تصاعد الاشتباك السياسي في شأن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة ما يزيد ولادتها المتعثرة تعقيداً. وبلغ ذروته في السجال المباشر بين الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله وبين زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. بدأ هذا السجال ليل أول من أمس واستمر أمس، خصوصا مع اعلان نصرالله ان «وجود مقاتلينا ومجاهدينا على الأرض السورية هو بهدف الدفاع عن لبنان وسورية وفلسطين في مواجهة الأخطار التكفيرية على هذه المنطقة سيبقى قائماً هناك ما دامت الأسباب قائمة»، ورد الحريري الذي اكد أنه «مع تجديد التزامه (نصرالله) المشاركة في الحرب السورية والخروج على إعلان بعبدا ورفضه الابتعاد بلبنان عن الحريق السوري لن نقدم لحزب الله أي شكل من أشكال الشرعية الوطنية».
وكان السجال بين نصرالله والحريري بدأ على خلفية اتهام الأول، في الخطاب الذي ألقاه ليلة العاشر من محرم، المملكة العربية السعودية بأنها تؤخر تشكيل الحكومة في لبنان. ورد الحريري عليه متهماً إياه بأنه يرمي محاولات تعطيل التشكيل على المملكة «وهو بذلك يكون أسيراً لحلقة من الأوهام والمعلومات المركبة، والسبب الجوهري أعلناه عشرات المرات وقلنا إننا لن نكون شركاء لحزب الله في حكومة تغطي مشاركته في القتال ضد الشعب السوري أو تغطي خروجه على إعلان بعبدا».
وعاد أمس نصرالله للرد على الحريري في الخطاب الذي ألقاه في إحياء ذكرى العاشر من محرم أمام عشرات الألوف في الضاحية الجنوبية. وقال إن «من يتحدث عن انسحابنا من سورية كشرط لتشكيل الحكومة اللبنانية يطرح شرطاً تعجيزياً ونحن لا نقايض وجود سورية ولبنان وقضية فلسطين والمقاومة ببضع حقائب وزارية في حكومة لبنانية قد لا تسمن ولا تغني من جوع». واعتبر نصرالله أن «الأخطار التي تهدد المنطقة وشعوبها هي أعلى وأرقى بكثير من أن تذكر كشرط للشراكة في هذه الحكومة». ودعا الفريق الآخر الى الواقعية والتخلي عن شروطه التعجيزية. وقال: «نحن لا نطلب منكم أصلاً لا غطاء للسلاح ولا غطاء للمقاومة». وأضاف: «يقولون لنا الآن لا نشارك معكم في حكومة لتغطي وجودكم في سورية وأنا أقول لهم لسنا في حاجة الى غطائكم لوجودنا في سورية، لا سابقاً ولا حاضراً ولا مستقبلاً».
واستدعى موقف نصرالله هذا رداً آخر من الحريري قال فيه: «نحن من جانبنا نؤكد ما هو مؤكد بأننا لن نقدم لحزب الله أي شكل من أشكال الشرعية الوطنية، لسياسات رعناء تزج بلبنان في مهب العواصف الإقليمية».
ورأى الحريري أن «حزب الله يستطيع أن يستقوي على لبنان واللبنانيين وعلى الشعب السوري وثورته بقوة إيران ومالها وأسلحتها، لكنه لن يستطيع أن يفرض على اللبنانيين شروط المشاركة في الحياة السياسية»، معتبرا «ان الحزب اختار أن يضحي بسيادة لبنان ووحدته كرمى لنظام الأسد وتلبية لقرار القيادة الإيرانية حماية هذا النظام».