الرئيسية - تقارير - تقرير ..اليمن..تراجع المساعدات الإغاثية الدولية يضاعف من معاناة النازحين في تعز

تقرير ..اليمن..تراجع المساعدات الإغاثية الدولية يضاعف من معاناة النازحين في تعز

الساعة 11:25 مساءً (هنا عدن - متابعات يمن شباب )



nbsp; "ماذا سنفعل؟"، "وما الذي يمكن أن يحدث؟".. تساؤلات تجول في خاطر أم أحمد (40 عامًا)، في حال ما إذا توقفت المساعدات الاغاثية التي تمثل مصدر الغذاء الوحيد لها ولأسرتها المكونة من أربعة أفراد.
 
تحصل "أم أحمد"، وهي نازحة من محافظة إب إلى مدينة تعز، من إحدى المنظمات الإغاثية على كيس من القمح، ودبة زيت، تكفي بالكاد لسد حاجة أسرتها الفقيرة لمدة شهر واحد.
 
ومع إعلان الأمم المتحدة، مؤخرا، إغلاق عدد من البرامج الخاصة بالمساعدات الإنسانية في اليمن، جراء نقص التمويل، ازدادت معاناة النازحين، والذين يقدر عددهم بنحو 4 ملايين شخص وفق تقديرات مفوضية شؤون اللاجئين.
 
لذلك، تشعر "أم أحمد"، بالكثير من المخاوف إزاء هذا الوضع المقلق؛ فكلما تذكّرت حديث مسؤول الإغاثة عن توقف المعونات، فإنها "لا تهنأ في نومها، ولا يرتاح لها بال"- كما تقول.
 
وتضيف في حديثها لـ"يمن شباب نت": "لا يوجد لديّنا عائل كي نعتمد عليه، لديّ ثلاثة أطفال (فتاتين وولد) أحدهم يعاني من تكسر الدم، وتقع على عاتقي مسؤولية رعايتهم، خصوصًا بعد أن أنفصلت عن والدهم".
 
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، إن التمويل الإنساني وصل إلى "أدنى مستوياته منذ عقود"، محذرا- في بيان مقتضب بتاريخ 25 سبتمبر الماضي- من أن النقص في حجم المساعدات الغذائية "سيزيد من شبح المجاعة، لا سيما في ظل اعتماد ملايين العائلات اليمنية على تلك المساعدات".
 

 

سلة غذائية كل ثلاثة أشهر
 
حال المواطن عبده سعيد، يبدو أصعب بكثير؛ فالمعونات الإغاثية لم تعد تصله إلا مرة واحدة كل ثلاثة أشهر..!! حيث أكد لـ"يمن شباب نت"، أنه وخلال الأشهر الأربعة الماضية، لم يحصل سوى على سلة غذائية واحدة. الأمر الذي بات يشكل مصدر قلق على حياته وأسرته المكونة من ستة أفراد، كونهم- حسب إفادته- يعتمدون بشكل رئيس على مثل تلك المساعدات الانسانية..!!
 
قبل خمسة أعوام، نزح "سعيد"، مع أسرته، من منزله في منطقة عصيفرة شمالي مدينة تعز جراء المعارك، ليستقر بهم الحال شرقا في منطقة الحوبان الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي.
 
حينها- أي في السابق قبل أن تتقلص المساعدات- كان سعيد يحصل شهريًا على سلة غذائية مكونة من: كيس ونصف قمح (75 كليو جرام)، و8 لتر زيت، وكيلو سكر، مع كيلو فاصوليا بيضاء. وبحسب تأكيده لـ"يمن شباب نت"، فإن تلك المساعدات الاغاثية، التي كان يحصل عليها شهريًا، كانت تخفف بشكل كبير من معاناتهم كنازحين، خصوصًا في ظل التردي الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية..
 
لكن مؤخرا، بعد تقلص المساعدات، أضطر "سعيد"- مع كثير من أمثاله النازحين- إلى الإنتظار نحو ثلاثة أشهر..! ومع ذلك؛ حين ذهب في منتصف أكتوبر الجاري إلى نقطة تجمع توزيع المعونات الإنسانية للحصول على سلته الغذائية التي انتظرها طيلة الثلاثة أشهر؛ وجدها وقد تقلصت إلى "كيس قمح، و4 لترات من الزيت" فقط..!!
 
وتقول الأمم المتحدة إنها اضطرت، خلال الفترة بين أبريل وأغسطس هذا العام، إلى تقليل توزيع المواد الغذائية، الأمر الذي أثر على نحو 9 ملايين شخص. كما لفتت إلى أنه سيتضرر 1.37 مليون شخص آخر، إبتداءً من شهر ديسمبر/ كانون الأول، المقبل، اذا لم يتم تأمين تمويل إضافي.
 
ومع استمرار الحرب الدائرة في اليمن، منذ نحو ست سنوات، تأثرت العمليات الإغاثية بشكل كبير جراء ضعف التمويل، ما أدى إلى إيقاف بعض برامج المساعدات الأممية، الأمر الذي بدوره فاقم من حِدة الأزمة الإنسانية التي تصفها الأمم المتحدة بأنها "الأكبر عالميا".
 
ويقول سعيد- الذي كان قبل الحرب يعمل بالأجر اليومي وبشكل شبه منتظم، لكنه منذ ثلاثة أعوام انقطع عن ذلك نظرًا لعدم توفر فرص عمل- إنه "مع هذا التراجع الحاصل في الاغاثة، يبدو أنني سأضطر لشراء الدقيق بالكيلو، لتعود فصول المعاناة من جديد..".
 

