أثار الهجوم الذي شنته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية على حزب الإصلاح اليمني، الذي تقيم قياداته في العاصمة الرياض، واتهام الحزب بإرسال مقاتلين إلى ليبيا، جدلا وتساؤلات عدة، حول دلالته وتوقيته.
لم يعد هذا الهجوم هو الأول على الحزب، الذي يصنف بأنه تابع لجماعة للإخوان المسلمين، رغم نفي صلته بالجماعة، بل سبق ذلك اتهام صحيفة "عكاظ" السعودية للحزب بفتح مراكز تجنيد تابعة له بدعم من قطر وتركيا، في محافظات جنوب وشرق اليمن.
ونشرت صحيفة الشرق الأوسط تقريرا، الخميس، زعمت فيه أن الاستخبارات التركية ترعى وصول عناصر من حزب الإصلاح للقتال في ليبيا.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها في ليبيا ومواقع يمنية، أن "شخصيات عديدة من حزب الإصلاح اليمني وصلت إلى طرابلس خلال اليومين الماضيين؛ بهدف توطيد العلاقة مع إخوان ليبيا برعاية الاستخبارات التركية".
فيما نفى الأمين العام لحزب الإصلاح عبدالوهاب الأنسي، الذي يشغل أيضا مستشارا للرئيس اليمني، في تصريح للصحيفة صحة هذه المزاعم.
وقال إن "الإصلاح بالكاد يقوم بالمعركة الموجودة في اليمن".
وعبر أمين عام الإصلاح عن استغرابه من الحديث عن إرسال عناصر إلى ليبيا، بالقول إن "بديهية الإصلاح أن سياسته ومسيرته والعمل الذي يقوم به في اليمن"، معتبرا أن هذه الاتهامات "محاولات تشويه".
"فبركات وأكاذيب"
فيما هاجم نائب رئيس الدائرة الإعلامية للحزب، عدنان العديني، الصحيفة السعودية، وقال إنها "كاذبة ولم تحترم مهنتها".
وقال العديني عبر "تويتر": "لم تحترم "الشرق الأوسط" مهنتها حين اعتمدت على مصادر كاذبة، كما لم تحترم موقف المملكة التي تتعامل مع الإصلاح وتعتبره شريكا حقيقيا في معركة اليمن" .
وأضاف : "تعلم الصحيفة أنها تنقل فبركات، وحاولت تزيين فعلتها بالتواصل مع الأمين العام؛ لتستر عورة الخبر الكاذب ذاك".
وبحسب المتحدث باسم الحزب، فإن "للإصلاح قضيته المرتبطة باليمن، ولن ينساق لجدل حول قضايا خارجية يراها الإصلاح خارج دائرة العمل المسموح له قانونا"، مضيفا: "لا نجيز لأنفسنا التدخل في شؤون الدول، ولا العمل خارج حدود بلدنا، مهما كانت المبررات".
"ابتزاز وضغط"
من جهته، اعتبر رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، عبدالسلام محمد، أن الحملة الإعلامية التي تقوم بها الصحف السعودية ضد الإصلاح "ابتزاز".
وقال في حديث لـ"عربي21": "يبدو أن هناك ضغوطا على الإصلاح للقبول بما يريد التحالف بقيادة السعودية فرضه بما يتعلق بالعلاقة مع ما يسمى "المجلس الانتقالي" ( المدعوم إماراتيا)، في المرحلة المقبلة".
وتابع: "لذلك يريدون الضغط على القيادة الشرعية لتشكيل حكومة يسيطر عليها التحالف".
وبحسب رئيس مركز أبعاد اليمني، فإن هذه الحملة تأتي في إطار المزايدات السعودية، رغم إدراك السعوديين أن قرار حزب الإصلاح الخارجي مرتبط بالدولة وبالحكومة الشرعية، مشيرا إلى "انعدام أي مؤشرات للتواصل بين الحزب والأتراك، أو ما يروج له إعلاميا من تجنيد".
