محمد عبد الملك - الجزيرة نت
أثار كشف الناطق الرسمي باسم حزب الإصلاح في اليمن علي الجرادي عن وجود توجهات ومخططات دولية لإنهاء دور الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من المشهد السياسي اليمني أسئلة كثيرة عن طبيعة هذه التوجهات وأهدافها.
وكان الجرادي قد قال إن "هناك توجهات جديدة تحيكها قوى دولية وإقليمية لإنهاء دور الرئيس هادي من المشهد السياسي، واستبداله بصيغة توافقية جديدة من شأنها تقسيم اليمن جغرافيا ومذهبيا بعيدا عن الشرعية".
وقد بحثت الجزيرة نت فيما وراء هذه التصريحات المفاجئة والتي تزامنت مع الحديث عن تعثر مسار المشاورات التي تقودها الرياض لتشكيل حكومة جديدة يشارك فيها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا.
مخطط جديد
وكشفت مصادر سياسية يمنية رفيعة للجزيرة نت عن مخطط إماراتي بمشاركة قوى دولية لتنصيب شخصية توافقية بدلا من الرئيس الشرعي لليمن، وانتزاع قرار جديد يتضمن تسوية سياسية تقوم على تثبيت ما هو قائم على الأرض.
وقالت المصادر للجزيرة نت إن هناك ترتيبات جرت مؤخرا تهدف لإفقاد الشرعية المشروعية الدولية بقرار دولي جديد يتجاوز قرار مجلس الأمن 2216 ويتضمن تشكيل ما يشبه نظام الحكم الفدرالي -كانتونات على الأرض، وحكومة في منطقة خضراء- بحيث يصبح كل فصيل مسيطرا على ما لديه حاليا.
وبحسب المصادر، فقد بدأت الإمارات وقوى دولية خلال الفترات الماضية بالعمل على هذا المخطط بشكل جدي، وذلك من خلال بناء تحالفات سياسية جديدة تعمل ضد الحكومة الشرعية، والتهيئة لهذه الخطوة من خلال التصعيد الإعلامي الواسع، والتحرك الدبلوماسي غير المباشر ضد الشرعية والجيش الحكومي وبقية الأحزاب الوطنية.
اعلان
وعن التحالف الجديد المؤيد لهذه التوجهات، قالت المصادر إن الإمارات تعمل عليه من خلال حزبي الناصري والاشتراكي والمجلس الانتقالي، وكذلك جناح من المؤتمر الشعبي العام، حيث بدأت تتضح صورة توجهات هذه المكونات من خلال البيان الذي أصدره الحزبان في وقت سابق، والذي يؤيد مطالب المجلس الانتقالي ويدعو الرئيس هادي للتجاوب معها.
تحالف غير معلن
وفي الاتجاه ذاته، قال مصدر حكومي مسؤول للجزيرة نت إن "هذا التحالف غير المعلن -الذي تحاول الإمارات تشكيله لمناهضة الشرعية- لا يريد مصلحة اليمن، وفي حال نجح بتجاوز شرعية الرئيس هادي فسيكون الباب مفتوحا لتنفيذ مخططات أخرى".
ووفقا للمصدر الحكومي -الذي فضل عدم الكشف عن اسمه- فإن الرئيس هادي لا يدرك هذا الخطر، وبات وضع الشرعية يتراجع يوما بعد آخر، كما بات البعض ينتظر أن يدخل الحوثيون مأرب لاستكمال المخطط والتفاوض بعد ذلك على أساس "الشمال والجنوب والوسط".
وأشار المصدر إلى أنه في حال دخل الحوثيون مأرب -التي تمثل آخر قلاع الجمهورية- فإن النتيجة ستفضي إلى أنه "لن يكون هنالك شمال وجنوب، وسيذهب الحوثيون لالتهام الجنوب كاملا، وهو الأمر الذي قد يقود إلى توسع نفوذ إيران، واقتراب الخطر الإيراني من دول الخليج".
وفيما يتعلق بالأسماء المطروحة التي قد تشكل بديلا لرئيس اليمن الحالي عبد ربه منصور هادي قال المصدر الحكومي، فإن "هناك أحاديث تجري عن تعيين المستشار الرئاسي رشاد العليمي في منصب رئيس الجمهورية".