 

إحصاءات وأرقام أممية
 
في مطلع يونيو/حزيران الماضي، عقد في الرياض مؤتمرا أفتراضيا (الكترونيا) للمانحين حول اليمن، بدعوة من السعودية ومشاركة الأمم المتحدة، وأثمر المؤتمر عن إعلان مساهمات إغاثية وإنسانية تجاوزت الـ 1.35 مليار دولار؛ لكن هذا الرقم- وفقا للأمم المتحدة- يوازي نحو نصف التمويل المطلوب لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن (2020)، والبالغة 3.23 مليار دولار..!
 
وتشير إحصائيات وأرقام مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، إلى أن إجمالي التمويل الذي تم الحصول عليه لليمن بلغ 1.60 مليار دولار، منها 316.2 مليون دولار حصلت عليها الأمم المتحدة من خارج نطاق خطة الاستجابة الإنسانية، و 1.28 مليار هو إجمالي التمويل الذي تم الحصول عليه من المانحين.
 
ووفق تقرير صادر عن المكتب، فإن المساهمات المدفوعة لخطة الاستجابة الانسانية (2020)، بلغت حتى أواخر سبتمبر الفائت 957.7  مليون دولار، فيما بلغت متطلبات التمويل غير الملباه 1.92 مليار دولار.
 
وتعد العملية الإنسانية بقيادة الأمم المتحدة في اليمن هي الأكبر عالميا، حيث يحتاج قرابة 24 مليون يمني إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية، وفقا لأحدث تقارير وكالات الأمم المتحدة.
 
 


فجوة كبيرة.. وتقليص جديد
 
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إنه "تم تمويل 42 في المائة فقط من خطة الاستجابة الإنسانية لليمن، حتى الأن..، وهو أدنى مستوى على الإطلاق في أواخر العام"، لذلك دعا الجهات المانحة مجددا إلى "دفع التعهدات غير المسددة، وزيادة الدعم".
 
وبسبب ضعف تفاعل الجهات المانحة في تسديد تعهداتها ضمن خطة الاستجابة الإنسانية للإمم المتحدة، أعلنت الأمم المتحدة، في 19 أكتوبر/ تشرين الأول، الجاري، أنها ستجري تقليصا جديدا لبرامجها الرئيسية في اليمن مع نهاية العام الحالي، ما لم تتلق تمويلًا إضافيًا.
 
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في إحاطة صحفية مؤخرا، إن "نقص التمويل أدى إلى شل العمليات الإنسانية في اليمن"، مشيرًا إلى أنه تم إغلاق 16، من أصل 45 برنامجا إنسانيا رئيسيا للأمم المتحدة في اليمن.
 
وأضاف "ستُغلق 26 أخرى، أو تقلل الخدمات بحلول نهاية العام، ما لم يتم تلقي تمويل إضافي".
 
 


تشكيكات واتهامات
 
ويشكك الناشط في المجال الإنساني، ياسر علي، في مصداقية التحذيرات التي تطلقها هيئات ووكالات الأمم المتحدة، بين حين وآخر، بشأن توقف برامج المساعدات، معتبرًا ذلك بأنه يأتي في سياق ما يسميه بـ"التسول"، جراء انخفاض تمويل المانحين لليمن في العام الحالي.
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت": "لا أحد ينكر وجود الأزمة الانسانية وتفاقم معاناة السكان جراء الحرب، لكن أيعقل أن تمويلات المانحين خلال الأعوام الماضية لم تحد من المعاناة..؟!".
 
ويتهم "علي" المنظمات الأممية بالتلاعب بالمساعدات أو بيعها، مشيرًا إلى أن حملة "أين الفلوس؟!" التي أطلقها ناشطون العام الماضي، تكشف أن تبرعات دول وحكومات العالم، والتي تقدر منذ بداية الحرب (2015) بأكثر من 20 مليار دولار، "ذهبت إلى غير مستحقيها، دون أن تخفف من الأزمة الإنسانية".
 
وتشير تقارير منظمات دولية إلى أن العمل الإغاثي في اليمن يواجه "تدخلا منهجيا" من قبل سلطات الحوثيين، والحكومة، والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
 
ووفقا لتقرير عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن "لدى الحوثيين، بشكل خاص، سجلا فظيعا في منع وكالات الإغاثة من الوصول إلى المدنيين المحتاجين، وبعض أسباب ذلك هي تحويل المساعدات إلى مسؤولي الحوثيين وأنصارهم ومقاتلیھم..".
 
وقالت المنظمة في تقريرها الصادر بتاريخ 14 سبتمبر الماضي، إنه "منذ أواخر 2019، ضغطت الأمم المتحدة والدول المانحة بشكل متزايد على الحوثيين لمساعدة الهيئات على القيام بعملها، ما أدى في منتصف 2020 إلى توقيع الحوثيين على عقود متراكمة لاتفاقيات المشاريع التي تعلن عدم التدخل في استقلالية هيئات الإغاثة".
 
وأرجعت المنظمة الحقوقية الدولية خفض المانحيين لتمويلاتهم في اليمن إلى تلك العراقيل الحوثية، وقالت: "على الرغم من الاحتياجات المتزايدة، خفّض المانحون التمويل في يونيو/حزيران 2020، ويرجع ذلك جزئيا إلى العراقيل، ما أجبر هيئات الإغاثة على تخفيض خدمات الغذاء، والرعاية الصحية، والمياه والصرف الصحي المقدمة إلى ملايين المحتاجين".