تشكل قضية التجنيس بالنسبة لسكان محافظة المهرة الواقعة في شرقي اليمن واحدة من أعقد المشاكل التاريخية والسياسية، وباتت اليوم تلقي بظلالها على تطورات الأوضاع في المحافظة التي تتقاسم الحدود البرية مع المملكة العربية السعودية.
والتجنيس يعني هنا حصول مواطنين يمنيين من محافظة المهرة على وعود من السعودية بمنحهم جنسيتها، ودمجهم بالمجتمع السعودي، وتمتعهم بالمواطنة الكاملة، وجاءت تلك الوعود وفقا لمتغيرات معينة حينها، لكن السعودية لم تف بتلك الوعود، ومع مرور الوقت بدأت تظهر إلى السطح قضية أولئك المواطنين، لتمثل اليوم واحدة من أهم القضايا، خاصة مع قدوم السعودية إلى المهرة في نوفمبر من العام 2017.
تعود قضية التجنيس إلى مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وهي الفترة التي شهدت تحولات كبيرة في الجوانب السياسية بالمنطقة، لعل أبرزها المد الثوري القومي، وولادة أنظمة سياسية جديدة، ومتغيرات ميدانية وجيوسياسية أسهمت في خلق الظروف التي دفعت المجنسين للفرار نحو السعودية طمعا في فرص معيشية أفضل، وهروبا من واقع كان يزداد قتامة يوما بعد آخر.
دوافع التجنيس
بدأت عملية التجنيس فعليا في محافظة المهرة ومناطق مجاورة لها بداية السبعينيات من القرن الماضي، وهي فترة امتازت بالاضطرابات السياسية العاصفة، والحروب، مما شكل الدوافع الأولى في هجرة السكان وتخليهم عن مناطقهم، والرحيل بحثا عن أماكن جديدة للبقاء والعيش.
ففي تلك الفترة كانت محافظة المهرة تعيش وضعا مضطربا بعد سقوط حكم السلاطين من آل عفرار الذين ظلوا يحكمونها لعدة قرون، وحل محلهم رجال الجبهة القومية الذين تمكنوا من إنهاء الحكم السلاطيني، والبدء بحقبة جديدة، اندمجت فيها المهرة ضمن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي قامت على أنقاض المستعمر البريطاني، وألغت جميع المشيخات والسلطنات.
كان تعامل رجال الدولة الوليدة في عدن داخل محافظة المهرة قاسيا وشديدا على السكان، الذين تعرضت أملاكهم للمصادرة والتأميم، وطورد الكثير منهم بتهمة معارضة النظام الجديد، فيما لقي الكثير من المعارضين حتفهم، وفضل آخرون الصمت، ولاذ العديد منهم خارج أسوار المحافظة.
وإضافة لتداعيات سقوط الحكم السلاطيني، وقيام الحكم الجمهوري في عدن الذي حكم بالحديد والنار، شهدت المهرة أيضا مطلع السبعينيات حربا مع سلطنة عمان المجاورة للمهرة، والتي عُرفت بثورة ظفار، وانخرط فيها النظام الحاكم للشطر الجنوبي بشكل كبير، من خلال تقديمه الدعم للمتمردين، وتحويله المهرة إلى ساحة انطلاق للحرب، وحديقة خلفية للتمرد.
مثلت هذه الأحدات والمتغيرات أسبابا وجيهة لدى الكثير من سكان المهرة للفرار خارجها، خاصة سكان المناطق الصحراوية الذين ظلت مناطقهم بعيدة عن التنمية والاهتمام الحكومي، ويمارسون حياة البداوة، فهاجرت الكثير من القبائل التي تقطن سنا وثمود والمهرة باتجاه الدول المحيطة بها في سنة 1974، لعدم الرضا عن الوضع هناك، ومنها قبائل المناهيل وصاعر والنهدي واتجهت شرقا باحثة عن الأفضل، ونزل بعضها في سلطنة عمان، وبعضها في دولة الإمارات، وبعضها في السعودية. (راجع كتاب "بلاد المهرة ماضيها وحاضرها"، لـ"سالم ياسر المهري"، ص 186).
