بات واضحا ومؤكدا دون شك أن الكويت صارت هدفا جديدا للإمارات والسعودية بعد قطر بتوجيه من ابن زايد، ويظهر ذلك جليا في توجيه الإعلام السعودي والإماراتي لإثارة البلبلة في الكويتوالسلطنة عبر نشر تقارير ومواد غير موثوقة تضر بالأمن القومي للبلدين الخليجيين.
الكويت وسلطنة عمان عقدة “المحمدين”
ومؤخرا خرجت وسائل الإعلام السعودية وعلى رأسها قناة “العربية”، تروج لتسريبات صوتية مزعومة للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي مع شخصيات كويتية على رأسها النائب الإسلامي السابق مبارك الدويلة، وأمين عام حزب الأمة حاكم المطيري.
ومعلوم أن الكويت وسلطنة عُمان اتخذتا موقف الحياد الإيجابي من أزمة قطر وحصارها الجائر، بدعوتهما لعدة مبادرات لإنهاء الخلاف.
وسبق أن عرقلت الإمارات عملية المصالحة الخليجية أكثر من مرة، في محاولات حثيثة من أبوظبي لتغيير نظام الحكم في قطر وهو ما رفضته الكويت وسلطنة عمان شكلا وموضوعا من أول لحظة.
وأوضح محللون وناشطون أن إظهار تسريبات “خيمة القذافي”، التي نشرها المعارض القطري المقيم في لندن خالد الهيل، المدعوم بشكل علني من قبل السعودية والإمارات، يأتي ضمن حملة منظمة لاستهداف الكويت، لا سيما أن تاريخ التسجيلات يعود للعام 2005.
ونشر “الهيل” لهذه التسجيلات وتوعده بدفعات جديدة لشخصيات أخرى، جاء بالتزامن مع حملة إعلامية سعودية حرّضت على الكويت من بوابة “الإخوان المسلمين”، كما تزامنت مع حملة داخلية شنّها كتاب ووسائل إعلام معروفة، ضد النواب الإسلاميين في البرلمان، المنتمين إلى الحركة الدستورية الإسلامية “حدس”.
وقرّرت السلطات الكويتية، الأربعاء، إحالة الدويلة والمطيري إلى النيابة العامة على خلفية انتشار التسجيلات.
كما أيدت محكمة الاستئناف حبس النائب السابق ناصر الدويلة سنة كاملة، في قضية إساءة استعمال الهاتف، على خلفية تغريدة اتهم فيها بإعطاء الحوثيين إحداثيات لقصف السعودية، إلا أن المحكمة برّأته من تهمة القيام بعمل عدائي ضد المملكة.
شيطنة السلطنة
والشهر الماضي شنت كتائب الذباب الإلكتروني بالسعودية والإمارات هجوما عنيفا على السلطان هيثم بن طارق وسلطنة عمان، عقب رسالة تهنئة بعثها السلطان لأمير قطر تميم بن حمد بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم.
ويبدو أن التقارب القطري ـ العُماني الملحوظ بشكل كبير مؤخرا يؤرق الرياض وأبوظبي بشدة، اللتان قادتا حصارا جائرا ضد قطر في يونيو 2017 بزعم دعم الدوحة للإرهاب وهو ما نفته قطر مرارا وتكرارا وأكدت أن هدف الحصار خبيث وهو السيطرة على قراراها السيادي مؤكدة أن ذلك أمر مرفوض تماما وأنها منفتحة على الحوار الغير مشروط لحل الأزمة.
وما يثبت قلق ابن زايد وابن سلمان من هذا التقارب هو هجوم كتائب الذباب السعودي والإماراتي، على السلطان هيثم والسلطنة عقب تداول خبر تهنئة سلطان عمان لأمير قطر بذكرى توليه الحكم والذي تعده الرياض وأبوظبي في الأساس انقلابا ناعما، حسب مزاعمهم.
السلطان هيثم بن طارق
يشار إلى أن ملف المصالحة الخليجية كان من أوائل الملفات التي ركز عليها السلطان هيثم عند توليه مقاليد الحكم، عقب وفاة السلطان قابوس بن سعيد والذي رفض في حياته دعم الحصار الجائر ضد قطر ما تسبب في توتر العلاقات بين مسقط والرياض، وتم توجيه الإعلام السعودي لشيطنة السلطنة عبر فبركات ومزاعم لا أساس لها من الصحة.
وتحرك سلطان عمان “هيثم بن طارق” بنشاط لوضع أي مصدر ضوء على طريق العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يعاني من ظلمة دامسة بسبب الأزمة الناشبة منذ 2017 عندما قعطت دول خليجية علاقاتها مع قطر، بذريعة دعم الإرهاب، وهو ما نفته الدوحة.
حملة منظمة
صحيفة “القبس”، على سبيل المثال، اتهمت نواب “حدس” بمحاولة التغطية على اتهامات وزير المالية براك الشيتان بالفساد، وربطت ذلك بشكل مثير بتسريبات “خيمة القذافي”.
الأكاديمي والباحث مهنا الحبيل، رأى أن “إسقاط الكويت أصبح مشروعا مركزيا للمحور (دول الحصار)، يحقق تغطية لفشل متعدد، وفرصة لصناعة أزمة جديدة”.
