عبر المطرب التونسي لطفي بوشناق عن سعادته بالمشاركة في مهرجان الموسيقى العربية الذي أقيمت دورته الـ 22 بمشاركة نخبة من الفنانين المصريين والعرب.
وأكد لـ «الحياة» أن الموسيقى قادرة على توجيه الرسائل في هذه الظروف السياسية الصعبة التي تمر بها البلدان العربية. وقال: «دور الفنان يفوق دور السياسي دائماً، وعندما يكون غائباً فإن ذلك يكون خطأ فادحاً. وأرى أن الفن والثقافة هما من أهم الأشياء التي ما زالت باقية في أيدي العرب لإثبات هويتهم، بل هما من أخطر الأسلحة والوسائل لتوضيح الحقيقة وشد الهمم والحضّ على قول كلمة الحق والدعوة إلى الحب والتسامح والصمود والتحدي وبناء مستقبل أفضل لهذه الأمة».
وأضاف: «وجودي في مهرجان القاهرة بدورته الثانية والعشرين جاء دعماً لمصر التي قدمت الكثير للعالم العربي، كما أن الفنان شاهد دائماً على الفترة التي يعيش فيها، وعلى ما يعانيه الإنسان في كل مكان من حروب وتدمير ودماء وعنف في كل أنحاء العالم، وكأنه أمر مخطط لتكون مثل هذه الصور عادية. وأنا كفنان رسالتي الأساسية الدعوة إلى الحب والتسامح واحترام الإنسان أينما كان، ومهما كان شكله ودينه ولونه، وأرى أن الأمة العربية التي تعاني حالياً تحتاج إلى الوحدة لمواجهة الأخطار التي تهددها. وأنا لا أبحث عن موقع في هذا العالم، بقدر ما أبحث عن موقف يذكره لي التاريخ ويسجله لي جمهوري العربي الذي منحني ثقته».
ولفت بوشناق إلى أن الفنانة الراحلة رتيبة الحفني كانت تناضل من أجل الفن وهوية الموسيقى العربية، «هي من الشخصيات التي يمكن لتاريخها أن يحكي عن شخصيتها ونضالها الفني»، مشيراً إلى أن أول لقاء جمعه بها كان حين غنى أمامها وأخرج كل ما بداخله من إحساس دون قيود فانبهرت به وأحبّت فنه وساندته بقوة لاقتناعها الشديد بموهبته. ولهذا عندما تلقى مكالمة من ابنتها تطلب منه المشاركة في المهرجان الذي يوجه هذه السنة تحية إلى روح المديرة السابقة لدار الأوبرا المصرية وافق فوراً.
وأكد بوشناق أنه ليس قلقاً مما يقال عن أن الفن العربي في أزمة خصوصاً الغناء الذي يعاني تدهوراً، «لأن الإبداع سيبقى رغم كل التحديات والصعاب ولا توجد أي قوة ستقف ضد الفن الراقي الذي لا يموت ويظل في الوجدان».
وأوضح المطرب التونسي أن الفنان هو الشاهد على العصر، وهو لسان الشعب والمرآة الصادقة التي تعكس واقعه، خصوصاً أنه ينطلق من هموم الناس وإحباطاتهم وأحلامهم وأفراحهم وآمالهم وغضبهم.
وتطرق إلى أغنية «أنا مواطن» التي حققت ردود فعل إيجابية قائلاً: «رد فعل الجمهور كان جيداً لأن مضمون الأغنية كان واضحاً حين توجهت إلى أصحاب القرار في بلادنا وأخبرتهم أننا نريد أن تكون أمتنا سالمة مستقرة، ونحترم الرأي والرأي الآخر من دون إقصاء لطرف، فهذه هي فلسفتي في الحياة وأقدمها من خلال أغنياتي التي أنتقي كلماتها بعناية».
وأضاف: «تحمل أعمالي دائماً إسقاطات لواقعنا بحياد تام، وأنا لا أغني لشخص ما أو زعيم، بل لقضية مهمة مثل الحرية والحق والتسامح واحترام الآخر. وأغنياتي فيها مضمون وفكرة وموضوع يمس الكبير والصغير والغني والفقير والمثقف والجاهل. وأعشق الأغاني الموجهة إلى ضمير الإنسان والأغنية الإنسانية التي تعالج موقفاً».
وحمّل مسؤولية عدم انتشار الفن المغاربي على الصعيد العربي بالشكل المطلوب إلى الفنانين الذين لا بد أن ينطلقوا من أصولهم وجذورهم حتى يكونوا أكثر صدقاً وإقناعاً. وأوضح أنه ليس ضد برامج اكتشاف المواهب الغنائية التي تعرض على الفضائيات العربية بما أنها ستدعم الأصوات المميزة، لكن عليها الاستمرار في دعمها وتقديم الفرص للأعمال المميزة في الكلمات والألحان، كما أن على شركات الإنتاج أن تدعم المواهب العربية بمساعدة الفضائيات الفنية.
وأشار بوشناق إلى أن وجود أغانٍ هابطة خلال الوقت الحالي أمر لا يدعو للقلق، «الجيد والسيء، والجميل والقبيح، والخير والشر هي كلها متناقضات تحقق التوازن في العالم، ولا يمكن أن يكون هناك أغانٍ متميزة دون أن تكون هناك أغنيات ضعيفة. ومن غير المنطقي أن نجد الجميع في مرتبة واحدة».