قبائل المهرة
من المعلوم أن محافظة المهرة تتكون من مجموعة من القبائل التي ترتبط فيما بينها بعلاقة تعاون وأخوة، وسكنت المحافظة منذ زمن طويل، ولديها مصالح مشتركة، وتتحدث جميعا اللغة المهرية، وتتوزع على عدة مديريات.
تنقسم قبائل المهرة حاليا إلى ثلاثة تجمعات أو أحلاف، تندرج تحت كل تجمع عدة قبائل، أول تلك التجمعات هي الشراوح أو الشريحي، وتنقسم إلى أبوقي بن أحميد، الذي ينقسم بدوره إلى ثلاث قبائل الأولى كلشات وصمودة وثوعار، والثانية جسوس بن أحمد، وينقسم إلى ثلاث قبائل، هي يسهول ومغفيق وقمصيت، أما الثالثة فهي قبائل الجدحي وسعتين ونيمر المتقاربة نسبا، والتى تندرج تحت مجموعه الشراوح.
التجمع الثاني هو بن شحيح أو الشحشحي، وينقسم إلى عدة قبائل منها:الزويدي، زعبنوت، الحريزي، محامد، عرشي، عقيد، مسمار.
أما التجمع الثالث فيدعى بن صار، وهم قسمان: الأول، بيت أحميد، وقبيلة كدة، ورعفيت، ومهومد، والثاني قبائل السليمي، المجيبي، حيدرة، غشواق. وهناك بعض القبائل المهرية خارج هذه الأحلاف وهي: بلحاف، القميري، بن ساهل، والعوبثاني، وصرفيت الهذيلي، والكثيري، والمناهيل، وقبائل السادة، مثل: آل حفيظ، آل السيد حميد، آل باعبود، آل باعمر، ثم بيوت أخرى كباكريت، وباعباد، والعمودي، وعقيل، وباعوين، والحكلي، ثم سكان المدينة (الحضر)، وأخيرا قبائل السمر. (انظر كتاب "المهرة.. إنسانا وتاريخا وتضاريسا"، لـ"محمد سالم الحداد").
أما عن القبائل المهرية خارج المهرة فهي القبائل التي انتقلت إلى سقطرى، وقبائل الثعين في الشحر بحضرموت، وقبائل بني ريام في نزوى بسلطنة عمان، والقبائل المهرية في ظفار، وكذلك قبائل الضهورين في شمال عُمان والإمارات.
تتوزع تلك القبائل على كل جغرافيا محافظة المهرة، ولديها أعرافها وتقاليدها، والقوانين العرفية والقبلية التي تنظم علاقتها ببعضها، والأحكام التي تفصل بين النزاعات والخلافات، وتضمن العيش المشترك للجميع.
جغرافيا التجنيس
استهدفت عملية التجنيس جميع السكان في محافظة المهرة، لكن الأكثر استهدافا كان لسكان المناطق الحدودية المجاورة للسعودية، خاصة في صحراء الربع الخالي، وهي قبائل المهرة والصيعر والكرب والمناهيل والهمام وآل كثير، بالإضافة إلى قبائل أخرى أصغر من حضرموت والمهرة، وهي قبائل جنوب الربع الخالي.
أما أولئك الذين هاجروا إلى دول أخرى كسلطنة عمان والإمارات فقد كانت أوضاعهم أقل إشكالا، فمن استقر من هؤلاء داخل الإمارات كانوا أقل عددا، واندمجوا بشكل تدريجي في مجتمعهم الجديد هناك، ولا يزال الكثير منهم على علاقة بجذوره القبلية وعشيرته.
وبالنسبة لمن انتقلوا لسلطنة عمان التي حملت عبئا كبيرا في عملية التجنيس، فقد حصل الكثير منهم على الجنسية العمانية، وانخرطوا هناك كجزء من السكان، خاصة في محافظة ظفار المجاورة للمهرة، حيث يشترك الجميع هناك بأصل تاريخي واحد، وعادات وتقاليد وأنساب ولغة واحدة.
