الرئيسية - تقارير - قوارب الموت" تسلب أحلام السقطريين في جزيرتهم المختطفة من الإمارات

قوارب الموت" تسلب أحلام السقطريين في جزيرتهم المختطفة من الإمارات

الساعة 07:34 مساءً (هنا عدن - متابعات )

يشقون بحر العرب، على متن قوارب خشبية صغيرة قد تصل إلى الضفة المقابلة وقد تكون أيضا حصيلة جديدة لمفقودين أو موتى تبتلعهم الأمواج مع مؤنتهم الغذائية وبضائعهم وغيرها، فأحلامهم المحفوفة بالمخاطر لا تصل في الغالب إلى أهاليهم في الجزيرة في ظل حصار مطبع يحيط بهم.


يخرجون من جزيرتهم سقطرى مضطرين هاربين من جزيرة الفردوس التي أصبحت تعيش واقعاً صعباً تنهار فيه الخدمات والإمكانيات وتشتعل فيها أسعار السلع الغذائية والأدوية والخدمات العامة كالكهرباء والمياه والمشتقات النفطية وغيرها من الخدمات جراء الاستعمار الجديد التي تسيل فيه لعاب من بات يعرف بين أوساط السقطريين (الطواويش) وهو اسم يطلقه أبناء الجزيرة على الإماراتيين المسيطرين على جزيرتهم عبر أذرعهم في المجلس الانتقالي المنقلب على الحكومة الشرعية في ظل تقلبات حرب اليمن وشبح التغير المناخي .




فعلى متن قواربهم الصغيرة التي تقودهم في رحلات الموت تلك، تتبدد أحلامهم الكبيرة نحو جنتهم المختطفة من قبل مليشيات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً ، فترتسم على جميعهم ملامح الإحباط واليأس من واقع اقتصادي واجتماعي يزداد تدهورا يوما بعد آخر، ومشهد سياسي متحرك أصبح شبيها بحلبة مصارعة هم ضحيتها.


ليس ذلك فحسب، فقد قام (الطواويش) بإحداث جرح غائر لكل من صعد على متن هذه القوارب الخشبية المتهالكة من أبناء المحافظات الأخرى خاصة المحافظات الشمالية بعدم السماح لهم بالنزول منها، وأصبحت هذه القوارب منزل للمواطنين الشماليين الذين جازفوا بركوبها أملاً في الوصول إلى الجزيرة والعمل فيها.


ولمن حالفه الحظ منهم وتمكن من إسقاط تهمة انتمائه للشمال، فإن مكتب الوافدين بانتظاره، والذي يطالب منه إحضار كفيل ومن ثم التبصيم وعليه القبول بجميع الشريط دون استثناء، أما الهنود والباكستانيين والمصريين والاردنيين فلا تشملهم هذه القرارات أبداً لسبب بسيط دخولهم عبر طيران رويال جت القادم من أبوظبي ولأنهم يتبعون الإمارات فان عملية دخولهم لجزيرة سقطرى أشبه بدخولهم مقاطعة تتبع دولة الإمارات .

 

أحلام مفقودة

تقف الأقلام حائرة لا تدري بأيها تبدأ، فقد مُنع الشاب محمد المقبلي، من النزول إلى تربة جزيرة سقطرى، عند رفض مليشيات المجلس الانتقالي السماح له بالنزول من على قارب متهالك أوصله لشواطئ الجزيرة، بحجة أنه ينتمي إلى محافظة الحديدة الشمالية، وأن الجزيرة أصبحت محرمة عليه مع بقية زملائه المنتمين إلى المحافظات الشمالية.


لقد جازف محمد مع بقية بني جلدته على قارب خشبي متهالك للوصول لجزيرة الأحلام من أجل العمل فيها إلا أن موقف عدم السماح له بالنزول للجزيرة مثل صدمة حقيقية له ولزملائه جراء الإجراءات الجديدة المتخذة من قبل مكتب العمالة المستحدث من (الطواويش) الإماراتيين والذي يديره مندوبو الإمارات بسقطرى.


تم إبلاغ محمد مع رفاقه ان عليهم الاستعداد لترحيلهم بنفس القارب الذي جلبهم للجزيرة والذي قام باحضارهم وأن لا فرص عمل شاغرة في الجزيرة لهم.. فقد أغلقت مليشيا الانتقالي جميع الأبواب أمامهم بعد منعهم من النزول من السفن في ميناء سقطرى .

