مع تسابق الأنظمة العربية للتطبيع مع إسرائيل بدأ الحديث عن تطبيع يمني مع إسرائيل عن طريق مايسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا في جنوب البلاد.
ووصل جدل التطبيع مع إسرائيل إلى الجنوب اليمني الذي يعيش أكبر معاناة في تاريخه نتيجة الحرب الدائرة منذ أكثر من خمس سنوات، وتفاوتت المواقف ما بين الرفض القاطع من غالبية القوى السياسية والشعبية وقبول قوى أخرى.
ويمثل هذا الأمر تهديدا جديدا للتماسك الداخلي في الجنوب اليمني، في ضوء تكهنات حول إمكانية أن يتسبب ذلك في إشعال نار جديدة في الجنوب.
قال رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية عبد الكريم سالم السعدي، إن “التطبيع مع إسرائيل مرفوض في الجنوب ليس اليوم ولكن منذ الثمانينيات عندما خرجت الفصائل الفلسطينية من لبنان واحتضنهم شعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وفتح لهم الأبواب، في الوقت الذي رفضت فيه الكثير من الدول التي تدعي العروبة والقومية استقبالهم”.
وأضاف : “نحن نرفض التطبيع مع إسرائيل ليس كراهية في اليهودية التي هى من الأديان السماوية، لكننا ضد الحركة الصهيونية التي توظف هذا الدين لمشاريعها الخاصة”.
وتابع: “قضيتنا هي القضية الفلسطينية، وليس معنى تخلي العرب اليوم عن القضية أننا نطبع كشعوب، نحن نعي جيدا أنه أصبح هناك فجوة كبيرة بين الأنظمة التي تم صناعتها في الخارج وبين الشعوب”.
وأكد السعدي: “لا يمكن أن نقف مع التطبيع طالما ظلت حقوق الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الصهيوني، عليهم أن يعترفوا أولا بقضيتنا العربية ويجلسوا على طاولة التفاوض ويوافقوا على طلبات الإخوة الفلسطينيين وحقهم في العيش في وطنهم وبناء دولتهم”.
وقال: “العديد من التظاهرات في الجنوب خرجت للتعبير عن رفض التطبيع ونحن عبرنا عن رفضنا ببيانات”.
وقال رئيس تحضيرية مؤتمر عدن الجامع ورئيس حزب العمل الديمقراطي النهضوي إيهاب عبد القادر: “قضية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي تسببت في استياء عام لدى بعض المكونات الحراكية الجنوبية، والبعض الآخر لم يشر أو يعبر عن موقفه صراحة”.
وأضاف : “في اعتقادي أن المؤيدين للتطبيع من المكونات الجنوبية سيتعرضون لهزات تنال من ثقة الشعب الجنوبي بهم وقد تكون سببا في انتهاء مكانة هذه المكونات، فاليوم نرى صحوة لعدد من المكونات الحراكية الكبيرة المؤسسة للحراك السلمي الجنوبي الذي بدأ في العام (2007 – 2008) والتي جمعت بقية المكونات الحراكية المؤمنة بقضية الجنوب وأصدرت بيانات تدين التطبيع بل وتجرمه، وتؤكد تعهدها للشعب الفلسطيني بالوفاء والوقوف إلى جانبه بعد التطبيع الذي تم بين الإمارات والبحرين مع الدولة الإسرائيلية”.
ويقول القيادي بالحراك الجنوبي عبد العزيز قاسم: “أعتقد أن القوى المتصارعة في الجنوب وعلى مستوى اليمن بشكل عام، لم يعد موقفها يمثل وزنا كبيرا يمكن أن تعتمد عليه دول التطبيع”.
وأضاف: “بطبيعة الحال، الجنوب، شعب ودولة، كان يمثل منذ أكثر من ستة عقود نموذجا عربيا قوميا لمناصرة القضية الفلسطينية، ولا زالت القضية الفلسطينية مركزية لكل جنوبي”.
وتابع قاسم: “أما بالنسبة لتأثير التطبيع على طبيعة القوى في الجنوب، فلاشك أن الشارع الجنوبي لا زال مصدوم من المجاهرة بالتطبيع، ومع ذلك فإن موقف بعض القوى ينسجم مع التطبيع تبعا لعلاقة هذه القوى مع الدول المطبعة مثل الإمارات والبحرين مثلا، وبطبيعة الحال فإن الوضع القائم في الجنوب مرشح للتصعيد إن لم يكن للانفجار، وعملية التطبيع ستكون عامل مساعد إضافة إلى الظروف السائدة التي يعاني منها الناس بسبب سياسة الإفقار والتجويع الممنهجة”.
وأوضح: “ستكون هناك خلافات عميقة وسوف يكون ملف التطبيع ضمن أجندة بعض القوى ضد أخرى، فهناك غليان شعبي يتعاظم”.
وتابع: “يزداد هذا الغليان حدة، وقد تشهد عدن غضب شعبي إذ بدأت بعض القوى العودة إلى عدن بعد انقطاع لعدة سنوات، كمؤشر واضح بأنه في قادم الأيام سوف يكون هناك تصعيد قوى، وقد يخرج عن سيطرة الجميع وكل العوامل متوفرة”.
وأشار القيادي بالحراك إلى أن “هناك خلافات بين القوى السياسية من قبل ذلك، لكن هذه المرة في ظل هذه الأوضاع سوف تكون عميقة وقد تصل إلى حد المواجهة والخروج للشارع”.
ورفض حراك تاج الجنوب العربي في بيان تلقت “سبوتنيك” نسخة منه كل أشكال التطبيع مع إسرائيل وأدان المطبعين.
