الرئيسية - تقارير - سقطري في ذكرى إعصار "شابالا".. مواطنون عالقون في عواصف السياسة وأطماع التحالف (تقرير خاص)

سقطري في ذكرى إعصار "شابالا".. مواطنون عالقون في عواصف السياسة وأطماع التحالف (تقرير خاص)

الساعة 10:45 مساءً (هنا عدن - متابعات )

لم يعد السقطريون يخشون كثيراً من عواصف الطبيعة، لأنها كوارث موسمية تزول بزوالها؛ إلا أنهم باتوا أكثر قلقاً من العواصف السياسية التي تجسدت في أطماع وتنافس محموم بين الإمارات والسعودية لتشهد الجزيرة على أثره اضطرابات لا تتوقف انعكاساتها السلبية على المدى القريب والبعيد على السقطريين بشكل مباشر.

 



يستذكر السقطريون اليوم الأول من شهر نوفمبر، والذي يتزامن اصطدم الجدار المداري لإعصار شابالا بجزيرة سقطرى حيث ارتفع فيه منسوب المياه قبل الدخول في الجدار المداري في الأول والثاني من نوفمبر 2015، ومنذ ذلك الوقت دخلت الإمارات بذريعة إنقاذ الجزيرة.

 

بعد خمس سنوات يؤكد السقطريون أنهم لا يزالون عالقين في الإعصار منذ ذلك الحين حتى اليوم، لكن إعصار الإمارات كان أشد فتكاً بالجزيرة..فالأعاصير السياسية، أصبحت نوعاً آخر نتيجة التوترات التي يعيش فيها الأرخبيل اليوم باضطرابات مستمرة، أحدثت حالة من الانقسام العميق بين مجتمع طالما عُرف بتماسكه.

 

وتجاوزت كلاً من السعودية والإمارات مرحلة الاتفاق بينهم على تقاسم النفوذ في أرخبيل سقطرى؛ لتبدأ حرب باردة بين الطرفين عبر التحشيد وإخراج مظاهرات للانفراد بالجزيرة من قبل الجانب الإماراتي من خلال أدواته المتمثلة في (مليشيات المجلس الانتقالي) ليجد أبناء سقطرى أنفسهم عالقين في الوسط، حالمين بالأيام الغابرة حين كانت عواصف الطبيعة هي الوحيدة التي تقلقهم؛ ليتحول الأرخبيل إلى مجمع لقواعد عسكرية للدولتين ويشهد استقطاباً كبيراً لأبناء المحافظة.

 

اضطرابات

لم تكن دعوات ميليشيا المجلس الانتقالي الموالية للإمارات أمس السبت، للخروج في مظاهرات ضد قوات الواجب السعودية (808) وطردها من جزيرة سقطرى بحجة تبنيها سياسة التجويع والتركيع لأبناء الأرخبيل إلا بداية لفصل جديد لتحويل الجزيرة إلى كرة تتقاذفها أطراف إقليمية لا تكترث لما ستؤول إليه الأوضاع في الجزيرة.

 

ففي ظل ارتفاع لغة السلاح والعنف في سعي دؤوب لتشتيت السقطريين عن قضيتهم، وتقسيمهم لإضعاف قوتهم ومطالبهم بعودة الحكومة الشرعية، تستمر عناصر المجلس الانتقالي بالتعبئة العامة وتوزيع منشورات تحريضية لسكان الجزيرة للخروج فيما أطلقوا عليها الانتفاضة العارمة لطرد قوات الواجب السعودية (808) من الجزيرة.

 

ويتسبب التحالف هناك في صنع أزمات متعاقبة تعصف بالجزيرة منها أزمة انقطاع الوقود والخدمات العامة المنقطعة عن الجزيرة وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الفترة التي تهب فيها الرياح والأمطار الموسمية على الأرخبيل، وتنقطع الحركة التجارية بحراً قرابة أربعة أشهر من كل عام وصولاً لشلل كامل في الجزيرة.

 

ويؤكد السكان في الجزيرة لـ"المهرية نت" أن الأزمة الخانقة في المشتقات النفطية - الحاصلة اليوم- شُلّت الحركة في المحافظة، وعطلت مصالح المواطنين في شتى مناحي الحياة، مؤكدين أن الجميع أصبح يعاني والمطالبة بعودة الشرعية باتت ضرورة حتمية لأنها الحل الوحيد والظاهر في الانفراجة المرتقبة من الجميع على أحر من جمر.

 

فصل الجزيرة

ويرتفع صوت السلاح الخاص بعناصر المجلس الانتقالي -المدعوم إماراتياً- يوماً بعد آخر، أمام جميع المطالبات المشروعة لإرهاب سكان الجزيرة وإرغامهم للقبول بالواقع المفروض عليهم من قبل أبوظبي في ظل استغلال واضح لتعثر تشكيل الحكومة  الجديدة.

 

أصبحت الإمارات تقيم عروضاً عسكرية بالجزيرة ناصبة الأعلام التشطيرية ويتمسك أنصارها بخيار الانفصال ضاربين عرض الحائط ببنود اتفاق الرياض، ومتجاهلين لدعوات الحكومة الشرعية بضرورة إعادة تطبيع الأوضاع في الأرخبيل وخروج قوات المجلس من الجزيرة.

 

وفي الحادي والعشرين من شهر أكتوبر الماضي أقامت عناصر المجلس الانتقالي عرضاً عسكرياً؛ حيث تسعى الإمارات والسعودية إلى فصل الجزيرة عن الوطن الأم اليمن وإخراج أرخبيل سقطرى عن السيادة اليمنية.