ووفق المحلل السياسي اليمني، فإن هناك احتمالا آخر، وهو بعث رسائل لدولة الإمارات، وأن إعلام المملكة يقوم بمهمته ضد الحزب اليمني، بالإضافة إلى تطمين أبوظبي حول التحالف معها.
وأوضح أن الهجوم الإعلامي السعودي "ليس له قيمة على الأرض"، لافتا إلى أن حزب الإصلاح "غير قادر على إلغاء السعودية كدولة جارة على حدود بلاده، وأيضا، السعودية ليست قادرة على إلغاء الإصلاح من المجتمع اليمني".
"لانتزاع مواقف معينة "
من جانبه، يرى الكاتب والباحث السياسي اليمني، فهد سلطان، أنه على المدى المنظور، يبدو أن الحملة من قبل الإعلام السعودي ستستمر في استهداف حزب الإصلاح بشكل مركز كنوع من "الابتزاز لانتزاع مواقف معينة".
وقال سلطان في حديث لـ"عربي21": "قد يتطور إلى حظر الحزب ونشاطه السياسي من قبل السعودية والإمارات معا". ولم يستبعد أن تسير الحملة في هذا الاتجاه.
وأشار الكاتب اليمني إلى أن الإمارات تعمل بقوة من خلال "شيطنة الحزب في إعلامها"، مؤكدا أن "السعودية خلال الفترة الماضية بدأت ترفع سقف الاستهداف، رغم أنه مستمر منذ سنوات".
وذكر أن الاستهداف "لم يتوقف عند التحريض، بل الاعتقال أيضا"، لافتا إلى أن هناك عددا من المنتسبين للحزب معتقلون لدى السلطات السعودية، كان آخرهم الشيخ عبدالعزيز الزبيري.
وأردف قائلا: "كانت التهم التي وجهتها قناة العربية له، أي الزبيري، نفس التهم التي وجهتها الشرق الأوسط وعكاظ للحزب".
وبحسب الباحث اليمني، فإن "صمت الحزب طويلا، وتغليبه للسلامة، ربما قد جرأ الإعلام السعودي على الاستمرار في استهدافه أكثر".
ومضى قائلا: "هنا يتوجب على الحزب أن يستعد لخيارات صعبة"، موضحا أن الانقلاب عليه بدأ من قبل المملكة من خلال انقلابها على أهداف عاصفة الحزم والاستهداف للشرعية ولكل مكوناتها.
ووفق الباحث سلطان، فإن "الانقلاب على الشرعية بالكامل سيكون بعد الاتفاق مع الحوثي، الذي يجري حاليا".
"صحيفة صفراء"
بموازاة ذلك، اتهم النائب في البرلمان اليمني، شوقي القاضي، صحيفة الشرق الأوسط، بـ"الافتراء"، فيما وصفها بـ"الصحيفة الصفراء".
وكتب القاضي، وهو عضو بالبرلمان عن حزب الإصلاح عبر "تويتر": "أطالب قيادة حزب الإصلاح بتوجيه الدائرة القانونية لرفع دعوة قضائية أمام القضاء البريطاني ضد افتراءات وأكاذيب إدارة الصحيفة الصفراء الشرق الأوسط".
وأشار إلى أنها "تحوّلَتْ إلى بوق يخدم مصالح مليشيا الحوثي وخلفها استراتيجية إيران، في تصديع جبهة الشرعية اليمنية والتحالف بقيادة السعودية".
ومقابل "حملات الشيطنة" التي يتعرض لها حزب الإصلاح ذي التوجه الإسلامي، والأكثر تنظيما وحضورا في المشهد اليمني، يواجه انتقادات من قيادات وناشطين منضوين تحته، بسبب صمت قياداته عن سياسات التحالف بقيادة الرياض، وانتهاكاته التي وصلت حد اغتيال عدد من كوادره وناشطيه، فضلا عن اقتحام مقراته من قبل مليشيات مدعومة من الإمارات، في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة، جنوب البلاد.