(الطواويش)

كان سكان سقطرى يعيشون في تناغم مع الطبيعة، أما الآن فشبح الاحتلال الأجنبي بقيادة (الطواويش) الذي يلوح في الأفق لتغير مناخهم جعلهم يعيشون في عاصفة كاملة من الأخطار وصلت إلى شواطئ الجزيرة، حيث ضربت التهديدات المتداخلة بسرعة على طريقة الحياة المحلية والنظام البيئي للأرخبيل.


أصبح السقطريون معزولين تقريباً عن العالم الخارجي وشهدت المحافظات ارتفاعات في أسعار المواد الغذائية وكذا مواد البناء وكذا أزمات متفاوتة في المشتقات النفطية ما دفع أبناء الجزيرة للجوء للقوارب الخشبية المتهالكة في محاولة لعدم توقف عجلة الحياة في الجزيرة .


 القوارب الخشبية الصغيرة هي سبيلهم الوحيد للخروج والعودة من الجزيرة بعد توقف الرحلات الجوية اليمنية وفرض الإدارة الذاتية واقعاً مغايراً للجزيرة.


 هكذا بدا الوضع خلال الأشهر الأخيرة في سقطرى بعد تزايد معاناة آلاف السقطريين واليمنيين المنتمين للمحافظات الأخرى والتي تربطهم مصالح بالجزيرة، على حد سواء موجات اجتياز الأمواج وخشية الغرق في البحر بعد سيطرة (الطواويش) على جزيرتهم - حسب وصفهم.


يقول مجدي سعيد، مواطن سقطري، أصبح من الطبيعي سماعنا أخبار عناصر مليشيات المجلس الانتقالي بتوجيهات من (الطواويش) يقومون بمنع أبناء المحافظات الشمالية من النزول من السفن في ميناء سقطرى وتستعد لترحليهم بنفس السفن الواصلين بها بحثا عن الرزق.
وحصل موقع "المهرية نت" على صور لعشرات المواطنين اليمنيين موثقين لحظات إبحارهم نحو جزيرتهم بحثا عن واقع بديل، وعلامات الاستفهام والاستفسار بادية على وجوههم التي ترتطم بحالة من الإحباط جراء الوضع العام المتردي.
خسارة فادحة

خسارة قارب واحد أو سفينة شحن يعني خسارة كبيرة وتعد فادحة لمئات من الأسر السقطرية التي لا تستطيع تعويضها أو تجد من يقوم بذلك العمل، وما حدث من ما يصفه أبناء الجزيرة من كارثة لغرق سفينة الشحن الخاصة بهم الاثنين الماضي وهي تحمل بضائع وسيارات خاصة تعود في ملكيتها لأبناء الجزيرة.


وعلى الرغم من نجاه طاقم السفينة، إلا أن حامد السقطري يقول لـ"المهرية نت": أن غرق سفينة شحن خاصة بأبناء جزيرة سقطرى تعد خسارة فادحة لسقطرى بأكملها لأن مجموعة السيارات والبضائع والمواد الغذائية التي كانت على متن السفينة تصل للجزيرة بمبالغ مضاعفة وتصل بعد فترات طويلة جداً للجزيرة.

 

وأفاد: يتسبب غرق السفن أو تأخيرها بعدم توفير كثير من الأشياء كالمواد الغذائية وغيرها وبذلك يترفع أسعار كل شيء لعدم تدفق السلع الاستهلاكي وحتى السيارات للجزيرة وكل شيء ولذلك يعد أبناء جزير سقطرى خسارة فادحة .


وأضاف: يضطر السقطريون لتحميل السفن فوق طاقتها - حمولة زائدة - لماذا؟ لأن السكان بحاجة ماسة للبضائع في ظل حصار مطبق على الجزيرة مع وقف الطيران ووسائل النقل التي تربط الجزيرة بالعالم الخارجي.

توقف الطيران

بعد أن تحولت جزيرة سقطرى، لمحل أطماع دولة الإمارات وصراع نفوذ بين أطراف التحالف تزداد هي معاناة مواطني سقطرى لتوقف الطيران ولجوء المواطنين لمواجهة الموت على متن قوارب متهالكة.


يقول حزام السقطري، لـ"المهرية نت: أصبحنا ضحايا التحالف بسبب توقف طيران اليمنية للجزيرة، لأن الإمارات والسعودية أوقفت الطيران وهذا أمر خطير ويندر بتصعيد الموقف بين المواطن السقطري وهذه الدول التي تسعى لتحويل الجزيرة لنقطة صراع.

 

وأفاد: كان الطيران قديماً يخفف من معاناة المواطنين وكان الطيران يقوم بنقل الحالات المرضية المستعصية إلى خارج المحافظة سواء إلى محافظات يمنية أو غيرها.. الآن أصبح البحر هو الملاذ الوحيد للهجرة والسفر.


