أكدت مصادر يمنية تدخل دولة الإمارات بشكل مباشر في إدارة المعارك ضد الحكومة اليمنية على أكثر من جبهة ضمن مؤامرات أبو ظبي لنشر الفوضى والتخريب والدفع لتقسيم البلاد.
وقد انتقلت المعركة الدائرة في محافظة أبين شرق عدن جنوب اليمن بين قوات الحكومة ومليشيات “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي المدعوم إماراتياً، إلى مرحلة جديدة من الصراع العسكرية خصوصاً بعد دخول الطيران المسير الإماراتي على خط المعارك.
ويأتي تصاعد العنف في أبين بنفس الوقت الذي تعثر فيه إعلان تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، بسبب عدم حل بعض الخلافات بين طرفي التحالف والحكومة، لا سيما أن التحالف السعودي الإماراتي يسعى إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، فيما يخص الأشخاص المرشحين للوزارات السيادية، فضلاً عن التمسك بعدم بقاء نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري في منصبه.
كما يتزامن تصاعد التوتر العسكري والتعثر السياسي مع استمرار ضغط الإمارات عبر السعودية لمنع تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، فيما تتمسك الشرعية بتنفيذ ما بقي منه، بما في ذلك تشكيل الحكومة، بعد تنفيذ الشق العسكري والأمني.
واندلعت أمس الجمعة مواجهات في محافظة أبين، بين قوات الحكومة ومليشيات المجلس الانتقالي. وقال مصدر ميداني في الشرعية إن قواتهم أفشلت هجمات عسكرية لمليشيات “الانتقالي” في الشيخ سالم والطرية.
وأشار إلى أن الاشتباكات أصبحت متقطعة، بعد تدمير عدد من الآليات العسكرية الإماراتية الحديثة، وأسر عدد من مقاتلي “الانتقالي”، وإسقاط طائرات إماراتية مسيرة في منطقة الطرية كانت تحلق فوق مواقع قوات الجيش الوطني.
وحول مساعي السعودية للتهدئة، أكد مصدر ميداني في قوات الشرعية أنه لا جديد حول ذلك، ولا في حركة اللجنة السعودية المكلفة بالوساطة لوقف تصاعد العمليات العسكرية، إذ إن الإمارات دفعت عبر المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تقوده وتدعمه، إلى تفجير الأوضاع العسكرية، فيما قوات الحكومة ملتزمة بمهامها الوطنية وتوجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي.
في هذه الأثناء، أكد المتحدث باسم مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي محمد النقيب، في موجز تم توزيعه على وسائل الإعلام، أن “قواتهم تصدت لهجمات عسكرية في مناطق المواجهات في محيط مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين، وفي الطرية، وتم تدمير وغنم عدد من الآليات العسكرية”.
وأكد قيادي عسكري بارز في قوات الشرعية في أبين، أن قوات الجيش الوطني، التابعة للحكومة اليمنية في محافظة أبين، تمكنت، صباح أمس الجمعة، من إسقاط طائرة مسيرة إماراتية، فوق مواقع قوات الجيش في محيط عاصمة المحافظة، وتحديداً في منطقة الطرية، وهي أحد أهم الجبهات المشتعلة، في أبين منذ أكثر من أسبوع.
وفي السياق نفسه، غرد مستشار وزير الإعلام مختار الرحبي، أمس الجمعة، أن “الجيش أسقط طائرات مسيرة للانتقالي (لم يذكر عددها) بعد تقدمه في جبهات القتال”.
وأضح الرجبي أن “هذه الطائرات وصلت للمليشيات (مسلحي الانتقالي) من الإمارات التي تتفنن باستهداف الجيش وأبناء اليمن، كما قامت بنفس الدور في ليبيا”.
وأضاف “تلقت (الإمارات) درساً قاسياً في ليبيا، وفي اليمن ينتظرها ما هو أسوأ من ذلك”. وأرفق تغريدته بصورة لطائرة إماراتية مسيرة تم إسقاطها العام الماضي في مصراتة الليبية.
