أصبحت محافظة أرخبيل سُقطرى اليمنية، محرمة على اليمنيين من دخولها ؛ فاليوم يتم معاملة اليمنيين هناك كعمالة أجنبية وتمضي معاملتهم كأجانب رغم جنسيتهم وهويتهم اليمنية الضاربة في جذور التاريخ، في ظل صمت حكومي مطبق مما يجري في الجزيرة من انتهاكات وعنصرية حلفاء الإمارات المتمثلين في المجلس الانتقالي المسيطر عسكرياً على الجزيرة.
هي خطوة جاءت بعد خطوات، شرع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، بتنفيذها وتطبيقها كإجراءات عنصرية وقمعية تهدف لتوسيع سلطته في جميع المرافق السيادية الخاصة بجزيرة سقطرى اليمنية، وذلك غداة تدشين العمل بمكتب خاص لتقسيم اليمنيين تحت شعار تنظيم وحصر العمالة الوافدة لأصحاب المهن.
لم يكن للمجلس الانتقالي الجرأة على اتخاذ قرار مصيري كهذا لولا أن سبقته العديد من الإجراءات في الأيام السابقة، المتمثلة في إنشاء معسكر خاص بالحزام الأمني وتنفيذ عشرات من القرارات الأمنية والعسكرية الرامية لتوسيع قبضتهم على سواحل ومرافئ الجزيرة التي تشكل مطمعاً رئيسياً للإمارات منذ سنوات.
اليمنيون أجانب بأرضهم
يغيب عن المتابع والمشاهد اليمني تفاصيل عديدة تجري على جزيرتهم، قد تكون شنيعة لكنها في نفس الوقت حقيقية يتجرع فيها اليمني غربته الحقيقية داخل وطنه وأرضه وبين أهله وناسه، ممن جاؤوا يدعون إعادة الشرعية للبلاد منقلبين على جميع الاتفاقيات مسلحين مليشياتهم بأحداث أنواع الأسلحة وسيطرتهم على القرار السيادي والتدخل في مؤسسات الدولية.
وأصبح ما يجري في العاصمة المؤقتة عدن، يجري اليوم بمحافظة سقطرى ويزيد عنه ؛ فلم تكتف الإدارة الذاتية بطرد أبناء الشمال من الجزيرة كما حدث في عدن بل تجاوز الأمر ذلك بطلب من كل يمني إحضار ما يشبه "الكفيل" ليضمن بقائه في الجزيرة تحت شروط مذلة ومخزية يصعب الحديث عنها.
أصبح المواطنون اليمنيون يخشون الإفصاح عن أسمائهم للحديث لوسائل الإعلام خشية انتقام المجلس الانتقالي، حيث يقول أحمد مسعود (اسم مستعار) لموقع "المهرية نت" : أصبحنا في الجزيرة غرباء نلاحق ونبحث عمن يكفلنا ويقوم بالموافقة على ضمان بقائنا في الجزيرة ، والحضور معنا إلى مكتب.. العمالة مكتب الظلم والعنصرية القهر.
مصير بقائنا في الجزيرة، أصبح مرهون بإيجاد كفيل محلي، هكذا يصف مسعود ما يجري في الجزيرة، مواصلاً حديثه: الأشد والأبشع لم يأت بعد فقد أبلغنا المكتب أن من لم يحضر ضمين محلي له سيتم ملاحقته واعتباره متسللا في الجزيرة وخارجا عن القانون وترحيله من الجزيرة .
يختتم مسعود حديثه المضرج بالحزن والحسرة والغضب: هل أصبحنا في أرض إماراتية ولم تشعرنا دولتنا بانتهاء السيادة اليمنية على الجزيرة، أم تم تطبيق نظام الكفيل في محافظة سقطرى ونحن ليس لنا علم بذلك؟! هل أصبحنا عمالة أجنبية ليتم مطاردتنا والتعبئة المجتمعي لتفريق بيننا بهذا الشكل؟!
ترحيل واستبعاد
تندثر مزاعم المجلس الانتقالي - المدعوم إماراتياً - حول صحة أسباب فتح مكتب شؤون العمالة الوافدة من خارج جزيرة سقطرى، بأنه بحفظ النسيج الاجتماعي وتنظيم وحصر العمالة الوافدة وأصحاب المهن، فجيمع الإجراءات لا توحي بذلك.. وما يجري يعد عملية فصل وعزل وذات صلة الإجراءات العسكرية من قبل دولة معادية، يقول علي مهدي مواطن شمالي يقطن بالجزيرة لـ"المهرية نت": لقد تم أخذ جميع البيانات الخاصة وإلزام الجميع بالتقيد بالعديد من الإجراءات الصارمة وتم صرف بطائق تعريفية تحدد عمل كل واحد وأسباب تواجده في الجزيرة، كما يحدث في دول الخليج عندما يكون اليمنيين مغتربين عن وطنهم.