وتابع الحبيل بأن “لا حيلة للمحور مع عُمان، فقوتها ذاتية، خاصة بعد الانتقال الوطني للسلطة بذات سياستها قطع أحلام أبوظبي ولعبة اليمن نفَس عمان فيها أطول، ولذلك اختيرت الكويت لإخضاع الحكم والمجتمع بالمطلق للمحور”.
ومنذ بدء الحملة، أواخر مايو، وبحسب رصد لموقع “عربي21” نشرت “الإخبارية السعودية” 22 تقريرا ضد جماعة “الإخوان المسلمين”، تطرقت في العديد منها لإخوان الكويت، علما أن القناة تجاهلت بشكل تام الحديث عن الجماعة طيلة النصف الأول من العام الحالي.
صحيفة “عكاظ” شبه الرسمية، نشرت في المدة ذاتها أكثر من 20 موضوعا (تقارير ومقالات) حملت تحريضا على الكويت، منها مقال بعنوان “في فمي ماء يا (الكويت)” للكاتبة وفاء الرشيد.
موقع “العين” الإخباري الإماراتي، نشر بدوره 15 موضوعا تحريضيا حول الكويت، واصفا المفكر النفيسي بأنه “بن لادن الكويت”.
وشاركت وسائل إعلام إماراتية أخرى، مثل “سكاي نيوز العربية”، في الحملة، مخصصة برامج حوارية كاملة لمناقشة تسريبات القذافي، و”خطر” الإخوان في الكويت على أمن واستقرار الخليج، بحسب تعبيرها.
مخطط ابن زايد لقلب نظام الحكم في الكويت
من جانبه كشف المغرد القطري الشهير صاحب حساب “بوغانم” الذي يحظى بمتابعة واسعة على تويتر ـ حيث اشتهر بتسريباته السياسية ـ أن خطة الامارات ضد الكويت تتمثل في تحريض مواطنين ضد مواطنين تحت حجة الديمقراطية.
وتابع موضحا:”لكن في الاساس شق الصف الكويتي واضعاف الحكومة، ضرب بعض النواب والاكاديميي عن طريق اخريين .. سياسة خل لكويتين يضربون بعضهم بعض .. ربط المختلفين فكريا من الكويتيين مع سياسة الامارات بأنهم ارهابيين”
وأوضح “بوغانم” في تغريداته التي رصدتها (وطن) أن الامن الاماراتي يعمل على خطة تتمثل في “اضرب لكويتيين في لقطريين عبر عملائهم وخونتهم واعلامييهم المرتزقة”
موقف الكويت من التطبيع يقض مضجع عيال زايد
هذا ويثير موقف الكويت الحاسم ضد أي توجه نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي امتعاضا خليجيا، واتهامات بـ”السعي إلى تسجيل مواقف مزيفة فقط”.
وألقى رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، في فبراير الماضي أوراق خطة “صفقة القرن” في سلة المهملات، خلال كلمة له باجتماع عاجل للبرلمانيين العرب في عمّان، ليثير موقفه إعجابا عربيا واسعا، إلا أن المفاجأة كانت بهجمة منظمة من قبل كبار الإعلاميين والكتاب في أبو ظبي والرياض.
واعتبر كتاب سعوديون حينها أن ما قام به مرزوق الغانم لا يعدو كونه “استعراضا شعبويا”، يبتعد عن الطرح الدبلوماسي المطلوب.
شهادة حمد بن جاسم
وسبق أن علّق رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق، حمد بن جاسم، على التسريبات الشهيرة المنسوبة للزعيم الليبي معمر القذافي، وأمير قطر السابق حمد بن خليفة.
التسريبات التي استخدمها الإعلام السعودي الرسمي وغير الرسمي بشكل متكرر خلال الأزمة الحالية، قال حمد بن جاسم إن جزءا منها كان صحيحا.
وقال في مقابلة مع تلفزيون قطر في 2017، إن القذافي “تكلّم مع الإماراتيين والسعوديين قبل أن يتكلم معنا”.
وتابع بأن القذافي كان يطلب من الأمير حمد أن ينشر أشرطة ضد السعودية عبر “الجزيرة”، إلا أن الأمير رفض نشرها.
وأضاف: “كنا نضحك عندما يعرض خططه لاجتياح السعودية بخمسين سيارة”.
الجديد في تصريحات حمد بن جاسم، قوله إن الدوحة أبلغت الرياض حينها بما دار بين الأمير حمد بن جاسم والقذافي، متابعا: “أخبرناهم بأننا مضطرون لمسايرته؛ لأن هناك موضوعا ماليا معه”.
وأردف قائلا: “أبلغت الملك عبدالله أننا أطلعنا مسؤولين سعوديين في السابق عن خطط القذافي ضد السعودية، وتفهم الموضوع، وأغلق في حينه”.
ويشار إلى أن الحملة المنظمة ضد الكويت من قبل السعودية والإمارات قوبلت برفض واسع، إذ انبرى سياسيون وكتاب ومشاهير للتعبير عن رفضهم أسلوب الإسقاط المتبع من قبل أبو ظبي والرياض، وبمساعدة أطراف محليّة.