تكشفت تفاصيل جديدة، حول جريمة قتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي في مقر القنصلية السعودية باسطنبول، وأبلغ موظف بالقنصلية السعودية محكمة تركية، أمس الجمعة، أنه طُلب منه إشعال فرن تنور بعد أقل من ساعة على دخول خاشقجي المبنى الذي قُتل فيه.
زكي دمير، وهو فني محلي عمِل لدى القنصلية، كان يدلي بشهادته في اليوم الأول من محاكمة 20 مسؤولاً سعودياً غيابياً فيما يتصل بمقتل خاشقجي الذي فجَّر غضباً دولياً ولطَّخ صورة الحاكم الفعلي للسعودية.
دمير قال إنه استُدعي لمقر سكن القنصل بعد أن دخل خاشقجي مبنى القنصلية المجاور، للحصول على أوراق خاصة به.
وقال: “كان هناك خمسة أو ستة أشخاص… طلبوا مني إشعال فرن تنور. كانت هناك أجواء من الذعر”.
وفقاً للائحة الاتهام، قال دمير إنه شاهد العديد من أسياخ اللحم، ولاحظ أن بلاطات الرخام حول الفرن تغيَّر لونها فيما يبدو كما لو أنه تم تنظيفها بمادة كيماوية.
وقال سائق القنصل في إفادة منفصلة بلائحة الاتهام، إن القنصل أمر بشراء لحم الكباب النيء من أحد المطاعم.
مسؤولون أتراك قالوا إن إحدى النظريات التي تحقق فيها الشرطة هي أن قتلة خاشقجي ربما تخلصوا من جثته بحرقها بعد خنقه وتقطيع أوصاله.
تتهم لائحة الاتهام اثنين من كبار المسؤولين السعوديين هما النائب السابق لرئيس الاستخبارات العامة السعودية أحمد عسيري، والمستشار بالديوان الملكي السابق سعود القحطاني، بالتحريض على “القتل العمد”.
وتقول إن 18 متهماً آخرين تم نقلهم جواً إلى تركيالقتل خاشقجي، الصحفي البارز النافذ الذي كان ينتقد ولي العهد.
يحاكَم المتهمون غيابياً، ومن غير المرجح أن تسلّمهم السعودية التي اتهمت تركيا بالتقاعس عن التعاون مع محاكمة منفصلة وسرية إلى حد كبير جرت في الرياض، العام الماضي.
اختفى خاشقجي داخل القنصلية السعودية بإسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018، عندما ذهب لاستخراج أوراق لزواجه. وقالت بعض الحكومات الغربية، وكذلك وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إنها تعتقد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر بقتله، وهو اتهام نفاه مسؤولون سعوديون.
في ديسمبر/كانون الأول، أصدرت محكمة سعودية أحكاماً بالإعدام على 5 أشخاص والسجن على ثلاثة في مقتل خاشقجي، لكن أسرة خاشقجي قالت لاحقاً، إنها عفت عن قاتليه، وهو ما يمهد الطريق أمام الإفراج عنهم بموجب القانون السعودي.
لائحة الاتهام أضافت أن دمير عرض المساعدة في فتح باب المرآب عندما وصلت سيارةٌ نوافذها معتمة، لكن طلب منه مغادرة الحديقة بسرعة.
ويأمل نشطاء حقوقيون أن تلقي محاكمة إسطنبول الضوء من جديد على القضية وتعزز الحجج الداعية إلى فرض عقوبات على الرياض أو استخدام الولاية القضائية العالمية؛ وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى اعتقال المشتبه بهم إذا سافروا إلى الخارج.
أنييس كالامار، مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالإعدام خارج نطاق القضاء، عشية المحاكمة قالت: “إذا نجحت هذه العملية… فإن ما ستعززه هذه المحاكمة… هو احتمال الولاية القضائية العالمية”.
وقد يعطي هذا الأمر الدول الأوروبية، على سبيل المثال، الأساس القانوني لتدشين محاكمة إذا سافر أي سعودي مرتبط بالقضية إلى أراضيها.
أضافت كالامار: “العدالة في هذه القضايا المعقدة لا تتحقق بين عشية وضحاها.. لكن عملية جيدة هنا يمكن أن تحشد (الأدلة) لما يمكن أن يحدث خلال خمس أو عشر سنوات.. عندما تكون الظروف مواتية”.
خديجة جنكير خطيبة خاشقجي، التي كانت تنتظره خارج مبنى القنصلية بينما كان يتعرض للقتل، قالت إنها ستواصل البحث عن العدالة “ليس بتركيا فحسب لكن في أي مكان ممكن”.