من جانبه، أكد وكيل وزارة الإعلام محمد قيزان، في تغريدة، إسقاط الجيش “طائرات مسيرة إماراتية” أطلقتها مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي خلال معاركها مع الجيش في محافظة أبين.
في هذه الأثناء، اتهم القيادي العسكري اليمني، الإمارات بشكل مباشر بإعلان حرب رسمية على قوات الحكومة الشرعية، قائلاً إن العمليات العسكرية المنسوبة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي تدار، سواء عبر غرف عمليات عسكرية متنقلة للجيش الإماراتي، أو سفن حربية عسكرية في البحر.
ولفت إلى أنه كان يفترض أن تكون هذه السفن والأسلحة والمعدات مخصصة لمواجهة الحوثيين، لكنها أصبحت توجه ضد قوات الشرعية وأفرادها وقادتها، لا سيما أن هذه المرة الطائرات كانت إماراتية الصنع، عكس ما كان في السابق عندما تمكنت قوات الشرعية من تحديد طيران مصنّع في دولة آسيوية كانت تهاجم قوات الجيش الوطني.
وأكد القيادي أن استهداف أبين من قبل أبوظبي يأتي في الوقت ذاته الذي يشن فيه الحوثيون هجمات على المحافظة من الشمال عبر البيضاء.
وأرجع هذه الهجمة على أبين لكونها تمثّل، على حد وصفه، محافظة الرفض للإمارات، وأن أغلب قيادات الدولة ينتمون إليها، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، ونائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية أحمد الميسري، الذي يرفض التحالف السعودي الإماراتي بقاءه في منصبه، بعد أن قاد جبهة وقف التحالف ومليشيات “الانتقالي” في السيطرة على أبين وشبوة، ووقف بوجه الانقلاب الذي دعمته الإمارات.
وفيما يتمسك الرئيس اليمني وقيادة الشرعية ببقاء الميسري، يواجه هادي ضغطاً إماراتياً سعودياً لفرض شخصيات موالية في الوزارات السيادية، والتي من بينها الداخلية التي يقودها الميسري حتى اللحظة.
كما أن أبين، وفق المصدر نفسه، هي بوابة المحافظات الشرقية، وهي محافظات الثروة، لا سيما شبوة التي أصبحت بدورها معقل الرفض للإمارات وسياسة التحالف، وتضغط الشرعية وقواتها فيها لطرد ما تبقى من قوات إماراتية في بلحاف.
لذلك تستخدم أبوظبي كل أسلحتها في مهاجمة أبين لتأمين عدن، وبنفس الوقت التوجه نحو شبوة، وذلك من خلال دعم وكلائها بمزيد من الأسلحة المتطورة وصولاً إلى الطيران المسير.
وأكد مصدران في المنطقة العسكرية الرابعة وثالث هو مصدر سياسي في الشرعية، أن الطيران المسير يتحرك بعلم من قيادة التحالف، أي السعودية في عدن.
وأرجعت المصادر الثلاثة ما يجري إلى الضغوط على الشرعية، ومن ضمنها دعم الإمارات للمجلس الانتقالي الجنوبي في السيطرة على إقليم عدن، والظفر بواحدة من محافظات الثروة، فضلاً عن تسهيل الطريق للسيطرة على إقليمي تهامة والجند من قبل أقرباء الرئيس الراحل علي عبدالله صالح من خلال القوات التي مولتها ودربتها الإمارات، ويقودها العميد طارق محمد عبدالله صالح وهو نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل.
وبموجب التقسيم الفيدرالي الذي اعتمد في مؤتمر الحوار اليمني كان يفترض إعلان إقليم الجند على أن يضم محافظات تعز وإب وإقليم تهامة وضمنه محافظات الحديدة وريمة والمحويت وحجة.