وتابع قائلاً: أخذت جميع البصمات وتحذير جميع العاملين من التواصل مع أي جهات خارجية ومن يثبت أنه يقوم بالتواصل مع مسؤولين في الحكومة اليمنية سيتم ترحيله من الجزيرة بشكل نهائي، بالإضافة إلى التحذير من المشاركة في أي مظاهرات أو وقفات احتجاجية ومن سيقوم بذلك سيكون مصيره الطرد من الجزيرة بشكل نهائي.
اعتقالات ومطاردت
لا تكاد آلة الاعتقال والاضطهاد تتوقف في مناطق سيطرة المجلس الانتقالي التي تخشى على نفسها من ثورة شعبية تقتلع العبث الجاري في المحافظة، يؤكد سكان جزيرة سقطرى أن مليشيا المجلس قامت باعتقال عما يزيد 40 فرداً من أبناء المحافظات الشمالية والجنوبية كانوا قد قصدوا الجزيرة الشهر الماضي للعمل وتعرضوا للاعتقال من قبل القوات الإماراتية المتواجدة على أرض الجزيرة.
مؤكدين أن مصير هؤلاء اليمنيين يعد غامضاً ولا يزال مجهولاً بعد اقتيادهم إلى سجون خاصة بالمليشيات المسلحة المتمردة على الدولة ، وتأتي هذه الاعتقالات على خلفية قيام الإمارات بفرض نظام الكفيل في محافظة سقطرى اليمنية وقيامها بملاحقة اليمنيين وإبلاغهم أنهم باتوا في حكم المتسللين إلى أراض إماراتية.
استنكار واستهجان
أبناء محافظة سقطرى، استهجنوا هذه الأعمال المخزية التي يقوم المجلس الانتقالي بتنفيذها واستنكر أهالي وسكان الجزيرة بدء العمل بالقرار الصادر من رئيس المجلس الانتقالي بالأرخبيل المعين من قبل الإمارات "رأفت الثقلي" بتدشين العمل في المكتب للعمالة الوافدة من خارج جزيرة سقطرى ومعاملة باقي اليمنيين على أنهم أجانب في جزيرتهم اليمنية وتعزيز أطماع السيطرة الإماراتية.
وقال عدد من أبناء جزيرة سقطرى لـ"المهرية نت": إن الثقلي بدأ بالقرار الذي أصدره مطلع الشهر الحالي بإنشاء مكتب للعمالة الوافدة في سقطرى الذي تم تدشينه الأحد في ديوان عام المحافظة بعاصمة المحافظة حديبو.
كما وجه ما تسمى اللجنة الأمنية والعسكرية بتشكيل فرقة عسكرية لحماية المكتب واتخاذ إجراءات قانونية ضد أي اعتراضات أو أعمال شغب يتوقع حدوثها جراء القرار من أبناء المحافظات اليمنية الأخرى القاطنين في الجزيرة حيث حضر تدشين المكتب القيادات العسكرية الموالية لدولة الإمارات وهم قائد اللواء أول مشاه بحري العميد عبدالله أحمد السقطري ومستشار الرئيس العقيد صالح يسلم فارس ورئيس غرفة العمليات فاروق سعيد اللحصي.
وأفادوا: أن سقطرى ليست بحاجة إلى مكتب عمالة وافدة فأبناء الجزيرة عاطلين في منازلهم ولا يملكون أعمالاً، وأن اليمنيين الساكنين في الجزيرة ليسوا بغرباء عنها ليتم إرغامهم على قطع بطائق عنصرية تجردهم من هويتهم وولائهم اليمني للعمل فيها لأنها جزيرتهم ووطنهم وليسوا بغرباء عليها والقرار يعد عنصريا ولم يتخذ إلا من قبل الجانب الإماراتي وليس للسقطريين أي يد فيه لا من قريب ولا من بعيد.
وأكدوا أن سلطات الانتقالي تقوم بتنفيذ ما يملى عليها من قبل أبوظبي ولا تمتلك أي قرار سيادي سوى التبعية المطلقة ؛ إذ أن القرار يسلخ الجزيرة من يمنيتها ويعزز السيطرة الإماراتية على الجزيرة ذات الموقع الاستراتيجي في قرارها الصادر من الثقلي بإنشاء مكتب العمالة الوافدة.