لم يكن مشهد تلك السيدة اللبنانية وهي تعانق الرئيس الفرنسي بحرارة في الجميزة هو الوحيد الذي لفت الانتباه في زيارة ماكرون للمنطقة المدمرة بمرفأ بيروت وضواحيه.
طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام زيارته لبيروت بإجراء "تحقيق دولي" حول انفجار مرفأ بيروت، في حين أعلن القضاء العسكري اللبناني بدء حملة توقيفات واستجوابات على خلفية انفجار المرفأ الثلاثاء الماضي.
وقال ماكرون -الذي زار لبنان اليوم- في مؤتمر صحفي "يجب إجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف للحيلولة دون إخفاء الأمور أولا ولمنع التشكيك".
وردا على سؤال لصحفي فرنسي حول فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون الإصلاحات، قال "لا أستبعد شيئا"، مضيفا "في بعض الظروف، العقوبات ليست الأكثر نجاعة، اعتقد أن الحل الأنجع هو إعادة إدخال الجميع في آلية" حل الأزمة.
ودعا القادة اللبنانيين إلى إحداث تغييرات عميقة في أدائهم وإعادة بناء نظام سياسي جديد لإخراج البلاد من مأزقها السياسي والاقتصادي، كما أعلن عن تنظيم مؤتمر دولي لدعم لبنان بعد انفجار بيروت.
وفي السياق، أوردت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس ميشال عون جدد التصميم على معرفة أسباب ما سماها المأساة والجريمة التي حصلت في بيروت، وكشف ملابساتها والمتسبب بها، وذلك خلال استقباله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في المقابل ساد تباين في مواقف الأطراف السياسية من التعامل مع تداعيات الانفجار خاصة على صعيد التحقيق بين من يريده دوليا ومن يرغب في إبقائه محليا.
حملة اعتقالات واستجوابات
وفي تطور آخر، أعلن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي الخميس توقيف 16 شخصاً بينهم مسؤولون في مرفأ بيروت على ذمة التحقيق، على خلفية الانفجار الضخم الذي أودى بحياة 137 شخصاً وتسبّب بإصابة ٥ آلاف آخرين.
وأوضح عقيقي في بيان أنه "تم استجواب أكثر من 18 شخصاً حتى الآن، من مسؤولين في مجلس إدارة مرفأ بيروت وإدارة الجمارك ومسؤولين عن أعمال الصيانة ومنفذي هذه الأعمال في العنبر رقم 12" حيث تمّ تخزين 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم، إضافة "إلى مواد ملتهبة سريعة الاشتعال وكابلات للتفجير البطيء"، موضحاً أن "16 منهم على ذمة التحقيق حالياً".
وأفادت وسائل إعلام لبنانية، أن المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، أصدر بناء على التحقيقات بالانفجار، قرارا بمنع سفر كل من المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي، والمدير العام للجمارك الحالي بدري ضاهر، ومدير مرفأ بيروت حسن قريطم.
اعلان
من جهة أخرى، دعا مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الدول الأعضاء للمشاركة في اجتماع يعقد عبر الإنترنت حول الوضع الإنساني في لبنان يوم الإثنين المقبل.
وأفاد مصدر دبلوماسي للجزيرة بأن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية سيقدم إحاطة حول الوضع الإنساني في بيروت ويبحث جهود الأمم المتحدة لدعم الاستجابة المستمرة هناك.
كما أوضح المصدر أن الاجتماع سيسلط الضوء على الفجوات في الاستجابة الحالية للوضع في بيروت وسيدعو إلى دعم عاجل.
دعوات حقوقية للتحقيق
وقد دعت "منظمة العفو الدولية" إلى إنشاء آلية دولية على الفور للتحقيق في كيفية حدوث انفجار مرفأ بيروت، أيا كان سبب وقوعه.
