجية المتمثلة بالصراع الإقليمي التي عمقت الانقسام جغرافيا وسياسيا ، كما أن التجاذبات الخارجية ساعدت الأطراف على الاستقواء بمواقف دعم الأطراف الخارجية لتعزيز مواقفها .
يبد أن المملكة العربية السعودية قد فطنت إلى بعض المعوقات فذهبت إلى إقتراح تشكيل حكومة جديدة برئيس وزراء جديد . وهذا هو مفتاح إنهاء الأزمة ، فيما لو انطلقت الحكومة الجديدة من شراكة تحقق جبهة عريضة في مواجهة الحوثي . ومما لا شك فيه أن السقوط في المحاصصة والاحتفاظ بالسلاح خارج الدولة سيجعل عوامل التمرد قائمة .
بالتأكيد المملكة كوسيط يهمه النجاح في الوساطة تدرك أن تشكيل حكومة منقوصة الشراكة ودون دمج السلاح ودون برنامج سياسي ، سيجعل الفشل قائما . وهذا يتطلب التعامل مع خيار إعادة تشكيل الحكومة بصفته ممرا إجباريا للخروج من المأزق الشامل الذي تعانيه مجمل الأزمة اليمنية وتعمق المشروع الإيراني الإماراتي على الأرض اليمنية .
على الوسيط أن يعمل في حسابه إعادة بناء الحقل السياسي اليمني وتوحيد شروط المواجهة مع مخططات التجزئة والتفتيت . استمرار الخلاف خارج شروط الدولة يعد مدخلا لتصفية الحقوق اليمنية وتكريس واقع العزل المفروض على اليمن واليمنيين . وهنا يجب استعادة قرار الانتقالي من الإمارات وقرار الجنوبيين من الانتقالي بوصفه يمثل جزءا من الجنوبيين وليس كل الجنوبيين . وفي الوقت نفسه إشراك بقية القوى السياسية في الشرعية لتوسيع جبهة المواجهة مع الحوثي واستعادة الدولة .