وأضاف: سقطرى الأن تعيش وضعاً متوتراً تتصاعد فيه لغة الاشتباكات السياسية والأطماع الإماراتية بالجزيرة وتصاعد علامات العنف في قادم الأيام لسنا متأكدين مما يمكن توقعه في قادم الأيام لكننا نعيش وضعاً محاصراً شديد الخطورة.


النوم في المطارات

وفي ظل توقف الرحلات الجوية لجزيرة سقطرى، يتردد السقطريون كثيراً في ركوب القوارب المتهالكة، التي لا تصمد أمام الإعصار والرياح التي تحيط بجزيرتهم، ووسط الحصار والحضر الذي يمارس من قبل التحالف يقف عشرات السقطريين للاسبوع الرابع على التوالي منتظرين انفراجة لا تنفرج أمامهم بسبب توقف الرحلات الجوية من مطار سيئون إلى مطار سقطرى.


يقول عدد من أبناء الأرخبيل لـ"المهرية نت": اضطررنا إلى النوم بالقرب من بوابة مطار سيئون في ظل توقف جميع الرحلات سواء الخطوط الجوية اليمنية أو طيران السعيدة في الوقت الذي تستمر فيه الرحلات بشكل يومي من مطاري سيئون وعدن إلى خارج البلاد.


وأفادوا: أصبح أبناء سقطرى عالقون في مدينة سيئون يتجرعون مرارة الغربة ومشقة التكاليف خلال الفترة الطويلة التي لازالت مستمرة منذُ ثلاثة أسابيع ولا أحد يلتفت لمعاناتهم.
مقاطعة إماراتية

ويؤكد السقطري أن الجزيرة أصبحت عبارة عن مقاطعة اماراتية، قائلاً: يفرض التحالف العربي وعلى رأسها الإمارات حصاراً خانقاً على الجزيرة، في الوقت الذي لا يجد فيه المواطن الإماراتي أي صعوبة في السفر من جزيرة سقطرى اليمنية وإليها فيما لا يتمكن أبناء الجزيرة القيام بذلك.


وقال: إن فندق سمرلاند أشهر فنادق الجزيرة لا يكاد يخلو من النزلاء الإماراتيين بغرض السياحة، بعد تحوّل الجزيرة إلى ما يشبه مقاطعة إماراتية خارج الحدود، شرعت الإمارات في بناء نفوذ لها في محافظة أرخبيل سقطرى، تحت لافتة العمل الخيري استغلت الإمارات ضعف الحكومة المركزية والسلطات المحلية، لإحكام قبضتها على الجزيرة، بدءاً من الأمن مروراً بالخدمات والاتصالات وصولاً إلى القطاع السياحي.

غرق القوارب

وسجل منتصف الشهر الحالي غرق سفينة شحن خشبية تحمل بضائع وسيارات خاصة تعود في ملكيتها لأبناء الجزيرة، فيما قال مصدر ملاحي في محافظة سقطرى إن سفينة شحن خشبية تحمل بضائع وسيارات خاصة تعود في ملكيتها لأبناء الجزيرة  غرقت بشكل كامل معلناً عن نجاه طاقم السفينة.
وكان المصدر الملاحي أوضح لـ"المهرية نت": أن سفينة الشحن الخشبية غرقت قبالة السواحل العمانية، وعلى متنها أكثر من ثلاثين سيارة بالإضافة لحمولتها أيضاً  مواد وبضائع متنوعة خاصة بأبناء الأرخبيل .
وأرجع غرق السفينة التي غادرت السواحل الإماراتية متجهة إلى الجزيرة للحمولتها الزائدة ووصولها حدها المسموح به، فيما نجا طاقم السفينة من الغرق ولم تسجل أي حالات غرق أو وفاة بسبب الحادث.

 

إحصائيات
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ سيطرة دولة الإمارات على الجزيرة، أصبح أبناء الأرخبيل يعانون من حصار خانق في عملية إدخال السفن للجزيرة وارتفاع تكاليف النقل ووصولها أسعاراً خيالية نتيجة إيقاف التحالف السعودي الإماراتي لرحلات طيران الخطوط الجوية اليمنية من وإلى الجزيرة في 26 مارس/آذار 2015، ووجود وسيلة أخرى تمكن أبناء الجزيرة من النقل السفر عبرها، بسفن نقل البضائع المتهالكة.


ومنذ سيطرة مليشيا الانتقالي على الجزيرة فقدت 9 سفن قبالة شواطئ سقطرى، وغرق ما بين 70 و80 شخصا نتيجة تلك الحوادث وفق احصائية كشف عنها وكيل أول محافظة سقطرى رائد محمد الجريبي.