ودعت الأمينة العامة بالإنابة للمنظمة جولي فيرهار إلى زيادة المساعدات الإنسانية العاجلة للبنان الذي كان يعاني أصلا من أزمة اقتصادية حادة، ومن تداعيات جائحة فيروس كورونا.
من جهتها، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في انفجار مرفأ بيروت؛ الذي ألحق دمارا كبيرا بالعاصمة.
وشددت على ضرورة ضمان حصول المتضررين على السكن والغذاء والرعاية الصحية بشكل نزيه وعادل.
اعلان
صندوق النقد يدعو لتخطي العقبات
حضّ صندوق النقد الدولي في بيان الخميس لبنان على تخطي العقبات في النقاش حول إصلاحات أساسية، بعد الانفجار الضخم الذي دمر مرفأ بيروت الثلاثاء الماضي.
وشدّد الصندوق على أنه "من الضروري تخطي العقبات في المحادثات حول إصلاحات أساسية ووضع برنامج جدي لإنعاش الاقتصاد".
وتعثرت المفاوضات بين السلطات اللبنانية وصندوق النقد الدولي منذ أسابيع بسبب عدم تقديم الوفد اللبناني المفاوض رؤية موحدة حول تقديرات الخسائر المالية التي سيبنى على أساسها برنامج الدعم الذي تسعى إليه الحكومة اللبنانية في خضم أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
وتسبّب الانفجار الذي وقع الثلاثاء، ووصفه صندوق النقد بـ"الكارثة" والمأساة"، بمقتل ما لا يقل عن 137 شخصاً، وإصابة ٥ آلاف آخرين بجروح، وفق حصيلة لا تزال مؤقتة، إذ لا يزال العشرات في عداد المفقودين، في حين بات مئات الآلاف فجأة دون مأوى.
ويتخبّط لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، وخسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءا من رواتبهم وتآكلت قدرتهم الشرائية، بينما ينضب احتياطي الدولار لاستيراد مواد حيوية مدعومة كالقمح والأدوية والوقود.
مساعدات عربية
من جهة أخرى يتواصل تدفق المساعدات العربية والدولية للمساعدة في عمليات الإغاثة وعلاج الجرحى والمصابين جراء الانفجار الذي هز مرفأ بيروت الثلاثاء الماضي.
وأعلن المغرب تسيير جسر جوي لمساعدة لبنان في التعامل مع تداعيات انفجار مرفأ بيروت. كما أعلن الأردن عن توجه طائرتين أردنيتين عسكريتين تحملان مستشفى ميدانيا إلى العاصمة اللبنانية بيروت، لتقديم الخدمة العلاجية لجرحى انفجار المرفأ.
اعلان
كما سيّرت الكويت طائرة شحن عسكرية ثانية ضمن جسر جوي لمساعدة لبنان على تجاوز تداعيات حادث مرفأ بيروت قبل يومين.
وحسب الهلال الأحمر الكويتي فإن الطائرة محملة بـ٣٥ طنا من الأدوية والمواد الطبية، سيتم تسليمها للصليب الأحمر اللبناني.
ودشنت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية القطرية، بالتعاون مع جمعية قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري، حملة تحت شعار "لبنان في قلوبنا". وتهدف الحملة، وفق للجهات المنظمة، إلى دعم الشعب اللبناني والوقوف معه في هذه الكارثة.
وخارج المنطقة العربية؛ أعلن الجيش الأميركي الخميس أنه سيرسل ٣ شحنات من المياه والغذاء والأدوية إلى لبنان.
واتصل قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) فرانك ماكينزي الخميس بقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون لإبلاغه بالمساعدات، وفق ما ذكر المتحدث باسمه بيل أوربان.
لم يكن مشهد تلك السيدة اللبنانية وهي تعانق الرئيس الفرنسي بحرارة في الجميزة هو الوحيد الذي لفت الانتباه في زيارة ماكرون للمنطقة المدمرة بمرفأ بيروت وضواحيه.