 

وعلى الرغم من الرفض الشعبي الواسع لملشنتها وسلخها عن هويتها، والتي كان آخرها مطالبة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو" بالتدخل لإنقاذ المحافظة من تصعيد المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا يواجهه صمت مخيف من قبل الحكومة الشرعية لما آلت إليه الأوضاع جراء احتلال سقطرى.

 

لغة السلاح

في التاسع عشر من شهر سبتمبر الماضي لم تتردد مليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي فتحها النار باتجاه متظاهرين مؤيدين للشرعية في محافظة سقطرى وحاصرت موقع وقفة احتجاجية مؤيدة للسلطات الشرعية بمنطقة نوجد جنوبي سقطرى، بأطقم عسكرية محملة بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة.

 

وقامت مليشيا الانتقالي بإطلاق النار بشكل كثيف باتجاه المتظاهرين، بالإضافة إلى اعتراض سياراتهم لمنعهم من الوصول إلى موقع الحشد، وقال العشرات من أبناء الجزيرة لـ"المهرية نت" إن لغة السلاح ارتفعت في الجزيرة التي لا تعرف العنف والسلاح؛ بالإضافة إلى تواصل التعزيزات العسكرية التابعة لمليشيا الانتقالي التي تصل دائماً لإرهاب الساكنين.

 

لؤلؤة المحيط غريبة عن أبنائها

لم يعد لليمنيين الحق بزيارة جزيرتهم إلا وفق شروط وتصريحات مسبقة من قبل الإماراتيين والسعوديين، يقول علي المومري، والذي تمكن من زيارة الجزيرة قبل عام: "عند زيارتي للجزيرة طُلب من جميع الركاب اليمنيين الذين ليسوا من أبناء سقطرى إبراز هوياتهم الشخصية ثم سُئلنا من قبل عناصر أمن المطار عن الهدف من الزيارة، بعدها طُلب منا إحضار معرف من سكان الجزيرة قبل أن يسمحوا لنا بالدخول".

 

وأضاف لـ"المهرية نت" : "لم يعد السفر إلى سقطرى أمراً سهلاً لليمنييّن، فمن غير المسموح حالياً التوجّه إلى الجزيرة بحراً، انطلاقاً من حضرموت والمهرة، باستثناء سكان الجزيرة، فمنذ بداية إشراف الإمارات على تشغيل المطار في العام 2016 ونشر السعودية قواتها في الجزيرة في العام 2018، تفرض السلطات الأمنيّة غرامة مرتفعة على مالكي المراكب والسفن الذين ينقلون ركّاباً ليسوا من أبناء سقطرى.

 

وأضاف المومري: عندما تلامس أقدامك أرض مطار سقطرى تدرك على الفور التغييرات في الجزيرة عندما تتلقى فور هبوط الطائرة رسالة نصّية على هاتفك نصها "مرحبا بكم في المملكة العربية السعودية" متبوعة بأسماء شبكات التجوال السعودية والإماراتية .

 

وتابع: الغريب في الجزيرة هو أن المشغل الرئيسي لشبكة الهاتف النقال تتبع شركة الاتصالات الإماراتية الموجودة في سقطرى وتعمل رغم عدم امتلاكها لترخيص من الحكومة اليمنية.

 

مرافق عسكرية واستخباراتية

ومع إعلان طيران السعيدة البدء بتسيير رحلات جوية من دبي إلى جزيرة سقطرى، دون موافقة أو علم من الحكومة الشرعية شهدت الجزيرة مؤخراَ دخول أجانب دون تأشيرات، إضافة إلى وصول سفينة عليها معدات اتصالات وأدوات مختلفة دون إذن من سلطات الشرعية وسلطات الميناء.

 

وفي 28 أغسطس/ آب الماضي ذكر موقع "ساوث فرونت" الأمريكي المتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية أن الإمارات وإسرائيل تعتزمان إنشاء مرافق عسكرية واستخبارية في سقطرى فيما تسعى الإمارات وإسرائيل لإنشاء بنية تحتية لجمع المعلومات الاستخبارية العسكرية في سقطرى.

ذكرى نوفمبر

وأصبحت الخلافات بين الإمارات والسعودية تعصف بالجزيرة جراء استقطاب نوع آخر من الاهتمام للسيطرة الكاملة وقد أسفر هذا الوضع عن حدوث تنافس بين البلدين تعود جذوره إلى التأثير المتنامي الذي اكتسبته الإمارات في الجزيرة بعد أكتوبر/تشرين الأول 2015، حين ضرب إعصار شابالا أرخبيل سقطرى وكانت المعركة في أوجها في البر الرئيسي اليمني بين جماعة أنصار الله (الحوثييّن)، وحليفها آنذاك علي عبدالله صالح من جهة، والتحالف الذي تقوده السعودية والمنضوي إلى جانب الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا من جهة أخرى.

 

تحل هذا الأسبوع ذكرى إعصار شابالا ودخول الإمارات للجزيرة بحجة إنقاذها منذ خمسة أعوام مضت، مروراً أيضاً بذكرى شهر نوفمبر الذكرى السنوية الأولى لاتفاق الرياض الذي جاء لشرعنة الانقلاب المدعوم إماراتياً في العاصمة المؤقتة عدن الذي لم ينفذ منه شيء يتوقع اليمنيين عامة اتفاقات جديدة تنتصر فيها الدول المتصارعة على الجغرافيا اليمنية التي تشهد أطماع واسعة، فيما ينتظر السقطريون من ينتزعهم من الأعاصير السياسية التي ما يزالون عالقين فيها إلى اليوم.