وجاء في البيان: “تابعنا بقلق بالغ خطوات التطبيع التي بدأتها أول دولة عربية خليجية وهي الإمارات العربية المتحدة لتفتح الباب واسعا وعلى مصارعة لبقية الدول المتذبذبة و المنغمسة في العلاقات الخفية، لتخرج من التخفي لعقود إلى العلن الرسمي وبكل وقاحة، من بوابة تغريدات المتصهين دونالد ترامب أو شريكه الصهيوني بنيامين نتنياهو”.
وأضاف: “هذه الدول التي تتغنى بحق القرار السيادي، بينما من يعلن خبر التطبيع من واشنطن هو المتصهين ترامب وليس دعاة مايسمى بالقرار السيادي ومن عواصمهم”.
وتابع البيان: “إننا إذ نرفض كل أشكال التطبيع مع العدو التاريخي الصهيوني، فإننا ندين بأشد العبارات الدول المطبعة ومن سيلتحق بها في قطار التطبيع والاستسلام المذل، ونحمل المسؤولية كاملة لجامعة الدول العربية التي مارست خيانة الصمت ورفض إصدار حتى بيان يدين الخروج عن قراراتها وموقفها التاريخي منذ نشأتها والتزامها وتبنيها للقضية الفلسطينية، وخاصة تخليها عن أي إدانة أو فرض مقاطعة أو عقوبة على الدول التي تخرج عن صف الإجماع العربي والتزامها بالمبادرة العربية التي وافقت عليها في قمة بيروت عام 2002”.
وأشار البيان إلى أن “الاختراق الأمريكي الصهيوني لدول الجامعة العربية لا هدف له سوى تعزيز حظوظ المتصهين دونالد ترامب في إعادة انتخابه لدورة ثانية وإنقاذ الصهيوني السفاح نتنياهو من سجن محقق لسنوات، ومحاولة لتقديم قضية فلسطين قربانا لصفقة القرن وحماية حكام مهزومين ومكروهين من شعوبهم”.
وتابع: “إننا في تاج الجنوب العربي ندعو الشعب الفلسطيني بكل قواه المقاومة إلى تبني استراتيجية جديدة لمواجهة هذا الخطر (الأمريكي – الصهيوني) الداهم عبر توسيع جبهة التحالفات لتشمل الدول العربية والإسلامية الممانعة وكل القوى والأحزاب والتنظيمات والجبهات والنقابات المهنية والعمالية والإبداعية والمثقفين والفنانيين والكتاب والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني في طول وعرض الوطن العربي والإسلامي ومقاطعة الدول المطبعة وكل الفعاليات السياسية والثقافية والاقتصادية التي تتبناها، وحث الشعوب في الدول المطبعة على رفض السير في هذا الطريق المدمر وعدم الرضوخ لسلبهم الإرادة وتقرير مصير ومستقبل الأجيال”.
وأعلن هاني بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، المدعوم من قبل الإمارات، نيته زيارة إسرئيل، بعد توقيع اتفاقية التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب.
وقال هاني بن بريك: “إذا تم فتح زيارة الجنوبيين (اليمنيين) إلى تل أبيب فسأزور اليهود الجنوبيين في بيوتهم”.
وأضاف ابن بريك، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على “تويتر” منتصف الشهر الماضي، إنه “سيزور القدس وسيصلي في المسجد الأقصى، داعيا إلى السلام والتسامح والتعايش وقبول الآخر”.
وفي أغسطس/ آب الماضي، أكدت وزارة الخارجية اليمنية في تغريدة لها بحسابها على “تويتر” أن “الحكومة تؤكد على موقف اليمن الثابت الداعم للقضية وحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف والرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب”.
وأكد مصدر رسمي يمني أن “الحكومة طلبت من المجلس الانتقالي الجنوبي توضيحا رسميا ما إذا كانت تصريحات نائب رئيس المجلس الشيخ هاني بن بريك عن مباركة التطبيع مع اسرائيل تمثل موقف المجلس أو رأيه الشخصي”.
وقال المصدر إن “المجلس الانتقالي الجنوبي أضحى جزء من الحكومة اليمنية وفق اتفاق الرياض وعليه الالتزام بموقف اليمن الرسمي من كل القضايا الخارجية وعلى رأسها قضية فلسطين العربية”.
وخرج مئات اليمنيين، يوم الخميس 20 أغسطس/ آب الماضي، في تظاهرات احتجاجية على اتفاق التطبيع الإماراتي مع إسرائيل في العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي البلاد، وذلك بعد أيام قليلة على تصريحات أطلقها نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، بارك فيها الاتفاق الذي وصفه بـ”التاريخي”.
وجاب المتظاهرون شوارع محافظة عدن الرئيسية، التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، رافعين أعلام فلسطين ومرددين هتافات معادية لإسرائيل والتطبيع معها، كما أحرقوا العلم الإسرائيلي ورفعوا لافتات مدون عليها عبارات “التطبيع خيانة”، و “لا للتطبيع مع العدو الصهيوني”، وذلك بعد إعلان كل من الإمارات والبحرين تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وأصدرت قوى الحراك الجنوبي الداعية للتظاهرة بيانا دعت فيه إلى “الوقوف صفا واحدا ضد التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ومن يسير في ركبه”.
وأعتبر بيان قوى الحراك الجنوبي “إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل خيانة للأمة كلها، وطعنا للقضية الفلسطينية في ظهرها”.
وتوصلت إسرائيل ودولة الإمارات، إلى اتفاق سلام سيؤدي إلى تطبيع كامل للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين في اتفاق لعب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دور الوساطة فيه وتم التوقيع عليه، الأسبوع الماضي، في الولايات المتحدة الأمريكية.
المصدر : وكالة سبوتنيك