ومرت عملية الاحتواء من قبل سلطنة عمان لهؤلاء بعدة مراحل، كانت الأولى تجنيس سكان المناطق الحدودية، ومنحهم الجنسية الكاملة، وإدماجهم في المجتمع، وذلك في نهاية السبعينيات من القرن الماضي. أما المرحلة الثانية فتمثلت بالسماح لكثير من سكان المهرة بالبقاء داخل المناطق العمانية المجاورة للمهرة، ومنحهم حق العيش والعمل، وفق آليات حكومية، استنادا لعلاقة الجوار، وبهدف جعل المنطقة أكثر أمانا، خاصة بعد التمرد الذي عاشته ظفار لعدة سنوات، وكانت المهرة منطلقا لذلك التمرد. (للمزيد عن الدور العماني في المهرة راجع: الدور العماني في المهرة.. حضور مبكر تنغصه تطورات الحرب).
لذلك يصبح التجنيس قضية عامة في المهرة، مرتبطة بقطاع واسع من سكانها، على المستوى الجغرافي والقبلي، ومعظم هؤلاء المجنسون ينتمون للقبائل التي لا زالت متواجدة داخل المهرة، وكان لهذا الأمر تداعيات ظهرت بالأمس، وتعود اليوم من جديد بشكل أكبر، في ظل المتغيرات التي تشهدها المهرة اليوم.
تجنيس القبائل من قبل السعودية
كانت الممكلة العربية السعودية هي الوجهة المفضلة لمن يريد السفر من سكان المهرة والمناطق المجاورة لها، خاصة القبائل البدوية التي تعتمد على رعي الإبل والتنقل من مكان لآخر، وتركت كثير من تلك القبائل مناطقها جراء عدم الاستقرار وصعوبة المعيشة، واتجهت شمالا باتجاه الأراضي السعودية، وتزامن ذلك مع أطماع سعودية تسعى للحصول على موطئ قادم في المهرة لتتمكن من الوصول للمحيط الهندي، بالإضافة للسيطرة على صحراء الربع الخالي المعروفة بغناها النفطي.
أعلنت السعودية عن تقديم تسهيلات لمن يرغبون بالحصول على جنسيتها من المهريين، والذين كانوا مضطرين للانتقال والسفر، والحصول على وثائق تمكنهم من الهجرة لدول أخرى بحثا عن العمل، ولكن تلك التسهيلات قابلتها مطالب أخرى من قبل الجانب السعودي، كبيع أرضهم، والتنازل عنها للحكومة السعودية، والانتقال إلى أماكن أخرى.
وللبدء بهذه العملية استقطبت السعودية عددا من مشايخ القبائل المنتمين لمحافظة المهرة، ويمثل كل واحد منهم قبيلة من القبائل المهرية، وأسندت لهم هذه العملية، وجرى اختيار مدينة الدمام الواقعة في المنطقة الشرقية للمملكة كمركز لاستقبال الطلبات، وتولى أولئك المشايخ استقبال أفراد القبائل لمنحهم الجنسية السعودية، عبر عملية إجرائية تبدأ بتقديم استمارة خاصة تفيد بأن المتقدم من سكان الربع الخالي، ويعمل راعيا للإبل في أودية المهرة والمناطق المحاذية، ومن ثم يتم التعريف بهم من قبل شيخ لدى الجهات السعودية، ثم يجري توزيعهم على مناطق سكنية داخل الممكلة.
وبعد عملية انتظار من شهرين إلى ثلاثة أشهر في مدينة الدمام بانتظار دور كل متقدم، تأتي اللجنة السعودية المختصة وتسأل المتقدمين عن مناطق سكنهم في المهرة، وتركز بشكل أكبر على سكان الربع الخالي، وبعد إكمال المعاملة يتم اشعار المتقدمين بأنهم منحوا الجنسية السعودية، ويصرف لكل شخص جواز يتم تجديده كل عام، والمهنة المدونة فيه للجميع هي "راعي إبل".
من خلال هذه العملية هاجر العديد من أبناء المهرة إلى السعودية طمعا في الحصول على جنسيتها، وحمل جوازها الذي سيسهل لهم التحرك والسفر، وبات أولئك المشايخ يمثلون وسيطا بين هؤلاء المجنسين والجانب السعودي.
حصل البعض من هؤلاء المهاجرين على جوازات سفر، لكنها لم تكن سوى وثائق مؤقتة، ويطلب من حامليها تجديدها كل عام، وهو الحال الذي يعيشه أغلب المجنسين، وقليل منهم من حصلوا على جنسية كاملة، وهو ما ولد المشكلة، وجعلها اليوم تبدو أكثر إشكالا وخطورة.