التميمي: مخطط الإطاحة بالشرعية التي تشمل في إطارها تجاوز دور الرئيس أو التخلص منه (الجزيرة)
أسباب ومخاوف
وبحثا عن الأسباب التي دفعت حزب الإصلاح للحديث عن هذه التوجهات الجديدة قبل الرئاسة اليمنية والحكومة الشرعية، تحدثت الجزيرة نت مع المحلل السياسي ياسين التميمي الذي قال إنه "عندما يكشف الإصلاح عن مخاوف حقيقية من مخطط للإطاحة بالرئيس هادي فهذا يعني أن الحزب يتجاوز التحفظات التي تميز بها أداؤه طوال الفترة الماضية حينما كان لا يزال يشعر بالأمل في تجاوز المأزق الذي تمر به البلاد استنادا إلى الدعم السعودي".
ويفيد التميمي في حديثه للجزيرة نت بأن مخطط الإطاحة بالشرعية -الذي يشمل تجاوز دور الرئيس أو التخلص منه على نحو ما- كشف عنه تقرير نشره أحد مراكز الدراسات، والذي تقف خلفه أبو ظبي، وحظي باهتمام رجلها في هرم السلطة خالد بحاح.
ويبين أن هذا الأمر بات جزءا من سياسة تمضي الرياض في تنفيذها على الأرض بمؤازرة الإمارات، وما سماها أحزاب اليسار الانتهازي الجديد من الاشتراكيين والناصريين، وما بقي من المؤتمر الشعبي والقيادات التي تشغل مواقع أساسية.
هيثم: قضيتنا في الجنوب منفصلة عن صراع السلطة (الجزيرة)
موقف الانتقالي
من جانبه، يقول المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم إنهم في الجنوب لديهم قضية منفصلة عن صراع الأطراف في اليمن على السلطة، وإنهم غير مهتمين بتفاصيل هذا الصراع إلا من جهة ارتباطه وتأثيره على قضيتهم.
اعلان
ويضيف هيثم للجزيرة نت "حتى اللحظة ما زلنا نتعامل مع الرئيس هادي بصفته رئيسا شرعيا، وتحت مظلته نخوض جميعا معركة مواجهة جماعة الحوثي في إطار الدفاع عن مشروع الأمن القومي العربي".
عبد السلام: هادي والحكومة الشرعية هما السبب في كل مل يحصل (الجزيرة)
رد الحوثيين
في المقابل، قال الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام إن الرئيس عبد ربه منصور هادي وما تسمى الحكومة الشرعية هما السبب الرئيسي في كل ما يجري باليمن، وإنهما هما من سمحا للتحالف السعودي الإماراتي بأخذ الشرعية القانونية منهما لتدمير البلاد وتدميرهما لنفسيهما.
وفيما يتعلق بموقفهم من قضية التوجهات التي تهدف لإزاحة الرئيس هادي، أوضح عبد السلام أن الموضوع لا يتعلق بمساعي الدول الإقليمية، ولكن يتعلق في الأساس بالفشل الذريع لهادي، والسقوط الأخلاقي والقانوني الكبير الذي نتج عنه الوضع المزري حاليا كنتيجة طبيعية لسماحهم بالعدوان على بلادهم، حسب قوله.
ويتساءل عبد السلام "كيف لك أن تسمح بحصار بلادك ومصادرة قرارك وتستمر بالبقاء في فندق كرهينة، ثم تطلق على نفسك رئيسا شرعيا؟".
ويعتبر أن الرئيس هادي هو أداة سعودية يمارس التغطية والشرعنة لاحتلال اليمن وليس لمصلحة الشعب اليمني، ويرى أن القضية باتت متعلقة بمخالفات دستورية جسيمة تتمثل في سماح هادي وحكومته بانتهاك سيادة اليمن، والسيطرة على جزره ومواقعه الإستراتيجية، حسب تعبيره.
ويختتم عبد السلام حديثه للجزيرة نت قائلا "أعتقد أن الأمور لن تتوقف عند فشل الرئيس هادي وحكومته، ولكن سيكون هناك ما هو أكبر من ذلك، والرئيس هادي وجميع من معه في الرياض يتحملون مسؤولية الظلم والحصار والقتل الذي يتعرض له الشعب اليمني اليوم".
المصدر : الجزيرة