استنكر العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، موقف كتاب ومغردون إماراتيون محسوبون على النظام من رفضهم لحملة مقاطعة المنتجات الفرنسية نصرة للرسول وطلبهم التعامل مع الأمر بحكمة، وهم نفسهم الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عندما رسم الفنان الأردني عماد حجاجرسمة اعتبروها مسيئة لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد.
وما أن ارتفعت الأصوات العربية والإسلامية على تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي بصوت واحد، تنادي بمقاطعة البضائع الفرنسية رداً على إساءات الرئيس الفرنسي للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حتى استجابت المؤسسات والمتاجر في قطر والكويت وسلطنة عمان وبعض الدول التي وضعت خطوطا حمر تجاه الإساءة لخاتم الأنبياء، لكن المقربين من ولي عهد أبوظبي كانوا لهم رأياً آخر.
وغرد مستشار ولي عهد أبوظبي عبد الخالق عبدالله، متهماً الحملة العربية والإسلامية لمقاطعة المنتجات الفرنسية حملة إخوانية، قائلاً: “حملة الإخوان ضد حرب فرنسا المحقة على الغلو والتطرف ليست مخلصة لوجه الله وليست دفاعا عن الإسلام بل هي متاجرة بالدين”.
ولم يستغرب المتابعون للشأن الإماراتي أن تصدر اتهامات “الأخونة” لمن يفزع لمن حاول توجيه الإساءة لرسوله الكريم (ص)، فهكذا دائماً كانت الإمارات في صفوف الهجوم على الإسلام، بدعوى “فزاعة الإخوان”.
وما يثير للسخرية أن متاجر وعلامات تجارية غربية في قطر والكويت رفضت الإساءة للنبي وقاطعت المنتجات الفرنسية ، ليتساءل المتابعون : هل هذه المتاجر العالمية، متاجر إخوانية ؟!
وفي إصرار على توجيه حملة وهمية تجاه تركيا رغم أن الأزمة مع فرنسا، غرد علي بن تميم المقرب من ولي عهد أبوظبي قائلاً: “مع الحملة الشعبية لمقاطعة تركيا التي أساءت إلى إرث الرسالة المحمدية وتراث العرب والمسلمين ولا بل ألف لا لحملة مقاطعة المنتجات الفرنسية لأن فرنسا سعت دون كلل ولا ملل إلى عدم الارتهان للجماعات الإسلاموية المتطرفة التي تريد احتكار الصواب ونشر الاحتراب بالزيف والسراب وفتاوى الإرهاب”.
وإذ لم يعد هناك أي استغراب من المواقف الإماراتية التي أصبحت في خانة العداء مع العالم الإسلامي، تحاول أبوظبي تحويل دفة العداء إلى تركيا رغم مواقفها المدافعة عن الإسلام بهدف إحياء حملة مقاطعة وهمية للمنتجات التركية وكأن الرئيس التركي هو من أساء النبي الكريم.
ويتساءل المراقبون للشأن الإماراتي: ما الذي أساءت إليه تركيا من إرث الرسالة المحمدية؟ .. فالتصريحات صدرت عن الرئيس الفرنسي والرسوم المسيئة خرجت من مجلة فرنسية.
في رده على تأييد فرنسا بقضية الرسومات المسيئة.. غرد الإعلامي الإماراتي أحمد الشيبه النعيمي قائلاً: “كل الأمة تغضب لشتم رسول الله وتدافع عنه، إلا شرذمة منحطة رخيصة تصدر أصواتها من بلدي المختطف الإمارات، وذلك بإيهام الناس أن الدفاع عن حبيبنا المصطفى قضية فئة سياسية”.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أكد في خطاب متلفز له إصراره على نشر الرسوم المسيئة للإسلام “نصرة للقيم العلمانية” وفق قوله، وذلك رغم حادثة الطعن لامرأتين مسلمتين محجبتين تحت برج إيفل بباريس والتي وقعت يوم الأحد.
وأكد ماكرون في خطابه أن بلاده لن تتخلى عن الرسوم الساخرة، وذلك في معرض حديثه عن مدرس فرنسي قتل بعد نشره صورا مسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام.
وقال الرئيس الفرنسي: “سنواصل أيها المعلم، سندافع عن الحرية التي كنت تعلمها، وسنحمل راية العلمانية عاليًا”، بحسب وكالة فرانس برس.
وعبر وسوم “إلا رسول الله”، “الا رسول الله يا فرنسا”، و”مقاطعة المنتجات الفرنسية، أعلن ناشطون من كافة البلاد العربية والإسلامية مقاطعة المنتجات الفرنسية، ودعوا المتاجر إلى إزالة المنتجات الفرنسية من على أرفهها وهو ما استجابت له المؤسسات التجارية في الكويت وقطر .
وتعيش فرنسا صدمة كبيرة، إثر انضمام دول تصفها بالمعتدلة لحملة المقاطعة الواسعة للبضائع الفرنسية والتي انطلقت منذ الإساءة الفرنسية للدين الإسلامي والنبي محمد، حيث يسود صناع القرار حالة من الذهول القوي من الآفاق المقلقة للمقاطعة.
وتنظر فرنسا بقلق إلى المقاطعة العربية والإسلامية لمنتجاتها بعد أن جاءت تلك المقاطعة من أنظمة توصف بالمعتدلة مثل الأردن والمغرب والكويت التي تعد من شركاء باريس سياسيا وتجاريا، وفق صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية.
وقالت الصحيفة، إن المفاجأة التي أذهلت باريس ليس إقدام أنظمة مثل تركيا وإيران على التنديد بفرنسا في هذا الظرف العصيب بل صدور الاحتجاج عن حكومات معتدلة مثل الأردن والمغرب والكويت.
وأضافت الصحيفة، في تقرير لها، حمل عنوان “موجة مضادة لفرنسا تغزو العالم العربي”: “إذا كان ملك الأردن عبد الله قد شارك سنة 2015 في المسيرة في باريس ضد الإرهاب الذي استهدف شارلي إيبدو، فهذه المرة المملكة الأردنية أعربت عن قلقها من نشر الرسوم المسيئة لملياري مسلم والأماكن المقدسة”، فيما تناولت جريدة “فالور أكتييل” وهي محافظة مسيحية كيف انضم المغرب بدوره الى الحملة وهو البلد المعتدل.
وترى صحيفة “لوموند” الفرنسية، في مقال لها اليوم بعنوان “انتقادات ونداءات للمقاطعة بعد تصريحات ماكرون حول الرسومات المسيئة للرسول محمد”، أن هذه المرة صدرت المواقف التي تنتقد ماكرون عن تلك الدول التي نددت بالعملية الإرهابية التي ذهب ضحيتها الأستاذ سامويل باتي.
واستعرضت مواقف دول حليفة لفرنسا ومعروفة بمحاربتها للتطرف وكيف هذه المرة تنتقد ماكرون بسبب تصريحاته وتعتبرها تصب في صالح المتطرفين الذين يستغلونها لتعزيز خطابهم العدائي ضد الغرب وضد الأنظمة العربية والإسلامية المعتدلة.
وكتب المفكر بنجامين بارث اليوم في جريدة “لوموند” في وصفه لوضع فرنسا في العالم العربي
مستشهدا بمطعم فرنسي شهير في العاصمة القطرية الدوحة “الطبخ الفرنسي بدون مواد فرنسية”. قائلاً: “تدخل الى المطعم الذي يحمل علامة فرنسا ويقدم الأطباق الفرنسية الفاخرة لكن لا تجد الأكلات الفرنسية لأنه جرى سحبها بسبب المقاطعة”.