وذكرت المصادر أن أبوظبي باتت تستخدم ثلاثة أنواع من الطيران المسير، واحد معدل في الإمارات، وآخر اشترته من الصين، فضلاً عن طيران إسرائيلي فقط كدعم لوجستي.
وتنطلق هذه الطائرات من القرن الأفريقي ومن البحر حتى اللحظة، وقد تم إبلاغ الجانب السعودي بهذا الأمر، لكن دون رد فعل واضح وصريح من الرياض.
وأشارت إلى أن هذه العمليات العسكرية ومشاركة الطيران المسيّر فيها تأتي لإجبار الشرعية على التنازل عن المطالبة بتنفيذ الشق العسكري والأمني في ملفات اتفاق الرياض.
وكان وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي قد أكد خلال لقاء جمعه مع سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن المعتمدين لدى اليمن، أول من أمس الخميس، أهمية التنفيذ الكامل والمتسلسل لآلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض، وفقاً لوكالة “سبأ” بنسختها الخاضعة للشرعية.
وفيما اتهم بعض العناصر التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بما وصفه بـ”التصعيد العسكري والسياسي غير المبرر”، أشار الوزير اليمني إلى أن ذلك “لن يعيق الجهود المخلصة للتنفيذ الكامل لاتفاق الرياض وعودة الدولة للعاصمة المؤقتة عدن”.
وفيما يخص استخدام الطيران المسير من قبل الإمارات، وكذلك من قبل قوات الشرعية، فقد أكد الخبير العسكري العميد علي محمد الصبيحي، أن الطيران قد يقول كلمته في مسار الصراع في أبين، خصوصاً في الخط الساحلي، وهي مناطق مفتوحة تستطيع هذه الطائرات قلب سير المعارك رأساً على عقب، لأن قوات الطرفين ستكون مكشوفة لهذا النوع من السلاح، لا سيما بعد ما أحدثته المسيرات التركية في أذربيجان وليبيا، والتي أدت إلى تغيير المعادلات العسكرية وموازين القوى.
وبحسب الصبيحي فإن الطيران المسيّر قادر على أداء مهماته بفعالية كبيرة، وبأقل كلفة من الطيران الحربي المعروف، لذلك فإن الإمارات تعرف قيمة هذه الآليات. وهي بنفس الوقت تسعى إلى قطع الطريق أمام امتلاك قوات الشرعية هذا الطيران، بعد أن تمكنت قوات الحكومة من بسط سيطرتها على جزء كبير من الساحل الشرقي في بحر العرب والمحيط الهندي، ما يمكنها من الحصول على أسلحة وشرائها بعد أن كانت غير قادرة على ذلك، بسبب منعها من قبل السعودية والإمارات.
وكانت الإمارات قد سلمت وكلائها منذ أكثر من سنة طائرات مسيرة. لكن قصف الطيران المسيّر أغسطس/آب الماضي، قوات الجيش الوطني في منطقة العلم في المدخل الشرقي لعدن، وما تبعه من تداعيات، أجبر الإمارات على سحب هذه الطائرات، ونقلها إلى قواعدها في أفريقيا.
مع العلم أن الإمارات كانت تحاول جعل قاعدة العند الاستراتيجية، في محافظة لحج جنوب اليمن، والمطلة على مضيق باب المندب، قاعدة لطيرانها الحربي والمسيّر، واستخدام مدرجات القاعدة للأغراض العسكرية، في مواجهة قوات الحكومة الشرعية. من جهتها تمتلك قوات الحكومة في أبين عدداً لا يتعدى أصابع اليد الواحدة من الطائرات المسيرة.
ولم يعرف بعد مصدر الطائرات المسيرة أو نوعها، وما إذا كانت مصنعة محلياً، أم تم الحصول عليها عبر صفقات سلاح مع دول أجنبية. وقد استخدمت واحدة من هذه الطائرات خلال الفترة الماضية. ويعتقد أنها كانت استباقية مع مساعي أبوظبي لتسليح وكلائها بهذا النوع من الطيران.