تواصلت عملية التجنيس خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي، ففي العام 1982 بدأت السعودية بتجنيس شيوخ وقبائل الصحراء التابعين للمهرة والمحاذين لحدودها، ومنحتهم الجنسية الكاملة، ثم تدرج الأمر لتجنيس كل القبائل في الصحراء، واستمر هذا العمل في التجنيس من العام 1982 حتى العام 1990، لكن العملية اختلفت حيث منحت السعودية المتقدمين جوازا فقط، بحيث يتم تجديده سنويا في الجهات الأمنية، بعد توصية ورسالة من شيخ القبيلة المسؤول.
وتلك الفترة من الثمانينيات مارست السلطات السعودية إجراءات ظالمة طالت العديد من المجنسين والعاملين أيضا المنتمين للشطر الجنوبي من اليمن سابقا، فقد قامت السعودية باحتلال الجزء اليمني من الربع الخالي، وأعطت التابعية السعودية لمواطنين في محافظات صعدة والجوف ومأرب وشبوة وحضرموت والمهرة، وصنعت قانونا للجنسية اليمنية على مراحل، ففي البداية طلبت السلطات السعودية البطاقة الشخصية إضافة لجواز السفر، حتى تستطيع التمييز بين اليمنيين المنتمين للشمال والجنوب، ثم نصحت بالإكراه المواطنين الجنوبيين باستبدال جوازاتهم الصادرة من دولتهم بأخرى صادرة من الشطر الشمالي، على جنسيتنا "الشمالية " أو "الجنوبية".
وفي العام 1989 جرى إعادة مواطنين يحملون الجواز الشمالي لمجرد الاشتباه بأنهم من سكان الشطر الجنوبي، ثم أعادوا كثيرا من أبناء شبوة ومأرب الذين يحملون جوازات يمنية إلى مناطقهم، ولم تقبل السلطات السعودية سوى بالتبعية الكاملة لها، باعتبار أن مناطقهم لا تزال قيد التحرير. (راجع افتتاحية مجلة الحكمة، العدد 162، يوليو 1989، للكاتب الراحل عمر الجاوي).
ومنذ العام 1990 حتى العام 2005، كان التجديد لحاملي تلك الجوازات يمضي بشكل طبيعي، لكن منذ العام 2006 حتى العام 2011 بدأت السلطات السعودية المماطلة في التجديد، وقبلت التجديد للبعض، بينما رفضت البقية، ومنذ العام 2012 حتى اليوم، جرى توقيف عملية التجنيس بشكل كلي، وكذلك رفض التجديد للسابقين".
أسر محرومة من التجنيس
ورغم فتح السعودية الباب واسعا أمام التجنيس لأبناء المهرة، إلا أن هناك أسرًا لم يتم تجنيسها من قبل السعودية لظروف تتعلق بكل أسرة على حده، ومن تلك الأسر آل عفرار الذين حكموا المهرة كسلاطين لعدة قرون، وهؤلاء لم يحصلوا على الجنسية، ولم يحظوا بالاهتمام قياسا بالقبائل الأخرى.
هذه الأسرة لجأ أفرادها إلى العديد من الدول عقب سقوط سلطنتهم، وتولي الجبهة القومية التي طاردتهم وسعت لاجتثاثتهم، واستطاع مجموعة من رموزها الوصول إلى السعودية والبقاء فيها، كالسلطان محمد علي عفرار الذي توفي في مايو من العام 2000، وكذلك الشيخ عبد الله نجل آخر سلاطين المهرة عيسى بن علي آل عفرار، الذي انتقل إلى السعودية، وظل فيها لسنوات عديدة، وجرى منحه جوازا مؤقتا، وخرج من السعودية بطريقة غير لائقة، جراء السياسة السعودية. (للمزيد حول خروج بن عفرار من السعودية راجع حوار مع الشيخ عبد الله بن عفرار في الموقع بوست).
كان تعامل السعودية مع هذه الأسرة وفقا لمصالح المملكة نفسها، وعلاقتها بالجانب الحكومي اليمني، سواء قبل وبعد الوحدة اليمنية التي تحققت في الـ22 من مايو 1990، خاصة في الملف الحدودي، بل إن السعودية عملت على تهميش هذه الأسرة بشكل كبير، وقتلت فيها مكانتها التقليدية في المجتمع المهري، لما تمثله من رمزية وإرث معنوي وتاريخي لدى سكان المهرة وقبائلها.
فعلى سبيل المثال عند الاحتفالات الرسمية والوطنية في المملكة تشارك القبائل مع مشايخها بزوامل في تلك الاحتفالات، ويقوم أبناء المهرة المنتمون للقبائل المجنسة أو طور التجنيس بتقديم آل عفرار بطريقة عفوية كشيوخ لهم أمام السلطات السعودية، وليس كسلاطين، لكن هذا الأمر دائما ما يثير حنق الجانب السعودي، وسرعان ما يتم استدعاء شيوخ القبائل الحاملين للجنسية السعودية والباقين في أراضيها، ويجري توبيخهم بشدة، أو معاقبتهم إداريا كتأخير معاملاتهم في الجهات الرسمية، أو تأخير مخصصاتهم الشهرية، وفقا لشخصيات قبلية شاركت في تلك الفعاليات.
ومن تلك القبائل أيضا آل ياسر، وتنتمي لقبيلة رعفيت، وتسكن منطقة جادب في مديرية حوف، وتحتل مكانة ووجاهة اجتماعية كبيرة بين قبائل المهرة، وتقوم بما يسمى "المنقود"، وهو ما يشبه محكمة الاستئناف بين المتخاصمين، وحظيت بهذه المكانة لوجاهتها، وهو ما جعلها محل رضا لقبائل المهرة، التي ارتضتها لهذه المهمة، ولهذه الأسرة علاقات جيدة مع السلطانات المحيطة كآل القعيطي في المكلا، وآل سعيد في عمان، والقواسم في رأس الخيمة والشارقة، واحتلت الأسرة هذه المكانة لما تمتلكه من تجارة وسفن في مرحلة ما قبل الثورة، ودفعت لاحقا ثمنا كبيرا جراء التنكيل الذي اتبعه حكام المهرة الجدد التابعين لسلطات عدن.
ومن العوائل التي منعت السعودية عنها الجنسيات قبائل السادة، وهي تلك القبائل التي تقول إن لديها صلة بالنسب الهاشمي، وتسكن تلك القبائل في مديريات حوف والغيضة وقشن وسيحوت، وكانت عرضة للانتقام إبان فترة الحكم الماركسي، وتحظى بمكانة جيدة اجتماعيا ناهيك عن مكانتها الدينية لدى الكثير من سكان المهرة، إضافة لعلاقات تجارية وقبلية مع محيطها في حضرموت وظفار وأفريقيا.
أما العوامل التي حالت دون تجنيس كل الأسر المذكورة في السعودية، فهي المكانة الاجتماعية لتلك الأسر، وهو الأمر الذي لا تحبذه المملكة، التي تخشى انقلاب تلك المرجعيات القبلية عنها في المستقبل، ووقوفها حائلا أمام مخططاتها وأجندتها في المهرة، وتمثل دافعا كبيرا للقبائل الأخرى، في عدم الانجرار وراء السياسة السعودية، ويثبط سياسة تطويع القبائل التي تسلكها السعودية، وذلك بسبب الإرث الاجتماعي والديني والقبلي الذي تتمتع به الأسر المذكورة.
ومن مبررات عزوف السعودية عن تجنيس تلك الأسر أيضا ارتباط تلك الأسر بعامل الأرض والمذهب وخاصة قبائل السادة الأمر الذي يفقد السعودية السيطرة على قبائل الصحراء، خاصة الراحلة منها، بالإضافة لحالة الوعي المتقدم الذي تتمتع به تلك الأسر، مما يجعلها أكثر رفضا لأي مخططات تفرضها الرياض مستقبلا.
وثمة سبب آخر يبدو منطقيا أيضا استنادا للثقافة القبلية لدى تلك الأسر، ويتمثل بعدم التنازل عن الأرض، أو بيع الولاء لطرف آخر، وكل تلك الأسباب حالت دون تجنيسهم، وعزوف السعودية عن استهدافهم.